ما الفرق بين التوبة والاستغفار وما فضلهما وشروطهما

ما الفرق بين التوبة والاستغفار وما فضلهما وشروطهما
ما الفرق بين التوبة والاستغفار

ما الفرق بين التوبة والاستغفار، فالتوبة والاستغفار مصطلحان متلازمان في الشريعة الإسلامية، فلا يُذكر الاستغفار إلّا وتُذكر معه التوبة، ولكن هنالك خيط دقيق يفصل ما بين هذين المصطلحين، هذا الخيط هو الذي يفرّق ما بين التوبة والاستغفار ويبيّن للمسلم لماذا هنالك فرق بينهما، وفي هذا المقال سوف يكون هنالك وقفة مع التوبة والاستغفار وبيان الفرق بين هذين المصطلحين وما فائدة كلّ منهما على حدة.

ما الفرق بين التوبة والاستغفار

إنّ التوبة والاستغفار شيئان مختلفان، فكلّ واحد منهما له معنى وكيفية، وإنّ لكلّ من التوبة والاستغفار أثرٌ في إزالة الذنوب ومحوها، ولكن كلّ منهما له أثره في شيء معيّن، وفيما يأتي بيان تعريف كلّ منهما وبيان الفرق بينهما بالمُجمَل.[1]

تعريف التوبة

التوبة هي الندم على ما قام به العبد من ذنوب في الماضي، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، فالتوبة تتضمن أمرًا ماضيًا وأمرًا حاضرًا وأمرًا مستقبلًا، فالماضي هو الندم على الذنب، وبه يمحى ما جاء من العبد من الذنوب، والحاضر هو معاهدة النفس على عدم القيام بالذنب، والمستقبل هو الحفاظ على هذا العهد وحفظ النفس عن الذنوب.[2]

تعريف الاستغفار

وأمّا الاستغفار فهو طلب المغفرة على الذنب الذي صدر عن العبد، ولكن الاستغفار لا يتطلب العزم على عدم العودة إليه في المستقبل، ولكن هذا لا يعني أنّ الاستغفار مع الإصرار على الذنب يمحو الذنوب، فالاستغفار يحتاج إلى الصدق والندم أيضًا، فمن يصر على ذنبه ويستغفر الله لن يستجيب له، لأن قلبه غافل عن الله عزّ وجل.[2]

الفرق بين التوبة والاستغفار

التوبة هي أن يندم المرء على ما وقع منه من ذنوب، وأن يعاهد الله عزّ وجل ألّا يعود لفعل مثل هذه الذنوب مرة أخرى، وأن يجاهد نفسه على فعل ذلك، أمّا الاستغفار، فقد يكون توبة مصحوبة بالندم على الذنب والعمل على عدم العودة إليه، وقد يكون محض كلمات يستغفر بها المذنب ربه، وذلك على نحو أن يقول المذنب ” أستغفر الله”.[2]

بينما الاستغفار الحق هو الاستغفار المصحوب بالندم، أما إذا لم يكن مصحوبًا بالندم على الذنب فلا فائدة منه، وذلك لما جاء في كتاب الله العزيز من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}،[3][2]

شاهد أيضًا: دعاء الاستغفار والتوبة من الزنا

صيغ الاستغفار

للاستغفار صيغ متعددة قد وردت في الأحاديث النبوية، وهي كثيرة منها ما كان على صيغة دعاء ومنها ما كان استغفارًا بعد صلاة أو انفضاض مجلس ما، ومنها:

  • قول العبد: “استغفر الله” ثلاث مرات بعد كل صلاة.
  • قول العبد: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، فعن النبي -عليه وآله الصلاة والسلام- أنّه قال: “من قال أستغفرُ اللهَ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو الحيُّ القيُّومُ وأتوبُ إليه غُفِر له وإن كان فرَّ من الزَّحفِ”.[4]
  • سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: وقد ورد في الحديث الشريف إذ قال عليه وآله الصلاة والسلام: “اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ”.[5]
  • قول العبد: “رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ”.[6]
  • قول العبد: “اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ، لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ”.[7]
  • الاستغفار ثلاثًا بعد الصلاة: والدعاء بما دعا به النبي عليه وآله الصلاة والسلام، ففي الحديث: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ”.[8]
  • الاستغفار في الركوع والسجود: ففي الحديث: “كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي”.[9]
  • دعاء العبد: “اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مِن عِندِكَ مَغْفِرَةً إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ”.[10]
  • دعاء العبد بما دعا به النبي عليه وآله الصلاة والسلام: “اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ”.[11]

شروط التوبة والاستغفار

إن التوبة الصادقة لها ثلاثة شروط قد حكاها علماء المسلمين مستقاة من خلال فهمهم لأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه الشروط هي:[12]

  • الإقلاع عن الذنب: فمن اهم شروط التوبة أن يقلع العبد عن الذنوب التي كان يرتكبها طاعةً لله وحبًّا له، وهذا الإقلاع ينبغي أن يكون صادقًا نابعًا من القلب.
  • الندم على ما فات: فينبغي للعبد أن يندم على تلك الذنوب التي ارتكبها وأن يشعر أنّه قد ارتكب عظيمًا حين عصى الله سبحانه وتعالى، والندم هو من شروط التوبة التي ينبغي توفرها لقبول التوبة.
  • العزم على عدم العودة: فمن شروط التوبة أن يكون لدى العبد عزيمة صادقة بأن يجاهد نفسه ألا يعود لتلك الذنوب مرة أخرى، وهذا لا يتأتى إلّا لمن كان صادقًا في نيته ألّا يعود للذنوب التي كان يرتكبها.

ما العلاقة بين التوبة والاستغفار

إنّ كل من التوبة والاستغفار أمران متّصلان أشد الاتصال، فإذا ما ذكر كل منهما منفردًا فإنه تضمّن لا شك معنى الآخر، فالاستغفار فيع معنى الندم على الذنب، وكذلك التوبة تحصل بالاستغفار أولًا ثم يتبعها ما تبقّى من الشروط؛ فالتوبة هي الندم على الذنب ومعاهدة النفس بعدم العودة إليه، والعمل على ذلك، أما الاستغفار فيتضمن معنى طلب الوقاية من شر ما مضى، فالاستغفار يوجب مفارقة الشيء فقط، أما التوبة فإنها توجب الرجوع إلى غير هذا الشيء أي تغيير الحال.[13]

شاهد أيضًا: الشك في الطلاق حتى لو كان الشك صحيح

آيات وأحاديث عن التوبة والاستغفار

لقد وردت كثير من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تتحدّث عن التوبة أو تحثّ عليها أو ربّما تذكرها فقط في معرض الحديث عن أمور أخرى، ومن تلك الآيات والأحاديث ما يأتي:

آيات عن التوبة والاستغفار

من الآيات التي وردت حول التوبة والاستغفار في القرآن الكريم ما يأتي:

  • {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.[14]
  • {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.[15]
  • {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}.[16]
  • {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}.[17]
  • {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.[18]

أحاديث عن التوبة والاستغفار

من الأحاديث التي وردت حول التوبة والاستغفار ما يأتي:

  • “إن كنَّا لنعُدُّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المجلسِ الواحدِ يقولُ: ربِّ اغفِرْ لي وتُبْ عليَّ إنَّك أنت التَّوَّابُ الرَّحيمُ مائةَ مرَّةٍ”.[19]
  • “ربَّما أعُدُّ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المجلِسِ الواحدِ مِئةَ مرَّةٍ: ربِّ اغفِرْ لي وتُبْ علَيَّ إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ”.[20]
  • “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ”.[21]
  • “من جلس في مجلسٍ فكثُرَ فيه لَغَطُهُ فقال قبلَ أن يَقومَ من مجلسِه ذلك سبحانَك اللهمَّ وبحمدِكَ أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ إلا غُفِرَ له ما كان في مجلسِه ذلكَ”.[22]
  • “مَن تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عليه”.[23]
  • “لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ”.[24]
  • “يَضْحَكُ اللَّهُ إلى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أحَدُهُما الآخَرَ كِلاهُما يَدْخُلُ الجَنَّةَ، فقالوا: كيفَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: يُقاتِلُ هذا في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ فيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ علَى القاتِلِ، فيُسْلِمُ، فيُقاتِلُ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ فيُسْتَشْهَدُ”.[25]
  • “قال اللهُ يا بنَ آدمَ إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي يا بنَ آدمَ لو بلغتْ ذنوبُك عِنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي يا بنَ آدمَ إنَّك لو أتيتني بقِرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيْتُك بقِرابِها مغفرةً”.[26]
  • “عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ”.[27]
  • “إنَّ عَبْدًا أصابَ ذَنْبًا – ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْبًا – فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ – فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْبًا، أوْ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – أوْ أصَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أصَبْتُ – أوْ قالَ أذْنَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ”.[28]

شاهد أيضًا: متى تظهر نتائج الاستغفار ، أهم فوائد الاستغفار للمسلم

فضل التوبة والاستغفار

هنالك فضائل كثيرة للتوبة والاستغفار قد ذكرت متفرقة في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها ما يأتي:[29]

  • الامتثال لأوامر الله تعالى وسنة نبيّه: فقد نصّ ديننا الحنيف في غير آية وحديث على أهمية الاستغفار والتوبة وفضلهما.
  • الفوز بما وعد الله به المستغفرين من متاع الدنيا والفضل في الآخرة: حيث يقول الله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}.[15]
  • إرسال المطر وزيادة القوة: حيث يقول عز وجل: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}.[16]
  • استجابة الدعاء: يقول الله تعالى: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}.[30]
  • الفوز برحمة الله تعالى: يقول الله عز وجل: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.[31]
  • كثرة الرزق والمال والولد وكثرة النعم: يقول الله تعالى: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.[13]
  • دفع الأذى والعقاب عن المستغفرين: يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.[32]
  • أنّهما دواء الذنوب: فبهما تشفى القلوب وتمحى منها الذنوب، فعن سلام بن مسكين قال: سمعتُ قتادة، يقول: “إنَّ هذا القُرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم، فأمَّا داؤكم: فالذُّنوب، وأمَّا دواؤكم: فالاستغفار”، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}.[33]

شاهد أيضًا: كيفية الاستغفار في الأسحار وفضله

هل مجرد ترك المعصية يعتبر توبة

إنّ مجرّد ترك المعصية لا يمكن أن يُعَدَّ توبةً؛ وذلك لأنّ التوبة تتطلّب ثلاثة شروط، وهذه الشروط هي:[34]

  • أن يندم المرء على الذنب الذي ارتكبه.
  • أن يعاهد الله على عدم ارتكابه مرة أخرى.
  • أن يعزم على عدم العودة للذنب مرة ثانية، فالتوبة لنعتبرها توبة ينبغي أن تتوفر فيها الشروط السابقة، وإلا لم تكن توبة، وعليه فمن ترك المعصية فقط لا يعتبر تائبًا.

وبهذا يكون قد تم مقال ما الفرق بين التوبة والاستغفار بعد التوقف مع بيان الفرق بين التوبة والاستغفار، وبعد الوقوف على بعض المسائل المتعلقة بالتوبة والاستغفار والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ذكرت فيها التوبة والاستغفار.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، الفرق بين التوبة والاستغفار، 20/03/2023
  2. ^ binbaz.org.sa، الفرق بين التوبة والاستغفار، 20/03/2023
  3. ^ سورة آل عمران، الآية: 135 - 136
  4. ^ الترغيب والترهيب، زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، المنذري، 2/385، حديث إسناده جيد متصل.
  5. ^ صحيح البخاري، شداد بن أوس، البخاري، 6306، حديث صحيح.
  6. ^ صحيح البخاري، أبو موسى الأشعري، البخاري، 6398، حديث صحيح.
  7. ^ صحيح مسلم، علي بن أبي طالب، مسلم، 771، حديث صحيح.
  8. ^ صحيح مسلم، ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مسلم، 591، حديث صحيح.
  9. ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 4968، حديث صحيح.
  10. ^ صحيح البخاري، أبو بكر الصديق، البخاري، 6326، حديث صحيح.
  11. ^ binbaz.org.sa، فضل الاستغفار وشروط التوبة، 20/03/2023
  12. ^ kalemtayeb.com، "العلاقة بين التوبة والاستغفار"، 20/03/2023
  13. ^ سورة نوح، الآية: 9 - 12
  14. ^ سورة النور، الآية: 31
  15. ^ سورة هود، الآية: 3
  16. ^ سورة هود، الآية: 52
  17. ^ سورة التحريم، الآية: 8
  18. ^ حلية الأولياء، عبد الله بن عمر، أبو نعيم، 5/13، حديث صحيح متفق عليه [أي:بين العلماء] من حديث محمد بن سوقة.
  19. ^ صحيح ابن حبان، عبد الله بن عمر، ابن حبان، 927، أخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه.
  20. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2749، حديث صحيح.
  21. ^ عارضة الأحوذي، أبو هريرة، ابن العربي، 7/34، حديث صحيح.
  22. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2703، حديث صحيح.
  23. ^ صحيح مسلم، أنس بن مالك، مسلم، 2747، حديث صحيح.
  24. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 1890، حديث صحيح.
  25. ^ الترغيب والترهيب، أنس بن مالك، المنذري، 2/383، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  26. ^ صحيح مسلم، أبو ذر الغفاري، مسلم، 2577 ، حديث صحيح.
  27. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 7507، حديث صحيح.
  28. ^ alukah.net، فوائد وثمرات الاستغفار، 20/03/2023
  29. ^ سورة هود، الآية: 61
  30. ^ سورة هود، الآية: 90
  31. ^ سورة الأنفال، الآية: 33
  32. ^ سورة النساء، الآية: 110
  33. ^ binbaz.org.sa، من: (باب التوبة)، 20/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *