من قائل قد اعذر من انذر.. 3 خيارات والقصة الكاملة

من قائل قد اعذر من انذر، هذا ما سنوضحه بالتفصيل في فقرات هذا المقال، وهي إحدى العبارات المأثورة ذائعة الصيت في اللغة العربية، وربما يود الكثيرون ممن يستخدمون تلك العبارة أو يستمعون إليها من غيرهم في معرفة معنى هذه الجملة وكذلك المناسبات التي تقال فيها ، ومن هو أول من أطلقها، لذلك نوضح القصة الكاملة وكل ما يفيد لمعرفة من قائل قد اعذر من انذر.

من قائل قد اعذر من انذر

في البداية نوضح من قائل قد اعذر من انذر ، إذ تشير كتب التاريخ أنه: “معاوية بن أبى سفيان”، وكان ذلك في السنة الخامسة والخمسين للهجرة، عندما أرسل معاوية إلى الأمصار بالوفود إليه لمبايعته على ولاية العهد لابنه يزيد.

وتؤكد الروايات التاريخية أن معاوية بن أبي سفيان قد شاور عبد الله بن الزبير في شأن أخذ البيعة لولده يزيد ، قبل أن يطلبها من المسلمين.

حيث قال معاوية لعبد الله بن الزبير: “ما ترى في بيعة يزيد؟”

فرد عبد الله بن الزبير بكياسة قائلا:

“يا أمير المؤمنين، إني أناديك ولا أناجيك، إن أخاك من صدقك، فانظر قبل أن تتقدم، وتفكر قبل أن تندم، فإن النظر قبل التقدم، والتفكر قبل التندم”

وعندها ضحك معاوية وقال له :

“ثعلب رواغ، تعلمت السِّجَاعة عند الكبر، في دون ما سجعت به على ابن أخيك ما يكفيك”

بعد أن عرفنا من قائل قد اعذر من انذر، نستعرض الآن ملابسات قولها، إذ أنه بعد فترة من مشاورة معاوية لأصحابه في الأمر، بدأ في أخذ البيعة لولده يزيد من الوفود التي أتت من مختلف الأمصار.

ومن المسلمين من بايع وأثنى على تسمية يزيد لولاية الخلافة بعد أبيه ، مثل الضحاك بن قيس، ومنهم من وجد في نفسه رفضا للبيعة ليزيد  حتى إن أحدهم جهر بذلك  قائلا : “رب إني أستجير بك من شر معاوية”.

ليرد معاوية بن أبي سفيان: “بل استعذ بالله من شر نفسك، فإنها أشد عليك”، فرد الرجل:: “إني أبايع وأنا كاره”، فقال له معاوية: “فعسى أن تكرهوا شيئًا، ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا”.

وكذلك فعل أهل المدينة، حيث أنكروا البيعة، عندما طلب عامل المدينة المنورة أخذ البيعة منهم وعلى رأسهم : عبد الرحمن بن أبي بكر، الحسين بن علي، عبد الله بن الزبير، عبد الله بن عمر، حيث  أنكروا البيعة؛ باعتبارهم  أبناء الخلافة الراشدة.   

ما دفع معاوية للذهاب إلى المدينة ومقابلتهم ، ليطلق مقولته الشهيرة التي سنروي تفاصيل المناسبة التي قيلت فيها في الفقرة التالية.

اقرأ أيضا: من قائل وراء كل رجل عظيم امرأة.. 7 مقولات شهيرة عن المرأة

القصة الكاملة لمقولة قد أعذر من أنذر

و تشير كتب التاريخ ، التي أوضحت من قائل قد اعذر من انذر ، وانه  معاوية بن أبي سفيان، إلى المكان والمناسبة التي أطلق فيها مقولته الشهيرة .

حيث حضر معاوية إلى المدينة، فخرج أهلها لاستقباله ومنهم الحسين بن علي ، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، رضي الله عنهم جميعا.

فبادر معاوية بالتودد لهم جميعا، ووجه حديثه إلى الحسين، مرحبًا بسيد شباب المسلمين ، ثم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: مرحبًا بشيخ قريش وسيدها وابن الصديق، بينما قال لابن عمر: مرحبًا بصاحب رسول الله وابن الفاروق، أما عبد الله ابن الزبير، فقال له: مرحبًا بابن حواري رسول الله وابن عمته.

ودعا لهم بدواب حملهم عليها، ثم حج إلى مكة، وصعد المنبر بعد أن فرغ من الحج، ودعا الأربعة لمقابلته.

وكان الصحابة الأربعة قد قرروا أن يردوا على معاوية، واختاروا لذلك عبد الله بن الزبير ليتحدث نيابة عنهم،وبالفعل قدموا إليه.

وقد  رحب معاوية بهم، ثم خطب فيهم قائلا: “علمتم نظري لكم، وتعطفي عليكم، وصلتي أرحامكم، ويزيد أخوكم وابن عمكم، وتكونوا له معينين”.

موقف عبد الله بن الزبير من بيعة يزيد

ونكمل القصة ليمكنكم معرفة المناسبة بعد أن كشفنا لكم من قائل قد اعذر من انذر،  حيث سكت الصحابة جميعا ، تاركين الحديث للزبير الذي كان قد اشترط عليهم عدم مخالفته، فقال الزبير لمعاوية:

“نخيرك بين ثلاث، فأيها أخذت ففيها خيار” وكانت الخيارات الثلاثة هي:

• أن يصنع كما صنع رسول الله، إذ إنه لم يستخلف أحدًا، وإنما ترك الموضوع لخيار الناس.
• او أن يصنع كما صنع أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حيث إنه لم يستخلف من ولده، وإنما استخلف أمير المؤمنين الفاروق.
•  أو ليصنع كما صنع عمر، إذ لم يستخلف من ولده، وإنما ترك الأمر إلى ستة رجال من قريش؛ فاختاروا عثمان.

لماذا قيلت عبارة قد أُعذر من أَنذر

وما كان من أمير المؤمنين معاوية إلا أن سأل الباقين: “هل عندكم غير هذا؟”، فقالوا: لا، نحن على ما قال الزبير . وعندها رد معاوية بقوله: “إني أتقدم إليكم، وقد أعذر من أنذر”، “وإني لأقسم بالله لئن رد علي أحد منكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يضرب رأسه، فلا ينظر امرؤ منكم إلا إلى نفسه، ولا يبقى إلا عليها”.

أثر مقولة قد أُعذِرَ من أَنذَرَ على المسلمين

وبعد أن انتهى معاوية، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال للناس : “إن ابن علي، وابن أبي بكر، وابن عمر، وابن الزبير دعوتهم، فبايعوا وأطاعوا”

عندها رد أهل الشام : اسمح لنا لنضرب أعناقهم، ولا نرضى حتى يبايعوا علانية.

واعتبر معاوية أن الرسالة قد وصلت للرجال الأربعة ، ورد على القوم : سبحان الله،  ما أسرع الناس إلى قريش بالشر، أنصتوا،  لا أسمع هذه المقالة منكم ثانية. ثم طلب البيعة من عموم المسلمين، فبايعوه  لولده، بعد ما سمعوه.

معنى عبارة  قد اعذر من انذر

ويمكن معرفة معنى عبارة قد أعذر من أنذر ، وهي جملة شهيرة بين الناس، وأحيانا تقترن بجملة أخرى ويقال: أعذر من أنذر وأنصف من حذر.

وبغض النظر عن حديثنا حول من قائل قد اعذر من انذر، لابد من توضيح معنى الجملة، أما قول قد أعذر أي، لم يترك عذرا ، وذلك لمن حذرهم وأنذرهم.

وكما يقول الفقهاء وعلماء اللغة، أنه لم يترك له عذراً بتحذيره وإنذاره.

ويتضح  المعنى من قول النبي صلى الله عليه وسلم: 

أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة. رواه البخاري.

ما هو النطق الصحيح لعبارة  قد أعذر من أنذر

أجبنا في السطور السابقة على سؤال من قائل قد اعذر من انذر، ثم معنى العبارة، ويتبقى سؤال آخر ربما يود الكثير من الناس ممن يستخدمون تلك العبارة في معرفة جوابه، وهو كيفية النطق الصحيح للمثل أو المقولة الشهيرة.

إذ يتساءل الكثيرون هل النطق الصحيح هو :(قد أَعذَرَ من أَنذَرَ )، أو ( قد أُعذِرَ من أُنذِرَ )، أو( قد أُعذِرَ من أَنذَرَ ). وقد أفاد علماء اللغة أن النطق الصحيح هو (قد أُعذِرَ من أَنذَرَ ).

والمعنى أنه من قام أنذر خصمه قبل توقيع العقوبة على فعل ما، فهو معذور، ومنها مثلا ما تقول الأم لابنها ” إذا لم تنم باكرا فسوف أحرمك من التنزه غدا” فهي معذورة في توقيع العقاب إذا خالفها الإبن لأنه أنذرته.

وأخيرا، عرض موقع تصفح إجابة وافية لسؤال من قائل قد اعذر من انذر، وكذلك أوضحنا لمن قال معاوية قد أعذر من أنذر، ونقلنا القصة الكاملة لمقولة قد أعذر من أنذر، وموقف عبد الله بن الزبير من بيعة يزيد، وأوضحنا لماذا قيلت عبارة قد أُعذر من أَنذر.

كذلك أشرنا إلى أثر مقولة قد أُعذِرَ من أَنذَرَ على المسلمين، وأوضحنا كذلك معنى عبارة  قد اعذر من انذر، ثم ما هو النطق الصحيح لعبارة  قد أعذر من أنذر.