من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم، خلق الله الخلق ليبلوهم أيّهم أحسن عملاً، وليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، وأرسل إليهم الأنبياء والمرسلين وأيّدهم بالآيات والمعجزات التي تثبت صحة دعواهم وتظهر عظيم الله وقدرته، فمن الناس من آمن بهؤلاء الأنبياء وصدّق كلامهم وسار على نهجهم الذي هو منهاج رب العالمين، ومنهم من أبى واستكبر وكفر بما أنزل الله وبما بعث من الآيات والنذر، ومن بين هؤلاء الأنبياء نبي الله ابراهيم عليه السلام أبو الأنبياء وخليل الله وأوّل من أسلم لله رب العالمين، وسنتعرف في هذا المقال عن أبي الأنبياء ابراهيم عليه السلام وسنجيب على التساؤل من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم.

معلومات عن الأنبياء عليهم السلام

قبل ان نجيب عن من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم ، فالأنبياء هم النور الذي أرسله الله من السماء على هيئة بشرٍ إلى أهل الأرض، ليخرجوهم من الظلمات إلى النور وليميّزوا لهم طريق الحق من الباطل وطريق الهدى من الضلال، ويدعونهم إلى عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي خلق كل شيءٍ فقدّره تقديرًا، وينذرونهم لقاء يومٍ تشيب به الولدان وتقشعرّ لسماعه الأبدان، وقد فضّل الله الأنبياء عن سائر البشر بصفاتٍ فريدة وخصالٍ حميدة وأيّدهم بالآيات والمعجزات وآتاهم الكتب السماوية التي هي كلام رب العالمين.

وأوّل الأنبياء هو أدم عليه السلام وهو أوّل البشر، خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه، وأسكنه جنّته وتتالت الرسل من بعده إلى عهد نوح عندما حدث الطوفان وغرق أهل الأرض إلّا ذرّيته عليه السلام قال تعالى: “وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ”[1]، وبذلك يكون هو الأب الثالث للبشر بعد آدم عليه السلام وابنه شيث، ومن بعد نوحٍ أرسل الله الكثير من الرسل وصولاً إلى عهد النبي الذي لا نبيّ بعده والذي ختم اللهُ به رسالته وأنزل معه الكتاب المبين ورضي له الدين القويم، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.[2]

ولم يرد في كتاب الله أو سنّة نبيه عن العدد الصحيح للأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الأرض، قال تعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ”[3]، ولكن الأنبياء الذين ذُكروا في القرآن الكريم عددهم 25 نبياً هم سيدنا آدم، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاقَ، ويعقوبَ، ويوسف، وشعيب، وداود، وسليمان، وأيوب، وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، وعيسى، وإلياسَ، واليَسَعْ، ويونس، ولوط، وإدريس، وذو الكفل، وخاتمهم سيدنا محمد -عليهم صلاة وسلامه أجمعين – ، وكما فضّل الله الناس بعضهم على بعض، فقد فضّل الأنبياء أيضاً، فالتفضيل سنّةٌ من سنن الله في خلقه، فكان من الرسل أفضلهم من سمّاهم الله أولو العزم.
والحكمة الإلهية من إرسال الرسل والانبياء هي دعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وقد قال الله تعالى في ذلك: “وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ”[4]، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم وأمرهم بكلّ أنواع الخير ونهيهم عن كل أنواع الشر، ولإخبار الناس بما عند الله من الرحمة والمغفرة والجنان الواسعة لمن سار على هداه وبما عنده من العذاب والعقاب لمن خالفه وعصاه، قال تعالى في ذلك: “وَما نُرسِلُ المُرسَلينَ إِلّا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ”.[5]

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

شاهد أيضاً: من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم ؟ أبو الأنبياء هو نبيّ الله إبراهيم عليه السلام وسمّي بأبي الأنبياء لأن جميع الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم يرجع نسبهم إليه ما عدا ثمانيةٍ منهم وهم آدم عليه السلام، وإدريس، ونوح، وهود، ويونس، ولوط، وصالح. عليهم السلام، وباقي الأنبياء ينحدرون من سلالة ابنه النبيّ إسحاق عليه السلام وهو ما يُسمى بالقرآن الكريم “إسرائيل” وجاء من نسله أنبياء بني إسرائيل، والنبيّ إسماعيل عليه السلام الذي جاء من نسله خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد صلّى الله عليه وسلّم.[6]

معلومات عن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام

ستجدون فيما يأتي معلومات كاملة عن أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث سنجيب على التساؤل من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم وسنتعرف سوياً على العديد من المعلومات القيمة المفيدة:

نبذة عن إبراهيم عليه السلام

هو نبيّ الله إبراهيم ابن تارخ، ابن ناحور، ابن ساروغ، ابن راغو، ابن فالغ، ابن عابر، ابن شالخ، ابن أرفخشذ، ابن سام ،بن نوح عليه السلام، وهو أبو الأنبياء وخليل الله ومن الخمسة أولي العزم من الرسل، أبوه تارَخ وأمّه أميلة وأخواه هاران وناحور، ومن المشهور أنه ولد في أرض بابل، وقد اختاره الله سبحانه وتعالى واصطفاه وجعله نبيًا ورسولًا، فكان أوّل من أسلم لله رب العالمين بعد أن رأى ما رأى من ضلال قومه وبطل آلهتهم التي كانوا عاكفين عليها، وكان منذ صغره مسلمًا مؤمنًا عارفًا بربّه موحّدًا ومنزّهًا له عن أيّ شريكٍ وشبيه، ومدركًا لحقيقة أن الأصنام التي كان يعبدها قومه لم تكن تغني عنهم شيئًا ولم تكن تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا[7]، قال تعالى: “وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ”[8]، والله أعلم.

وللنبيّ إبراهيم مكانةٌ عالية ٌ عند رب العالمين فقد سمّاه الخليل، ووصفه بالصدّيق، ووصفه بأنّه أمّة ووصفه أيضاً ب كثيرٍ من صفات الخير قال الله تعالى فيه: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ”[9]، وقال تعالى: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”[10]، وقد فضّله الله بالكثير من الآيات والمعجزات وابتلاه بما لم يبتلي به أحداً من خلقه. فهو الذي حطّم الأصنام لقومه فاجتمعوا عليه وألقوه في النار الملتهبة، فأنجاه الله برحمته وجعل النار برداً وسلاماً عليه، قال تعالى : ” قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلۡنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ” [11] ثم خاصموه أمام النمرود فحاجّ إبراهيم في ربّه وادعى بأنّه قادرٌ على أن يحيي الموتى فكانت حجّة إبراهيم عليه السلام حاضرةً وفاصلةً ” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [12]

وقد ابتلاه الله بأغلى ما لديه، ابتلاه بولده وقرّة عينه إسماعيل عليه السلام، وأمره بذبحه، ولمّا أخلص كلٌ من إبراهيم وإسماعيل النيّة لله وأسلما إليه وهمّ إبراهيم لتنفيذ أمر الله، ناداه الله أنّ ذلك كان ابتلاءً وأنه قد فداه بذبحٍ عظيم، ” فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ”[13]

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

شاهد أيضاً: استشهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد

أبناء إبراهيم عليه السلام

بعد أن أجبنا على السؤال من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم، سنذكر كان لسيدنا إبراهيم ذرية كثيرةٌ عرف منهم:[14]

  • أبناء إبراهيم من سارة: إسحاق عليه السلام
  • أبناء إبراهيم من هاجر: إسماعيل عليه السلام
  • أبناء إبراهيم من قنطورا: مَدْيَنَ وَزَمَرَانَ وَسَرَجَ وَيَقِشَانَ وَنَشَقَ وَلَمْ يُسَمَّ السَّادِسُ
  • أبناء إبراهيم من حجون: كيسان وسورج وأميم ولوطان ونافس.
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

زوجات إبراهيم عليه السلام

تزّوج نبي الله إبراهيم بأربع نساءهنّ: سارة وهاجر وقنطورا وحجون.[15]

سارة بنت هاران التي هاجرت معه إلى فلسطين ثمّ إلى مصر وأعطاها والي مصر السيدة هاجر خادمةً لها فأحبّتها وعلّمتها الإيمان والتوحيد وكانت السيدة سارة عاقراً فلما علمت أنها لا تنجب وهبت لسيدنا ابراهيم هاجر حتى ينجب منه، فتزوجها ابراهيم فأنجبت له إسماعيل، ثم أكرم الله سارة ووهب لها إسحاق نبياً.

وبعد وفاة سارة وهاجر تزوّج الخليل ب قنطورا ابنة يقطن الكنعاني، والتي ولدت له ستّةً من البنين وكان من ذرّيتها قوم مدين الذين بعث إليهم نبي الله شعيب عليه السلام، وبعدها تزّوج حجون ابنة أمين فولدت له أربعةً من البنين، وفي رواية ابن كثير خمسة.

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

شاهد أيضاً: من هو أول من وضع التاريخ الهجري

صفات إبراهيم عليه السلام

اتّصف نبي الله إبراهيم – عليه السلام – بصفاتٍ حميدة وأخلاقٍ كريمة وفضّله الله بمنزلةٍ عالية ودرجةٍ غالية واتخذه خليلاً، وقد وصفه الله بهذه الأوصاف الكريمة في كتابه العزيز ومن هذه الصفات: [16]

  • الحنفية والسماحة: والحنيف هو المائل إلى الإسلام الثابت عليه، والسمح هو الذي يعفو عن الإساءة ولا يبادلها بمثلها، “وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَٰرَىٰ تَهْتَدُواْ ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِۦمَ حَنِيفًا”. [17]
  • الحلم والإنابة: والحلم هو العفو عن الخطأ، والإنابة هي كثرة الرجوع إلى الله بالتوبة، والأوّاه رقيق القلب كثير الدعاء كثير التأوّه. ” إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّٰهٌ مُّنِيبٌ ” .[9]
  • الرشد والحكمة: فقد رزقه الله رشداً أوصله إلى معرفة خالقه وربّه الذي يستحقّ العبادة بدلاً من عبادة الاوثان، “وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُۥ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ”.[8]
  • سلامة القلب: فقد كان قلبه خالصاً للإيمان بالله نقيّاً من أيّ نوعٍ من أنواع الشرك،  ” إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” .[18]
  • الصّديق: وكلمة صدّيق من الصدق والصديق هو الذي بلغ الغاية في تصديق ما يأتي من الحقّ فيأخذ به دون مناقشة، وهي مرتبةٌ تضاهي مرتبة النبوّة إلّإ أنّ النبوّة هي تشريعٌ من الله أمّا الصدّيقية فهي ذاتية، ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا “.[19]
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

ألقاب إبراهيم عليه السلام

لقّب نبي الله إبراهيم بالعديد من الألقاب التي تدلّ على منزلته العالية وكرامته الغالية، وأخلاقه الحميدة وصفاته الرشيدة، والتي تدل أيضاً على صفاتٍ فريدةٍ ميّزه الله بها عن سائر الخلق والتي ذكر الله بعضها في القرآن الكريم ووصفه بها، ومنها ما تناقلته كتب التاريخ وقصص الأنبياء، ومن ألقاب إبراهيم عليه السلام: [20]

  • أبو الأنبياء: فقد لقّب بأبي الأنبياء لأنّ معظم الأنبياء المذكورون في القرآن الكريم ينتسبون إليه.
  • الخليل: ولقّب أيضا بإبراهيم الخليل أي خليل الرحمن، والخلّة في اللغة الصداقة وتخلل المحبة في القلب حتى تختلط به، وفي ذلك دليلٌ على مكانته ومنزلته عند الله عز وجل. ولم ينل مرتبة الخلّة غير نبي الله ابراهيم عليه السلام وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
  • أبو الضيفان: ولقب أيضًا بأبي الضيفان لشدة كرمه وشهرته في إكرام الضيف.
  • ألقاب أخرى: ووصفه الله بأنه أمّة، قال تعالى : “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”،[10]  وما معناه أنه قد جمع من خصال الكمال وأنواع الفضل ما لم يحتويها مجموعة من أفاضل الناس وأخيارهم، فكلّ فردٍ يتميز في خصلةٍ أو صفةٍ معينةٍ كالكرم أو الشجاعة أو التقوى أوغيرها، ولكنه عليه السلام جمع أفضل الصفات وأنبل السمات وأكرم الأخلاق في شخصه الكريم. ووصفه الله أيضاً بالصّدّيق ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا “[19]،  وهي صفةٌ تدل على شدة الصدق في القول والفعل والنيّة، والصدّيق من بلغ الغاية في تصديق ما يأتي من الله.
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

شاهد أيضاً: من هو الصحابي الذي غسلته الملائكة عند وفاته

دعوة إبراهيم عليه السلام

لقد وهب الله لإبراهيم عليه السلام من الرشد ما مكنّه من رؤية الحقيقة ومعرفة الحقّ، ودفعته ليجد خالق الكون ويعبده، وكان لديه من صفات التقوى والإخلاص والإنابة وكلّ أخلاق الأنبياء الكريمة، وقد اختاره الله واصطفاه وجعله نبيّاً ورسولاً، وأمره بدعوة النّاس إلى عبادة الله وحده لا شريك ونبذ عبادة الأصنام والاوثان وإقامة الدين الحنيف القيّم الخالص لله وحده.

وقد اتّسمت دعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام، بالرفق، واللين، والنّصح، وإقامة الحجّة وقوّة البرهان، والكلمة الطيّبة واحترام مكانة المدعوّ، فكان أول دعوة إبراهيم عليه السلام إلى أبيه آزر فدعاه إلى أن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً، وأن يترك عبادة الأصنام والأوثان ولا يتبع أمر الشيطان وحذره من عقاب الله يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم، قال تعالى: ” إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا”، [21]ومن يدقق في الآيات يلاحظ تكرار حرف النّداء وما يحمله من دلالات البر واحترام إبراهيم لمكانة ابيه حتّى في لدعوة إلى الله عزّ وجلّ.[22]

ثم تلا ذلك دعوته لقومه، فدعاهم أيضاً إلى ترك عبادة الأوثان التي لا تملك لهم ضرّاً ولا نفعاً، وعبادة الله الخالق رب السماوات والأرض الذي هو أهلٌ لأن يعبد وألا يشرك معه أحد فقام بتحطيم أصنامهم إلّا واحدً منهم علّق الفأس في رأسه وعندما سألوه لم فعلت ذلك قال لقد فعلها ذلك الصنم فاسألوهم إن كانوا ينطقون، قال تعالى : ” قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ”،[23] وفي ذلك دليلٌ واضحٌ على قوّة حجّة إبراهيم وبلاغة برهانه، ومن دلائل قوّة حجّته في الدعوة إلى الله عندما خاصمه قومه أمام الملك النمرود الذي حاجّه في ربّه وادّعى أنه إلهٌ وأنه قادرٌ على إحياء الموتى فأخبره إبراهيم بأن الله جعل الشمس تطلع من المشرق فإن كنت إلهاٌ كما تدّعي فاجعلها تطلع من المغرب فكانت حجّةً فاصلةً بين إبراهيم عليه السلام والطاغية النمرود “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.[12]

فكانت دعوته تجمع بين اللين والشدّة، والحكمة والإقناع، وكانت دعوةً واضحة، ومرتبةً أمر فيها بالتفكّر ومعرفة الإله الحقيقي وترك عبادة الأوثان التي لا تضر ولا تنفع وعبادة الله الذي يستحق العبادة.

من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم

اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى

هل نبي الله نوح هو أبو الأنبياء

نوحٌ عليه السلام هو أبو الأنبياء وأبو البشر أيضاً، أرسل الله سيدنا نوحاً عليه السلام إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله وينذرهم عذاب يوم القيامة، ولكنّ قومه كذّبوه ولم يصّدقوه فدعا نوح ربّه فأمره الله بأن يبني السفينة ويحمل فيها أهله، وعندما جاء أمر الله غرقت الأرض ومات أهلها من البشر ولم يبق إلا أهل نوحٍ عليه السلام وذرّيته التي نجت من الطوفان فكان كل أهل الأرض بعد ذلك من ذرّيته، ” وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ”[1]  وبذلك يكون سيّدنا نوحٌ عليه السلام هو أبو الأنبياء وأبو البشر جميعاً، وهو الأب الثالث للبشر بعد آدم عليه السلام وابنه شيث.[2]

وأمّا إبراهيم عليه السلام فقد لقّب بأبي الأنبياء، لأن الأنبياء الذين جاءوا بعده من ذريته، وكل الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم من ذريته إلا ثمانيةً منهم.

إلى هنا نصل وإياكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم ، وتعرّفنا فيه على صفاته الكريمة وأخلاقه العظيمة ومكانته عند الله عزّ وجلّ، وتعّرفنا على زوجاته وأبناءه ودعوته إلى الله، وأجبنا على التساؤل من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم، وذكرنا أن سبب تسميته بأبي الأنبياء هو لأن أكثر الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم ينتسبون إليه سلام الله عليهم أجمعين.

المراجع

  1. ^ سورة الصافات، الآية 77
  2. ^ islamweb.net، نوح عليه السلام أبو الأنبياء وغيرهم من البشر، 28/08/2022
  3. ^ سورة غافر، الآية 78
  4. ^ سورة الأنبياء، الآية 25
  5. ^ سورة الكهف، الآية 56
  6. ^ islamweb.net، الأنبياء الذين يرجع نسبهم إلى إبراهيم عليه السلام، 28/08/2022
  7. ^ قصص الأنبياء ، الحافظ ابن كثير، ص 155
  8. ^ سورة الأنبياء، الآية 51
  9. ^ سورة هود، الآية 75
  10. ^ سورة النحل، الآية 120
  11. ^ سورة الأنبياء، الآية 68-69
  12. ^ سورة البقرة، الآية 258
  13. ^ سورة الصافات، الآية 103 - 105
  14. ^ ابن كثير (1988)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 202-203، جزء 1. بتصرّف.
  15. ^ محمد قطب، زوجات الأنبياء عليهم السلام وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن (الطبعة الأولى)، القاهرة- مصر: الدار الثقافية للنشر، صفحة 48-50
  16. ^ نجود فارس أحمد السردي (2010م)، الحكمة في دعوة إبراهيم، صفحة 55-77. بتصرّف.
  17. ^ سورة البقرة، الآية 153
  18. ^ سورة الصافات، الآية 84
  19. ^ سورة مريم، الآية 41
  20. ^ محمد متولي الشعراوي 2006، قصص الأنبياء، صفحة 81 ,82
  21. ^ سورة مريم، الآية 42-44
  22. ^ .alukah.net، دعوة إبراهيم عليه السلام لقومه، 30/08/2022
  23. ^ سورة الأنبياء، الآية 62-63

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *