هل صلاة التسابيح صحيحة أم بدعة وما حكمها في المذاهب الإسلامية الأربعة

هل صلاة التسابيح صحيحة أم بدعة وما حكمها في المذاهب الإسلامية الأربعة
هل صلاة التسابيح صحيحة أم بدعة

هل صلاة التسابيح صحيحة أم بدعة وما حكمها في المذاهب الإسلامية الأربعة هذه الصلاة المباركة التي يهتم الكثير من المسلمين بمعرفة كل ما يتعلق بها من أحكام شرعية وغير ذلك من المواضيع التي تتعلق بهذه الصلاة ورأي العلماء والفقهاء بها في مختلف المذاهب الإسلامية، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على تعريف هذه الصلاة، ثم سوف نلقي الضوء على صلاة التسابيح بدعة أم أنّها صلاة صحيحة وسنلقي الضوء على رأي المذاهب الإسلامية الأربعة بهذه الصلاة أي المذهب الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي.

ما هي صلاة التسابيح

يمكن القول في تعريف صلاة التسابيح بأنّها صلاة من الصلوات النافلة في الشريعة الإسلامية، وهي صلاة وردت في السنة النبوية الشريفة في حديث ضعيف، ولكنّ جمهور العلماء يرى أنّه يمكن الأخذ بما يرد في الحديث الضعيف إذا كان من فضائل الأعمال، وقد سُمِّيت صلاة التسابيح بهذا الاسم لأنّها صلاة مليئة بالتسبيح، ففي كل ركعة من ركعاتها الأربع يسبح المسلم خمسًا وسبعين تسبيحة، يسبح وهو واقف ويسبح وهو راكع ويسبح وهو ساجد، وفي كل تسبيحة يقول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلّا بالله”، وتُصلّى هذه الصلاة مرة واحدة في العمرة أو مرتين أو أكثر، وهذا ما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي تحدث عن هذه الصلاة. [1]

شاهد أيضًا: حكم صلاة التسابيح عند المالكية وبقية المذاهب الإسلامية

هل صلاة التسابيح صحيحة أم بدعة

انقسم أهل العلم في مسألة الحديث عن صلاة التسابيح وهل هي بدعة أم صحيحة، وانقسموا في هذا القول إلى اتجاهين اثنين، وهما:

  • القول الأول: قال بعض أهل العلم إنّ صلاة التسابيح بدعة مستحدثة لا أساس لها في الشريعة الإسلامية، لأنّها تخالف الصلاة الصحيحة الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن العلماء الذين ذهبوا في هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى، ومن أقوالهم:
    • قال الشيخ عبد العزيز بن باز: “صلاة التسابيح غير صحيحة عند أهل التحقيق، قد تأملنا أحاديث طرقها فهي ضعيفة غير صحيحة، ومخالفة للصلاة الشرعية، فالسنة للمؤمن أن يتطوع بالصلاة الشرعية التي يفعلها في نوافله في صلاة الضحى، وفي الرواتب، وفي الفريضة، يصلي كما صلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم يصلي: يقرأ في القيام الفاتحة، وما تيسر معها، ويركع ويسبح: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبوح قدوس، مثلما يصلي في بقية الصلوات، أما الصلاة الواردة في صلاة التسبيح التي يروى أنه علمها عمه العباس هذه لا صحة لها”. [2]
    • قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: “صلاة التسابيح غير مشروعة وذلك لضعف حديثها قال الإمام أحمد: لا تصح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية هي كذب، وقال إنه لم يستحبها أحد من الأئمة وصدق رحمه الله فإن من تأمل تلك الصلاة وجد فيها من الشذوذ في كيفيتها وصفتها ووجد فيها الشذوذ في فعلها”. [3]
  • القول الثاني: إنّ صلاة التسابيح ليست بدعة وهي جائزة لأنّها من فضائل الأعمال، ويمكن الأخذ بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، وهو قول جمهور أهل العلم. [4]

شاهد أيضًا: ما صحة أحاديث صلاة التسابيح وتخريج حديث صلاة التسابيح

حكم صلاة التسابيح عند الشافعية

أفتى علماء المذهب الشافعي عبر العصور أنّ صلاة التسابيح هي سنة التي يمكن اعتمادها وأداؤها لأنّها وردت في حديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ولو كان الحديث ضعيفًا ولكن يؤخذ به لأنّ يدل على فضائل الأعمال، ومن أقوال الشافعية في هذه المسألة ما سيأتي: [4]

قول الخطيب الشربيني “وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره”.
قول الحافظ بن حجر “قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك أي عن تضعيف الحديث، فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء، قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة ، وكأنه أعجبه”.

شاهد أيضًا: تجربتي مع صلاة التسابيح وفوائد هذه الصلاة في الدنيا والآخرة

حكم صلاة التسابيح عند المالكية

بحسب ما ورد عن علماء المذهب المالكي فإنّ هذه الصلاة هي صلاة غير مؤكدة لعدم ورود نص صحيح في السنة النبوية الشريفة عنها، والوارد عنها هو حديث ضعيف، لذا ذهب المالكية إلى ترجحيح عدم مشروعية هذه الصلاة، فالراجح أنها غير ثابتة عن المالكية وأنّ ورودها بحديث ضعيف ينفيها حتّى لو كانت من فضائل الأعمال، وذلك لأنّها تتعارض مع طريقة الصلاة الصحيحة التي وردت عند الشيخين بسند صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. [4]

حكم صلاة التسابيح عند الحنفية

أفتى علماء المذهب الحنفي بأنّ صلاة التسابيح هي صلاة مستحبة، وأنّ ورودها في حديث ضعيف لا يمنع استحبابها، لما فيها من الخير والثواب الذي يتأتى مع كثرة التسبيح الموجود في هذه الصلاة المباركة، وقد ورد عن ابن عابدين وهو من علماء المذهب الحنفي: “وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى، ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك” وهذا القول دليل على أنّ هناك بعض علماء الحديث من حسّن حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- الذي ورد فيه القول عن هذه الصلاة. [4]

حكم صلاة التسابيح عند الحنابلة

أفتى علماء المذهب الحنبلي بأنّ صلاة التسابيح غير واردة في صحيح السنة النبوية الشريفة ولكنْ يمكن أداؤها استدلالًا بالحديث الضعيف الوارد عن ابن عباس -رضي الله عنه- لأنّها من فضائل الأعمال، ومن أقوال أئمة الحنابلة عن هذه الصلاة: [4]

  • البهوتي في كتاب كشف القناع: “يفعلها -أي صلاة التسبيح- على القول باستحبابها كل يوم مرة”.
  • الإمام أحمد: “ما يعجبني، قيل لم قال ليس فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة؟ قال الموفق: وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال”.

شاهد أيضًا: هل صلاة التراويح جهرية ام سرية وهل يجوز الجهر في صلاة التراويح للمنفرد

حديث ابن عباس عن صلاة التسابيح

لم ترد صلاة التسابيح في السنة النبوية الشريفة إلّا في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو الحديث الذي يتحدث فيه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن هذه الصلاة لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

وجاء في نص هذا الحديث ما سيأتي: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال للعباسِ بنِ عبدِ المطلبِ يا عباسُ يا عمَّاهُ ألا أُعطيَك ألا أمنَحُك ألا أحبُوَك ألا أفعلُ بك عشرَ خصالٍ إذا أنت فعلتَ ذلك غفر اللهُ لك ذنبَك أولَه وآخرَه قديمَه وحديثَه خطأَه وعمدَه صغيرَه وكبيرَه سِرَّهُ وعلانيتَه عشرُ خصالٍ أن تُصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ تقرأُ في كلِّ ركعةٍ فاتحةَ الكتابِ وسورةً فإذا فرغتَ من القراءةِ في أولِ ركعةٍ وأنت قائمٌ قلتَ سبحان اللهِ والحمدُ لله ولا إله إلا اللهُ والله أكبرُ خمسَ عشرةَ مرةً ثم تركع فتقولُها وأنت راكعٌ عشرًا ثم ترفعُ رأسَك من الركوعِ فتقولُها عشرًا ثم تهوِي ساجدًا فتقولُها وأنت ساجدٌ عشرًا ثم ترفعُ رأسَك من السُّجودِ فتقولُها عشرًا ثم تسجدُ فتقولها عشرًا ثم ترفعُ رأسَك فتقولُها عشرًا فذلك خمس وسبعون في كلِّ ركعةٍ تفعل ذلك في أربعِ ركَعاتٍ إن استطعتَ أن تُصلِّيَها في كلِّ يومٍ مرةً فافعلْ فإن لم تفعلْ ففي كلِّ جُمعةٍ مرةً فإن لم تفعل ففي كلِّ شهرٍ مرةً فإن لم تفعلْ ففي كلِّ سنةٍ مرةً فإن لم تفعلْ ففي عُمُركَ مرةً” [5]وعلى الرغم من أنّ هذا الحديث حديث ضعيف، إلّا أنّ الكثير من أهل العلم أخذ به لأنّه يتضمن فضائل الأعمال، ويرى جمهور العلماء أنّ العمل بالحديث الضعيف فيما يتعلق بفضائل الأعمال جائز، والله تعالى أعلم. [4]

هل صلاة التسابيح جهرية ام سرية

إنّ صلاة التسابيح مثل الصلوات الأخرى فيما يتعلق بكونها جهرية أم سرية، فالصلوات الأخرى في الإسلام تُصلّى جهرية إن كانت في الليل وتُصلّى سرية إن كانت في النهار، وهذا ينطبق على الصلوات الخمس، فصلاة الظهر وصلاة العصر هي صلوات سرية لأنّها في النهار، أمّا صلاة المغرب وصلاة العشاء وصلاة الفجر فهي صلوات جهرية لأنّها تكون في فترة الليل من اليوم، وهذا يعني أنّ صلاة التسابيح تكون جهرية إذا صلاها المسلم في الليل وتكون سرية إذا صلاها في النهار، والله تعالى أعلم. [6]

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي عرفنا في أوله صلاة التسابيح ثم تحدثنا عن هل صلاة التسابيح صحيحة أم بدعة وما حكمها في المذاهب الإسلامية الأربعة وهي المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، ثم مررنا على حديث ابن عباس عن صلاة التسابيح.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، صلاة التسابيح، 04/04/2023
  2. ^ binbaz.org.sa، صلاة التسابيح بدعة ليس لها أصل، 04/04/2023
  3. ^ islamqa.info، هل تصح صلاة التسابيح، 04/04/2023
  4. ^ islamweb.net، صلاة التسابيح في المذاهب الأربعة، 04/04/2023
  5. ^ سنن أبي داود، عبد الله بن عباس، أبو داود، 1297، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
  6. ^ islamweb.net، الكيفية الصحيحة لصلاة التسابيح، 04/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *