عناصر المقال
هل عدم نباح الكلاب من علامات ليلة القدر، وهل تسكت الحيوانات في ليلة القدر، فقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم في ليلة القدر وجعلها من أعظم الليالي وأفضلها، وهي الليلة المباركة والليلة الأفضل من ألف شهرٍ مما سواها، وهي الليلة التي باسمها سورة من القرآن الكريم وهي سورة القدر، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحريها وقيامها والاجتهاد فيها، وعبر هذا المقال سيتم بيان هل تسكت الحيوانات في ليلة القدر ولا يسمع نباح الكلاب.
هل عدم نباح الكلاب من علامات ليلة القدر
لم يثبت ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو صحابته الكرام أو أي أحدٍ من أهل العلم أن سكوت الكلاب وعدم نباحها يعد من علامات ليلة القدر مطلقًا، فقد انتشر بين الناس الكثير من العلامات الغير صحيحة عن ليلة القدر التي يظنونها خطأً وجهلًا أنها من علاماتها، فمن الناس من يقول أن سكوت الكلاب في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك يدل على أن تلك الليلة ليلة القدر، وآخرون يقولون أن الأشجار في تلك الليلة تسقط على الأرض حتى تكون كمن يسجد أو كالأشجار التي اقتلعتها الرياح العاتية، والتي تعود لموضعها الطبيعي بعد انقضاء الليلة، ومن العلامات الغير صحيحة لليلة القدر أيضًا ما يظنه الناس من تحول الماء المالح إلى ماءٍ عذب قابلٍ للشرب في كل المحيطات والبحار حول العالم، ومن الناس من يقول أنهم يرون صور المساجد في السماء كالمسجد الأقصى والمسجد الحرام، كما يظنون أنّهم يرون النور ينبعث من كل مكان حتى تضاء السماء والأرض بنور الليلة، وهذه العلامات كلها غير صحيحة ولا أصل لها أبدًا.
هل في ليلة القدر يسمع نباح الكلاب؟
لم يرد أي دليلٍ شرعي بخصوص أن صوت الكلاب إن اختفى فإن تلك الليلة تكون ليلة القدر، فليلة القدر ليلة عظيمة لها علامات صحيحة واردة وثابتة في السنة النبوية الشريفة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف أي ليلة هي ليلة القدر لكنه قد أنساه الله إياها على وجه التحديد لحكمةٍ بالغةٍ من الله جل وعلا، وذلك لتحفيز المسلمين على الاجتهاد في العبادات في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وقد اتفق أهل العلم من المذاهب الفقهية الأربعة أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، فهي الليلة المقصودة بنزول القرآن الكريم في الشهر المبارك، والراجح فيها والأصح والأثبت أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان وهي في الأوتار آكد من الأشفاع، وذلك لكثرة الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على ذلك، ولكن ورد عدة أقوال عن بعض العلماء يخبرون بغير ذلك، فقد قيل أنها يحتمل أن تكون في شهر رمضان كله من أوله لآخره وهذا ما اختاره الإمام أبو حنيفة في قولٍ له، وفي قولٍ آخر تكون ليلة القدر في أول ليلة من شهر رمضان، قيل أنها مبهمة في العشر الأواسط من رمضان، وقيل هي الليلة التاسعة عشرة من الشهر، والأصح أنها محصورة في العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي متنقلة بين هذه الليالي والله ورسوله أعلم.[1]
علامات ليلة القدر الصحيحة
إن ليلة القدر المباركة من أعظم الليالي بل هي أعظمها، وقد اختصها المولى عزّ وجل بالكثير من الفضائل والخصائص، وجعل وقتها المحدد مخفيًا عن المسلمين ليكونوا مجتهدين في سائر العشر الأواخر من شهر رمضان وليجتهدوا في طلب فضلها، ولكن جعلت لها علامات ذكرتها السنة المباركة، وهي العلامات الصحيحة التي يستدل بها عليها، ومنها ما يأتي:[2]
- صفاء السماء وشروق شمسها بدون شعاع: فالسماء ستكون في ليلة القدر صافية ساكنة والجو فيها معتدل لا باردٍ ولا حار، وتكون الشمس في صباح ليلة القدر بيضاء لا شعاع لها حيث إنها تكون شبيهة بالقمر، وقد عرف العلماء الشعاع بأنه الضوء الذي يُرى قبل خروجها ويمتد كالحبال.
- تكون ليلة ساكنة تنتشر فيها الطمأنينة: ويزيد النشاط والإقبال من المؤمنين على العمل والعبادة وتستشعر قلوبهم طعم وحلاوة الذكر والأعمال الصالحة، وذلك لأن الملائكة تنزل فيها بالبركة والسكينة على المسلمين، ويكرم الله فيها عباده بطمأنينة القلب والجوارح.
- يكون القمر فيها كبيرًا: وقد جاء وصفه فيها كأنه شق جفنة أي أنه كالعين الواسعة لكبر حجمه ونقاء صورته في ليلة القدر.
- تكون أقرب في الليالي الوترية: وذلك في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- في العديد من الأحاديث الشريفة، ولا بدّ من الإشارة إلى أن عدم نباح الكلام لا يعد من علامات ليلة القدر أبدًا.
علامات غير صحيحة لليلة القدر
تنتشر بين المسلمين الكثير من الأقوال عن ليلة القدر وعلاماتها، وأنّ من رأى هذه العلامات فقد أدرك ليلة القدر، ومعظم ما يتداوله الناس من إشارات وعلامات، هي غير صحيحةٍ ولا دليل عليها من الكتاب أو السنة أو حتّى في الآثار، ومن هذه العلامات المنتشرة وغير الصحيحة عن الليلة المباركة:[3]
- امتناع الكلاب عن النباح.
- عدم سماع صياح الديكة.
- سجود الأشجار فيراها الناس مكسورة.
- امتناع الحمير عن النهيق.
- رؤية الأنوار في السماء.
ويجب على المسلم ألا يستمع لهذه الأقوال المكذوبة والتي يمكن أن ينسبها البعض لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحاشاه أن يقول كذبًا، كما يجب على المسلم عدم تناقلها ونشرها بين الناس لئلا يعود عليه ذلك بالوبال والغضب من الله تعالى، فالعلامات الصحيحة التي ثبتت في السنة النبوية المباركة أن ليلة القدر ليلةٌ من الليالي الوترية، وتكون لا حارةً ولا باردة، كذلك تكون الشمس في صبيحتها قرصًا أبيضًا من غير شعاعِ ولا حرارة، والله أعلم.
فضل ليلة القدر
ليلة القدر ليلةٌ اصطفاها الله سبحانه وتعالى لتكون خير ليالي الدهر وأعظمها وأشرفها، وميّزها بالكثير من الفضائل والخصائص العظيمة، فقد اصطفاها ليُنزل فيها القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدّنيا جملةً واحدة، كذلك اختارها سبحانه لتكون فيها العبادة والطاعة أفضل من عبادة ألف شهرٍ كاملة، ولقد بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فضيلةً من فضائلها في قوله: “مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.[4] وتتنزل في هذه الليلة العظيمة الملائكة الكرام بالسكينة والرحمة والبركة والخير بإذن الله تعالى، ويغفر بها الله تعالى لمن يستغفره، ويجيب دعوة من يدعوه ويرجوه، فلا يجب على المسلم أن يحرم نفسه من هذا الفضل والخير الجزيل، بل عليه أن يتحرّى هذه الليلة ليكون من الفائزين، والله أعلم.[5]
أحاديث ليلة القدر
وردت في السنة النبوية المباركة الكثير من الأحاديث الصحيحة والثابتة عن ليلة القدر العظيمة، والتي سيتمّ ذكر بعضٍ منها فيما يأتي:
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” مَن يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.[6]
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”.[7]
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَأَرَانِي صُبْحَهَا أَسْجُدُ في مَاءٍ وَطِينٍ. قالَ: فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَانْصَرَفَ وإنَّ أَثَرَ المَاءِ وَالطِّينِ علَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ. قالَ: وَكانَ عبدُ اللهِ بنُ أُنَيْسٍ يقولُ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ”.[8]
مقالات قد تهمك
هنا نختتم مقالنا هل عدم نباح الكلاب من علامات ليلة القدر والذي من خلاله بيّنا العلامات الصحيحة والغير الصحيحة لليلة القدر، إلى جانب الحديث عن فضلها ومكانتها وأصحّ ما ورد فيها من الأحاديث المباركة.
المراجع
- ^ dorar.net، المبحث الثاني: ليلةُ القَدرِ، 12/04/2023
- ^ islamweb.net، العلامات المميزة لليلة القدر، 12/04/2023
- ^ al-maktaba.org، هل صح شيء من علامات ليلة القدر .. ؟، 12/04/2023
- ^ صحيح البخاري ، أبو هريرة، البخاري، 1901، صحيح
- ^ alukah.net، فضائل ليلة القدر، 12/04/2023
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 35، صحيح
- ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 2020، صحيح
- ^ صحيح مسلم، عبدالله بن أنيس، مسلم، 1168، صحيح
التعليقات