هل يجوز الافطار عند الصداع الشديد أو ألم الأسنان

هل يجوز الافطار عند الصداع الشديد وهو ما سيتم بيانه في هذا المقال، حيثُ تعد هذه المسألة إحدى أهم المسائل الشرعية التي تتردد في شهر رمضان المبارك، حيثُ إنّ شهر رمضان هو شهر الامتناع عن الطّعام والشّراب منذ طلوع الفجر وحتّى الغروب، وهناك شروط وأحكام مهمّة يجب التّقيّد بها خلال الشّهر الفضيل لنيل الأجر والثّواب الكثير، ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان الأعذار الشرعية المبيحة للفطر في رمضان، وهل يجوز الإفطار عند الصداع الشديد وغيره من الأحكام المهمة.

الأعذار الشرعية التي تبيح الفطر في رمضان

من رحمة الله -سبحانه وتعالى- بعباده لم يفرض الصيام إلا على من يطيقونه، ولذلك فقد شرع لبعض الأشخاص الإفطار في شهر رمضان بوجود عذر شرعي، وفيما يأتي سوف يتم بيان الأعذار الشرعية التي تبيح الفطر في رمضان وهي على النحو الآتي:^[1]

• المرض: وهو المرض الشديد الذي يجعل صاحبه غير قادر على الصّوم، ففي هذه الحالة يباح له الإفطار إذا كان يتضرر بالصّيام، فقد قال -تعالى- في محكم تنزيله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}^[2].
• السفر: حيث يجوز للمسافر أن يفطر في رمضان؛ إذا كان السفر طويلًا، وأَلا يعزم الْإِقَامَةَ خلال سَفَرِه، ولا يكون سفره لمعصية، بدليل ما جاء عن أنسِ بنِ مالكٍ الكعبيِّ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: “أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إبلٍ كانت لي أُخِذَتْ، فوافَقْتُه وهو يأكُلُ، فدعاني إلى طعامِه، فقُلتُ: إنِّي صائِمٌ، فقال: اُدْنُ أُخبِرْك عن ذلك، إنَّ اللهَ وضَعَ عَن المُسافرِ الصَّومَ، وشَطْرَ الصَّلاة}^[3].
• الحمل والرضاعة: إذا شق على المرأة الحامل أو المرضعة الصيام وخافت على نفسها أو على جنينها، يباح لها الفطر حينئذ، فقد جاء عن أنسِ بنِ مالكٍ الكعبيِّ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنَّ اللهَ تبارك وتعالى وضَعَ عَنِ المُسافِرِ شَطرَ الصَّلاةِ، وعن الحامِلِ والمُرضِعِ الصَّومَ- أو الصِّيام”^[4].
• الإرهاق الشديد من الجوع والعطش: فمن كان صائمًا وأرهقه الجوع المفرط أو العطش الشديد له أن يفطر ويأكل ويشرب بقدر ما تندفع به ضرورته، ولكن يمسك بقية اليوم وَيَقْضِي، ويؤيد هذا قول الله -سبحانه وتعالى- في سورة البقرة: {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}^[5].
• الإكراه: وهو قيام الإنسان بفعل أو ترك شيء ما لا يرضاه بالوعيد والتهديد، كحاجة الإفطار لإنقاذ أحدٍ من الموت أو من الغرق أو من الحرق، أو التهديد بالقتل، فيباح معه الإفطار ويجب عليه القضاء عند الجمهور.
• الحيض والنفاس: للحيض والنفاس أحكامٌ خاصة للنساء في الإسلام، منها أن تترك المرأة الصلاة والصيام، على أن تقضي الصيام دون الصلاة، فقد جاء عن أبي سعيد الخدري عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “أَليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ، فَذلكَ نُقْصَانُ دِينِهَا”^[6].
• الجنون الطارئ: إذا أصاب المسلم جنونًا مفاجئًا ولم يعد عاقلاً سقط عنه فرض الصيام فلا يأثم بإفطاره، ودليل ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: “رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق”^[7].
• الهرم والشيخوخة: أباحت الشَّريعة الإسلامية الإفطار للشيخ الكبير الذي يعجز عن الصيام بسبب ضعفه أو لمرضه الذي لا يرجى برؤه،  والدليل فِي شَرْعِيَّةِ إفْطَارِهم قول الله سبحانه وتعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}^[2]، فإذا كان لا يستطيع أبدًا الصوم فيفطر ويطعم عن كلّ يومٍ مسكين.

هل يجوز الافطار عند الصداع الشديد

يجوز للمسلم أن يفطر في شهر رمضان إذا كان أصيب بالصداع الشديد، فقد عدّه العلماء من الأمراض التي تبيح الفطر في رمضان، لأن الصّداع من الأمراض التي يصعب على صاحبها الصيام بسببه، لأنه قد تتضرر صحته إن صام معه، فلا حرج على المسلم إذا أصيب به أن يفطر ليأخذ الدواء ويأكل ويشرب ليصبح بوضع أفضل، ولكن ينبغي عليه قضاء هذا اليوم الذي أفطره بعد رمضان، لقوله -تعالى- في محكم تنزيله: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”^[8]، كما قال النووي في المجموع: “الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ لا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ . . . وَهَذَا إذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالصَّوْمِ وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَالَةٍ لا يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّوْمُ , بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا : شَرْطُ إبَاحَةِ الْفِطْرِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ يُشَقُّ احْتِمَالُهَا”، وبناءً على ذلك إذا كان المسلم قد تعرض لصداع شديد يجوز له أن يفطر، أما إن كان الصداع بسيطًا ولن تحصل له مشقة بسب الصوم من الأفضل احتماله وإكمال الصوم، وإذا كان هذا الصداع مستمراًّ معها بحيث لا يتمكن من القضاء فإنها يطعم عن كل يوم أفطره مسكين، والله أعلم.^[9]

شاهد أيضًا: ما هي فدية الافطار في رمضان وما الفرق بين فدية الصيام وكفارة الصيام

هل يجوز الافطار عند الصداع الشديد إسلام ويب

ذكر موقع الفتاوى الشرعية إسلام ويب أنه يجوز للمسلم الإفطار بسبب الصداع إذا كان شديدًا ويخشى على نفسه الضرر، أما إذا كان الصداع بسيطًا ويستطيع احتماله من الأفضل للمسلم أن لا يفطر ويصبر ويدعو الله -تعالى- أن يخفف وجعه، وفيما يأتي نستعرض تفصيل الفتوى رقم 185463 في الإجابة على هل يجوز الافطار عند الصداع الشديد، وهي:^[10]

وقد نص بعض الفقهاء على أن الصداع من المرض اليسير الذي لا يباح به الفطر، ولكن إذا زاد بحيث خشي حصول الضرر بعدم الفطر جاز الفطر في هذه الحال، قال في إعانة الطالبين: وقوله: يبيح التيمم ـ خرج ما لا يبيحه ـ كالمرض اليسير، كصداع، ووجع الأذن، والسن ـ إلا أن يخاف الزيادة بالصوم فيباح له الفطر، كما في النهاية، نقلا عن الأنوار”، وعليه، فإذا بلغ بك الصداع مبلغا تخشين معه الضرر جاز لك الفطر وإلا فلا.

الصداع النصفي والصيام

هل يجوز الإفطار بسبب ألم الأسنان

ذكر أهل العلم أنه يجوز الإفطار في رمضان بسبب ألم الأسنان؛ وذلك إن حدث من الألم مشقّةٌ بحيث لا يستطيع الإنسان أن يتحمّلها، حيثُ إنّ الله -عزّ وجلّ- قد أباح إلى المُسلم أن يُفطر في رمضان؛ لمرضٍ ألمّ به أو أذًى لحق به، ولكن شريطة إحداث ضرر بالمرء إذا صام، فإذا كان صوم المسلم المصاب بألم الأسنان لا يتبعه أذى أو مشقّةً؛ فلا يجوز له الإفطار؛ لأنّ المُسوّغ الذي سوّغ الإفطار فُقد، أما إذا كان سيتبعه ضررًأ؛ فلا حرج في أن يُفطر؛ ليأخذ الدّواء الذي يُسكّن هذا الألم، ويُخفّف من حدّته، فالدّين الإسلاميّ هو دين اليُسر والسّماحة والتيسير على أتباعه لا دينُ عُسرٍ وتثبيط للهمم؛ لذا أجازت الشّريعة الإسلاميّة للمُسلم الذي لا يقوى على الصّيام أن يفطر، ولكن عليه قضاء تلك الأيام بعد الانتهاء من شهر رمضان أو عليه الكفّارة حسب العذر الشرعي الذي أباح له الإفطار، والله أعلم.^[12]

شاهد أيضًا: ما هو المرض الذي يبيح الفطر في رمضان وما حكم من يصوم وهو مريض

هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب التعب

يجوز للمسلم أن يفطر في صيام القضاء لعذر شرعي، فإذا خاف على نفسه التعب الشديد أو الهلاك أو فقدان عضو من الأعضاء يجوز له أن يفطر، فإذا كان الشخص قد غلب على ظنه الهلاك إذا أكمل الصيام أو غلب على ظنه أنه سيفسد له لو عضو أو سيصيبه مرض شديد توجب عليه أن يقوم بالإفطار ويقضي هذا اليوم إذا قضاء لصوم واجب كرمضان، بدليل قول الله -تعالى- في كتابه الكريم: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ}^[8]، فقد ذكر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- قال: “إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان ، وكفارة اليمين ، وكفارة فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل ، وما أشبه ذلك من الصيام الواجب ، فإنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي ، وهكذا كل من شرع في شيء واجب فإنه يلزمه إتمامه ، ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه”، ولكن إن كان فطره من غير عذر وجب عليه التوبة إلى الله -عزّ وجل- والاستغفار والقضاء، فهو في هذه الحالة يكون أثم لأنه قطع عبادة واجبة، فقد قال ابن قدامة -رحمه الله- في ذلك: “وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ , كَقَضَاءِ رَمَضَان , أَوْ نَذْرٍ ، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ ; لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ , وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ”.^[13]

حد المرض الذي يجوز معه الفطر 

ذهب أهل العلم إلى أنّ المريض لا يجوز له الإفطار إلا إذا كان مرضه شديدًا، وفيما يأتي سيتم بيان حد المرض الذي يجوز معه الفطر في رمضان:^[14]

• المرض اليسير: فمن مرض مرض لا يؤثر الصيام عليه كالزُّكام أو الصُّداع اليسير، أو وجَع الضِّرس، وما شابه فلا يجوز له أن يُفطر، وهذا باتّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة، وذلك لأنَّ المريضَ إذا لم يتأذَّ بالصَّومِ، ولا يشق عليه، فالصَّحيحِ أن يلزمه الصِّيام.
• المرض الذي يضر الصَّائم: فإذا كان المَرَضُ يضُر الصَّائِم ويخشى على نفسه الهلاكَ فيجوز له الفِطرُ، حيث نهى الله -تعالى- كل ما فيه إزهاقٌ للنَّفسِ، وما فيه ضَرَرٌ؛ بدليل قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}^[15]، والفطر واجب في هذه الحالة وهو قول الجمهور من الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وبعض من الحَنابِلة، كما احتج الصحابي عمرو بنِ العاصِ -رَضِيَ اللهُ عنه- بهذه الآية على تركه الاغتسال في شدَّة البرد لمَّا أجنب؛ وإقرارِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- له.
• المرض الذي يزيد بالصَّوم: فإذا خاف المسلم المريضُ أن يزيد المرض بسبب الصيام، أو أن  يتأخر الشفاء؛ فله أن يُفطِر، وهو قول الجمهورِ من الحنفية والمالكيَّة، والحَنابِلة، واستدلوا على ذلك بما ورد في ثوله تعالى- في الكتاب: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}^[8].

شاهد أيضًا: هل يجوز بلع الريق في الصيام وما حكم بلع البلغم في الحلق في رمضان

طرق الوقاية من صداع رمضان

هناك مجموعة من النصائح التي تساعد في الوقاية من الصداع في نهار رمضان أو بعد الإفطار، ومن أبرز هذه النصائح ما يأتي:^[16]

• تجنب تناول الحلويات في السحور، أو الإفراط في تناولها بين الفطور والسحور.
• تقسيم وجبة الإفطار إلى وجبات صغيرة متفرقة، لكي لا يؤدي امتلاء المعدة إلى زيادة الدم الواصل إليها.
• تجنب السَّهر غير المبرر في ليل رمضان وإعطاء الجسم كفايته من النوم والراحة، حتى لا يتعرض الشخص للصداع ويبقى بوضع صحي جيد.
• متابعة قياس السكر لمرضى السكر بشكل مستمر، وعند الشعور بأعراض نقص السكر في الدم مثل الهبوط المفاجئ أو طعم السكر في اللعاب ينبغي استشارة الطبيب.
• الحرص على شرب الماء بين الفطور والسحور لتجنب الجفاف، كما يجب الانتباه إلى أنَّ شرب الكثير من الماء في وجبة السحور يتخلص منه الجسم ولا يستفي منه.
• الاهتمام بتناول الطعام الصّحي والمتوازن في وجبة السحور، بحيث ينبغي أن تحتوي على منتجات الألبان والبروتين الحيواني والخضروات التي تحتوي على قدر كبير من المحتوى المائي.
• التدرج في كل يوم من أيام الشهر الفضيل بتعويد الجسم على نقص الكافيين، من خلال تناول فنجان من القهوة أو الشاي بعد الإفطار بساعتين أو ثلاث وتجنب تناول هذه المشروبات على وجبة السحور.

وهكذا نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان هل يجوز الافطار عند الصداع الشديد، فقد عرفنا في هذا المقال بعضًا من المعلومات حول الأعذار الشرعية المبيحة للإفطار في رمضان، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السُّؤال المطروح، ثمّ بيّنا هل يجوز الإفطار بسبب ألم الأسنان، وهل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب التعب، ثم وضحنا حد المرض الذي يجوز معه الفطر، كما ختمنا مقالنا ببعض المعلومات عن طرق الوقاية من الصداع في شهر رمضان، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.