هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني

هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني في الشريعة الإسلامية، خاصة أن السائل المنوي هو سائل يخرج بشهوة، ثم يأخذ الرجل من بعده حكم النجاسة التي تمنعه من الصلاة، لذلك سنقدم في هذا المقال حكم الصلاة بثوب عليه مني وحكم وجود الدم على الثوب وهل يأخذ حكم المني في الثوب وغيرها من الأحكام.

هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني

اختلف العلماء في مسألة هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني على ثلاثة أقوال، تفصيلها كما يأتي:^[1]

• القول الأول: ذهب أصحاب هذا القول إلى نجاسة المني، ويجب على المسلم أن يغسله سواء كان رطبًا أو جافًا، ويأخذ في حكمه حكم البول، وهو ما قاله الإمام مالك والإمام الأوزاعي، وبالإضافة إلى مجموعة من علماء السنة والجماعة.
• القول الثاني: ذهب أصحاب هذا القول إلى نجاسة المني ويكفي للمسلم أن يدلكه في التراب وهو ما قاله أبو حنيفة، وما ذكره إسحاق وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل.
• القول الثالث: على أصحاب هذا القول أن المني طاهر، ولكنه من القذارة كالمخاط أو البصاق ونحوهما، وقد روي عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أنها قالت: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابساً ثم يصلي فيه”.^[2]

ما حكم الصلاة بملابس عليها مني بالدليل الشرعي

في الحديث عن هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني بالدليل الشرعيّ فإن الصلاة في ملابس عليها مني فيها خلاف بين علماء فأهل السنة والجماعة، ذهبوا إلى أنه لا تجوزالصلاة بالثوب الذي عليه مني خاصة أنه قد خرج بعد الاستمناء أو المذي، وذهب آخرون من العلماء إلى أن المني إذا أصاب بعض الثوب فلا بأس بالصلاة فيه والله أعلم.^[3]

ما حكم من تذكر وجود النجاسة على ثوبه أثناء الصلاة

من ذكر أن في ثيابه نجاسة وهو يصلي، فإنه يخلع الثوب إذا كان تحته ثوب آخر، ويستمر في الصلاة ولا شيء عليه، وأما إذا تذكر النجاسة بعد الفراغ من الصلاة، فهي صحيحة ولا يلزمه إعادتها، قال ابن باز: وإن كان يعلم وهو في الصلاة فلا يلزمه إعادتها حيث يقلعه إن أمكن؛ لأن الرسول عندما حذر من ضرر في نعله؛ خلعهم -صلى الله عليه وسلم- واستمر في الصلاة إذا خلع سرواله واستمر في صلاته.^[4]

ما حكم وقوع رذاذ البول على الثياب

بعد أن تعرّفنا هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني، فمن أصاب ملابسه أو بدنه بول أو نجاسات أخرى فعليه أن يغسل محل النجاسة وفيه يرى الشافعية أنه لا يلزم غسلها، واتفق معهم المالكية إذا كان من الصعب الاحتراز منها، كآثار أقدام الذباب من اللسع والبول، وذهب الحنفية إلى أنه من النجاسة المقطوعة، وهو ما يثبت بالدليل القاطع، كالدم والبول والكحول، ويستثنى من هذا الحكم إذا كانت النجاسة أقل من مقدار الدرهم أو ما هو أقل.^[5]

ما حكم غسل الثياب الطاهرة مع الثياب التي فيها نجاسة

بينا في بداية مقالنا هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني، أمّا عنغسل الثياب الطاهرة مع الثياب التي فيها نجاسة، فإذا كان الماء هو الذي يستجيب للنجاسة – كما في الغسالات الأوتوماتيكية – فلا تنتقل النجاسة إلى الثياب الطاهرة، ولا إلى داخل تلك الغسالة، إلا إذا انفصل الماء بسبب تغير النجاسة، ومعلوم من حالة هذه الغسالات أن الماء يجري على الملابس أكثر من مرة، فإذا تغير الماء في الشوط الأول مع النجاسة، فإن الماء في الشوط الثاني ينفصل دون تغيير، ثم تصبح النجاسة طاهرة، وإن كان الأحوط، والمبرأ من المسؤولية، والذي يخرج به من الخلاف: غسل مواضع نجاسة الثياب، ثم وضعها في الغسالة بعد ذلك، والله تعالى أعلم وأحكم.^[6]

ما حكم من شك في نجاسة ثوبه أثناء الصلاة

بعد أن تعرّفنا هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني،، فلا بدّ من ترك الشك والابتعاد عن الوسواس، والصلاة في الثوب الذي تشتبه في نجاسته صحيحة؛ لأن الأصل طهارته، ثم إذا وجدت نجاسة في الثوب بعد الصلاة، وحتمل وقوعها بعد الصلاة، زُيدت إلى هذا الوقت، لتُضاف إلى أقرب وقت يرجح حدوثه فيه، فالظّن أو الشّك يكون في بعض الأحيان من الشيطان، والقاعدة الفقهية الكبرى تتضمّن أن الإنسان الأصل فيه البقاء على ما كان علي إلا إذا جاء أمرًا مؤكدًا يصرفه من الذي كان عليه إلى حاله.^[7]

حكم النوم على فراش عليه مني

إنّ المنيّ متفق على طهارته بين العلماء، فحكم النوم على فراش فيه مني أو نجاسة يسيرة جائز شرعًا، والأولى أن على المسلم إزالة المني والنجاسة غير المستحلة في الحال الواجب، ولكن إذا تعذّر ذلك يجوز النّوم عليه؛ لأنّ الضرورات تبيح المحظورات، ومن المعلوم أنّ هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى المستندة على الدلائل الأصيلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والله أعلم.^[8]

حكم الصلاة بملابس عليها بول جاف

لا فرق في النجاسة بين البلل والجفاف، والبول يعتبر نجاسة فيجب على المسلم إزالتها قبل أن يأتي الصلاة حيث كان صلى الله عليه وسلم يصلي مع أصحابه، فخلع نعليه ووضعهم عن يساره، ولما رأى هؤلاء رموا نعليهم، ولكن كما ذكرنا سابقًا أنّ بعض الأحكام تنتقل من المحظر إلى الإباحة عند التّعذّر، ولا سيّما عن الفعل الواجب الذي يضيع إحدى الضرورات الخمسة.^[9]

عن أبي سعيد الخدري قال: “بينَما رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يصلِّي بأصحابِهِ إذ خلعَ نعليهِ فوضعَهُما عن يسارِهِ فلمَّا رأى ذلِكَ القومُ ألقوا نعالَهُم، فلمَّا قضى رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- صلاتَهُ قالَ ما حملَكُم علَى إلقاءِ نعالِكُم قالوا رأيناكَ ألقيتَ نعليكَ، فألقينا نعالَنا فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إنَّ جبريلَ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أتاني فأخبرَني أنَّ فيهِما قذرًا أو قالَ أذًى وقالَ إذا جاءَ أحدُكُم إلى المسجدِ، فلينظُر فإن رأى في نعليهِ قذرًا أو أذًى فليمسَحهُ وليصلِّ فيهِما”،^[10][9]

حكم الصلاة على جنابة

لا تجوز الصلاة على الجنابة أو النجاسة، والوضوء لا يرفع النجاسة إطلاقًا، ومن فعل ذلك فقد ارتكب معصية عظيمة، فعليه أن يتوب عن ذلك مع جهله بالحكم، ولكن إذا علم بالحكم، وفعله عمدًا، ثم ارتكب ذلك فإنه من الكبائر، ويشير علماء أهل السنة والجماعة إلى أن من فعل ذلك عمدًا فهو كافر، حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “الطهارة من النجاسة واجبة شرعًا، كما اختلف في تكفيره، وهو يستوجب العقوبة الشديدة والله أعلم”.^[11]

حكم من وجد على ملابسه بقع دم

يجب على المسلم إزالة بقعة الدم قبل أن يصلي على طهارة الثوب إذا كان لديه القدرة على ذلك، فقد ورد هذا الفعل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه أزال بقع الدّم قبل أن يصلّي، ولكن إذا تعذّر إزالته فلا مانع من الصّلاة فيه حتى وإن كان محظورًا، استنادًا إلى أنّ العلماء اختلفوا في طهاة الدّدم، وتجدر الإشارة إلى أنّ الضرورات تبيح المحظورات، ممّا يعني جواز الصّلاة  بملابس عليها دم للضرورة .^[12]

ما حكم الصلاة في ملابس عليه مذي ناسيا

من صلى بملابس مصابة بالمذي ولم يطهرها مع علمه بوجود المذي فإنه نجس ولم تصح صلاته لأنها فقدت شرطًا من شروط صحتها، وهو طهارة الثوب؛ لوجود العديد من الأدلة الشرعية في السنة النبوية الشريفة على نهي المسلم عن الصلاة بالملابس التي بها نجاسة قبل غسلها.^[13]

حكم الصلاة بملابس غير طاهرة

إذا كان في الثوب نجاسة، ولم تتمكن من غسله، أو تغييره إلى ثوب آخر، وتخشى خروج وقت الصلاة، فلا حرج عليك من صلاتك بثوب نجس، لأنه لا يجوز على المسلم أن يصلي عاريًا، بل يلزمه أن يصلي في ذلك الثوب؛ لأن ربعه فأكثر في حكم الكمال فإن كان كله نجسًا، أو كان طاهره أقل من ربع، فالراجح هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف حيث قال محمد: “لا يجزئ إلا بالثوب وإن كان نجسًا”، ولا تجب إعادة الصلاة، وقال المالكية والحنابلة: إنه يصلي فيها، ولكن المالكية قالوا: يعيدها في حينها إذا كان قادرًا على تطهيرها أو طهّر شيئًا منها وإن كان يسيرًا، وأما الحنابلة، ذهبوا إلى أنه يصلي فيها ولا يصلي عاريًا، وعليه إعادتها أصلاً قال ابن قدامة المقدسي في المقنع: من لم يجد إلا ثوبًا نجسًا صلى فيه وكرر صلاته أي أعادها بعد تطهير هذا الثوب.^[14]

هل يجوز لبس الملابس التي أصابها مني إسلام ويب

أشار موقع إسلام ويب إلى أن الفقهاء اختلفوا في حكم لبس الملابس التي عليها مني، وقد فصل في جميع أقوال ورجَّح أن المني غير نجس حسب ما ورد من أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم أجمعين، وقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تغسل ثول النبي صلى الله عليه وسلم من المني استحبابًا وليس لأنه نجس فهو مثل النخامة والمخاط ولكنه غير نجس، وقد أشار الموقع إلى ذلك بقول: “روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقه أو بإذخرة. ورواه الترمذي معلقاً عن ابن عباس أنه قال: المني بمنزلة المخاط، فأمطه عنك ولو بإذخرة. وعليه، فيجوز الصلاة في الثوب الذي أصابه مني لطهارته؛ وإن كان يستحب له فركه أو غسله خروجاً من الخلاف”.^[15]

مقالات قد تهمك

أجبنا فيما سبق على سؤال هل يجوز الصلاة بملابس عليها مني وقد ذكرنا رأي علماء أهل السنة والجماعة في هذا الموضوع، وبيّنا حكم الشريعة لإسلامية في الصلاة على جنابة، بالإضافة إلى غيرها من الأحكام؛ كوجود الدم على الثوب ووجود المني على الفراش.