هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد

هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد، وما رأي الشريعة الإسلامية فيمن يصوم قبل بداية شهر رمضان المبارك بيوم واحد، هو من الأسئلة التي يطرحها عامة النّاس خاصة المرأة التي لم تقدر بعد على إنهاء صيام أيام القضاء خاصتها، في هذا المقال سيتم الوقوف مع مجموعة الأحكام الخاصة بالصيام قبل بداية شهر رمضان المبارك، وما يأتي تفصيل لذلك.

هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد

في الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد فإنّه لا بدّ من تفصيلات تعرض لها علماء أهل السنة والجماعة وهي أنّه قد ورد بعض من الأحاديث النبوية الشريفة التي تنهى عن صيام النصف الثاني من شهر شعبان المبارك وقد استثنوا من ذلك حالتين، وهما:

• شخص له عادة بالصيام: مثل أن يكون للإنسان عادة بصيام يومي الاثنين والخميس فإنّه يكمل عادته في ذلك ولو كان في النصف الثاني من شهر شعبان المبارك.
• شخص يصل نصفي شهر شعبان بالصيام: كأن ابتدأ الشخص شهر شعبان بالصيام من بدايته ووصل النصف الثاني مع النصف الأول بالصيام ودخل شهر رمضان المبارك وهو صائم شعبان كله.

وقد ذكر النووي في هذه المسألة: “قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) فِيهِ التَّصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ اِسْتِقْبَال رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْم وَيَوْمَيْنِ لِمَنْ لَمْ يُصَادِف عَادَة لَهُ أَوْ يَصِلهُ بِمَا قَبْله فَإِنْ لَمْ يَصِلهُ وَلا صَادَفَ عَادَة فَهُوَ حَرَام”.^[1]

حديث لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ينهى فيه عن تقديم شهر رمضان المبارك بصوم يوم أو يومين ونص الحديث كما روي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: “لا تُقَدِّموا قَبلَ رمضانَ بصَومِ يَومٍ أو اثنَيْنِ، إلَّا رَجُلٌ كان يَصومُ صيامًا، فيَصِلُهُ به”،^[2] وهو حديث صحيح على شرط الشيخين البخاري ومسلم.

هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم قضاء

لقد استثني في بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهي عدم الصيام قبل بدء شهر رمضان المبارك مَن كان عادة في الصيام وذلك صيام تطوع، والشخص الذي عليه قضاء يأخذ بتلك الرخصة فالفرض أولى من التطوع.

وقد قال الحافظ في الفتح عن تلك المسألة: “ومعنى الاستثناء أن من كان له ورد فقد أذن له فيه لأنه اعتاده وألفه وترك المألوف شديد وليس ذلك من استقبال رمضان في شيء، ويلتحق بذلك القضاء والنذر لوجوبهما، قال بعض العلماء: يستثنى القضاء والنذر بالأدلة القطعية على وجوب الوفاء بهما فلا يبطل القطعي بالظن”.^[3]

حكم من دخل رمضان وقد بقي عليه أيام من رمضان السابق

في مسألة تأخير أيام الصيام التي يجب قضاؤها حتى دخول رمضان الثاني آراء عدة من قبل علماء أهل الفقه والعلم، وقد قال جمهور أهل العلم من الشافعية والمالكية والحنبلية أنّ مَن أخر قضاء الأيام التي عليه حتى دخل برمضان آخر فيجب عليه الصيام إلى جانب الفدية، والفدية هي مد من الطعام عن كل يوم أفطره وقد قدّر عامة أهل العلم المد بـ 750 غرام.

وهذا القول هو قول لعامة الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم وقال ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى في تحفة المحتاج: “ومن أخر قضاء رمضان مع إمكانه – بأن خلا عن السفر والمرض – حتى دخل رمضان آخر: لزمه – مع القضاء – لكل يوم (مد)، لأن ستة من الصحابة رضي الله عنهم أفتوا بذلك، ولا يعرف لهم مخالف”.

أمّا لو أخر المسلم صيام تلك الأيام بسبب عذر ما ألم به منعه من الصيام فإنّه لا يلحق به إثم ولا ذنب وليس عليه الكفارة بل يكتفي بالقضاء أي قضاء الأيام التي أفطرها.

وقد ذُكر في كتاب بشرى الكريم وهو واحد من كتب الشافعية: “أمَّا تأخيره بعذر كسفر وإرضاع ونسيان وجهل حرمة التأخير ولو مخالطاً لنا .. فلا فدية فيه؛ لأن تأخير الأداء جائز به، فالقضاء أولى وإن استمر سنين”، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.^[4]

حكم صيام التطوع قبل رمضان

ورد نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الشريف عن سبق رمضان بصوم قبل يوم أو يومين، وقد استثني من ذلك ثلاث حالات، فأمّا الحالة الأولى هو مَن كان له عادة في الصيام كأن يصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع فهنا يرتفع النهي عنه ويُمكن له أن يصوم.

والنوع الثاني هو مَن صام أكثر شعبان وقد ذكرت في ذلك أم سلمة رضي الله عنها: “ما رأيت رسول – صلى الله عليه وسلم – صام شهرين متتابعين، إلا إنه كان يصل شعبان برمضان”.^[5]

وأمّا الحالة الثالثة فهي أن أن يكون على المسلم قضاء ويريد أن يصوم قبل أن يُدركه رمضان الذي يليه، فلا شيء عليه ويُكمل صومه في تلك الأيام المحظورة، حيث إنّ رسول الله صلى الله عليه وسل قد رخص للتطوع والفريضة أولى.^[5]

الأحاديث النبوية التي تنهى عن صيام اليوم السابق لرمضان

وردت في الشريعة الإسلامية مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تنهى عن صيام يوم أو يومين ومن بين تلك الأحاديث:

• “لا تُقَدِّموا قَبلَ رمضانَ بصَومِ يَومٍ أو اثنَيْنِ، إلَّا رَجُلٌ كان يَصومُ صيامًا، فيَصِلُهُ به”.^[2]
• “كنَّا عند عمار بن ياسر، فأُتِيَ بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ فقال: كُلُوا، فتنحَّى بعضُ القَومِ، فقال: إنِّي صائِمٌ، فقال عمَّارُ: من صامَ اليومَ الذي يَشُكُّ به النَّاسُ، فقد عصى أبا القاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”.^[6]
• “الشَّهرُ تسِعٌ وعِشرونَ ليلة، فلا تصومُوا حتى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلُوا العِدَّةَ ثلاثينَ”.^[6]

حكم صيام يوم الشك

لقد اختلف عامة أهل العلم في حكم صيام يوم الثلاثين من شعبان إن لم ير الهلال إلا أنّ غالبية أهل العلم قد أفتوا بأنّ صيامه غير مشروع مستدلين بحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه بأنّ مَن صام يوم الشك فقد خالف أبا القاسم.

وقال صاحب سبل السلام عند هذا الحديث: “واعلم أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال في ليلة غيم ساتر ونحوه، فيجوز كونه من رمضان، وكونه من شعبان، والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه، وإليه ذهب الشافعي”.^[7]

أمّا الحنابلة فقد ذهبوا إلى الوجوب فقالوا: “وإن حال دون منظره غيم، أو قتر ليلة الثلاثين، وجب صيامه بنية رمضان، في ظاهر المذهب”، والله في ذلك جميعه هو أعلى وأعلم.^[7]

حكم الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين

يجوز الصيام قبل رمضان بيوم أو بيومين لمن كانت له عادة من الصيام مثل صيام ويوم وفطار يوم، أو صيام يوم الإثنين والخميس، ويجوز أيضًا لمن كان عليه قضاء وأراد أن يقضي قبل رمضان، وهذا جائز ولا حرج فيه، لأن النهي ورد في من لم يكن له عادة في الصيام، وقد أشار الإمام النووي رحمه الله تعالى إلى ذلك بقوله: “قَالَ أَصْحَابُنَا: لا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ رَمَضَانَ بِلا خِلافٍ… فَإِنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَجْزَأَهُ، لأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ سَبَبٌ فَالْفَرْضُ أَوْلَى، كَالْوَقْتِ الَّذِي نُهِيَ عَنْ الصَّلاةِ فِيهِ، وَلأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ قَدْ ضَاقَ”، والله تعالى أعلم.^[8]

مقالات قد تهمك

وبذلك نكون قد وصلنا إلى خاتمة مقال هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد، وذكرنا ما هو رأي أئمة أهل العلم في ذلك ومَن الذي حاز رخصة الصيام في الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومها ونحو ذلك.