عناصر المقال
هل يجوز ذبح الاضحية في الليل وأفضل وقت لذبحها تُعدّ الأضحية من شعائر الإسلام، وهي عبادة مخصصة ومقرونة بعيد الأضحى، وتتمثل بما يقوم المسلم بتقديمه وذبحه في سبيل الله -تعالى- من بهيمة الأنعام، وهي كغيرها من العبادات لها أوقات مخصوصة بها، وسوف نتعرف على معنى الأضحية في الإسلام وحكم الأضحية، وعلى أفضل وقت لذبح الأضحية وعلى متى يبدأ وقت الأضحية ومتى ينتهي، وسوف نتعرف على حكم ذبح الأضحية ليلًا، وحكم ذبح الأضحية بعد العصر أو حكم ذبح الأضحية بعد الفجر، وما إلى هنالك من أمور أخرى.
مفهوم الأضحية وحكمها في الإسلام
تعتبر الأضحية بأنّها من شعائر الله العظيمة التي سنّها يوم النّحر من كلّ عام، وهي ما يُذبح في عيد الأضحى من الإبل أو البقر أو الغنم تقرّباً من الله -تعالى- وابتغاء لمرضاته، وتُعدّ الأضحية سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند جمهور أهل العلم، وقد شرّعها الله -سبحانه وتعالى- على عباده شكرًا لله على نعمه في الحياة، وإحياءً لسنة إبراهيم -عليه السلام- حين أمره الله بذبح الفداء عن ولده إسماعيل[1]، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به، فَقالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ، ثُمَّ قالَ: اشْحَذِيهَا بحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهِ”.[2]
هل يجوز ذبح الاضحية في الليل
اتفقت المذاهب الفقهية على استحباب أن تكون الأضحية نهاراً، أي بين شروق الشمس وارتفاعها قدر رمحين حتى غروبها، أما جواز الذبح ليلاً وهو أمر مختلف فيه وله ثلاثة أقوال، وهم على النحو الآتي:[3]
- القول الأول: وينص على أنّ ذبح الأضحية ليلاً لا يجزئ، وهو قول الحنابلة والمالكية.
- القول الثاني: إنّ التضحية ليلاً فيها كراهة لكنها تجزئ، وهو قول الشافعية والحنفية وبعض الحنابلة.
- القول الثالث: جواز الذبح في الليل دون كراهة وهو قول بعض من الحنابلة، والإمام ابن حزم، والإمام الشوكاني، والإمام الصنعاني، والإمام ابن عثيمين رحمهم الله، وهو الراجح، فقد استدلوا بقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[4]، حيثُ إنّ الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي.
وقت ذبح الأضحية
إنّ وقت ذبح الأضحية يكون خلال أيّام العيد الأربعة: يوم النحر الذي هو العاشر من ذي الحجة، وأيّام التشريق الثلاثة التالية له، ويبدأ الوقت بعد انقضاء صلاة عيد الأضحى المبارك[5]، بدليل ما ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: “إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ”[6]، فالسنة إذًا في الأضحية أن تكون بعد صلاة العيد، أما وقت الأضحية لمن كان بمكان لا تصلى العيد فيه كأهل البوادي بعد ارتفاع الشمس ومُضي وقت بعد ارتفاعها يسع صلاة العيد، والله أعلم.[1]
متى ينتهي وقت ذبح الأضحية
ينتهي وقت ذبح الأضحية بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة[7]، فبعد غروب اليوم الثالث من أيام التشريق ينتهي وقت الأضاحي، والسنة أن يبادر المسلم إلى الذبح بعد صلاة العيد في اليوم الأول من أيام العيد، فقد جاء في الحديث الشريف أن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم لا يخرجُ يومَ الفطرِ حتَّى يَطعَم، ويومَ النحرِ لا يأكل حتَّى يرجعَ فيأكلَ من نَسِيكتِهِ”[8]، فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله- عن وقت ذبح الأضحية: “من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فتكون أيام الذبح أربعة : يوم العيد بعد الصلاة ، وثلاثة أيام بعده ، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد ، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته . . . لكن لو حصل له عذر بالتأخير عن أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت ، أو يوكل من يذبحها فينسى الوكيل حتى يخرج الوقت ، فلا بأس أن تذبح بعد خروج الوقت للعذر ، وقياساً على من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها”.
أفضل وقت لذبح الأضحية
إن أفضل وقتًا لذبح الأضحية هو بعد صلاة العيد مباشرة، وذلك اقتداءً بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يصلي العيد ويذبح أضحيته، بدليل ما جاء عن بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه- قَالَ : “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ ، وَلا يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ”[8]، حيث من الأفضل أن يذبح المسلم أضحيته بعد دخول وقتها من أجل المبادرة إلى الخير والخروج من الخلاف وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، بالإضافة إلى أنّ التضحية في أول الوقت لها فضل عظيم من باب سرعة الإجابة إلى ضيافة الله جل وعلا.[1]
هل يجوز ذبح الأضحية بعد صلاة الفجر
يجوز للمسلم أن يذبح الأضحية بعد صلاة الفجر في ثاني وثالث ورابع يوم العيد، أما في أول أيام العيد فلا يجوز ذلك، لأنه حسب ما عرفنا فإن وقت الأضحية يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى، فلا يجزئ ذبحها بعد صلاة الفجر أول أيام النحر، أما في الأيام التالية لعيد الأضحى فيجوز ذلك، وقد سئل ابن عثيمين عن ذلك فأجاب رحمه الله: “من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فتكون أيام الذبح أربعة : يوم العيد بعد الصلاة ، وثلاثة أيام بعده ، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد ، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته، لكن لو حصل له عذر بالتأخير عن أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت ، أو يوكل من يذبحها فينسى الوكيل حتى يخرج الوقت ، فلا بأس أن تذبح بعد خروج الوقت للعذر ، وقياساً على من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها”.[1]
هل يجوز ذبح الأضحية بعد العصر
يجوز ذبح الأضحية بعد العصر في أول أيام عيد الأضحى وثاني وثالث ورابع أيام عيد الأضحى، وذلك يجزئ عن المسلم إن شاء الله تعالى، لأن وقت ذبح الأضحية يمتد إلى غروب شمس ثالث أيام التشريق أو رابع أيام عيد الأضحى، فإذا ذبح المسلم أضحيته بعد صلاة العصر من هذه الأيام الأربعة صح ذلك، ولكن لا يجوز أن يذبح الأضحية بعد غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق لأن ذلك لا يجزئ عنه إلا بعذر حسب ما ذهب إليه بعض الفقهاء، فإن كان التأخير بعذر قد تجزئ عنه والله أعلم.[1]
شروط الأضحية
إنّ للأضحية مجموع من الشروطٌ التي ينبغي لمن أراد أن يضحي أن يراعيها، وهذه الشّروط قد نصّها الإسلام لتكون الأضحية صحيحةً ومجزيةً بإذن الله -تعالى- بعضها قد ذُكر في القرآن الكريم وبعضها ورد عن الرسول الكريم عليه أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم، وهذه الشّروط هي:[1]
- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام كالغنم والبقر والإبل ولا تجوز في الدّواجن وغيرها كالطيور، بدليل قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَام}[4].
- أن تكون قد بلغت سنّاً معيّنة، فقد جاء عن جابرٍ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأنِ”[9]، فقد بيّن الشرع أنّ يكون سن الإبل خمس سنواتٍ وأكثر، والبقر سنتين وأكثر، والمعز ما بلغ سنةً وأكثر، أمّا الضأن فما بلغ ستّة أشهرٍ ودخل السّابع.
- أن تكون سالمةً من كلّ عيبٍ مانع، فقد ورد عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- فيما رواه البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: “أربعٌ لا يجْزينَ في الأضاحي : العوراءُ البيِّنُ عورُها ، و المريضةُ البيِّنُ مرضُها ، و العرجاءُ البيِّن ظلعُها و العجفاءُ التي لا تُنْقي”[10].
- أن يتمّ ذبح الأضحية في الوقت الذي حدّده الشرع، وهو من بعد صلاة العيد في يوم النّحر إلى غروب شمس آخر يومٍ من أيّام التّشريق، فما ذبح في غير هذا الوقت يكون ذبحاً للحم ولا يكون أضحية.
- وجود النّية وعقدها فما ذُبح بغير نيّة يكون ذبحاً للحم والنّيّة تجزئ القربة، فقد ورد عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى”[11].
فضل الأضحية
تعتبر الأضحية من العبادات التي شرعها الله -سبحانه وتعالى- للتقرب إليه في يوم النحر وحتى آخر أيام التشريق، فهي من العبادات ذات الفضل العظيم والثواب الجزيل، فهي تعود على المضحي بالخير الوفير في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي سوف يتم بيان بعض من فضل الأضحية للمسلم:[12]
- إنّ في ذبح الأضحية شكر لله -تعالى- على نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى.
- إنّ الأضحية شعيرة من شعائر الله -تعالى- وفي أدائها تعظيم لشعائر الله، حيث جاء في القرآن الكريم في قول الله عز وجل: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}[13].
- في ذبح الأضحية تقرب لله -سبحانه وتعالى- فهي من أعظم العبادات التي قد يفعلها المسلم، ومن أفضل الطاعات التي يقدمها.
- قرن الله -سبحانه وتعالى- الذبح بالصلاة في مواضع عديدة في كتابه العزيز؛ وذلك بهدف الحثّ على فعلها، ولبيان عظيم شأنها، فقد جاء في قول الله عز وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[14].
- الأضحية تحدّث بنعم الله -تعالى- التي أنعمها على عباده، فقد قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[15].
مقالات قد تهمك
وإلى هنا وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز ذبح الاضحية في الليل وأفضل وقت لذبحها هو الحكم الذي بيّنه هذا المقال ووضّحه، فقد ذكر مفهوم الأضحية وحكمها في الإسلام، فهي شعيرة من شعائر الله تعالى، ولها فضل عظيم عند الله، ومن أهميتها قمنا ببيان بداية وقت ذبح الأضحية، ونهاية وقت الذبح، وعرفنا هل يجوز الذبح بعد المغرب وبعد العشاء ليلًا، كما عرفنا حكم ذبح الأضحية ليلا مكروة ومحرم ويجوز والتفصيل فيه وما إلى هنالك من تفاصيل أخرى.
المراجع
- ^ dorar.net، ذَبحُ الأضْحِيَّةِ، 08/06/2024
- ^ صحيح مسلم ، عائشة أم المؤمنين، مسلم، 1967، صحيح.
- ^ shamela.ws، كتاب المفصل في أحكام الأضحية، 08/06/2024
- ^ سورة الحج ، الآية 28
- ^ binbaz.org.sa، حكم الأضحية في عيد الأضحى وكيفيتها، 08/06/2024
- ^ صحيح البخاري، البراء بن عازب، البخاري، 955، حديث صحيح.
- ^ الخلاصة ، بريدة بن الحصيب الأسلمي، النووي، 2/826، حديث حسن.
- ^ islamqa.info، وقت ذبح الأضحية، 08/06/2024
- ^ صحيح مسلم، جابر بن عبدالله، مسلم،1963،صحيح.
- ^ صحيح الجامع، البراء بن عازب، الألباني، 886، صحيح.
- ^ غاية المرام، عمر بن الخطاب، الألباني، 401 ، صحيح.
- ^ islamweb.net، فضل الأضحية وثوابها، 08/06/2024
- ^ سورة الحج، الآية 32
- ^ سورة الكوثر، الآية 2
- ^ سورة الأضحى ، الآية 11
التعليقات