هل يجوز رش القبر بالماء

هل يجوز رش القبر بالماء
هل يجوز رش القبر بالماء

هل يجوز رش القبر بالماء وهو من أهم الاحكام الشرعية التي ينبغي على كل مسلم معرفتها، فقد أوضح الشرع الإسلامي كافة الأمور ولم يترك أمرًا بلا دليل، حيثُ إنّ  زيارة القبور هي من السنن التي أمر بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن يحصل في هذه الزيارة العديد من الأمور التي تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها، ولذلك سيتم التعرف على حكم رش الماء على القبر، بالإضافة إلى بيان حكم زيارة المقبرة وآداب زيارتها.

ما حكم زيارة القبور مع الدليل

إنّ زيارة القبور هي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودليل ذلك ما ورد عن أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “زوروا القبورَ فإنَّها تذَكِّرُكمُ الآخرةَ”[1]، حيثُ إنّ في زيارتها التذكير بالموت والآخرة، ولذلك ينبغي على المسلم الاقتداء بسنة رسول الله والعمل على زيارة القبور بخشوع وقصد للاعتبار والذكر، بالاضافة إلى التوبة والاجتهاد بالأعمال الصالحة، ورحمة للاموات والدعاء لهم، فقد جاء في كلام اللجنة الدائمة: “من السنة زيارة الرجال للقبور؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأمره به، ولعمل الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وأئمة المسلمين دون مخالف، فكان إجماعاً، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ) … الحديث “.[2]

هل يجوز رش القبر بالماء

أجاز الشرع الحنيف للمسلمين رش القبر بالماء بعد الدفن، فقد قام بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما دفن ابنه إبراهيم، حيثُ ذكر الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله: “وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ بِالْمَاءِ؛ لِئَلَّا يَنْسِفَهُ الرِّيحُ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ ابْنِهِ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ”، كما أنّ هناك حكمة من ذلك وتتمثل بكون الماء يساعد على تثبيت تراب القبر من أن تنسفه الريح، ومن الجدير بالذّكر إنّ رش الماء على القبر يكون بعد الدفن مباشرة، لكن إذا كان هناك حاجة لفعله ولو بعد مدة بحيث يُخشى على قبر من القبور أن يتطاير ترابه، فلا حرج في ذلك، ولكن إذا كان رش الماء بدون سبب ويقوم به الإنسان عند كل زيارة فهذا من البدع، فلم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه، ولذلك لا يشرع فعل ذلك.[3]

حكم رش الماء على القبر إسلام ويب

ذكر موقع إسلام ويب للفتاوى الشّرعية بأنّه يجُوز رشِّ الماء على القبر من أجل تثبيت التُراب بعد الدّفن، أمّا إذا كان رشِّ الماء بدون سبب وليس القصد الذي حدده الشرع الإسلامي فهو من البِدَع الباطلة والأمور المحدثة في الدِّين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: “مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ”[4]، حيثُ إنّ تلك الأمور لا تنفع صاحب القبرولا يفيده أو يخفف عنه أو يروح له في قبره، فكل هذا باطل لا أصل له في الدين الإسلامي وإنما ينفعه الدعاء والاستغفار، حيث قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله: ” ( وَيُسَنُّ أَنْ يُرَشَّ عَلَيْهِ ) أَيْ : الْقَبْرِ ( الْمَاءُ , وَيُوضَعَ عَلَيْهِ حَصًى صِغَارٌ مُحَلَّلٌ بِهِ , لِيَحْفَظَ تُرَابَهُ)”، والله أعلم.[5]

حكم رش الماء على القبر عند الشيعة

إنّ رش الماء على القبر هو من الأمور المُستحبَّة لدى الشِّيعة، حيثُ يعتقد اتباع الطائفة الشِّيعيَّة بأنّ رشِّ الماء على القبر يُساهم في تخفيف العذاب أو رفعه عن الميِّت، فقد ورد في موروثهم الروائي عن محمد بن يعقوب، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السَّلام في رش الماء على القبر قال: “يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب”، ومن الجدير بالذّكر أنهم يقوموا بتكرار رش القبر أربعين يوماً، بل أربعين شهراً، أما الكيفية التي يتم فيها رش القبر بالماء فهي تتمثل باستقبال القبلة ثمّ البدء بالرش من عند الرأس إلى الرجل، ويدور به على القبر حتى ينتهى إلى الرأس، ثم الرّش على وسط القبر ما تبقى من الماء.[6]

هل وضع الماء على القبر ينفع الميت

إنّ رش الماء على القبر لا ينفع الميّت، فهو أحد الاعتقادات الخاطئة التي يلجأ إليها العديد من الناس، حيث لا داعي لذلك فلم ترد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ترد عن أحد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، ولا أصل لها في الدين الإسلاميّ، ولذلك ينبغي على المسلم رش الماء على القبر من أجل  الغاية التي ذكرها أهل العلم رحمهم الله [3]، فقد سُئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عن مسألة هل رش الماء على القبر ينقع الميت، فأجاب بقوله:[7]

لا ينفع الميت. ومن فعل ذلك معتقداً هذا فعقيدته هذه غير صحيحة، إنما يرش القبر عند الدفن لئلا تتفرق أجزاء التراب بالريح أو غيرها. هذا هو المقصود من رش القبر عند الدفن، وأما أن الميت ينتفع به فالميت لا ينتفع به، والماء أيضاً لا يصل إليه، وجسمه ليس بحاجة إلى الماء. نعم.

هل يجوز وضع الريحان على القبور

لا يجوز وضع الريحان أو أي نوع من الأشجار على القبور، فهذا لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يأمر أصحابه بذلك، وأما ما فعله رسول الله مع القبرين اللذين أطلعه الله على عذابهما من غرس الجريدة فهذا خاص به وبالقبرين، فقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “لا يشرع ذلك بل هو بدعة؛ لأن الرسل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه الله سبحانه على عذاب أصحابهما ولم يضعها على بقية القبور، فعلم بذلك عدم جواز وضعها على القبور؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ”[8]، ولذلك لا يشرع وضع الريحان أو الورود  أو جرائد النخيل أو الصبار على القبور لأنه لم يكن من فعل السلف، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، حيثُ قال ابن عمر رضي الله عنهما: ” كل بدعة ضلالة ، وإن رآها الناس حسنة”[9]

حكم رش العطر على القبر

يعتبر رش العطر على القبر من الأمور الباطلة والمنتشرة بين الناس، فهو فعل غير مشروع وقد يدخل في دائرة البدع،  لعدم ورود ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه ، بل هو أقرب إلى التشبه بالكفار، فقد عد شيخ الإسلام تبخير القبور من المنكرات الشنيعة التي اتبع فيها النصارى كما في اقتضاء الصراط المستقيم،  حيثُ إنّ رش العطر لا يفيد الميّت ولا ينفعه بشيء وهو من الأمور المحدثة في الإسلام [10]، فقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَحْدَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ”[4].

ما هي آداب زيارة القبور

تُعتبر زيارة القبور من السُّنن الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيثُ فيها حكمة عظيمة تتمثل بأخذ العبرة والموعظة بحال السابقين من المسلمين،  بالإضافة إلى  تذكر الإنسان لمآله لأنه سيكون مرجعه إلى القبر، كما أنّ زيارة القبور تشتمل على مجموعة من الآداب والشروط التي ينبغي الالتزام بها اقتداءً بسنة رسول الله، وتتمثل على النحو الآتي:[11]

  • السّلام على أهلها والدعاء لهم، فقد جاء عن بريدة -رضي الله عنه- قال: ” كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلى المَقَابِرِ، فَكانَ قَائِلُهُمْ يقولُ، في رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، : السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ، وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ”[12].
  • يُحرَم الصّلاة إلى القبور، وذذلك بدلالة  قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا تُصلُّوا إلى القبور، ولا تَجلسوا عليها”[13].
  • عدم تحديد يوم محدد للزيارة، أو تقييد الزيارة بأوقات خاصة كالعيدين فهي من البدع والمحدثات فلم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تجوز الزيارة في كل وقت وحين.
  • عدم الجلوس على القبور، وذلك لما ثبت عن أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم: لأن يجلِسَ أحدُكم على جَمرةٍ فتحرِقَ ثيابَه، حتَّى تخلُصَ إلى جلدِه، خيرٌ لَهُ من أن يجلِسَ على قبرٍ”[14].
  • عدم بناء المساجد على القبور؛ فهي من الامور المحرمة في الشرع الإسلامي، فعن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهما- قالا: لَمَّا نَزَلَ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً له علَى وجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بهَا كَشَفَهَا عن وجْهِهِ، فَقالَ وهو كَذلكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ علَى اليَهُودِ والنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا”[15].
  • لا يجوز نبْش قبور المسلمين، فقد  قال النووي فيما يخصٌّ تلك المسألة: “وأمَّا نبْشُ القبر، فلا يجوز لغير سببٍ شرعي باتِّفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعيَّة”.
  • لا يجوز اتِّخاذ القبور عيدًا، فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا تجعلوا بيوتَكُم قبورًا، ولا تجعلوا قَبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ”[16].

حكم وضع الماء على القبر لسقيا الطيور

ذهب كثير من الفقهاء إلى عدم جواز وضع الماء على القبر أو الحبوب من أجل أن تأكل منها الطيور ولم يرد ذلك عن السلف الصالح ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن وضع الماء للطيور في أماكن أخرى على نية إطعام الحيوانات ولكن على القبر لم يرد ذلك وقد يكون من البدع والشركيات، فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم زيارة القبور ولكن لم يشرع مثل هذه التصرفات التي قد يعتقد البعض أنها تفيد الميت، وهي في الحقيقة لا تنفعه، وقد أشار موقع إسلام ويب وهو من المواقع المعتبرة والمعتمدة على الإنترنت في الإفتاء حول هذه المسألة بما مفاده: “ولكن يجب على من زار القبور أن يتجنب ما لا يجوز ، من الشرك ، والبدع ، والمحدثات ، والكلام الباطل. وما ذكره السائل من رش الماء على القبر ، ووضع الحب عليه لتأكله الطير ، ليس له أصل في الدين ، وإنما هو من المحدثات ، ولا ينفع ذلك صاحب القبر ، وإنما ينفعه الدعاء والاستغفار”.[17]

مقالات قد تهمك

الدعاء للميت من الكتاب والسنة ماذا يقال عند زيارة قبر الرسول
دعاء دخول المقبرة مكتوب دعاء للميت يوم الجمعة تويتر
دعاء للوالدين المتوفين يوم الجمعة +50 دعاء لجدتي المتوفية يوم الجمعة

وبهذا نصل لختام مقالنا الذي حمل التساؤل عن هل يجوز رش القبر بالماء، حيث قمنا بإيضاح هذه النقطة الهامّة إلى جانب الحديث عن حكم زيارة المقابر،  وحكم رش العطر على القبر، بالإضافة إلى بيان بعض من الاحكام المتعلقة بزيارة القبرور، ونختم أخيرًا في بيان أهم الآداب التي بنغي مراعتها عند زيارة القبور.

المراجع

  1. ^ صحيح ابن ماجه، الألباني، أبو هريرة، 1285 ،صحيح.
  2. ^ islamqa.info، حكم زيارة القبور، 19/11/2024
  3. ^ islamqa.info، هل يشرع رش القبر بالماء عند كل زيارة ؟، 19/11/2024
  4. ^ صحيح البخاري ، البخاري، عائشة أم المؤمنين، 2697، حديث صحيح.
  5. ^ islamweb.net، حكم رش الماء على القبر، 19/11/2024
  6. ^ alhodacenter.com، رشُّ الماءِ على القبر، 19/11/2024
  7. ^ binothaimeen.net، هل وضع الماء على القبر ينفع الميت ؟، 19/11/2024
  8. ^ binbaz.org.sa، حكم وضع جرائد النخيل على القبور
  9. ^ إصلاح المساجد، الألباني، ابن عمر ، 13 ، صحيح.
  10. ^ islamweb.net، حكم تبخير الميت عند تجهيزه وتبخير الأضرحة، 19/11/2024
  11. ^ alukah.net، زيارة القبور، 19/11/2024
  12. ^ صحيح مسلم، مسلم، بريدة بن الحصيب الأسلمى ، 975، صحيح.
  13. ^ صحيح مسلم، مسلم، أبو مرثد الغنوي، 972، صحيح.
  14. ^ صحيح أبي داود ، الألباني، أبو هريرة، 3228، صحيح.
  15. ^ صحيح البخاري، البخاري، عبدالله وعائشة، 3453، صحيح.
  16. ^ صحيح أبي داود، الألباني، أبو هريرة، 2042، صحيح.
  17. ^ islamweb.net، حكم وضع الماء على القبر لسقي الطير والبهائم، 19/11/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *