هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر في التراويح

هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر في التراويح، لقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- الصلاة، وجعل منها ما هو فريضة على المسلمين، وجعل منها ما هو نافلةٌ لهم، ومن هذا الصلوات صلاتي التراويح والوتر، وفي هذا المقال الذي يطرحه موقع تصفح سيتمُّ تخصيص الحديث عن هاتين الصلاتين، حيث سيتمُّ بيان حكم أداء التراويح بعد الوتر، ثمَّ سيتمُّ بيان حكمِ كلٍ من هاتين الصلاتين وحكم صلاتهنَّ في جماعة، كما سيتمُّ بيان وقت أدائهنَّ وعدد ركعاتهنَّ مع بيان فضائلهنَّ.

هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر في التراويح

نعم يجوز للمسلم أن يقوم الليل بالتراويح بعد صلاة الوتر، وإن كان يُندب له أن يصلِّي ما شاء من قيام الليل، ثمَّ يجعل آخر صلاته وترًا،^[1] ودليل ذلك الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- حيث قال: “سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى. وإنَّه كانَ يقولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بهِ”.^[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التهجد بعد الوتر

أحكام متعلقة بصلاة التراويح

إنَّ التراويح في اللغة جمعٌ لكلمة ترويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، أمَّا في الاصطلاح الشرعي فهي صلاةٌ مشروعة في شهر رمضان الفضيل يؤديها المسلم بعد فريضة العشاء، ويرجع سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم؛ إلى أنَّ الصحابة -رضوان الله- عليهم كانوا يستريحون بعد كلِّ تسلميتين عند أداء ركعاتها،^[3] وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ بيان بعض الأحكام المتعلقة بهذه الصلاة، وفيما يأتي ذلك:

حكم صلاة التراويح

اتفق أهل العلم على مشروعية صلاة التراويح، وقد ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنَّها سنةٌ مؤدةٌ للرجال والنساء على حدٍّ سواء، بينما ذهب فقهاء المالكية إلى أنَّها مندوبةٌ ندبًا مؤكدًا،^[4] وما يدلُّ على عدم وجوبها، الحديث الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها”.^[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز جمع المغرب والعشاء قبل دخول وقت العشاء

حكم صلاة التراويح جماعة

يُشرع للمسلم أن يؤدي صلاة التراويح جماعةً، ودليل ذلك الحديث الشريف المذكور سابقًا عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- وفي هذه الفقرة من هذا المقال، سيتمُّ بيان أقوال أهل العلم في حكم صلاة التراويح جماعةً، وفيما يأتي ذلك:^[4]

• الحنفية: ذهب فقهاء الحنفية إلى أنَّ الجماعة في التراويح سنةُ كفايةٍ لأهلِ الحيِّ، فلو قام بها جماعةٌ منهم سقط الطلب عن الباقين.
• المالكية: ذهب فقهاء المالكية إلى أنَّ الجماعة في صلاة التراويح مندوبة.
• الشافعية والحنابلة: اتفق فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنَّ الجماعة في صلاة التراويح سنةٌ عينية، بحيث لو صلاها عددٌ من المسلمين لا تسقط جماعتها عن الباقين.

وقت صلاة التراويح

يبدأ وقت صلاة التراويح من بعد أداء فريضة العشاء، ويمتدُّ حتى طلوع الفجر الصاداق، وبناءً على ذلك فيجوز للمسلم أن يصلِّها في أيِّ وقتٍ شاءه من بين هذين الوقتين، لكن لو أراد الممسلم أن يُصلِّها بالناس إمامًا فالأولى له أن يصلِّها بعد العشاء مباشرةً، ولا يؤخرها إلى منتصفِ الليلِ أو إلى آخره؛ وذلك لئلَّا يشقُّ على المسلمين أداءها بهذا الوقت، أو لئلَّا ينام عنها بعضهم فتفوتهم.^[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز تاخير صلاة التراويح بعد منتصف الليل

عدد ركعات صلاة التراويح

إنَّ أكثر عدد لركعات صلاة التراويح عند جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة عشرون ركعة، بينما أوصلها المالكية إلى ستٌ وثلاثون ركعة،^[7] أمَّا أقلُّ عددٍ لها فركعتان، وذلك لأنَّ صلاة التراويح جزءٌ من صلاة الليل، وقد جاء عدد ركعات صلاة الليل مطلقًا غير مقيدٍ بعددٍ معين،  ودليل ذلك الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- حيث قال: “سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى”،^[2] وبناءً على ذلك فيجوز للمسلمِ أن يصلِّي ما استطاع من ركعاتٍ.^[8]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة الوتر ركعة واحدة دون الشفع

فضل صلاة التراويح

إنَّ لصلاة التراويح عددٌ من الفضائل، وفيما يأتي ذكرها:

• أنَّها سبب من أسباب مغفرة ذنوب العبد، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.^[9]
• أنَّها عدلٌ لقيام ليلة كاملة، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ”.^[10]

أحكام متعلقة بصلاة الوتر

إنَّ الوتر في اللغة هو العدد الفرديِّ، وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّ صلاة الوتر هي الصلاة التي يؤديها المسلم بعددٍ فرديٍ، وفي هذه الفقرة من مقال هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر في التراويح، سيتمُّ بيان بعض الأحكام المتعلقة بصلاةِ الوترِ، وفيما يأتي ذلك:

شاهد أيضًا: متى ينتهي وقت صلاة العشاء ، وحكم تأخيرها لآخر وقتها

حكم صلاة الوتر

تباينت آراء أهل العلم في حكم صلاة الوتر، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّها سنةٌ مؤكدةٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستدلين على ذلك بحديث طلحة بن عبيدالله -رضي الله عنه- والذي قال فيه: “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ”،^[11] ووجه الدلالة عندهم من هذا الحديث الشريف أنَّ الله لم يفرض على المسلمين إلَّا الصلوات الخمس، بينما ذهب فقهاء الحنفية إلى فرضية صلاة الوتر.^[12]

حكم صلاة الوتر جماعة

يُشرع للمسلم أن يصلِّي الوتر في جماعةٍ، ولا سيما في شهر رمضان الفضيل، عقب صلاة التراويح، وما يدلُّ على ذلك قول ابن مسعودٍ -رضي الله عنه-: “صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حتَّى هَمَمْتُ بأَمْرِ سَوْءٍ، قُلْنَا: وما هَمَمْتَ؟ قالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وأَذَرَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”،^[13] ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّه يكره في غير رمضان المداومة على صلاة الوتر في جماعة؛ لأنَّ ذلك لم يكن من هدي النبي.^[14]

وقت صلاة الوتر

يبدأ وقت صلاة الوتر بعد أداء فريضة العشاء، ويمتدُّ وقته إلى طلوع الفجر الصادق، ودليل ذلك الحديث الذي رواه أبو بصرة الغفاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: “إنَّ اللهَ زادَكُم صلاةً, وهي الوِترُ, فصلُّوها بينَ صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الفجرِ”،^[15] وبناءً على ذلك يكون وقت صلاتي التراويح والوتر واحدٌ، إلَّا أنَّ الوتر يكون عقب صلاة التراويح في شهر رمضان الفضيل.

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة الوتر بعد اذان الفجر

عدد ركعات صلاة الوتر

إنَّ أقلَّ الوتر عند الشافعية والحنابلة ركعةً واحدةً، أمَّا أدنى الكمال فثلاث، ويصلُ عدد ركعات الوتر عندهم إلى أحد عشر ركعةً، و إلى ثلاثة عشر ركعة في قول آخر عند الشافعية، بينما ذهب الحنفية إلى عدم جواز الاقتصار على ركعةٍ واحدة، بل صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ، أمَّا المالكية فأجازوا الإتيان بركعةٍ واحدةٍ مع كراهة ذلك للقادر، حيث استحبُّوا الإتيان بركعتا شفعٍ قبل الوتر بركعةٍ، والله تعالى أعلى وأعلم.^[16]

فضل صلاة الوتر

لقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الوتر على حمر النعم، حيث قال: “إنَّ اللهَ أمدَّكم بصلاةٍ هي خيرٌ لكم من حُمْرِ النَّعمِ. قلنا: وما هي يا رسولَ اللهِ؟ قال: الوترُ ما بين صلاةِ العشاءِ إلى طلوعِ الفجرِ”،^[17] وهي من الصلوات التي لها فضلٌ عظيم، وقد دلَّ على ذلك محافظة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليها سواء في الحضر أم في السفر، بالإضافة إلى أنَّه أمر المسلمين بالمحافظة عليها، وأوصى أبو هريرة فيها.^[18]

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان هل يجوز قيام الليل بعد صلاة الوتر في التراويح، وفيه تمَّت الإجابة على هذا السؤال المطروح، كما تمَّ بيان بعض الأحكام المتعلقة بصلاة التراويح والوتر، حيث تمَّ بيان حكم كلا الصلاتين، وحكمهما في جماعة، كما تمَّ بيان وقتهما وعدد ركعاتهما، والفضل المترتب على أدائهنَّ.