هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام

هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام
هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام

هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام؟ هذا السؤال مما يكثر دورانه على ألسنة الناس الذين يتجهون لأداء مناسك الحج والعمرة، وبخاصة في فصل الصيف أو الفصول المعتدلة التي تمر على بلاد الحرمين الشريفين، فتصبح الحاجة لاستعمال مزيل العرق ملحّة نظرًا لما له من دور من تخفيف انبعاث رائحة العرق ونحو ذلك، وفي هذا المقال سوف نتوقف مع بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة وفي غيرها مما يتصل بها.

هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام

يجوز للمحرم وضع مزيل العرق قبل الإحرام سواء أكان هذا المزيل معطّرًا أم غير معطّر، وذلك لجواز وضع الطيب على البدن قبل الإحرام، فإذا كان وضع الطيب قبل الإحرام على البدن جائز فمن باب أولى أن يكون وضع مزيل العرق جائزًا، فمكان مزيل العرق هو البدن أيضًا،[1] وأمّا بعد الإحرام فلا حرج على المحرم أن يستخدم مزيل العرق إذا ما كان دون رائحة، أمّا إذا كانت له رائحة فلا يجوز له استخدامه.[2]

هل يجوز وضع العطر قبل الإحرام

لقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يتطيّب قبل الإحرام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ”،[3] والمراد بالطيب هو طيب البدن لا طيب الثوب، فيكره للمحرم أن يرتدي ثوبًا قد مسّه شيئًا من الطيب، فإن طيّب المحرم ثوبه ثمّ لبسه أبقاه عليه حتّى يخلعه، فإذا خلعه لم يجز له أن يعود ويلبسه حتّى يغسله ويزيل الطيب منه.[1]

والدليل على تخصيص البدن بالطّيب وليس الثوب قول عائشة رضي الله عنها: “كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ الطِّيبِ في مَفَارِقِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُحْرِمٌ”،[4] فهذا كلّه دليل على استحباب الطيب عند الإحرام وإن بقي لونه ورائحته عند جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، وإن عرق المحرم فسال الطيب فليس هناك حرج ولا فدية لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “كنا نخرجُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى مكةَ فنضمِّدُ جباهَنا بالمسكِ المطيب عندَ الإحرامِ . فإذا عرقتْ إحدانَا سالتَ على وجههَا، فيراهُ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا”،[5] والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز تمشيط الشعر بعد الإحرام للمرأة

هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام للنساء

قال بعض العلماء إنّه يجوز للمرأة أن تضع الطيب قبل الإحرام، وذلك بشرط ألّا تكون رائحته قويّة لئلّا تحصل فتنة إذا خالطت الرجال، وكذلك الأمر بالنسبة لمزيل العرق، فيجوز للمرأة وضعه قبل الإحرام سواء أكان معطّرًا أم غير معطّر، بشرط ألّا تكون رائحته قويّة خوفًا من الفتنة.[6]

حكم استخدام واقي الشمس للمحرم

إنّ حكم هذه المسألة فيه تفصيل بين علماء المذاهب الأربعة، ومُجمل أقوالهم كما يأتي:[7]

  • الحنفية: أجازوا الدهن للمحرم بشرط أن يكون للتداوي، أمّا إذا لم يكن للتداوي فلا يجوز له ذلك وعليه فدية.
  • المالكية: فقالوا بوجوب الفدية لمن استعمل دهنًا مطيّبًا وإن كان للتداوي، أمّا إذا كان غير مطيّب ولم يكن استخدامه ضرورة ففيه فدية وأما إن لم يكن استخدامه ضرورة فبه قولان.
  • الشافعية: قال النووي إنّ الدهن نوعان، أحدهما دون رائحة والآخر له رائحة، فمن ادّهن بما ليس فيه رائحة أثناء الإحرام فلا فدية عليه، ويجوز له ذلك، فيجوز للمحرم استعماله في كل جسده عدا الرأس واللحية، وهذا ما عليه الشافعية.
  • الحنابلة: فقد قالوا بجواز الدهن غير المطيب للمحرم، وإن وضعه على لحيته ورأسه فلا حرج ولا فدية لذلك.

شاهد أيضًا: هل يجوز الاغتسال ولبس الإحرام قبل الميقات

حكم وضع الفازلين للمحرم

إنّ جمهور العلماء على جواز دهن الكريمات للمحرم إذا لم يكن لها رائحة خاصةً إن كان ذلك للتداوي، فلا إثم في ذلك ولا فدية، وتفصيل ذلك كما يأتي:[7]

  • قول الحنفية: أجاز الحنفية الدهون للتداوي فقط، أمّا إن كان الدهن لغير التداوي فيلزمه الفدية.
  • قول المالكية: قال المالكية إنّ استخدام الدهون غير المطيبة لغير ضرورة يوجب فدية، أمّا إذا استخدمه لضرورة ففيه قولان أحده يوجب فدية والآخر لا يوجبها.
  • قول الشافعية: قال الشافعية إن استعمال الدهن الذي ليس فيه طيب أمر جائز دون دهن اللحية والرأس.
  • قول الحنابلة: أجاز الحنابلة الدهن غير المطيب وإن دهن المحرم رأسه ولحيته.

هل يجوز الاستحمام بالصابون قبل الإحرام

إنّ الإحرام هو الشرط الأساسي لإلزام الحاج أو المعتمر بالابتعاد عن محظورات الإحرام، أمّا إن لم يحرم المرء فيجوز له سائر الأمور، وكذلك الأمر بالنسبة للاستحمام بالصابون، فيجوز للمرء قبل الإحرام أن يغتسل بالصابون ولو كان ذا رائحة،[1] أمّا بعد الإحرام فيجوز له استعمال الصابون إذا كان من النوع غير المعطّر، والله أعلم.[8]

هل يجوز تمشيط الشعر بعد الاغتسال للعمره

يجوز الامتشاط قبل الإحرام بحج أو عمرة، وكذلك يجوز الامتشاط بعد الإحرام، ولكن مع الكراهة على رأي جمع من علماء اهل السنة والجماعة، ولكن إذا امتشط المحرم وسقط شيء من شعره فإن كان شعرًا ميتًا فلا يلزمه شيء، وإن كان شعرًا حيًّا فيلزمه فدية، وقال العلماء لو أخرج فدية منعًا للشك ومن أجل التحرز ولو كان الشعر ميتًا لكان أفضل.[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز الإحرام من مكة لغير المقيم بعد ثلاثة أيام

حكم استعمال الصابون للمحرم

يجوز للمحرم أن يستخدم الصابون أو ما يشبهه، ولكن إذا كان الصابون معطّرًا أو ممسكًا فعلى المحرم الابتعاد عن استخدامه وذلك لأنّ المحرم لا يمس الطيب وكثيرة عي أنواع الصابون التي يُمكن استعمالها للمحرم فتكون خالية من العطور والمطيبات، والأولى للمسلم أن يجب نفسه عن الحرام وأن يبتعد عن مثل تلك الأمور.[8]

محظورات الإحرام في الحج والعمرة

إنّ محظورات الإحرام سواء أكانت في الحج أم في العمرة هم تسعة أمور، وهذه المحظورات هي:[10]

  • الحلق: فلا يجوز للمحرم أن يأخذ شيئًا من شعره، وذلك لما نصّ عليه القرآن الكريم من حرمانية الحلق في وقت الإحرام.
  • تقليم الأظافر: فمن قلّم شيئًا من أظافره بلا عذر فعليه فدية، أمّا إن زال شيءٌ من شعره أو ظفره دون أن يقترب منه هو كأن يكسر ظفره مثلًا فلا حرج عليه، فإذا أزال المحرم شعرة عمدًا فيتوجّب عليه إطعام مسكين، وإذا أزال شعرتين فإطعام مسكينين، وإذا أزال ثلاث فعليه إمّا دم أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.
  • تغطية الرأس للرجال: فلا يجوز للرجل أن يضع شيئًا على رأسه يغطّي به رأسه، وذلك بدليل قوله: “ومن غطى رأسه بملاصق فدى”.
  • لبس المخيط للرجال: وذلك لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “وإن لبس ذكر مخيطًا فدى”.
  • الطّيب: فبمجرد إحرام المرء يحرم عليه أن يقترب من الطيب كأن يتطيب به وإن كان مسك الكعبة، فإن اقترب من الطيب فقد أثم ويلزمه الفدية، فإنّ شمّها دون قصد، أو مسّ ما لا يعلق من الطيب فلا فدية عليه.
  • الصيد: وذلك إذا قتل صيد البر كالحمام أو البط، سواء أكان هذا الصيد قد باشره بنفسه أم ساعد على فعله.
  • عقد النكاح: فلا يجوز لمن أحرم أن يتزوّج أو أن يزوّج محرمة، أو أن يكون وكيلًا في الزواج، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ينكح المحرم ولا ينكح”.
  • الوطء: ومن فعل ذلك قبل التحلل الأول فسد حجه وتوجّب عليه إكماله، سواء أكان ذلك عمدًا أم خطأ، ويقضى هذا الحج في العام القادم، أمّا إن كان الوطء بعد التحلل الأول فلا يفسد حجه، ويتوجب عليه شاة.
  • المباشرة دون الفرج: فإن فعل ذلك لا يفسد حجه، ولكن يتوجب عليه بدنة قياسًا على الوطء.

كفارة محظورات الإحرام

  • الجماع: إن وقع الجماع قبل أن يقف المحرم بعرفة فإنّ حجه يفسد بالإجماع ومن ثم عليه أن يتمّ ما بقي عليه من المناسك وكذلك عليه أن يذبح بدنة على رأي جمهور علماء أهل السنة والجماعة ثم عليه القضاء بعد ذلك.
  • الصيد: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ}،[11] والشافعي يقول أنّ المثل يكون بالصورة وبالشكل أما أبو حنيفة فيقول إنه بالقيمة.
  • باقي المحظورات: إن ارتكب المسلم واحدًا من المحظورات الأخرى سابقة الذكر فإنّ عليه أن يذبح شاة أو أن يصوم ثلاثة أيام أو يقوم بإطعام ستة من المساكين ثلاثةً من أصع التمر.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى آخر مقال هل يجوز وضع مزيل العرق قبل الإحرام وذكرنا أهمّ المعلومات الخاصة بمحظورات الإحرام التي ذكرها العلماء في متون كتبهم، وكيف يُمكن التخلص من تلك المحظورات بعد ارتكابها.

المراجع

  1. ^ shamela.ws، الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم، 30/12/2022
  2. ^ islamway.net، حكم استعمال مزيل العرق والكريمات المرطبة للمحرم، 30/12/2022
  3. ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 1539، صحيح.
  4. ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 1538، صحيح.
  5. ^ المجموع، عائشة أم المؤمنين، النووي، 7/219، حسن.
  6. ^ binbaz.org.sa، حكم التطيب والاكتحال والخضاب بالحناء وطلاء الأظافر للمحرمة، 30/12/2022
  7. ^ islamweb.net، ادهان المحرم بدهن غير مطيب مشروع، 30/12/2022
  8. ^ binbaz.org.sa، حكم اغتسال المحرم واستعماله الصابون وتغيير ملابسه، 30/12/2022
  9. ^ islamweb.net، تجفيف المحرم شعره وتسريحه، 30/12/2022
  10. ^ islamqa.info، ما هي محظورات الإحرام؟، 03/01/2023
  11. ^ المائدة، 95

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *