هل يشعر الميت برمضان وهل يكون للميت شعور بالوقت

هل يشعر الميت برمضان وهل يكون للميت شعور بالوقت
هل يشعر الميت برمضان

هل يشعر الميت برمضان وهل يكون للميت شعور بالوقت، وهل يعرف ما يحدث لأهله، وأحبّته في الحياة الدّنيا؟ أسئلةٌ تراود العديد من المسلمين، وخاصّة من فقدوا أقرب الناس إليهم، فالله -سبحانه وتعالى- قد جعل الموت حقًا على جميع مخلوقاته، ولا بدّ لكلّ نفسٍ أن تذوق الموت وسكراته لتنتقل إلى حياة البرزخ، ومنها إلى الآخرة، ويهتمّ هذا المقال ببيان حال الميت بعد موته وهل يعرف بقدوم شهر رمضان وما يحدث حوله أم لا.

مفهوم الميت

الميت هو الذي قد فارقت الرّوح التي نفخها الله تعالى فيه جسده، وغادرته وتركته بلا رجعة، ويحدث الموت للإنسان عن حلول أجله، فيأتي ملك الموت، ويقبض روح هذا الإنسان بأمرٍ من الله تعالى، قال الله تعالى في محكم تنزيله: “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ”.[1] وهناك نوعان من الأموات، أمواتٌ تخرج منهم أرواحهم مطمئنةً مستبشرةً برحمة الله تعالى ورضوانه، وهم الذين آمنوا وأصلحوا واتّقوا الله تعالى، وأمواتٌ تُنزع أرواحهم نزعًا من أجسادهم، وهؤلاء هم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشّرك والمعاصي والكبائر، فالميت هو الذي ينتقل من الحياة الدّنيا من خلال الموت إلى حياة البرزخ، ومنها إلى الحياة الآخرة يوم تقوم الساعة، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: ماهي الغزوه التي كانت في شهر رمضان

هل يشعر الميت برمضان

لم يرد في القرآن الكريم أو السّنة النّبوية المباركة أيّة نصوصٍ تفيد أو تدلّ على أنّ الميت يشعر برمضان أو بغيره من الأوقات وهو في قبره، فأحوال الميت في قبره محفوظةٌ في علم الغيب عند الله تبارك وتعالى، ولا يعلمها إلّا هو جلّ وعلا، ولا يجوز للمسلم الخوض بالأمور الغيبية دون دليلٍ من القرآن الكريم أو السّنة المباركة، والمرء عند موته ينتقل إلى حياةٍ أخرى هي حياة البرزخ التي كان وما زال علمها عند الله تعالى، والبرزخ حياةٌ يعيشها المسلم بعد موته، وتكون ما بين الحياة الدّنيا والحياة الآخرة، لكن ورد في السنة الشّريفة بعضٌ من الأحاديث التي أخبرنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من خلالها أنّ الميت قد يسمع قرع نعال الناس، وهي ترحل بعد دفنه، كما أنّه يشعر بمن يزور قبره من أهله، لكنّه لا يستطيع الإجابة ولا التواصل معه إطلاقًا، وأمّا عن شعوره برمضان أو العيدين أو غيره من الأوقات كحلول الليل والنهار، فعلم ذلك عند الله جلّ وعلا لم يؤته أحدًا من خلقه قط، والله أعلم.[3]

هل يكون للميت شعور بالوقت

يقول أهل العلم أنّ الميت لا يشعر بالزمن ومرور الوقت، بل إنّ حياته في البرزخ تمرّ عليه سريعًا فلا يشعر بالوقت إلا شيئًا يسيرًا جدًّا، وقد دلّت على ذلك الكثير من الآيات القرآنية الكريمة، منها قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}.[4] كذلك عندما أمات الله تعالى رجلًا مائة عامٍ ثم أحياه، قال: {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.[5] فالميت لا يشعر بالوقت ومروره وإنّما يشعر بمرور جزءٍ بسيطٍ، فتمرّ حياته في البرزخ كمضيّ يومٍ وليلةٍ في عالم الأحياء والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: حكم الصلاة حال مدافعة البول أو الغائط

هل يشعر الميت بمن يزوره

قد دلت العديد من الأحاديث النبوية المباركة على أنّ الميت يشعر بمن يزوره عند قبره، ويسمع من يتحدّث معه، ويسلّم عليه أو يدعو له، ومنها قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما من أحدٍ يمرُّ بقبرِ أخيه المؤمنِ كان يعرفُه في الدُّنيا، فيُسلِّمَ عليه إلَّا عرفه وردَّ عليه السَّلامَ”.[7] وهذا الحديث النبوي الشريف يشير إلى أنّ الميت إذا زاره أحدٌ من أهله وأقاربه، فإنّه يسمع سلامهم وكلامهم، ويشعر بهم ويرد -عليهم السّلام- إذا يردّ عليه الله تعالى روحه، وأمّا غير ذلك من أخبار الموتى وعالم البرزخ فتلك علمها عند الله وحده، والله أعلم.[8]

هل يشعر الميت بمن يدعو له

إنّ الله تعالى جعل في دعاء الأحياء نفعاً للأموات، فإذا دعا شخصٌ ما لميتٍ من أحبابه أو أهله أو أقربائه، نال هذا الميت النفع من هذا الدّعاء قال الله -تبارك وتعالى- عن المؤمنين الذين دعوا لإخوانهم الشّهداء: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ}.[9] وأمّا عن شعور الميت ومعرفته بمن يدعو له بعد موته، فالظاهر من الأحاديث النبوية التي تمّ ذكرها أنّ الميت يعرف من يسلّم عليه ويدعو له، ويرد -عليه السّلام- وذلك إكرامٌ من الله تعالى للميت وللداعي، والله أعلم.[10]

هل يشعر الميت بالدود حوله

قال أهل العلم في مسألة تحلل الأجساد بعد الموت أنّ المؤمن الصّالح الذي عفا الله -تبارك وتعالى- عنه وأكرمه ونعمّه في قبره، فإنّه لا يشعر بالدّود من حوله، ولا يشعر بتحلل جسده، لأنّ في ذلك عذاباً لا يمتّ لرحمة الله تعالى بصلة، فالروح هي التي تشعر بالنعيم والجسد يبلى في القبر ويتحلل، وأمّا الكافرون العاصون الذين لم يتجاوز الله تعالى عن سيئاتهم والذين ظلموا أنفسهم، فإنهم يشعرون بتحلل الأجساد، وذلك نوعٌ من العذاب الذي يحل ّبهم جزاءً لما فعلوا في دنياهم، فالكفرة والمشركون يحلّ العذاب بأرواحهم وأجسادهم، فيشعرون به، ومنه فإنّ كلّ أجساد الأموات تتحلل سواءً الصالح منهم أو الطّالح، إلّا أجساد الأنبياء والرسل، فقد حرّم الله تعالى على الأرض أن تأكل أجسادهم، وذلك ما نصت عليه الأحاديث النبوية المباركة، والله أعلم.[11]

شاهد أيضًا: مبطلات الصيام في رمضان بين الزوجين ابن باز

هل يشعر الميت عند غسله وتكفينه

يبقى للميت بعد موته شعورٌ وإدراك لا يعلم ماهيّته إلّا الله سبحانه وتعالى، ولكن ثبت في الأحاديث النّبويّة المباركة أنّ الميت يشعر بالناس من حوله بعد موته وقبل الدّفن، ولم تذكر النصوص الشرعية ماهيّة الشعور والإدراك هذه، أو إن كان الميت ينفعل ويتفاعل مع الأحياء من حوله أم لا، ولك كلّه في علم الغيب عند الله تعالى محفوظٌ لم يؤتى لمخلوقٍ من قبل، كما ثبت أنّ الميت يشعر ويسمع أصوات الناس ودعاؤهم من حوله، حيث جاء في حديث عمرو بن العاص حين حضره الموت فقال: “فإذا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرابَ شَنًّا، ثُمَّ أقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ ما تُنْحَرُ جَزُورٌ ويُقْسَمُ لَحْمُها، حتَّى أسْتَأْنِسَ بكُمْ، وأَنْظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي”.[12] فهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه طلب من أصحابه أن يقيموا حول قبره بعد دفنه مدة ليستأنس بهم فلا يشعر بوحشة القبر حتى يأتي رسل الله والملائكة ليسألوه ويلقى جزاء عمله.[13]

هل يشعر الميت بالحر والبرد

لم يرد في القرآن الكريم أو السّنة النبوية المباركة أي نصٍ أو دليلٍ يفيد بأنّ الميت يشعر بالحرّ والبرد، وذلك لأنّ حياة البرزخ بعد الموت ينقطع من خلالها الميت عن الحياة الدنيا تمامًا، والنصوص الشرعية التي تصف وتحكي عن حياة البرزخ قليلة، لذا فإنّ ذلك من الأمور الغيبية والتي لا يجوز للمسلم الخوض فيها، فمعرفة ذلك لن تنفع المسلم وجهله بها لن يضرّه، لذا من الأفضل للمسلم الاشتغال بالعلم الذي ينفعه ويزيد من إيمانه وتقواه، والله أعلم.[14]

شاهد أيضًا: هل العمرة في رمضان تعدل حجه ، فضل العمرة في رمضان 

هل يعرف الميت أخبار أهله

ذكر أهل العلم أن مسألة أن الميت يرى أهله ويعرف أخبارهم وما يفعلون لم يرد فيها أي دليلٍ شرعي، فالميت ما يُعرف عنه أنه عند موته ينتقل لعامل البرزخ، لكن لا يُعرف عن عالم البرزخ الكثير إلا ما ورد في السنة، وجاء عن طريق الوحي، فالمسلم يعلم من يزوره إن كان على علمٍ به في الدنيا وقد أُخبر أنه يفرح ويأنس بأهله وأحبته حال زيارته، وقد ورد في الصحيح أن  الميت يعلم أخبار أهله عن طريق سؤال الموتى الذين يلحقون به، فيسأل الأموات من لحق بهم ما فعل فلان وما فعل فلان ويسألون عن أحوال الأحياء ومن تركوهم في الدنيا وراءهم والله ورسوله أعلم.[15]

شاهد أيضًا: هل صلاة التهجد في رمضان فقط ، كيفية صلاة التهجد

هل الميت يتذكر حياته الدنيا

لم يرد في الشريعة الإسلامية ما يدل على أن الميت يذكر أحوال الدنيا وأسواقها وشوارعها وما كان في حياته فيها، وقد ورد في الصحيح عن حال الميت أنه يُسأل في قبره، ويكون فيه معه أعماله الصالحة أو السيئة، وأن في القبر عذابٌ أو نعيم، وأن أرواح المؤمنين تسأل الأرواح القادمة بعدهم من الدنيا عن أحوال أهل الدنيا من الأحياء، فعن أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال:

“ولا يأتون سماءً إلَّا قالوا مثلَ ذلك حتَّى يأتوا به أرواحَ المؤمنين ، فلهم أشدُّ فرَحًا به من أهلِ الغائبِ بغائبِهم ، فيقولون : ما فعل فلانٌ ؟ فيقولون : دعُوه حتَّى يستريحَ فإنَّه كان في غمِّ الدُّنيا ، فيقولُ : قد مات أما أتاكم ؟ فيقولون : ذُهِب به إلى أُمِّه الهاويةِ . وأمَّا الكافرُ ، فيأتيه ملائكةُ العذابِ بمِسحٍ فيقولون : اخرُجي إلى غضبِ اللهِ فتخرُجُ كأنتنِ ريحِ جيفةٍ ، فيُذهبُ به إلى بابِ الأرضِ”.[16]

بهذا نصل لنهاية مقال هل يشعر الميت برمضان، والذي تم من خلاله بيان مفهوم الموت ومتى يكون الإنسان ميتًا، وبيان ما ورد في الصحيح إن كان يشعر المسلم بما حوله ويتذكر أهله ويسمعهم ويعرف أخبارهم وما يكون من أحواله بعد الموت.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
هل يشعر الميت بأولاده؟
ورد عن بعض أهل العلم أنه لا يشعر الميت انقطع عمله، الله -جل وعلا- يقول: وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:22] ويقول النبي: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". فالميت ما بشعر بأحوال أهله.
ما هو أفضل ما يهدى للميت؟
الدعاء والاستغفار والصدقة.
هل يفرح الميت بالدعاء له؟
جمع أهل العلم على أن الميت ينتفع بالدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، والظاهر أنه يشعر بالفرح لأنه يعلم بمن أهداه ذلك فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك". رواه ابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.

المراجع

  1. ^ سورة السجدة، الآية 11
  2. ^ islamonline.net، مفهوم الموت بين الفقه والطب، 09/03/2023
  3. ^ islamweb.net، من أحوال الميت في قبره.، 09/03/2023
  4. ^ سورة النازعات، الآية 46
  5. ^ سورة البقرة، الآية 259
  6. ^ islamweb.net، ماهية الزمن بالنسبة للميت، 09/03/2023
  7. ^ الأحكام الشرعية الصغرى، عبد الحق الإشبيلي، عبد الله بن عباس، 345، إسناده صحيح
  8. ^ islamweb.net، إحساس الميت بمن يزوره وسماعه لهم، 09/03/2023
  9. ^ سورة الحشر، الآية 10
  10. ^ islamweb.net، هل يعرف الأموات من يدعو لهم من الأحياء، 09/03/2023
  11. ^ islamweb.net، مدى إحساس الميت بتحلل جسده، 09/03/2023
  12. ^ صحيح مسلم، عمرو بن العاص، مسلم، 121، صحيح
  13. ^ islamweb.net، مدى شعور الميت بالأحياء من حوله قبل الدفن، 09/03/2023
  14. ^ islamweb.net، هل يشعر الميت بما يجري في الحياة، 09/03/2023
  15. ^ islamweb.net، هل يعلم الميت أحوال أهله وما يدور حوله، 09/03/2023
  16. ^ الترغيب والترهيب، أبو هريرة، المنذري، 283/4 إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *