هل يجوز صوم عرفة قبل القضاء في المذاهب الأربعة

هل يجوز صوم عرفة قبل القضاء في المذاهب الأربعة من المعلومات التي يبحث عنها كثير من الناس وخصوصًا مع اقتراب حلول يوم عرفة في شهر ذي الحجة، وكثير من الناس لا يعرفون مثل هذه الأحكام المهمة للمسلم في حياته، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن يوم عرفة في الإسلام، وسوف نتعرف على حكم صيام يوم عرفة قبل القضاء حسب أقوال الفقهاء في المذاهب الأربعة، وسوف نعرف هل يجوز صيام يوم عرفة بنيتين السنة وقضاء رمضان أم لا، و هل يجوز صيام رمضان وانا علي قضاء وما إلى هنالك من تفاصيل أخرى متعلقة.

فضل صيام يوم عرفة في الإسلام

إنَّ يوم عرفة يعتبر في الشرع الإسلامي يومًا من أفضل الأيام على مدار السنة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة الفضيل شهر الحج، ويأخذ هذا اليوم مكانة عظيمة في الإسلام لعدة أسباب أهمها أنه فيه أعظم ركن من أركان الحج وهو الوقوف في جبل عرفة لحجاج بيت الله الحرام، ولا يصح الحج دون الوقوف بعرفة فمن فاته الوقوف بعرفة لا حج له ويحج في السنة التالية، كما أنه أحد أيام العشر من ذي الحجة، وهي الأيام العشر المباركة والتي وردت العديد من الآيات والأحاديث التي تدل على فضلها، والوقوف بعرفة هو الركن الوحيد الذي يقع خارج حدود منطقة الحرم المكي، وفي يوم عرفة يغفر الله تعالى لعدد كبير من المسلمين ويعتق رقابهم من النار كما ثبت في الحديث.

فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى فضل يوم عرفة قائلًا: “ما من يومٍ أكثرُ من أن يعتِقَ اللهُ فيه عبيدًا من النَّارِ من يومِ عرفةَ ، وأنه لَيدنو ، ثم يباهي بهم الملائكةَ فيقول : ما أراد هؤلاءِ ؟ اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم”،^[1] إضافة إلى غير ذلك من الأحاديث، كما وردت العديد من الأحاديث التي تحث على صيام يوم عرفة، فقد ورد في الحديث عن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ ، والسنةَ التي قبلهُ”،^[2] وصيامه فيه أجر كبير وفضل عظيم، فقد دلت بعض الأحاديث على أن صيامه خير من صيام ألف، كما ورد فضل صيام العشر من ذي الحجة أيضًا يوم والله أعلم .^[3]

هل يجوز صوم عرفة قبل القضاء

اختلف الفقهاء من أهل العلم في حكم صيام عرفة قبل القضاء، ولكن ذهب جمهور الفقهاء من أهل العلم في الإسلام إلى أن صيام يوم عرفة وغيره من أيام التطوع جائز قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان المبارك، حيث يرى جمهور الفقهاء أن قضاء رمضان ليس واجبًا على المسلم فورًا بعد انتهاء شهر رمضان، وقد كانت السيدة عائشة رضي الله تعالى تقضي ما فاتها في رمضان في شهر شعبان، أي في الشهر الذي يسبق رمضان، وهذا يدل على التيسير في ذلك، فقد ورد في الحديث: “سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَ إلَّا في شَعْبَانَ. قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النبيِّ أوْ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”،^[4] وهذا دليل على جواز صوم عرفة قبل القضاء وجواز تأخير صيام القضاء أيضًا.^[5]

هل يجوز صيام يوم عرفة قبل صيام القضاء ابن باز

يتساءل كثيرون عن حكم صيام يوم عرفة لمن عليه قضاء ابن باز حيث سئل الشيخ عن ذلك أكثر من من مرة، وقد أشار إلى أن صيام الواجب أولى وأحق أن يؤتى وهو القضاء من صيام التطوع وهو يوم عرفة، ولكن يبدأ المسلم بصيام القضاء حتى ينال الأجر الكبير ثم يصوم عرفة ويغتنم الفضل في صيامه أيضًا، وقد أشار إلى ذلك بقوله رحمه الله: “الحاج لا يصوم عرفة، الواجب عليه أن يفطر في يوم عرفة، أما غير الحجاج فيستحب لهم صيامه فهو يوم فضيل، صيامه يكفر السنة التي قبله والتي بعده، وفيه خير عظيم لكن الحجاج لا يصومون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في عرفة مفطرًا ونهى عن الصوم فيها، أما غير الحاج فلا بأس أن يصوم، لكن إذا كان عليه صوم قضاء يبدأ بالقضاء وإذا صام يوم عرفة عن القضاء وأيام التسع عن القضاء فهو حسن”.^[6]

هل يجوز صيام عرفة قبل القضاء المذاهب الأربعة

اختلف الفقهاء في حكم صيام يوم عرفة قبل صيام قضاء رمضان، ومثله بقية أيام التطوع والنفل مثل صيام الست من شوال أو صيام عاشوراء قبل القضاء، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أقوال المذاهب الأربعة في حكم صيام يوم عرفة قبل صيام القضاء:^[5]

• المذهب الحنفي: يعتقد علماء المذهب الحنفي أنَّ صيام يوم عرفة قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان جائز ومباح من دون كراهية ولا حرج فيه على الإطلاق.
• المذهب الشافعي: ذهب العلماء في المذهب الشافعي إلى أنَّ صيام يوم عرفة قبل صيام قضاء رمضان جائز مع كراهة ذلك لأن صيام القضاء أولى كونه واجبًا وصيام عرفة تطوعًا.
• المذهب المالكي: ذهب علماء المذهب المالكي إلى أنَّ صيام تطوع يوم عرفة قبل صيام قضاء أيام رمضان جائز ولكن مع الكراهية لأنَّ صيام القضاء واجب والواجب أولى من التطوع.
• المذهب الحنبلي: ذهب علماء المذهب الحنبلي إلى أنَّ صيام عرفة قبل صيام القضاء لا يجوز وهو غير مباح ولا يصح حسب رأيهم ومذهبهم، وقد اعتمدوا في هذا الحكم على حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي جاء فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن أَدْرَكَ رمضانَ ، وعليه من رمضانَ شيءٌ لم يَقْضِهِ ، لم يُتَقَبَّلْ منه ، ومَن صام تَطَوُّعًا وعليه من رمضانَ شيءٌ لم يَقْضِهِ ، فإنه لا يُتَقَبَّلُ منه حتى يصومَه”،^[7] ولكن الفقهاء من المحدثين أشاروا إلى أنَّ هذا الحديث ضعيف ولم تأخذ به بقية المذاهب، ولذلك لم يعتمدوا عليه في بطلان صيام التطوع قبل القضاء، وتوجد رواية ثانية عن الإمام أحمد أن هذا الصيام يصح.

حكم صوم عرفة قبل القضاء إسلام ويب

ذهب العلماء في موقع إسلام ويب إلى أن صيام يوم عرفة قبل صيام قضاء رمضان جائز ولا حرج فيه، وذلك حسب ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أهل العلم في الإسلام، وقد ورد في الموقع حول هذا الحكم ما مفاده: “الرواية الثانية عن الإمام أحمد: أن التطوع قبل القضاء يجوز ويصح، قال: المرداوي في الإنصاف: وهو الصواب. والراجح ما ذهب إليه الجمهور، وعليه فلا حرج في صيام الستة أو نحوها كيوم عاشوراء قبل صيام ما عليك من رمضان، لأن قضاء رمضان موسع فيه ، وصوم مثل هذه الأيام مضيق، فلا يدرك إن فات”.^[5]

هل يجوز صيام يوم عرفة قبل صيام القضاء ابن عثيمين

ذهب ابن عثيمين رحمه الله تعالى إلى أنه يجوز للمسلم أن يصوم يوم عرفة قبل القضاء ولا حرج عليه في ذلك، ولكن الأفضل أن يصوم القضاء مع عرفة وذلك أولى، لأن القضاء واجب والأفضل أن يسارع المسلم إلى صيام الواجب قبل التطوع، وبما أنه يجوز التشريك في هذه العبادة، أي يجوز صيام القضاء ويوم عرفة بنية واحدة فلا حرج في ذلك، وبذلك عرفنا هل يجوز صيام عرفة وأنا على قضاء من رمضان ابن عثيمين وحسب الرواية التي وردت عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.^[8]

هل يجوز صيام يوم عرفة بنيتين عند المالكية

ذهب فقهاء المذهب المالكي إلى جواز صيام يوم عرفة بينين نية التطوع ونية القضاء، لأن صيام عرفة من العبادات غير المقصودة بذاتها ولكن الأصل أن يشغل المسلم هذا اليوم بالصيام، ولذلك إذا نوى صيام القضاء وصيام يوم عرفة أجزأه إن شاء الله تعالى، لأنَّه حقق الغاية منه وذلك حسب مبدأ التشريك في الفقه الإسلامي.

حكم صيام يوم عرفة بنية قضاء يوم من رمضان

يجوز للمسلم أن يصوم يوم عرفة وهو ينوي القضاء، وفي هذه الحالة يحصل له القضاء وينال أجر صيام عرفة بإذن الله تعالى، وهذا ما يعرف باسم التشريك في الفقه الإسلامي، وهو الجمع بين عبادتين واحدة واجبة والأخرى مستحبة، فمن نوى عن المستحبة لم تجزئ عن الواجبة، ومن نوى عن الواجبة يرجى أن ينال ثواب المستحبة، ولذلك يجوز صيام يوم عرفة بنية القضاء ولا حرج في ذلك، وقد أكد ذلك قول ابن عثيمين رحمه الله تعالى حيث قال: “من صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه، فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجره”.^[8]

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز صوم عرفة قبل القضاء في المذاهب الأربعة وقد تعرفنا على أهم المعلومات عن يوم عرفة في الشرع الإسلام وفضل يوم عرفة، كما تعرفنا على حكم صيام التطوع لمن عليه قضاء مثل يوم عرفة أو غيره من أيام التطوع، وعرفنا حكم صيام يوم عرفة قبل قضاء رمضان حسب أقوال الفقهاء من أهل العلم، وهل يجوز صيام يوم عرفة بنيتين عند المالكية وما إلى هنالك من معلومات أخرى.