عناصر المقال
من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى ؟ هو أحد الأسئلة التي قد يسالها الكثير من المسلمون، فكما هو معروف أنّ للأنبياء جميعهم معجزات قد دلّت على صدقهم، فالمعجزة هي ما يجريه الله تعالى على أيدي الرسل والأنبياء من أمور خارقة لقدرات البشر، ويتحداهم بها، فيجعلها للرسل دليلًا وبرهانًا على صدقهم وفي مقالنا هذا سنعرف من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى.
من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى
نجيب الآن على سؤال مقالنا من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى وهو نبي الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وهو نبيٌّ اصطفاه الله تعالى وبعثه في بني إسرائيل لدعوتهم إلى توحيد الله تعالى والإيمان به، وأنزل عليه كتابه المقدّس الإنجيل وأيّده بروح القدس، وعيسى -عليه السلام- آخر نبي بُعث في بني إسرائيل ولم يأتِ نبيّ بعده سوى خاتم الأنبياء محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وهو من أولي العزم من الرسل، نشأ وترعرع في بيت أمّه مريم بنت عمران في فلسطين في بيت لحم، وقد نُسب إلى أمّه لأنّه مولودٌ بمعجزةٍ إلهيّةٍ من غير أب، وسُميّ عيسى -عليه السّلام- بالمسيح لأنّه كان يمسح على عين الأعمى فيعود بصيرًا بإذن الله تعالى، كما أنّه ما كان يمسح على ذي مرضٍ أو عاهةٍ إلّا وبرئ منها بإذن الله.[1]
اقرأ أيضًا: استشهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد
معجزات عيسى عليه السلام
بعد أن أجبنا على السؤال من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى وأنّه نبيّ الله عيسى عليه السلام الذي أنعم الله تعالى عليه بنعم لم يُنعم بها على أحد من قبله من الأنبياء ولا المرسلين وأيّده بالمعجزات، وتُعرف المعجزة على أنّها التأييد الذي يكون من الله تعالى للأنبياء والرسل تصديقًا لدعوتهم، مع عدم استطاعة البشر على الإتيان بمثلها فهي أمرٌ خارقٌ للعادة، وفيما يأتي بعض معجزات عيسى -عليه السلام- في ضوء القرآن الكريم:[2]
- ولادة عيسى عليه السلام: كانت ولادته عليه السلام من أولى المعجزات التي انفرد بها، فقد حملت به أمّه من غير أب بعد أن بشرها الملائكة بأنّ الله قد ألقى فيها كلمته.
قال تعالى: “إذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ”.( آل عمران 45-47)
- كلام عيسى -عليه السلام- في المهد: لعل من أعظم معجزاته -عليه السلام- كلامه في المهد، فلم يكن عمره قد تعدّى بضع ليالٍ عندما ذهبت به أمّه إلى قومها، وعندها بدأ اللوم والتشكيك بها ينهال عليها، فهي قد ولدت هذا المولود من غير أب، ليأتي الرد من الله تعالى ويؤيّد نبيه بالمعجزة التي تُبرّئ أمّه.
فتكلّم -عليه السلام- وهو في المهد ليخبرهم بأنّه نبيّ الله ورسوله إليهم، قال تعالى: “فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا”. (مريم 27-30)
- علاج المرضى وإحياء الموتى: كانت هذه المعجزات بمثابة براهين وأدلّة قاطعة على أنّ عيسى -عليه السلام- هو نبيّ من عند الله، ليدخل الإيمان إلى قلوب قومه دون تشكيك أو تردد، فقد كان -عليه السلام- يحيي الموتى بإذن الله، ويشفي المرضى ويبرئ الأعمى والأبرص بإذن الله، كمان أنّه كان يخلق من الطين أشكالًا على هيئة الطيور فينفخ فيها فإذا بها تتحوّل إلى طائرٍ حقيقي.
قال تعالى: “وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”. (آل عمران 49)
- المائدة: برغم كل ما بيّنه -عليه السلام- من معجزاتٍ أيده الله بها، إلّا أنّ قومه طلبوا المزيد من الأدلّة والحجج لتطمئن قلوبهم، فقد طلب بنو اسرائيل منه أن يُنزل لهم مائدةً من السماء عليها طعامٌ لا ينفذ، فدعا عيسى -عليه السلام- ربّه فأنزلها من السماء.
قال تعالى: “إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ”. (المائدة 112-115)
شاهد أيضًا: دعاء القنوت طويل مكتوب من السنة النبوية.. أفضل أدعية الوتر الصحيحة
كيف رفع الله عيسى عليه السلام
تعرفنا من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى ، وهو نبيّ الله عيسى، وبعد أن بدأت معجزات عيسى -عليه السلام- بالظهور وبدأ الناس بتصديقها والحديث بها، أصبح أتباع المسيح -عليه السلام- يتزايدون، مما جعل اليهود يشعرون بالخوف على دينهم وحكمهم في الأرض، فتآمروا عليه وقرروا قتله وصلبه، وذلك بعد ثلاثة أعوامٍ من بداية دعوته ورسالته.
فلما حان وقت قتله ولم يبقى سوى القبض عليه أظلمت الأرض وأرسل الله تعالى الملائكة لتكون حائلًا بين اليهود وبينه -عليه السلام-، ورفع الله -جلّ وعلا- نبيّه بجسده وروحه إلى السماء، وألقى أمام اليهود شبيهًا له يُقال له يهودا، وهو الذي دلّ اليهود على مكان عيسى -عليه السلام-، فأخذوه وصلبوه وقتلوه ونجا المسيح من شرّهم.
قال تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا”.(النساء 157-158)
قد تواترت الأحاديث عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بالإخبار عن نزول عيسى ابن مريم عليه السلام وهو النبي الذي كان يبرئ الاعمى ، وأنه ينزل في آخر الزمان في دمشق وبعدها يتوجه إلى فلسطين بعد نزول الدجال، وثبت في الحديث الشريف أنه يأتي المسلمين وهم قائمون لصلاة الفجر فيصلي معهم، ثمّ يحشد المسلمين لقتل الدجال وكسر الصليب، ويُعدّ نزوله في آخر الزمان من علامات يوم القيامة الكبرى.[3]
وبهذا نكون قد تعرفنا من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى، وهو النبيّ عيسى بن مريم عليه السلام، والذي أيّده الله تعالى بمعجزاتٍ كثيرة تدلّ على صدقه، وقد كانت ولادته عليه السلام بحدّ ذاتها معجزةً حقيقيّة، كما أنّه تكلّم وهو لا يزال في المهد، وكان يحيي الموتى ويعالج المرضى بإذن الله، وقد أنزل الله تعالى له مائدةً من السماء، ورفعه الله تعالى إليه فهو لم يمت وسينزل في آخر الزمان، ليكون نزوله إحدى علامات الساعة الكبرى.
التعليقات