هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح

هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح، وهو سؤال قد يسأل عنه عدد من المسلمين في شهر رمضان المبارك، وصلاة التراويح هي صلاة النافلة التي يُصليها المسلمون في شهر رمضان المبارك بعد صلاة العشاء، وهي في غير رمضان تُسمى صلاة قيام الليل، وفي هذا المقال سنبيّن لكم الجواب على السؤال هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح، وبعض الأحكام المتعلقة بصلاة التراويح.

هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح

في الإجابة عن السؤال هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح فقد قال أهل العلم من الشافعية بجواز أن يصلي المسلم العشاء مقتديًا بمن يصلّون التراويح، وهذا هو الرأي الراجح فاختلاف النيّة عند المصليّن لا يؤثر في صحة الصلاة، وقد استدلّوا على هذا الرأي بحديث رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث قال: “أنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ كانَ يُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ العِشَاءَ الآخِرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى قَوْمِهِ، فيُصَلِّي بهِمْ تِلكَ الصَّلَاةَ”^[1]، ومن العلماء من قال بعدم جوازها وذلك لاختلاف النية في الصلاة بين الإمام والمأموم، وقد جاء في قول للشمس الرملي في كتابه نهاية المحتاج:^[2]

“وتصح العشاء خلف التراويح كما لو اقتدى في الظهر بالصبح، فإذا سلم الإمام قام ليتم صلاته الأولى له إتمامها منفرداً، فإن اقتدى به ثانيا في ركعتين أخريين من التراويح جاز كمنفرد اقتدى في أثناء صلاته بغيره”

هل يجوز صلاة العشاء والتراويح بعد منتصف الليل

تعرّفنا الإجابة على هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح، وأمّا فيما يخصّ تأخير صلاة العشاء لبعد منتصف الليل فقد ورد في فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى أنّه لا يصحّ تأخير صلاة العشاء لما بعد منتصف الليل، وعلى المسلم أن يتوب إلى الله تعالى أنّه أخّر الصلاة حتّى فات وقتها الذي ينتهي بمنتصف الليل، فتاخير العشاء لما يعد منتصف الليل غير جائز أمّا تأخيرها للثلث الأول من الليل قبل منتصفه فلا شيء فيه وهو جائز، والله أعلم.^[3]

وفيما يخصّ تأخير صلاة التراويح إلى منتصف الليل أو آخره فقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله فيه أنّه جائز، بل قال بأنّ تأخير التراويح للثلث الأخير من الليل أفضل، ولكن جرت العادة أن يصليها المسلمون في أول الليل عقب صلاة العشاء مباشرة، من باب المسارعة إلى الطاعة في وقت يكون فيه البدن في أوج نشاطه، والأَولى في التيسير على المسلمين.^[4]

هل يجوز صلاة راتبة العشاء بعد التراويح

لا يجب أن يؤخّر المسلم صلاة راتبة العشاء لبعد صلاة التراويح، فالأولى أن تكون صلاة التراويح بعد صلاة العشاء وبعد صلاة ركعتين راتبة العشاء، وهذا هو وقت التراويح من بعد سنّة العشاء وحتّى قبيل صلاة الفجر بمدة تتسع لصلاة الوتر، ولو أدى المسلم التراويح ولم يكن قد أدى الراتبة فصلاته صحيحة وقد أكّد ذلك قول الشيخ منصور البهوتي رحمه الله تعالى حيث قال: “وإن صلَّى التراويح بعد العشاء وقبل سنَّتها: صحَّ جزماً، ولكن الأفضل فعلها بعد السنَّة على المنصوص”، كما يصحّ أن يصلّي المسلم أول ركعتين من صلاة التراويح بنية أنّها راتبة العشاء، والله تعالى أعلم.^[5]

هل يجوز تقديم صلاة التراويح قبل صلاة العشاء

قد يسأل أحد المسلمين هل يجوز أن نُصلي صلاة التراويح قبل صلاة العشاء، والإجابة أنّ الوقت الصحيح لصلاة التراويح هي عقب أداء صلاة العشاء، وإذا ما صلّى المسلم صلاة التراويح ثم صلّى العشاء تكون نافلة له بين صلاة المغرب وصلاة العشاء، وصلاته بعدها صحيحة، والأَولى للإنسان أن يُصلي الفريضة أيّ صلاة العشاء ثم صلاة النافلة أيّ التراويح، والله تعالى أعلم.^[6]

صلاة التراويح في المسجد أفضل أم في البيت

إنّ صلاة التراويح هي من الصلوات التي تُصلّى في المسجد في جماعة، وقد ورد في ذلك عدد من الأحاديث النبوية الشريفة والتي سنذكر بعضًا منها فيما يأتي:^[7]

• حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ ، فَكَثُرَ النَّاسُ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : “قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ” وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.^[8]
• حديث عبد الرحمن بن عبد القاري: حيث يقول “خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ”.^[9]

صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف من صلاته

لا بأس في أن يخرج المصلّي من المسجد في صلاة التراويح قبل أن يخرج الإمام، ويكون بذلك قد أخذ الثواب كاملًا في حال أدى الصلاة كاملةً خلف الإمام، فتحصيل ثواب الصلاة يكون بالبقاء مع الإمام في الصلاة لآخر ركعة، وليس بالبقاء معه حتّى يخرج من المسجد، وهذا هو المقصود بالحديث الشريف الذي ورد في مجموع الفتاوى لابن باز رحمه الله تعالى: “من قام مع الإمامِ حتى ينصرفَ كتب اللهُ له قيامَ ليلةٍ”^[10]، والله تعالى أعلم.^[11]

كم عدد ركعات صلاة التراويح

يمكن أن يُصلي المسلم التراويح منفردًا في منزله، أو في المسجد مع الجماعة، وهي في المسجد أَولى، وتُصلّى في الوقت بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ويمكن أن يُصليها المسلم إحدى عشرة ركعة، وقد سأل عبد الرحمن بن عوف السيدة عائشة رضي الله عنها: “كيف كانت صلاةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رمضانَ؟ فقالت: ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِه، على إحدَى عشرةَ ركعةً ، يُصلِّي أربعًا ، فلا تسألُ عن حُسنِهنَّ وطولِهنَّ، ثمَّ يُصلِّي أربعًا، فلا تسأَلْ عن حُسنِهنَّ وطولِهنَّ ، ثمَّ يُصلِّي ثلاثًا فقالت عائشةُ: فقلتُ يا رسولَ اللهِ أتنامُ قبل أن تُوترَ؟ فقال: “يا عائشةُ إنَّ عينيَّ تنامان ولا ينامُ قلبي”^[12]، ولو زاد عدد الركعات عن ذلك العدد أو نقص فلا حرج على المسلم، فالأمر واسع بإذن الله.^[13]

هل يجوز تأخير صلاة العشاء مع التراويح

يجوز للمسلم أن يؤخر صلاة التراويح مع العشاء، ولكن الأفضل أن يصلي العشاء على وقتها مع الجماعة خلف الإمام، وبالنسبة للإمام يجوز تأخير العشاء مع التراويح إذا لم يكن هنالك مشقة على المصلين، حيث إن وقت العشاء يبدأ من زوال حمرة المغيب نهائيًا، ولكن اختلف الفقهاء في نهاية وقت العشاء، فمنهم من قال عند نهاية ثلث الليل الأول، ومنهم من قال نصف الليل، ومنهم من قال إلى صلاة الفجر، ولذلك يجوز تأخير العشاء ولا حرج في ذلك،  ومما ورد في موقع إسلام ويب في هذا الشأن: “فقد اتفق الفقهاء على أن الوقت المختار لصلاة العشاء يبدأ من مغيب حمرة الشفق، واختلفوا في نهايته، فمنهم من قال إلى نهاية ثلث الليل الأول، ومنهم قال إلى نصفه، بل قال بعضهم بامتداده إلى ما قبيل الفجر، وبهذا يعلم جواز تأخير صلاة العشاء، إلا أنه ينبغي للإمام أن يراعي أحوال جماعته فإذا كان الأنسب في حقهم التقديم قدم، وإن كان العكس أخر”.^[14]

دعاء لصلاة التراويح

سندرج فيما يأتي بعض الأدعية المأثورة التي يمكن الدعاء بها في صلاة التراويح وذلك بعد أن أجبنا على السؤال هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح، وبعد أن أضفنا عدد من الأحكام التي تتعلق بصلاة التراويح:

• “اللهمَّ اهْدِني فيمن هديتَ وعافِني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن توليتَ وبارِكْ لي فيما أعطيتَ وقِنِي شرَّ ما قضيتَ فإنك تقضي ولا يُقْضَى عليك وإنَّهُ لا يَذِلُّ من واليتَ ولا يَعِزُّ من عاديتَ تباركتَ ربنا وتعاليتَلا مَنْجَا منك إلا إليكَ”.

• “اللَّهمَّ إيَّاكَ نَعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسعَى ونَحفِدُ، نَرجو رَحمتَكَ، ونَخشَى عذابَكَ، إنَّ عذابَكَ بالكافِرينَ مُلحِقٌ، اللَّهمَّ إنَّا نَستعينُكَ ونَستغفِرُكَ، ونُثني عَليكَ الخيرَ، ولا نَكْفرُكَ، ونؤمنُ بِكَ، ونخضَعُ لَكَ، ونَخلَعَ مَن يَكْفرُكَ”.

• “اللهمَّ باعدْ بيني وبين خطايايَ، كما باعدتَ بين المشرقِ والمغربِ، اللهمَّ اغسِلْني من خطايايَ بالماءِ والثلجِ والبرَدِ، اللهمَّ نقِّني من الذنوبِ والخطايا، كما ينقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ”.

مقالات قد تهمك

وبهذا نكون قد أجبنا على سؤال المقال هل يجوز صلاة العشاء مع التراويح، كما تعرّفنا على حكم تأخير صلاة التراويح وصلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل، وبيّنا أيضًا جواز تقديم صلاة التراويح قبل صلاة العشاء، وأخيرًا تعرّفنا على عدد ركعات صلاة التراويح وأضفنا بعض الأدعية المأثورة التي يمكن الدعاء بها في صلاة التراويح.