عناصر المقال
رجل جامع زوجته في نهار رمضان وليس عليه إلا القضاء هو لغز من الألغاز الدينية الشائعة في شهر رمضان المبارك، فمن المعروف أنّ من جامع زوجته في نهار الصيام تجب عليه الكفارة إلى جانب القضاء، ولكنْ في حالة معينة لا تجب الكفارة، ولا يكون على من جامع في نهار الصيام إلّا القضاء، وهذه هي الحالة التي سوف نتحدث عنها بالتفصيل من خلال فقرات هذا المقال، كما سنعرض معلومات عن الجماع في نهار الصيام وكفارته في الإسلام.
حكم الجماع في نهار رمضان
قبل الدخول في الحديث عن رجل جامع زوجته في نهار رمضان وليس عليه إلا القضاء جدير بالقول إنّ الجماع في نهار رمضان حرام بإجماع أهل العلم وهو يفسد الصوم وتجب فيه الكفارة مع القضاء، ولذا فقد حرّم أهل العلم الجماع أثناء الصيام بشكل صريح مستدلّين في هذا التحريم بالكثير من الأدلّة الشرعية، ومن هذه الأدلة ما يلي: [1]
- قوله تعالى: “أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ” [2]ووجه الدلالة في هذه الآية الكريمة أنّ الله تعالى يبيح للمسلم الجماع في الفترة التي تمتد بين الفطور والسحور، أي في ليلة الصيام ولا يجوز للمسلم أن يجامع زوجته أثناء الصيام، لأنّ الإمساك عن الشهوات هو من أهم غايات الصيام، وفساد الغاية يعني فساد الصوم.
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: هَلَكْتُ، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وَما أَهْلَكَكَ؟ قالَ: وَقَعْتُ علَى امْرَأَتي في رَمَضَانَ، قالَ: هلْ تَجِدُ ما تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قالَ: لَا، قالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قالَ: لَا، قالَ: فَهلْ تَجِدُ ما تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قالَ: لَا، قالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ، فَقالَ: تَصَدَّقْ بهذا قالَ: أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَما بيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قالَ: اذْهَبْ فأطْعِمْهُ أَهْلَكَ. [وفي رواية]: بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ وَهو الزِّنْبِيلُ وَلَمْ يَذْكُرْ: فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ” [3]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام عن الميت إذا كان عليه قضاء
رجل جامع زوجته في نهار رمضان وليس عليه إلا القضاء
إنّ لغز رجل جامع زوجته في نهار رمضان وليس عليه إلا القضاء هو من الألغاز المشهورة في رمضان، والجواب: هو الرجل الذي أفطر في رمضان بحجة شرعية كالسفر مثلًا وأفطرت معه زوجته بحجة السفر على سبيل المثال، وهنا صار مُباحًا لهما الجماع في نهار رمضان وليس عليهما كفارة الجماع، لأنّ الجماع لم يكن سببًا للإفطار في نهار الصيام، فإذا كان المسلم مفطرًا لسبب شرعي هو وزجته صار مُباحًا لهما الجماع في نهار الصيام وليس عليهما إلّا القضاء، أمّأ من أقدم على الجماع في نهار الصيام وهو صائم فقد وجب عليه القضاء والكفارة، والله تعالى أعلم. [4]
هل الجماع في نهار الصيام يبطل الصيام
أجمع أهل العلم على أنّ الجماع في نهار الصيام يبطل الصيام بالنسبة للمسلم حتّى لو لم يحدث إنزال من هذا الجماع، فبمجرد دخول الذكر في الفرج يبطل الصيام وهذا ما ثبت عن أهل العلم وباتفاق المذاهب الإسلامية الأربعة، ومن فعل هذا وجب عليه قضاء هذا اليوم الذي أفطر به وعليه الكفارة أيضًا، وعلى المسلم لو فعل هذا الفعل أن يسارع إلى التوبة والاستغفار، وعليه أن يندم على ما فعل من ذنب عظيم، أمّا الكفارة فهي إمّا أن يعتق رقبة مؤمن أو أن يصوم شهرين متتابعين أو أن يطعم ستين مسكينًا، ويكون الإطعام بمقدار نصف صاع من التمر أو الأرز؛ أي من قوت أهل البلد لكل مسكين، وفيما يأتي نذكر نص فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- والتي توضح الرأي الشرعي الصحيح في هذا الموضوع الفقهي المهم: [5]
الجماع هو إيلاج الذكر، الحشفة في الفرج، إذا أولج ولو ما أنزل ، إذا أولج ذكره في فرجها في النهار فهذا الصيام هذا لا يجوز، وعليه التوبة والاستغفار وعليه الندم، وعليه كفارة مع ذلك وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصوم أطعم ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو رز أو غيرهما، هذه كفارة الوطء في رمضان.
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام عن شخص آخر حي
حكم من جامع زوجته في نهار رمضان ولم ينزل
بعد الحديث عن لغز رجل جامع زوجته في نهار رمضان وليس عليه إلا القضاء لا بدّ من القول إنّ من جامع زوجته في نهار رمضان ولم ينزل فهو أمام حالتين اثنتين من الأحكام، بناء على كل حالة يتمّ تحديد الحكم الشرعي، وهاتان الحالتان هما: [6]
- الحالة الأولى: إذا جامع المسلم زوجته في نهار الصيام ولم ينزل وهو يعتقد أنّ هذا غير محرم، أي أنّه فعل ذلك جعلًا منه بالحكم، ففي هذه الحالة قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
القول الراجح أن من فعل مفطراً من المفطرات أو محظوراً من المحظورات في الإحرام أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه، لقول الله تعالى: “ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا” فقال الله: قد فعلت.
- الحالة الثانية: أن يجامع المسلم زوجته في نهار الصيام من غير إنزال وهو يعلم أنّ هذا حرام، ففي هذه الحالة يبطل الصيام وتجب على المسلم الكفارة مع القضاء، والله أعلم.
شاهد أيضًا: هل يجوز حضن الزوجة اثناء الصيام
رجل جامع زوجته في نهار رمضان وليس عليه إلا القضاء هو عنوان هذا المقال الذي عرضنا من خلال فقراته معلومات مفصلة عن موضوع الجماع في نهار رمضان وحكمه في الإسلام وعرضنا فيه معلومات عن كفارة الجماع في نهار رمضان للصائم.
المراجع
- ^ dorar.net، الجِماع في نهارِ رمَضان متعمِّدًا، 18/04/2022
- ^ سورة البقرة، الآية 187.
- ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 1111، صحيح.
- ^ ar.islamway.net، المسافر إن قدم في نهار رمضان فجامع فما حكمه وهل على الزوجة المطاوعة كفارة، 18/04/2022
- ^ binbaz.org.sa، ما هو حد الجماع في نهار رمضان؟، 18/04/2022
- ^ ar.islamway.net، جامع زوجته من غير إنزال في نهار رمضان جاهلاً تحريم ذلك، ولا يغتسل بعد الجماع، 18/04/2022
التعليقات