عناصر المقال
شروط صحة صلاة الجمعة، خلق الله الخلق وجعلهم شعوباً وقبائل وأرسل فيهم الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، وجعل لكل أمةٍ شعائر ومناسك يعبدون الله بها ويتقربون بها إليه، ومن الشعائر العظيمة التي خصّ الله بها أمة الإسلام هو يوم الجمعة وصلاة الجمعة التي هي أعظم الصلوات المكتوبة والتي هي فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ تتحقق فيه شروطها، فما هي شروط صحة صلاة الجمعة؟ وعلى من تجب؟ هذا ما سنعرفه من خلال مقالنا شروط صحة صلاة الجمعة.
صلاة الجمعة وحكمها
صلاة الجمعة هي أعظم الصلوات المكتوبة وهي صلاةٌ تقام مرّةً واحدةً في الأسبوع يوم الجمعة في وقت صلاة الظهر، تتقدم صلاة الجمعة خطبتين يخطب فيهما الإمام بجماعةٍ من المسلمين الذكور الأحرار البالغين المستوطنين خطبتين، خطبة طويلة يفتتحها بحمد الله والصلاة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والتذكير بتقوى الله والموعظة الحسنة ثمّ يجلس ويخطب الخطبة الثانية وهي الخطبة القصيرة ويدعو بعد ذلك بالناس ثمّ تُقام الصلاة، وهي ركعتين تصلى في جماعة وتصلى جهراً.
وصلاة الجمعة هي فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ تتحقق فيه شروط صحة صلاة الجمعة، وقد أكدت الدلائل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أهمية هذه الصلاة ووجوبها وضرورة الالتزام بها والمحافظة عليها وعدم التهاون والتفريط بها، والدليل على صحة فرض صلاة الجمعة هو قول الله تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”،[1] ومن السنة النبوية الشريفة قوله صلّى الله عليه وسلّم:“وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ، ثُمَّ آمُرَ بالصَّلَاةِ فيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاءَ،[2]”وأمّا الدليل على ضرورة عدم التفريط في صلاة الجمعة فهو حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أنَّهُما سَمِعا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ علَى أعْوادِ مِنْبَرِهِ: لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ”[3].
شروط صحة صلاة الجمعة
إن صلاة الجمعة هي من الشعائر العظيمة التي خص الله بها أمّة الإسلام، ولهذه الشعيرة بعض الشروط التي لا تصحّ إلا بها وهذه الشروط تقسم إلى أنواع منها شروط وجوب ومنها شروط تتعلق بأداء هذه الفريضة، وفي السطور الآتية سنبين لكم شروط صحة صلاة الجمعة:
وقت أداء صلاة الجمعة
الوقت الذي تقام فيه صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر قبل زوال الشمس وقد أجمع العلماء على ذلك ولكن يوجد اختلافٌ بسيطٌ في أنّ جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنفية ذهبوا إلى عدم جواز أداء صلاة الجمعة قبل زوال الشمس،[4] والدليل على ذلك حديث أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ”.[5]
وأمّا الحنابلة فرأوا بجواز صلاة الجمعة قبل زوال الشمس ولكن أداءها قبل الزوال أفضل، واستدلوا على ذلك بحديثٍ عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: “كُنَّا نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا. قالَ حَسَنٌ: فَقُلتُ لِجَعْفَرٍ: في أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ؟ قالَ: زَوَالَ الشَّمْسِ.”[6]
مكان أداء صلاة الجمعة
وهي الشروط التي يجب توافرها في المكان الذي ستقام به صلاة الجمعة وهي حسب أقوال الفقهاء كالاتي:[7]
- الشافعية: يكفي لإقامة صلاة الجمعة وجود خطة أبنية سواءً من قريةٍ أو بلدةٍ أو غيرها.
- الحنفية: يشترطون وجود المصر وهو البلدة التي يتواجد فيها سلطان وتقام فيها الحدود وتنفذ فيها الأحكام، ويلحق به القرى والضواحي والأفنية المنتشرة حول المصر.
- المالكية: وقولهم قريبٌ من قول الشافعية، فهم يشترطون أن تقام صلاة الجمعة في مكان صالح للاستيطان، أي مكان تتوافر فيه الأبنية والأخصاص “أي البيوت المبنية من سعف النخيل أو الخشب أو غيره”، ولا تصح عندهم في الأماكن التي تنتشر فيها الخيام لأنها ليست مكاناً للاستيطان لمدة طويلة.
- الحنابلة: فلا يوجد عندهم قيدٌ أو شرطٌ بالنسبة للمكان الذي تؤدى به صلاة الجمعة، وتصح عندهم في مضارب الخيام والصحاري.
الجماعة وعدد المصلين
وصلاة الجمعة لا تصلى إلا في جماعة وإن لم يكن بالإمكان حضور الجماعة فتصلى ظهراً، وقد اختلف العلماء في الحد الأدنى للعدد الذي تصح به إقامة صلاة الجمعة، وهي حسب المذاهب الأربعة كالآتي:[8]
- الشافعية والحنابلة: يشترط وجود أربعين رجلاً لكي تصح إقامة صلاة الجمعة وهذا هو قول الشافعية والحنابلة.
- المالكية: وعند المالكية فالشرط هو وجود اثني عشر رجلاً لإقامة صلاة الجمعة.
- الحنفية: وعند الحنفية يكفي وجود ثلاثة رجالٍ غير الإمام لإقامة صلاة الجمعة.
شروط وجوب صلاة الجمعة
وهذه الشروط تتعلق بالأشخاص الذين تجب عليهم صلاة الجمعة دون غيرهم وهذه الشروط هي:[9]
- الإسلام: فالإسلام شرطٌ لأداء صلاة الجمعة ولا تجب على الكافر ولا تصحّ منه.
- العقل: وصلاة الجمعة تجب على العاقل ولا تجب على المجنون أو على فاقد العقل.
- الذكورة: وأيضاً فصلاة الجمعة تجب على الذكور ولا تجب على الإناث، إلا أنها تصح من الإناث ولا تجب عليهن.
- الحرية: وأيضاً لا تجب صلاة الجمعة على الرق والعبيد ولكنها تصح منهم إذا صلّوها.
- الإقامة: وهي واجبةٌ على المقيمين المستوطنين وتسقط عن المسافرين.
- الصحة: وأيضاً يشترط لوجوب صلاة الجمعة توفر الصحة وعدم وجود عذر صحي يمنع من أدائها.
- الأمان: وكذلك يجب غياب أي تهديد على نفس الإنسان أو على أهله في حال ذهابه إلى صلاة الجمعة.
حكم صلاة الجمعة في الإسلام
إن صلاة الجمعة في الإسلام فرض عين على كل ذكر مسلم بالغ عاقل مقيم، إذا أدركه وقت الزوال في بلد من البلدان الذي تقام فيه صلاة الجمعة، وقد ورد عن الإمام النووي قوله: “فَالْجُمُعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ غَيْر أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ وَالنَّقْصِ الْمَذْكُورِينَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ،”، وقد ورد عن ابن عبد البر في الاستذكار: “وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ بَالِغٍ ذَكَرٍ يُدْرِكُهُ زَوَالُ الشَّمْسِ فِي مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ غَيْرِ مُسَافِرٍ”، وقد ذهبت بعض الأقوال إلى أن صلاة الجمعة فرض كفاية أو سنة ولكن ذلك غير صحيح وقد أجمع العلماء قديمًا وحديثًا على أنهاء فرض عين كما سبق والله أعلم.
آداب صلاة الجمعة
ولصلاة الجمعة بعض الآداب التي يجب الالتزام بها والتقيد بها إجلالاً واحتراماً لهذه الشعيرة العظيمة، ومن آداب صلاة الجمعة ما يأتي:[10]
- الاغتسال قبل الذهاب إلى الصلاة والتطيب ولبس أجمل الثياب.
- الذهاب إلى المسجد في وقت مبكر والمشي إليه بسكينة ووقار وخضوع.
- الجلوس في المكان الذي ينتهي به في المسجد وعدم تخطي الرقاب.
- الإكثار من قراءة القرآن الكريم وقراءة سورة الكهف.
- الإنصات بخضوع وخشوع لخطبة الجمعة وعدم اللغو والحديث والانشغال بالتفكير بمتاع الدنيا.
- ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، في وقت صلاة الجمعة وفي غيره.
- الدعاء والتضرع والابتهال إلى الله في جميع أوقات الجمعة وتحرّي ساعة الاستجابة.
مقالات قد تهمك
إلى هنا أعزاءنا زوار موقع تصفّح، نصل وإياكم إلى ختام مقالنا شروط صحة صلاة الجمعة، والذي تعرفنا فيه على صلاة الجمعة التي هي أعظم الصلوات المكتوبة، وتعرفنا على حكمها وحكم من يتركها ويتهاون في أدائها، ثمّ بينّا شروط صحة صلاة الجمعة وتحدثنا بالتفصيل عن شروط الزمان والمكان والجماعة وشروط وجوب صلاة الجمعة وفي ختام مقالنا نرجو أن نكون قد قدمنا لكم ما هو مفيد في هذا المقال وأن تجدوا فيه علماً ينفعكم.
المراجع
- ^ سورة الجمعة، الآية 9
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري 7224، صحيح
- ^ صحيح مسلم، عبدالله بن عمر وأبو هريرة ، مسلم، 865 ، صحيح
- ^ dorar.net، وقتُ الجُمُعةِ، 06/11/2024
- ^ صحيح البخاري ، أنس بن مالك، البخاري، 904، صحيح
- ^ صحيح مسلم ، جابر بن عبدالله، مسلم، 858، صحيح
- ^ islamweb.net، شروط صلاة الجمعة، 06/11/2024
- ^ islamweb.net، العدد الذي تصح به الجمعة عند الفقهاء.، 06/11/2024
- ^ saaid.net، صلاة الجمعة وأحكامها، 06/11/2024
- ^ ar.islamway.net، من آداب يوم الجمعة رابط المادة: http://iswy.co/e2d1ts، 06/11/2024
التعليقات