عناصر المقال
الحكمة من مشروعية صلاة الاستسقاء، هو ما سنتعرف عليه بالتفصيل في مقالنا هذا، حيث شرّع الله سبحانه وتعالى لنا العديد من الصلوات التي تقام في وقت محدد ومناسبات معينة ومن هذه الصلوات صلاة الاستسقاء التي يؤديها المسلمون في حالات القحط والجدب راجين من الله سبحانه وتعالى الغيث والفرج.
الحكمة من مشروعية صلاة الاستسقاء
أرشدنا ديننا الإسلامي الكريم إلى الطريقة المثلى التي يتوجب على المسلم اتباعها عندما تحل به المصائب والمحن، وفي حال انقطاع المطر شرّع الله جل جلاله للمسلمين صلاة الاستسقاء، وفيما يلي الحكمة من مشروعية صلاة الاستسقاء وهو: إذا أجدبت الأرض، واحتبس المطر شرعت صلاة الاستسقاء، ويخرج لها المسلمون في الصحراء مبتذلين، خاشعين، متذللين، متضرعين، متواضعين، رجالاً ونساءً وصبيانا ويحدد لهم الامام يوماً يخرجون فيه لصلاة الاستسقاء ولتوضيح عظم قدرة الله عز وجل ومن أجل اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وأداء الصلاة.[1]
ما هي صلاة الاستسقاء
صلاة الاستسقاء في الإسلام هي صلاة نافلة ومن السنن المؤكدة والتي تؤدى على صورة خاصة وفي وقت خاص، وقد أدّاها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو وأصحابه وسنّها لأمّته الإسلاميّة من بعده، وتقام هذه الصلاة في أوقات الجفاف عندما تمسك السماء عن المطر ويحصل الضرر من انقطاعه، فالاستسقاء هو طلب السَقيا من الله سبحانه وتعالى لإنزال المطر عند الجدب والقحط، وتُصلى صلاة الاستسقاء بهدف التضرع إلى الله سبحانه وتعالى ومناجاته واللجوء إليه لإنزال الغيث (المطر) والسّقيا وليخرج لهم من بركات الأرض ويرزقهم من فضله، ففي صلاة الاستسقاء يقوم المسلمون بالتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء وبإلحاح وهم جميعًا على صعيدٍ واحدٍ في العراء، ويتذللون إلى الله عز وجل ويتوبون إليه حتى يغفر لهم ويبارك لهم، وذلك لأن الاستغفار من أفضل الأمور التي تؤدي إلى إنزال الغيث من السماء وانقطاع الجفاف، وكما جاء في القرآن الكريم حيث قال سبحانه وتعالى : “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا”.[2] [3]
شاهد أيضًا: ما حكم صلاة الاستسقاء
كيفية صلاة الاستسقاء
صلاة الاستسقاء تصلّى في وقت الجفاف الذي لا يتواجد فيه الماء، ولا يكون وقت كراهية، ويجوز أن تؤدى صلاة الاستسقاء في المسجد، ولكن أداءها في المصلى خارج البلد أي في العراء أفضل، حيث يصلي الإمام بالناس ركعتين يجهر في الركعة الأولى بسورة الفاتحة، وسبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية بسورة الغاشية، وصلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد تماماً، فيكّبر فيها سبع تكبيرات في الركعة الأولى، وخمس تكبيرات في الركعة الثانية، ثم يخطب الإمام بالناس فإذا انتهى من الخطبة يندب أن يحول أو يقلب الخطيب رداءه – ولو كان شالاً أو عباءة – والمصلون جميعاً يحولون أرديتهم، وذلك بأن يجعلوا ما على أيمانهم على شمائلهم، ويستقبلوا القبلة، ويدعوا الله مع رفع اليدين في الدعاء، والمبالغة في ذلك، وقد جاء في الأحاديث الشريفة كيفية صلاة الاستسقاء ونذكر منها عن عبد الله بن عباس رضي الله عن قال: “خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى الاستِسقاءِ متبذِّلًا متواضِعًا متضرِّعًا ، حتَّى أتى المصلَّى فرقى علَى المنبَرِ ، فلَم يخطُبْ خُطبتَكُم هذِهِ ، ولَكِن لم يزَلْ في الدُّعاءِ والتَّضرُّعِ والتَّكبيرِ ، ثمَّ صلَّى رَكْعتينِ كما يصلِّي في العَيدِ”،[4]وأيضًا عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها قالت: “شَكا النَّاسُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قُحوطَ المطرِ فأمرَ بمنبرٍ فوُضِعَ لَه في المصلَّى ووعدَ النَّاسَ يومًا يخرُجونَ فيهِ قالت عائشةُ فخرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ بدا حاجبُ الشَّمسِ فقعدَ علَى المنبرِ فَكَبَّرَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وحمدَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ثمَّ قالَ إنَّكم شَكَوتُمْ جدبَ ديارِكُم واستئخارَ المطرِ عن إبَّانِ زمانِهِ عنكُم وقد أمرَكُمُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن تدعوهُ ووعدَكُم أن يستجيبَ لَكُم ثمَّ قالَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يفعلُ ما يريدُ اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ ثمَّ رفعَ يدَيهِ فلم يزَل في الرَّفعِ حتَّى بدا بياضُ إبطيهِ ثمَّ حوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ وقلبَ أو حوَّلَ رداءَهُ وَهوَ رافعٌ يدَيهِ ثمَّ أقبلَ علَى النَّاسِ ونزلَ فصلَّى رَكعتَينِ فأنشأ اللَّهُ سحابةً فرعَدَت وبرِقَتْ ثمَّ أمطرَتْ بإذنِ اللَّهِ فلم يأتِ مسجدَهُ حتَّى سالتِ السُّيولُ فلمَّا رأى سرعتَهُم إلى الكِنِّ ضحِكَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى بدَت نواجذُهُ فقالَ أشهدُ أنَّ اللَّهَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنِّي عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ”،[5] وكما يستحب قبل الخروج لصلاة الاستسقاء التوبة، والصدقة، ورد المظالم، والمصالحة بين المتخاصمين، وصيام ثلاثة أيام، ثم الخروج في اليوم المعين لذلك، ويخرج الصبيان، والشيوخ، والعجائز، ويباح إخراج البهائم والصغار.[6]
شروط صلاة الاستسقاء
لصلاة الاستسقاء عدة شروط يجب على الخارجين لصلاة الاستسقاء استيفائها ومن هذه الشروط نذكر ما يلي:
- أن يبدأ الإمام الصلاة بخطبة لوعظ الناس وتليين قلوبهم.
- تخصيص يوم محدد لأداء صلاة الاستسقاء، وتحديد وقت معين بحيث لا يكون وقت كراهة.
- الخروج للصلاة بخشوع وتذلل لله سبحانه وتعالى وإظهار الافتقار لله.
- في الخطبة يكثر الإمام من الوعظ والإرشاد للناس، وسؤال الله سبحانه وتعالى نزول المطر.
- يكثر المصلون من الاستغفار والدعاء لله سبحانه وتعالى مع رفع اليدين لأعلى لأن ذلك أقرب لإجابة الدعاء.
- تحويل الرداء أو الغترة أو نحوهما في نهاية الخطبة والدعاء، وذلك بجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه.
كما أنه لا يشترط لصلاة الاستسقاء أذان، كما لا يشترط الأذان لخطبتها، وينادى لها بالصلاة جامعة والله أعلم.
شاهد أيضًا: حكم الكلام من المصلين والإمام يخطب يوم الجمعة
وقت صلاة الاستسقاء
لصلاة الاستسقاء ثلاثة أوقاتٍ يصحّ للمصلين أن يقيموا فيها صلاة الاستسقاء، وهناك العديد من أقوال وآراء الفقهاء وأهل العلم في وقت هذه الصلاة، وفيما يلي هذه الآراء الّتي قد ذكرها النّووي رحمه الله تعالى في كتابه المجموع:
- الوقت الأول: تؤدى صلاة الاستسقاء في نفس وقت صلاة العيد أي بعد شروق الشّمس وارتفاعها عن الأرض.
- الوقت الثاني: تؤدى صلاة الاستسقاء في نفس وقت صلاة العيد ويستمرّ وقتها حتّى نهاية وقت العصر.
- الوقت الثّالث: تؤدى صلاة الاستسقاء في أيّ وقتٍ من النّهار أو اللّيل، فلا تختص في وقتٍ محدّد، على ألا يكون وقت كراهة.
وقد قال أهل العلم أنّ أصحّ الأقوال هو الوقت الثّالث فصلاة الاستسقاء تُصحّ في أيّ وقتٍ من اللّيل أو النّهار، إلّا أوقات الكراهة والنّهي الّتي أخبرنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.[7]
شاهد أيضًا: دعاء الكرب الشديد مجرب
دعاء صلاة الاستسقاء
على المسلمين الخارجين لصلاة الاستسقاء الإكثار من الدعاء لله عز وجل طلبًا لإنزال الغيث، وفيما سيأتي مجموعة من الأدعية التي يدعى بها في صلاة الاستسقاء:
- اللهمَّ يا رب أغثنا اللهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثنا، اللهم جللنا سحابا كثيفًا، فصيفًا دلوقًا ضحوكًا تمطرنا منه رذًا قطقطًا سجلًا، يا ذا الجلال والإكرام.
- اللهم يا رب اسقنا غيثًا مغيثًا مريعًا غدقًا مجللًا عامًا، طبقا سحا، دائمًا، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين.
- اللهم يا أرحم الراحمين اسقنا غيثًا مُغيثًا هنيئًا مَريئًا سحًّا غدقًا نافعًا غير ضارٍ عاجلًا غير آجل يا رب.
- اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، أرسل السماء علينا مدرارًا، واجعلنا من عبادك المقبولين الطيبين الطاهرين.
- اللهم يا ذا الجلال والإكرام إن بالعباد والبلاد، والبهائم، والخلق من العطش والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع يا كريم، واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض يا أرحم الراحمين.
- الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين.
- اللهم اسق عبادك، وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت.
- اللهم اسقنا غيثًا مريئًا مريعًا طبقًا عاجلاً غير رائث ، نافعًا غير ضار.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي وضّح الحكمة من مشروعية صلاة الاستسقاء، وكما تطرّق المقال أيضًا لبيان كيفية صلاة الاستسقاء وما هي شروطها والأوقات الصحيحة لأدائها وما هي الأدعية المستحبة بها، وغير ذلك من التفاصيل والمعلومات المتعلقة بصلاة الاستسقاء.
المراجع
- ^ alukah.net، صلاة الاستسقاء تعريفها وحكمها ومكانها وصفتها، 01/11/2022
- ^ سورة نوح، آية 10-13
- ^ wikiwand.com، صلاة الاستسقاء، 01/11/2022
- ^ تحفة المحتاج، عبدالله بن عباس، ابن أبي حاتم،1/562،مرسل
- ^ صحيح أبي داود، عائشة أم المؤمنين، الألباني،1173 ،حسن
- ^ binbaz.org.sa، صفة صلاة الاستسقاء، 01/11/2022
- ^ islamqa.info، وقت صلاة الاستسقاء، 01/11/2022
التعليقات