لماذا سميت فاطمة الزهراء بالبتول

لماذا سميت فاطمة الزهراء بالبتول ، كثيرة هي الألقاب التي لقبت فيها السيدة فاطمة انعكاسًا لصفاتها الجليلة وأخلاقها العظيمة ومناقبها العليّة فكانت أحب الناس لأبيها وأبرهم به وأخشاهم عليه وأحرصهم على راحته فكان لا يبدي عليها أحدًا قطعة منه وقرة لعينه ونسخة منه عليه الصلاة والسلام ، وقد يراود الكثير من المسلمين بعض التساؤلات حول تسميتها بالبتول وقد أفرد لكم موقع تصفح هذه السطور ليجيبكم عن هذا السؤال راجيًا لكم الفائدة والاقتداء بما لها من مناقب وخصال.

من هي فاطمة الزهراء البتول

هي فاطمة بنت محمد رسول الله من أول زوجاته خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها وهي أصغر بناته صلى الله عليه وسلم، و هي أم السِّبطين الحسن والحسين سيّدا فتيان أهل الجنة ومحسن وأم كلثوم وزينب من ابن عم أبيها علي كرم الله وجهه، وُلِدَت في مكة المكرمة قبل البعثة بخمس سنوات، وتعدّ فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وسميت بالزهراء لحسنها وجمالها وبياضها الناصع ولقبت أيضًا بأم أبيها لكثرة برها وحنوها عليه صلى الله عليه وسلم وكانت أقرب أولاده وأحبهم إليه فقد كان لها مكانة عظيمة في قلبه لم يصلها أحد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها وأجلسها مكانه وكذلك إن دخل عليها عليه الصلاة والسلام قامت إليه فقبلته وأجلسته في مجلسها، وقد روت عن النبي عليه الصلاة والسلام بعض الأحاديث رضي الله عنها وأرضاها. ^[1]

لماذا سميت فاطمة الزهراء بالبتول

هناك العديد من الأقوال التي توضّح سبب تسمية السيدة فاطمة الزهراء بالبتول رضي الله عنها وأرضاها ومن هذه الأقوال وأرجحها وأقربها للصواب ما يأتي: ^[2]

• معنى التبتل في اللغة العربية هو القطع أي انقطاع عن مخالطة النساء فيما لا ينفع وترك النكاح لئلا تنشغل بأي شيء عن عبادة الله،ولذلك سميت فاطمة البتول كما كانت تسمى السيدة مريم البتول وذلك لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلاً ورغبة في الآخرة وهذا ما ذهب إليه الإمام النووي في كتابه شرح مسلم.
• وقيل أيضًا أن سبب تسمية السيدة فاطمة بالبتول إما بسبب انقطاعها عن الزواج من بعد علي كرم الله وجهه أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف وهذا قول ابن حجر في كتابه الفتح.

صفات السيدة فاطمة الزهراء

إن معظم ألقاب السيدة فاطمة البتول مستقاة من صفاتها لذلك سنتطرق في السطور التالية للحديث عن بعض صفاتها ومميزاتها رضي الله عنها ومن أبرز هذه الصفات:

• كانت رضي الله عنها أكثر الناس شبهًا بأبيها سمتًا وتواضعًا ووقارًا وهيئة وأشدهم تشبُّهًا به في خصاله وهديه أخلاقه الحسنة وطيب كلامه وكذلك بمشيته. ^[3]
• كانت رضي الله عنها فيها من القوة والشجاعة ما يجعلها لا تخاف في الله لومة لائم فقد وقفت في وجه كبار قريش -وهي صغيرة دون سن البلوغ- عندما وضعوا سلى الجزور على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فقامت بإبعاد الأذى عنه وهي تبكي وتصرخ في وجههم وتدعو عليهم. ^[4]
• كانت شديدة الحياء رضي الله عنها حتى أنها كانت تتخير الملابس التي لا تصف ولا تشف، الملابس المحتشمة الفضفاضة، وقد أوصت حين وفاتها أسماء أن لا يدخل عليها أحد سوى أسماء وزوجها علي فيغسلانها ولا يسمحا لأحد بالدخول عليها، وقد أمرت بأن يوضع عليها هودجًا كهودج العروس كي لا يصف جسدها وهي محمولة على ظهور الرجال إلى المقبرة ولا يرى ما بداخله لذلك فقد كانت السيدة فاطمة أول من غُطِّي نعشه في الإسلام نتيجة لشدة حيائها رضي الله عنها وأرضاها. ^[5]
• كانت فاطمة الزهراء امرأة زاهدة في متاع الدنيا قانعة بما بين أيديها، فيها من القناعة ما يجعلها تبيع دنياها رغبة فيما عند الله بالآخرة، وقد جاء في حديث أنس بن مالك: “أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعليها ثوبٌ إذا قنَّعَتَ به رأسَها لم يبلُغْ رجلَيها وإذا غَطّتْ به رجلَيها لم يبلُغْ رأسَها”. ^[6]
• السيدة فاطمة الزهراء أكثر الناس صبرًا: حيث إنها فقدت أمها في صغرها، وفقدت أخواتها رقية وأم كلثوم، وزينب، كما أنها عاشت حياة صعبة مع على ابن أبي طالب – رضي الله عنه- كما روي أنهما كان ينامان على فراش غير جلد. ^[7]

شاهد أيضًا: من هي المرأة التي كانت ابنة نبي وزوجة نبي

علاقة فاطمة الزهراء بأبيها النّبي

إن علاقة فاطمة الزهراء رضوان الله عليها بأبيها عليه الصلاة والسلام قوية فقد كان لها الأب والأم بعد وفاة أمها وذلك عندما كان عمرها خمس سنوات فقط فملأ قلبها الحزن والألم ووجدت في أبيها حضنًا دافئًا تلوذ به فقد بات هو الحضن الدافئ الذي تلجأ إليه فيه الحب والحنان والعطف والرعاية وسلوتها عن فقدان أمها، وقد تعلمت السيدة فاطمة الصبر والجلد من أبيها وحياته فقد كان مدرسة في الصبر،وقد وجد فيها النبي عليه الصلاة والسلام قرة لعينه وسلوانًا لحزنه ووجد في حنانها ما عوضه عن حنان الأم فقد ماتت أمه وهو طفل صغير وتولت رعائته فاطمة بنت أسد في بيت أبي طالب فتعلق بها وناداها أناه فلما توفيت حزن عليها بشدة وعندما وهبه الله بفاطمة بنته كانت السلوان لقلبه وكانت أصغر بناته فبقيت منعه في بيته بعد وفاة خديجة زوجته رضي الله عنها فتولت رعايته والسهر عليه حتى قال عنها: “فاطمة أم أبيها” ^[8]، كانت ترافقه ما استطاعت، وطببته في غزوة أحد من جروحه، وكانت تضمه كأمه الرؤوم، وكان يبدلها حبها وحنانها لذلك قال: “إِنَّما فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي ما آذَاها ، و يُنْصِبُنِي ما أنْصَبَها” ^[9]، وكانت أشد الناس شبهًا به عليه عليه الصلاة والسلام في أخلاقه وطيب كلامه وتواضعه وصفاته، وكان إذا رآها أقبلت قام إليها فقبلها وأجلسها مكانه وتفعل هي نفس ذلك إن دخل إليها، وهذا هو السر في كونها أم أبيها، وكان خوفها وحرصها عليه منذ صغرها تدفع عنه الأذى مما كان يلقاه من رؤوس قريش عندما وضعوا الأذى على ظهره وهو ساجد فأخذت تُبعِد عنه تلك القذارة وتبكي وتدعو عليهم، وعندما توفي والدها مرضت مرضًا شديدًا وقد كانت أول اللاحقين به. ^[]

زواج فاطمة الزهراء و مَن أبناؤها

كانت فاطمة الزهراء ريحانة أبيها وأفضل نساء قومها وأعلاهم شرفًا فأبوها رسول الله وشبيهته بالخَلق والخُلق تربت في بيت النبوة فكانت عنوانًا للتقوى والأخلاق الفاضلة وكما تميزت برجاحة عقلها وحيائها الشديد، لذلك كانت مطمع كبار الصحابة أن يظفروا بهذا النسب الشريف فقد تقدم لخطبتها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فردهما الرسول عليه الصلاة والسلام ردًّا كريمًا وكأنه يخبؤها لعلي ابن عمه رضي الله عنه وقد تقدم علي لخطبتها بعد غزوة أحد فوافق عليه النبي عليه الصلاة والسلام فخر عليٌّ ساجدًا شكرًا لله عز وجل على هذا الشرف الرفيع الذي منحه الله إياه، وكان مهرها درعًا قد وهبه النبي لعلي في غزوة أحد فقد كان علي شديد الفقروهذا ما كان يجعله يتردد من أن يتقدم بطلبها للزواج، وقد تزوجا حينما كان عمرها ثمانية عشر عامًا^[11]، وكان عمر علي ثلاثة وعشرون عامًا، وحضر عقد قرانهما شَهدَ عقد قِرانِهِما من الصَّحابة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزُّبير من المهاجرين، وعددٌ من الأنصار. ^[12]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الملقب بذي النورين

فضائل فاطمة الزهراء

في السطور سنتحدّث عن فضائل السيدة فاطمة رضي الله عنها:

• هي بضعة من رسول الله وقطعة من قلبه ويحزن لحزنها، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّما فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي ، يُؤْذِينِي ما آذَاها ، و يُنْصِبُنِي ما أنْصَبَها” ^[9]
• هي أحبُّ النَّاس إلى رسول الله،  فعن عبد الله بن عمر حيث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أسامةُ أحَبُّ النَّاسِ إليَّ ما حاشَا فاطمةَ ولا غَيرَها”. ^[13]
• كانت بيت سر رسول الله صلى الله عليم وسلم وأول من لحق به من أهله بعد موته عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: “أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ دَعَا فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فَسَارَّهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ فَقالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ لِفَاطِمَةَ: ما هذا الذي سَارَّكِ به رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبَكَيْتِ، ثُمَّ سَارَّكِ فَضَحِكْتِ؟ قالَتْ: سَارَّنِي فأخْبَرَنِي بمَوْتِهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي، فأخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ مَن يَتْبَعُهُ مِن أَهْلِهِ فَضَحِكْتُ”. ^[14]
• فاطمة الزهراء هي سيّدة نساء أهل الجنة، عن حذيفة بن اليمان عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “أتاني ملكٌ فسلمَ عليَّ، نزلَ منَ السماءِ لمْ ينزلْ قبلَها، فبشرني أنَّ الحسنَ والحسينَ سيدا شبابِ أهلِ الجنةِ، وأنَّ فاطمةَ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنةِ”. ^[15]

ألقاب السيدة فاطمة الزهراء

تعددت ألقاب السيدة الفاضلة فاطمة الزهراء البتول لما لها من خصال حميدة لا عداد لها فكانت ألقابها كلها مستقاة من صفاتها، وقد كان لنا شرف ذكر بعض هذه الألقاب في السطور الآتية:^[7]

• البتول وهذا ما تم ذكره في المقال
• الزهراء: لكونها امرأة بيضاء مستنيرة تشبه أباها عليه الصلاة والسلام، ولأنها تشرق لزوجها علي في الصباح والمساء.
• المباركة:  بسبب تقربها من الله عز وجل في الليل والنهار.
• الصديقة لأنها لا تحب الكذب وتتحرى الصدق في أقوالها وأفعالها.
• فاطمة أم أبيها: لقد لقب الرسول – صلى الله عليه وسلم- ابنته فاطمة بأم أبيها نظرًا لحبه الشديد لها لأنها كانت الأكثر اهتمامًا ورعاية له نظرًا لكونها عطوفة وحنونة.
• سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة وخير نساء الأمة.
• وغير ذلك الكثير: الشهيدة، والزكية، والريحانة، وكلها ألقاب مشتقة من صفاتها.

وفاة السيدة فاطمة الزهراء

توفيت السيدة فاطمة الزهراء بعد وفاة أبيها عليه الصلاة والسلام ب ستة أشهر أي في السنة الحاية عشر للهجرة، وقد اختلُلِف في تاريخ وفاتها،وكانت أول أهله لحاقًا به إلى دار البقاء وذلك لشِدَّة تعَلُّقها به وشوْقِها للقائه، وهذا ما أخبرنا عنه الحديث النبويّ الشريف: “دَعَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ في شَكْوَاهُ الذي قُبِضَ فيه فَسَارَّهَا بشيءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قالَتْ: فَسَأَلْتُهَا عن ذلكَ، فَقالَتْ: سَارَّنِي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَنِي أنَّه يُقْبَضُ في وجَعِهِ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ ثُمَّ سَارَّنِي فأخْبَرَنِي أنِّي أوَّلُ أهْلِ بَيْتِهِ أتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ” ^[16]، وقد أوصت أسماء بنت عميس وزوجها علي بتغسيلها وتكفينها وألا يدخلا عليها أحد فقد كانت أشد الناس حياء وكذلك أوصت بتغطية نعشها بهودج حتى لا يصف جسمها حتى بعد موتها. ^[17]

إلى هنا نكون قد وصلنا وإياكم إلى ختام مقالنا لماذا سميت فاطمة الزهراء بالبتول ، أجبنا فيه عن هذا السؤال وتحدثنا فيه عن العديد من خصالها ومزاياها وتناولنا فيه جانبًا من حياتها الشخصية ووفاتها هذه الامرأة التي استحقت كل رفعة ومكانة قد نالتها بجميل أخلاقها وحسن فعالها وبرها بوالدها وزوجها وسطرت لكل فتاة مسلمة منهاجًا كاملًا يحتذى به ومدرسة تستحق أن ننهل من بحرها ما يعلمنا ويربّينا وما يرفعنا وينفعنا في دنيانا رحلت هذه الامرأة العظيمة تاركة خلفها نسبًا شريفًا لا ينقطِع، وسيرةً عطِرةً لا يمحوها تعاقب الأزمان.