عناصر المقال
متى وقت صلاه الاستسقاء .. أقوال العلماء في وقت صلاة الاستسقاء هو سؤال من الأسئلة الشرعية المهمة التي يجب على كل مسلم أن يكون على علم بجوابها وأن يكون على دراية بالرأي الشرعي الصحيح بما يتعلق بها، وذلك لأنّ صلاة الاستسقاء من الصلوات الثابتة في السنة النبوية الشريفة والتي أكد ثبوتها الفقهاء وأهل العلم، وفي هذا المقال سوف نقوم بتعريف صلاة الاستسقاء وسنتحدث عن حكم هذه الصلاة وكيفيتها وسنلقي الضوء على أحاديث نبوية عن صلاة الاستسقاء.
ما هي صلاة الاستسقاء
تعرّف صلاة الاستسقاء في الشرع الإسلامي بأنّها صلاة من الصلوات النافلة في الإسلام، تُصلّى في الوقت الذي يطلب فيه المسلمون الغيث والمطر من الله رب العالمين بعد أن انقطع الغيث والمطر، فتكون هذه الصلاة بمثابة الدعاء لله رب العالمين بأن يقطع الجفاف وأسبابه وأن يكرم الناس بالمطر من عنده سبحانه وتعالى، وجدير بالقول إنّ هذه الصلاة تتألف من ركعتين، تُصلّى هاتان الركعتان جماعة وراء الإمام حصرًا. [1]
حكم صلاة الاستسقاء
إذا احتبس المطر على الناس وحلّ الجفاف تصير صلاة الاستسقاء مستحبة كما قال جمهور أهل العلم، وهي سنة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقد ثبت عنه في الصحيحين أنّه صلاها عليه الصلاة والسلام، ورد عن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنّه قال: “خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وقَلَبَ رِدَاءَهُ قالَ سُفْيَانُ: فأخْبَرَنِي المَسْعُودِيُّ، عن أبِي بَكْرٍ، قالَ: جَعَلَ اليَمِينَ علَى الشِّمَالِ” [2]وهذا الحديث دليل على أنّ هذه الصلاة سنة عن الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام. [3]
شاهد أيضًا: كيفية صلاة الاستسقاء عند الشافعية
متى وقت صلاه الاستسقاء
وردتْ في وقت صلاة الاستسقاء ثلاثة أقوال، أولها أنّ هذه الصلاة تُصلّى في وقت صلاة العيد، وثانيها أنّها تصلى في أي يوم من وقت صلاة العيد إلى صلاة العصر، والثالث أنّها تصلى في كل وقت من الليل أو لنهار إلّا في الأوقات الكراهة، قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه المجموعة: “في وقت صلاة الاستسقاء ثلاثة أوجه: أحدها: وقتها وقت صلاة العيد، الوجه الثاني: أول وقت صلاة العيد، ويمتد إلى أن يصلي العصر، والثالث: وهو الصحيح، بل الصواب: أنها لا تختص بوقت، بل تجوز وتصح في كل وقتٍ من ليلٍ ونهار، إلا أوقات الكراهة على أحد الوجهين، وهذا هو المنصوص للشافعي، وبه قطع الجمهور، وصححه المحققون”، وفي الجدول الآتي سوف نقوم بشرح أوقات صلاة الاستسقاء الثلاثة كما ورد عن العلماء: [4]
القول الأول | تكون صلاة الاستسقاء في نفس وقت صلاة العيد، أي من شروق شمس اليوم حتّى ارتفاع الشمس عن الأرض. |
القول الثاني | تكون صلاة الاستسقاء في ذات الوقت الذي تصلى فيه صلاة العيد أي من شروق الشمس، ولكن وقتها يستمر حتى العصر. |
القول الثالث | تكون صلاة الاستسقاء في أي وقت من النهار أو من الليل، فهي ليست محددة في وقت واحد، بشرط ألّا تُصلّى في أوقات الكراهة. |
شاهد أيضًا: كم عدد خطبة صلاة الاستسقاء
أقوال العلماء في وقت صلاة الاستسقاء
لقد وردت عن علماء المسلمين الكثير من الأقوال فيما يتعلق بوقت صلاة الاستسقاء، ومن هذه الأقوال ما سوف يأتي: [3]
- قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في كتابه المغني: “وليس لصلاة الاستسقاء وقت معين، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بغير خلاف؛ لأن وقتها متسع، فلا حاجة إلى فعلها في وقت النهي، والأولى فعلها في وقت العيد؛ لما روت عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين بدا حاجب الشمس، رواه أبو داود، ولأنها تشبهها في الموضع والصفة، فكذلك في الوقت، إلا أن وقتها لا يفوت بزوال الشمس، لأنها ليس لها يوم معين، فلا يكون لها وقت معين”.
- قال الفقهاء في الموسوعة الفقهية: “إذا كان الاستسقاء بالدعاء، فلا خلاف في أنه يكون في أي وقت، وإذا كان بالصلاة والدعاء، فالكل مُجمعٌ على منع أدائها في أوقات الكراهة، وذهب الجمهور إلى أنها تجوز في أي وقتٍ عدا أوقات الكراهة، والخلاف بينهم إنما هو في الوقت الأفضل، ما عدا المالكية فقالوا: وقتها من وقت الضحى إلى الزوال، فلا تصلى قبله ولا بعده”.
شاهد أيضًا: كيفية صلاة الاستسقاء للرجال
كيفية صلاة الاستسقاء
تُصلّى صلاة الاستسقاء ركعتين في الوقت الذي يحتبس فيه المطر عن الناس، أي في وقت الجفاف، ويكون وقتها في غالب الأقوال في أي وقت من ليل أو نهار باستثناء أوقات الكراهة، ويُستحب في هذه الصلاة أن يقرأ الإمام سورة الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى، وأن يقرأ في الثانية سورة الفاتحة وسورة الغاشية، وجدير بالقول إنّ صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، يُكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات، وجدير بالقول إنّ النداء لصلاة الاستسقاء يكون بقول: الصلاة جامعة، ولا يشترط فيها الأذان أبدًا، وبعد أن يخطب الإمام بالناس يُسن أن يقلب ثوبته فيرتديه بالمقلوب، فيجعله شماله في يمينه ويمينه في شماله.
جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما سيأتي: “شَكا النَّاسُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قُحوطَ المطرِ فأمرَ بمنبرٍ فوُضِعَ لَه في المصلَّى ووعدَ النَّاسَ يومًا يخرُجونَ فيهِ قالت عائشةُ فخرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ بدا حاجبُ الشَّمسِ فقعدَ علَى المنبرِ فَكَبَّرَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وحمدَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ثمَّ قالَ إنَّكم شَكَوتُمْ جدبَ ديارِكُم واستئخارَ المطرِ عن إبَّانِ زمانِهِ عنكُم وقد أمرَكُمُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن تدعوهُ ووعدَكُم أن يستجيبَ لَكُم ثمَّ قالَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يفعلُ ما يريدُ اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ ثمَّ رفعَ يدَيهِ فلم يزَل في الرَّفعِ حتَّى بدا بياضُ إبطيهِ ثمَّ حوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ وقلبَ أو حوَّلَ رداءَهُ وَهوَ رافعٌ يدَيهِ ثمَّ أقبلَ علَى النَّاسِ ونزلَ فصلَّى رَكعتَينِ فأنشأ اللَّهُ سحابةً فرعَدَت وبرِقَتْ ثمَّ أمطرَتْ بإذنِ اللَّهِ فلم يأتِ مسجدَهُ حتَّى سالتِ السُّيولُ فلمَّا رأى سرعتَهُم إلى الكِنِّ ضحِكَ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى بدَت نواجذُهُ فقالَ أشهدُ أنَّ اللَّهَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنِّي عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ” [5]والله تعالى أعلم. [1]
شاهد أيضاً: ما الحكمة من مشروعية صلاة الاستسقاء
أحاديث نبوية عن صلاة الاستسقاء
في ختام الحديث عن متى وقت صلاه الاستسقاء لقد وردت في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي ذكر فيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته الكرام صلاة الاستسقاء، ومن هذه الأحاديث ما سيأتي:
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رَجُلًا، دَخَلَ المَسْجِدَ يَومَ جُمُعَةٍ مِن بَابٍ كانَ نَحْوَ دَارِ القَضَاءِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمًا، ثُمَّ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأمْوَالُ وانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أغِثْنَا قالَ أنَسٌ: ولَا واللَّهِ، ما نَرَى في السَّمَاءِ مِن سَحَابٍ، ولَا قَزَعَةً وما بيْنَنَا وبيْنَ سَلْعٍ مِن بَيْتٍ ولَا دَارٍ، قالَ: فَطَلَعَتْ مِن ورَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أمْطَرَتْ، فلا واللَّهِ، ما رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِن ذلكَ البَابِ في الجُمُعَةِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأمْوَالُ وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، قالَ: فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ علَى الآكَامِ والظِّرَابِ، وبُطُونِ الأوْدِيَةِ، ومَنَابِتِ الشَّجَرِ قالَ: فأقْلَعَتْ، وخَرَجْنَا نَمْشِي في الشَّمْسِ قالَ شَرِيكٌ: سَأَلْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ: أهو الرَّجُلُ الأوَّلُ؟ فَقالَ: ما أدْرِي”. [6]
إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي مررنا فيه على تعريف صلاة الاستسقاء وتحدثنا عن متى وقت صلاه الاستسقاء .. أقوال العلماء في وقت صلاة الاستسقاء ومررنا بالتفصيل على حكم صلاة الاستسقاء وكيفيتها وعلى الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت فيها هذه الصلاة.
المراجع
- ^ wikiwand.com، صلاة الاستسقاء، 05/12/2022
- ^ صحيح البخاري، عبدالله بن زيد، البخاري، 1027، صحيح.
- ^ alukah.net، صلاة الاستسقاء: تعريفها وحكمها ومكانها وصفتها، 05/12/2022
- ^ islamqa.info، وقت صلاة الاستسقاء، 05/12/2022
- ^ صحيح أبي داود، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 1173، صحيح.
- ^ صحيح البخاري، أنس بن مالك، البخاري، 1014، صحيح.
التعليقات