عناصر المقال
أسرار ليلة النصف من شعبان حكم الاحتفال بها ، يبحث عنها كثير من المسلمين مع اقتراب موعد ليلة النصف من شعبان، إذ تأخذ هذه الليلة أهمية كبيرة لدى كثير من المسلمين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وذلك بناء على ما ورد من أحاديث نبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تتحدث عن ليلة النصف من شعبان، وسوف نتعرف في هذا المقال على ليلة النصف من شعبان، ونتعرف على أسرار ليلة النصف من شعبان وعلى حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وغير ذلك من التفاصيل والأحكام المتعلقة.
ما هي مناسبة ليلة النصف من شعبان
إنَّ مناسبة ليلة النصف من شعبان يحتفل بها المسلمون في ليلة يوم 15 من شهر شعبان، وهو الشهر الثامن من السنة الهجرية، إذ يأتي بعد شهر رجب وقبل شهر رمضان، وتبدأ ليلة النصف من شعبان كل عام من غروب شمس يوم 14 من شهر شعبان وتنتهي مع بزوغ شمس يوم 15 وهو اليوم التالي الذي يأتي بعد هذه الليلة ويوافق منتصف شهر شعبان، ويرى عدد كبير من المسلمين أن ليلة النصف من شعبان تحمل أهمية كبيرة وقدسية عظيمة تميزها عن غيرها من ليالي السنة، والعديد من المسلمين يخصون هذه الليلة بالعديد من الطقوس والمظاهر التعبدية والدينية، وهذا لاعتقادهم أنَّه في هذه الليلة جرى تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس في بلاد الشام إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، فقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون القبلة إلى مكة المكرمة، وقد ورد في الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: “بيْنَا النَّاسُ بقُبَاءٍ في صَلَاةِ الصُّبْحِ، إذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقالَ: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أُنْزِلَ عليه اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وقدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إلى الكَعْبَةِ”،[1] وحسب أرجح الأقوال أنَّ ذلك الحدث كان في السنة الثانية بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ولذلك تعدُّ ليلة النصف من شعبان من أهم المناسبات الدينية في العالم الإسلامي.[2]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد
أسرار ليلة النصف من شعبان
يعتقد كثير من المسلمين أنَّ ليلة النصف من شعبان فيها أسرار كثيرة وعظيمة، ولذلك يحتفل بها المسلمون في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وذلك بسبب ما ورد من أحاديث نبوية شريفة تتناول فضائل ليلة النصف من شعبان، ورغم أنَّ هذه الأحاديث جميعها ضعيفة أو موضوعة إلا أنَّ معظم الفقهاء يستدل بها على فضائل وأسرار ليلة النصف من شعبان، وفيما يأتي سيتم ذكر أسرار ليلة النصف من شعبان بشكل مفصل:[2]
يطلع الله تعالى على الخلق
في ليلة النصف من شعبان يطلع الله تعالى على جميع الخلق، فيغفر لجميع الخلق، وهذه من أسرار وفضائل ليلة النصف من شعبان، ويستثنى من هذه المغفرة المشرك والمشاحن، ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ”.[3]
مغفرة الذنوب والخطايا
إنَّ أحد أهم أسرار ليلة النصف من شعبان مغفرة الذنوب والخطايا للمستغفرين في هذه الليلة، كما تشمل رحمته كل من يطلب الرحمة أيضًا، ويبقى أصحاب الأحقاد بعيدين عن هذه الميزة، وقد دلَّ على ذلك الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أعوذُ بعفوِك من عقابِك ، وأعوذُ برضاك من سخَطِك ، وأعوذُ بك منك إليك ، لا أُحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيتَ على نفسِك فلما رفع رأسَه من السُّجودِ وفرغ من صلاتِه قال : يا عائشةُ ! – أو يا حُمَيراءُ ! – أظننتِ أنَّ النبيَّ قد خاس بك ؟ قلتُ لا : واللهِ يا رسولَ اللهِ ! لكني ظننتُ أنك قُبِضْتَ لطولِ سُجودِك . فقال : أتدرين أيَّ ليلةٍ هذه ؟ قلتُ : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال : هذه ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ ، إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يطَّلِعُ على عبادِه في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ ، فيَغفِرُ للمستغفِرين ، ويرحمُ المسترحِمين ، ويؤخِّرُ أهلَ الحِقد كما هم”.[4]
نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا
في ليلة النصف من شعبان يتنزل الله تعالى إلى السماء الدنيا، وإنَّ نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا رحمةً للعباد، ويغفر في هذه الليلة لعدد كبير من الخلق، ففي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فقَدتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةً فخرجتُ فإذا هوَ في البقيعِ فقالَ أكنتِ تخافينَ أن يحيفَ اللَّهُ عليكِ ورسولُه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ ظنَنتُ أنَّكَ أتيتَ بعضَ نسائِكَ فقالَ إنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى ينزِلُ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ إلى سَّماءِ الدُّنيا فيغفِرُ لأكثرَ من شعرِ غَنَمِ كلبٍ”.[5]
رزق الله ببعباد
في ليلة النصف من شعبان أيضًا يرزق الله تعالى كل من يطلب منه الرزق عندما يتنزل إلى السماء الدنيا، وقد ورد ذلك في الحديث الضعيف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر”.[6]
العتق من النار
من أسرار ليلة النصف من شعبان أنَّ الله تعالى يعتق من النار عدد كبير من الخلق أيضًا، وقد دلَّ على ذلك الحديث الذي ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أتانِي جِبريلُ عليه السلامُ فقال : هذه لَيلةُ النِّصفِ من شعبانَ ، وللهِ فيها عُتقاءُ من النارِ بِعدَدِ شُعُورِ غَنَمِ كَلْبٍ ، لا يَنظرُ اللهُ فيها إلى مُشرِكٍ ، ولا إلى مُشاحِنٍ ، ولا إلى قاطِعِ رَحِمٍ ، ولا إلى مُسْبِلِ ، ولا إلى عاقٍّ لِوالِدَيْهِ ، ولا إلى مُدْمِنِ خَمْرٍ”.[7]
شاهد أيضًا: حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
اختلف الفقهاء في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ الاحتفال وإحياء ليلة النصف من شعبان لا يجوز، لأنَّ ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ جميع الأحاديث التي وردت في هذا الشأن ضعيفة وموضوعة ولا يجوز الاستناد عليها، وقد ورد في الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنه من يعِشْ منكم بعدِي فسيرَى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِي تمسَّكوا بها، وعضُّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإن كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”،[8] ولذلك لم يبيحوا الاحتفال بليلة النصف من شعبان،[9] وذهب جمهور الفقهاء من أهل العلم إلى أنَّ إحياء ليلة النصف من شعبان جائز ولا حرج فيه، كما ذهبوا إلى أن قيام هذه الليلة مستحب كما في غيرها من الليالي، وقد ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله في كتاب الأم: “أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي منها ليلة النصف من شعبان”، واعتمد من أجاز إحياء ليلة النصف من شعبان على ما ورد فيها من أحاديث نبوية، لأنَّهم أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال.[10]
ليلة النصف من شعبان بن عثيمين
يرغب كثير من الزوار بالتعرف على رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى حول فضل ليلة النصف من شعبان، وقد ذهب الشيخ إلى أنَّ جميع الأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان ضعيفة أو موضوعة ولا يستنَد عليها في أخذ الأحكام، ولذلك لا يُجيز ابن عثيمين الاحتفال بليلة النصف من شعبان كما يشير كثير من الفقهاء، وقد ورد عنه رحمه الله تعالى قوله:[11]
“أن يصلى في هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان دون غيرها من الليالي، فهذا بدعة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه. وأما حديث علي ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه ابن ماجة: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها». فقد سبق عن ابن رجب أنه ضعَّفه، وأن محمد رشيد رضا قال: إنه موضوع، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضعيف في الفضائل، فإنه مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة، فإن من شروطه أن لا يكون الضعف شديداً، وهذا الخبر ضعفه شديد، فإن فيه من كان يضع الحديث، كما نقلناه عن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى”.
شاهد أيضًا: شعر عن ليلة النصف من شعبان
أفضل الأعمال والعبادات في ليلة النصف من شعبان
تعدُّ ليلة النصف من شعبان إحدى الليالي المباركة في الإسلام، وقد ورد فضلها وأهميتها في الإسلام في كثير من الأحاديث النبوية، حيث أنَّ الله تعالى يطلع على الخلق في هذه الليلة ويغفر لجميع المسلمين ويعتق رقاب عدد كبير من البشر، كما يجب على المسلم في هذه الليلة أن يبادر إلى القيام بالأعمال الصالحة والطاعات المختلفة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أفضل الأعمال والعبادات في ليلة النصف من شعبان:[10]
- الاجتهاد في قراءة القرآن الكريم والأوراد والأذكار بدءًا من مساء ليلة النصف من شعبان.
- الحرص على قيام الليل في ليلة النصف من شعبان، وقد ورد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتهد أكثر في شهر شعبان في قيام الليل، كما أنَّ قيام الليل فيه أجر عظيم وثواب جزيل في هذه الليلة وفي غيرها من الليالي كما أشار جمهور الفقهاء.
- الدعاء من خلال التضرع والتوجه إلى الله تعالى بالأدعية المأثورة عن رسول الله منها أو المشروعة، كما يمكن أن يسأل المسلم الله تعالى في هذه الليلة ما يرغب به من حوائج الدنيا والآخرة، والله تعالى يتنزل إلى السماء الدنيا وينتظر عباده أن يدعوه ويسألوه.
- الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأن في ذلك أجر عظيم وثواب جزيل يضاعف الله سبحانه وتعالى به الأجر والثواب الكبير.
- أن يحرص المسلم على أداء صلاة العشاء وصلاة الفجر في المسجد جماعة في ليلة منتصف شعبان، فقد تكون فاتحة خير للمحافظة على الصلوات في المسجد.
- يمكن صيام يوم 13 ويوم 14 ويوم 15من شهر شعبان بناء على صوم ثلاثة أيام من كل شهر، إذ يأتي منتصف شعبان ضمن هذه الأيام الثلاثة، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ” أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ورَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ”.[12]
كلام عن ليلة النصف من شعبان
يرغب بعض الناس بالحصول على عبارات وكلام عن ليلة النصف من شعبان من أجل مشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو إرسالها إلى أحد الأصدقاء والأقارب وتذكيرهم بأهمية هذه الليلة والأجر الكبير الذي يناله المسلم من الاحتفال فيها، وفيما يأتي كلام عن ليلة النصف من شعبان:
- إنَّ ليلة النصف من شعبان ليلة عظيمة يتنزل الله تعالى بها إلى السماء الدنيا، ويضيء الكون بنور وجهه العظيم ورحمته التي وسعت كل شيء، وفي هذه الليلة يجب أن نكون قريبين من الله تعالى، ونحرص على طاعته والتقرب إليه بالعبادات والطاعات، حتى تضيء قلوبنا بحب الله تعالى ومغفرته.
- ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، يطلع الله فيها على الخلق، ويعفو ويغفر عن كثير، ورحمته سبحانه وتعالى تغسل قلوب العباد وأرواحهم حتى ترتقي وتسمو بالطاعات والعبادات، نسأل الله تعالى أن نكون من العتقاء في هذه الليلة المباركة وأن نحظى بمغفرة الله تعالى.
- يجتمع المسلمون في ليلة النصف من شعبان على ذكر الله تعالى وتلاوة بعض الآيات الكريمة من كتابه العزيز، ويستمعون إلى أجمل الكلام، وقلوبهم تنبض بحب الله تعالى، يرجون رحمته ومغفرته في هذه الليلة المباركة التي وعدهم فيها بالمغفرة والأجر الكبير.
- رحمة الله تعالى تمطر قلوب المسلمين في ليلة النصف من شعبان، حيث تضيء المساجد بطاعة الله تعالى وذكره، وتنير البيوت بالصلوات والدعوات، وتضيء السماء بالرحمات والمغفرات، من الله جل وعلا، نسأل الله تعالى أن نكون من أهل هذه الليلة إن شاء الله تعالى.
في ختام مقال أسرار ليلة النصف من شعبان وحكم الاحتفال بها، تعرفنا على مناسبة ليلة النصف من شعبان، وتعرفنا على حكم إحياء ليلة النصف من شعبان ومشرعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان لدى جمهور الفقهاء والمذاهب الأربعة، كما تعرفنا على أسرار ليلة النصف من شعبان وعلى أفضل الأعمال والعبادات في ليلة النصف من شعبان وغيرها من المعلومات والتفاصيل حول هذه الليلة المباركة.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 4491، صحيح
- ^ wikiwand.com، ليلة منتصف شعبان، 28/02/2023
- ^ صحيح ابن ماجه، أبو موسى الأشعري، الألباني، 1148، حسن
- ^ ضعيف الترغيب، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 622، ضعيف
- ^ ضعيف الترمذي، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 739، ضعيف
- ^ صحيح ابن ماجه، علي بن أبي طالب، الشوكاني، 1388، ضعيف الإسناد
- ^ ضعيف الترغيب، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 1247، ضعيف جدًّا
- ^ مجموع فتاوى ابن عثيمين، العرباض بن سارية، ابن عثيمين، 227، صحيح
- ^ binbaz.org.sa، حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، 28/02/2023
- ^ aliftaa.jo، حكم إحياء ليلة النصف من شعبان، 28/02/2023
- ^ islamway.net، توجيهات تتعلق بشهر شعبان، 28/02/2023
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 1981، صحيح
التعليقات