عناصر المقال
حكم الصلاة حال مدافعة البول أو الغائط، الصلاة عماد الدين وأساسها المتين ولكونها من أهم أركان الإسلام وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإن على المسلم والمسلمة معرفة كل الأمور التي قد تؤدي إلى بطلانها أو عدم تقبلها كامةً، لذلك يبحث المسلمون عن كل التفاصيل التي تخص الصلاة ليؤدوها على أكمل وجه ويقيموها حق إقامتها، فينالون بذلك الأجر العظيم فكل صلاة فرض في وقتها لها أجر عشر صلوات عند الله، وسيقدم لكم موقع تصفح عرضًا شاملًا يتناول فيه إجابة لهذا الموضوع وما يتمخض عنه من استفسارات أخرى مشابها.
ما معنى مدافعة الأخبثين
تعريف الأخبثان لغة: مثنى مفرده أخبث من الفعل خَبُثَ يخْبُثُ أي أنتن وأنجس والمقصود بالأخبثين اصطلاحًا: البول والغائط[1] كما ورد في الحديث النبوي الشريق قال صلى الله عليه وسلم: “لا يصلِّي أحدُكُم وهو يُدافع الأخبَثَيْنِ” [] ، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام الدخول في الصلاة وهو يدافع الأخبثين وإنما الأولى له أن يقضي حاجته ويعيد وضوءه ثم يقوم للصلاة ونفسه حاضرة لا يشغلها عن الصلاة شاغل ليكتمل أمر خشوعها ولتكمل شروطها فلا يمنعه عن التركيز فيها أي شيء مهما كان، وإن النهي حكمه يتمايز بين التحريم والكراهة والأغلب على الكراهة كون أن الصلاة صحيحة ولكنها ناقصة والأفضل إعادتها، أما من طرأت عليه المدافعة أثناء الصلاة، فلا حرج عليه. [3]
حكم الصلاة حال مدافعة البول أو الغائط
حكم الصلاة حال مدافعة البول أو الغائط عند العلماء بين التحريم والكراهة حيث نهى الرسول عليه الصلاة والسلام الدخول في الصلاة حال مدافعة الأخبثين أي البول أو الغائط ، وذلك لما روته السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يقومُ أحدُكم إلى الصَّلاةِ وهو بحضرةِ الطَّعامِ ولا هو يُدافِعُه الأخبثانِ: الغائطُ والبولُ” [4] ، وذلك النهي لأن الحاقن (مدافع البول) أو الحاقب (مدافع الغائط) إذا صلى مع هذه المدافعة فإنها قد تخل بفرائض الصلاة وحركاتها وخشوعها، وقد ألحق العلماء بالبول والغائط كل ما يشغل المصلي ويستطيع دفعه كالريح أو القيء وغير ذلك، لأنها ستشغل المصلي ولن يتفرغ إلى العبادة بقلب حاضر، فينبغي على المرء أن لا يشرع في صلاته إن كان يدافع البول أو الغائط أو سواهما وذلك حتى لا يدخل في الكراهة أو التحريم وكون أمر التخلص منهما بيده، وقد أجمع العلماء أن من يصلي بحضرة الطعام ولم يترك من فرائض صلاته شيئًا ولم يؤثر ذلك على خشوعه فإن صلاته مجزئة عنه وكذلك إن كان مدافعًا للبول أو الغائط مع كراهة ذلك في الحال الثانية وإن جزئت عنه ولكنها مكروهة وكراهتها من باب أن لا ينشغل قلبه عن الصلاة فيسهو عنها ولا يقيمها ولا يؤتيها حقها من الخشوع والحضور، وقد أجمع العلماء أن النهي يكون للتحريم ولا ينبغي لأحد أن يصلي وهو مدافع للبول أو الغائط إن كانت المدافعة تشغله فتخل بواجبات الصلاة وإقامه شيء من فرائضها وأركانها، وقد يكون النهي على الكراهة إن كانت المدافعة خفيفة ولا تخل بأركان الصلاة ولكن الكراهة فيها بسبب عدم كمال حضور القلب والخشوع في الصلاة، لأن المدافعة لا بد لها أن تشغل المصلي عن صلاته وكمال الحضور فيها وهذا قول الإمام الشافي وأبو حنيفة، والتحريم مطلقًا هو قول الإمام مالك [] ، وقد أكد العلماء أن الكراهة في صلاته حتى يقضي حاجته وإن كان يصلي جماعة فالأولى أن يتخلص من المدافعة فصلاته منفردًا بدون مدافعة مستحضرًا قلبه خاشعًا متسجمعًا نفسه خير له من صلاة جماعة وهو يدافع الأخبثين فيصليها ولا يقيم فروضها وواجباتها وخشوعها كأن يأتي بالصلاة على حالة غير مرضية بأن يضم وركيه أو فخذيه ويصلي بصعوبة فينشغل بذلك عن صلاته وعليه أن يعيد صلاته إن دام ذلك فيها وإلا فلا إعادة عليه. []
شاهد أيضًا: اذا صليت قبل الاذان بدون علم ، ما هو حكم الصلاة قبل الأذان
ما هو حكم حبس الريح اثناء الصلاة؟
حكم حبس الريح خلال الصلاة لا يبطل الصلاة بمجرد حبسه أو الشعور بمدافعته و الحاجة إلى إخراجه، فإن كانت المدافعة قبل الصلاة فالأولى أن تتخلص منه وتعيد وضوءك للصلاة ونفسك سليمة من كل ما يثقلها ويشغلها عن الصلاة بحضور قلب وخشوع تام وإلا حصلت الكراهة، وأما إن حصلت المدافعة خلال الصلاة فلا ضير في إكمال الصلاة ولا كراهة في إتمام الصلاة في هذه الحال إذا لم تمنع المدافعة من إتمام الصلاة، وقد نهى النبي في الحديث السابق ذكره عن الصلاة بحضور طعام أو في حال كنت تدافع الأخبثين من بول أو غائط أو كل ما تدافعه فلا يجوز للمصلي أن يدخل الصلاة وهو على هذا الحال وفي ذلك نهي كراهة وفي بعض الأحيان نهي تحريم إن أخلت في فروض الصلاة وأركانها وعليه الإعادة، فإن لم تخل بالأركان فالصلاة صحيحة ولكنها ناقصة ولا إعادة عليه [7] ، ويسن له أن يفرغ نفسه من الريح أو البول أو الغائط قبل الصلاة وإن فاتته الجماعة ولا يجوز له الخروج من الفرض إلا في حال خاف على نفسه الضرر بحبس الريح ولا يحل له تأخير الفرض إن ضاق وقته إلا إن ظن ضررًا على نفسه بحبس الريح، وأجاز البعض قطع الفرض إن فاته الخشوع، وأما إن حصلت المدافعة خلال الصلاة لا قبلها فلا حرج في حبسه وصلاته صحيحة لا كراهة فيها ولا تحريم ولا يجب قطع الصلاة ولا إعادتها. [8]
حكم الصلاة إن وجد أثر الغائط بعدها
حكم الصلاة إن وجد المصلي أثر الغائط بعدها ولم يتيقن إن كانت هذه النجاسة أصابت ثوبه قبل الصلاة أو خلالها أو بعدها وكان جاهلًا بوجودها وسواء علمها ثم نسيها فإن صلاته صحيحة بإجماع الأئمة وهذا أصح أقوال العلماء عدا الشافعي الذي قال بخلاف هذا، ويرى المالكية بأنه يستحب أن يعيد الصلاة ما دامت الصلاة في وقتها ولم تخرج عنه بعد، أما الحنابلة فلديهم روايتان لذلك منهم من قال بعدم فساد صلاته ما دام لم يدر بالنجاسة إلا بعد فروغه من الصلاة والرواية الثانية كقول الشافعي بأنه يعيد لأن الظهارة شرط للصلاة ولا تسقط بالجهل كطهارة الحدث [9] ، ومن جهل النجاسة في البداية ثم أدركها خلال الصلاة فعليه أن يفعل كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حيث صلى في نعليه ثم خلعهما في أثناء الصلاة حينما أخبره جبريل أن فيهما أذى فأكمل صلاته ولم يستأنفها مع أنه علم بذلك في أول الصلاة ولكنه لم يعلم به فتكلفه للخلع في أثنائها ولولا الحاجة لكان خلعه لها في الصلاة عبثا وفيها كراهة أيضًا، وهذا يدل على الواجب في اجتناب النجاسة والعفو عنها إن لم يعلم بها، فاجتناب النجاسة شرط مع القدرة والعلم، فإن كانت هذه النجاسة بسبب التفريط والتقصير في الاستنجاء مما أدى إلى بقائها فهذا يوجب عليك إزالة النجاسة عن البدن والثوب ثم إعادة الصلاة، وإن خرجت النجاسة بعد الضوء فعليك إعادة الوضوء والصلاة، فإن الطهارة شرط لصحة الصلاة. [10]
شاهد أيضًا: حكم الدعاء في الصلاة بأمور الدنيا والآخرة
حكم حبس البول الخفيف
حكم حبس البول الخفيف ومجرد الإحساس بالبول دون مدافعة لا يضر وليس به بأس ولا يستوجب إعادة الصلاة ولا كراهة فيه إن شاء الله تعالى، وهذا يختلف عمّا ورد في حديث النبي صلي الله عليه وسلم عن النهي عن الصلاة بحضور الطعام او مدافعة الأخبثين فالنهي عن الصلاة ورد مع المدافعة وليس مع الشعور الخفيف بالثقل الذي لا يصرف ذهن المصلي عن صلاته ولا ينقص من خشوعه ولا يؤثر في أركان صلاته وفروضها، فالنهي على سبيل التحريم أو الكراهة يكون بانتقاص الصلاة أركانًا وفروضًا وخشوعًا، فبقول الشافعية عليه أن يزيل العارض الذي يحول بينه وبين صلاته ثم يشرع في الصلاة، فإن خاف أن ينقضي وقت الصلاة فيصلي ثم يعيد فالخشوع أهم ما في الصلاة، ومذهب العلماء صحة الصلاة مع الكراهة عدا الشافعية، وهذا مع المدافعة طبعًا، أما مجرد الإحساس بالبول الخفيف وبدون مدافعة لا يدخل في النهي أبدًا ومع ذلك فالأفضل أن يدخل الإنسان في الصلاة وليس عليه ثقل أو مدافعة أو أي شيء قد يشغله عن صلاته وحضور قلبه فيها، ، وبحصول المدافعة ينقص من أجر صلاته ولا يكتب له منها إلا ما وعاه وإنما ينقص بذلك أجرها وثوابها بقدر نقصان الخشوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “إنَّ الرَّجلَ لينصرِفُ وما كُتِبَ لهُ إلا عُشرُ صلاتِهِ تُسُعُها ثُمُنُها سُبُعُها سُدُسُها خُمُسُها رُبُعُها ثُلُثُها نِصْفُها” [11] ، فلا ينال من صلاته إلا أجر ما عَقِلَ منها. والله ورسوله أعلم. [12]
شاهد أيضًا: حكم تركيب الأظافر المؤقتة وقت الدورة
هل يجوز الصلاة اذا نزل بول على الملابس؟
لا يجوز الصلاة إذا نزل بول على الملابس فالطهارة من النجاسة شرط لصحة الصلاة فإن لم يطهر مكان النجاسة فصلاته باطلة إن كان يعلم بها قبل الصلاة وصلى متعمدًا فقد أتى بما لا يرضاه الله ورسوله، أما إن لم يعلم بها إلا بعد انتهائه من الصلاة فصلاته صحيحة كذلك لو علم بها قبل الصلاة ولكنه نسيها وإن كان في الصلاة وشك بوجود نجاسة لم يجز له الانصراف عنها حتى يتمها، وعلى المسلم أن يزيل موضع النجاسة من ثوبه بغسل المكان الذي أصابته النجاسة إن تيقن منه فإن أصابه الشك في المكان فعليه غسل ما يغلب عليه ظنه أنه قد أصابته النجاسة، فالإنسان مأمور بإزالة النجاسة عن ثوبه لقول الله تعالى: {وثيابك فطهِّر} [13] ، وكما جاء في السنة النبوية في دم الحيض إن أصاب الثوب قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أصاب ثوبَ إحداكنَّ الدَّمُ من الحيضةِ فلْتُقرِصْه ، ثم لْتَنضَحْه بالماء ، ثم لْتُصلِّي فيه” [14] ، وكما يجب عصره إن احتاج لذلك، وإزالة النجاسة تكون بغسلها حتى يذهب أثر النجاسة عن الثوب في موضع تأثره فيها ولا يلزم غسل غيره، وإن أراد تبديل ثوبه فلا حرج في ذلك وهو الأضمن والأفضل، ويجب على المسلم أن يحترز من النجاسة ما استطاع وأن يحاول ألا يصيب ثوبه شيء منه ليدخل صلاته طاهرًا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: “مَرَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى قَبْرَيْنِ فقالَ: أما إنَّهُما لَيُعَذَّبانِ وما يُعَذَّبانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، قالَ فَدَعا بعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ باثْنَيْنِ ثُمَّ غَرَسَ علَى هذا واحِدًا وعلَى هذا واحِدًا، ثُمَّ قالَ: لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفُ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسا. وفي رواية: وكانَ الآخَرُ لا يَسْتَنْزِهُ عَنِ البَوْلِ، أوْ مِنَ البَوْلِ.” [15] ، وكلمة لا يستنزه من بوله تعني أي لا يجتنبه ولا يحترز منه وجواز البول قائمًا للرجل يكون بشرط أن يضمن لنفسه ألا يتطاير قطرات من البول ورذاذه على ثوبه وجسمه، وإن شك المرء بإزالة النجاسة فعليه أن يبني على اليقين بأنه لم يزيل النجاسة إن كان قد أصابته النجاسه ولم يتكر إن كان قد أزالها، أما إن كان ثوبه طاهرًا وتيقن أنه طاهر ثم شك هل أصابت ثيابه نجاسة أم لا فإن الأصل هو الطهارة لأنها هي المتيقنة. هذا والله أعلم. [16]
إلى هنا نكون قد وصلنا معكم أيها الأعزاء رواد موقعنا الكرام إلى نهاية مقال حكم الصلاة حال مدافعة البول أو الغائط، تناولنا فيه المقصود من مدافعة الأخبثين وحكم الصلاة بوجودها وحكم حبس البول الخفيف والريح وحكم وجود أثر للغائط على املابس واكتشابها بعد الصلاة، وحكم الصلاة بملابس نزل عليها قطرات من البول واكتشفت أمره قبل الصلاة، ونرجو أن نكون قد وفقنا بما طرحناه لكم ونسأل الله لكم القبول والعلم النافع المتقبل.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ almaany.com، تعريف و معنى الأخبثان في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي، 08/03/2023
- ^ البدر المنير، عائشة أم المؤمنين،ابن الملقن،4/427،صحيح
- ^ islamweb.net، حكم من طرأ عليه مدافعة الأخبثين أثناء الصلاة، 08/03/2023
- ^ صحيح ابن حبان، عائشة أم المؤمنين،ابن حبان،2073،أخرجه في صحيحه
- ^ islamqa.info، نهي المصلي عن مدافعة البول والغائط، هل هو للتحريم؟، 08/03/2023
- ^ islamweb.net، حكم صلاة من يدافع البول، 08/03/2023
- ^ islamweb.net، هل تبطل الصلاة بمدافعة الريح، 08/03/2023
- ^ islamweb.net، حبس الريح العارض أثناء الصلاة جائز ولا ينقض الوضوء ولا يبطل الصلاة، 08/03/2023
- ^ islamweb.net، رأى عليه نجاسة بعد الصلاة ولا يدري متى وقتها، 08/03/2023
- ^ islamweb.net، من صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، 08/03/2023
- ^ الجامع الصغير، عمار بن ياسر،السيوطي،1972،صحيح
- ^ islamweb.net، الإحساس بالبول بدون مدافعة لا أثر له على الصلاة، 08/03/2023
- ^ سورة المدثر، الآية: 4
- ^ صحيح الجامع، أسماء بنت أبي بكر،الألباني،350،صحيح
- ^ صحيح مسلم، عبدالله بن عباس،مسلم،292،صحيح
- ^ islamqa.info، ماذا يفعل إذا أصاب ثوبه نجاسة، 08/03/2023
التعليقات