هل بلع البلغم يفطر الصائم

هل بلع البلغم يفطر الصائم، موضوع يكثر حوله التساؤلات وخاصة في شهر رمضان، فإن الصائمون يبحثون عن القضايا التي تواجههم ليروا رأي الشرع فيها فيتمسكوا بما أجازه الشرع ويبتعدوا عما نهى عنه، لينالوا كامل ثواب الصائمين وليكونوا ممن أعد الله لهم أجرًا لم يعطه لأحد سواهم وليدخلهم الجنة من باب الريان بإذن الواحد الديّان، وسيقدم لكم موقع تصفح دراسة عن هذا الموضوع نرجو أن ينفعكم.

هل بلع البلغم يفطر الصائم

يعرف البلغم أو النخامة بأنه مادة لزجة تخرج من الحلق بالسعال أو التنحنح أو تخرج من الأنف على هيئة مخاط من الصدر أو الرأس، وقد اختلف الفقهاء في حكم بلع البلغم أثناء الصيام إن كان يفطر الصائم أم لا، وسنورد لكم تفصيلًا لها: ^[1]

• بعضهم ذهب إلى أن بلع البلغم خلال الصيام لا يفطر أبدًا وحتى وإن وصل البلغم إلى طرف اللسان وهو مذهب الحنفية والمالكية ورواية عن الإمام أحمد، وذلك إن لم يكن البلغم كثيرًا بطريقة كبيرة.
• وبعضهم قال بحرمة بلع البلغم بعد وصوله إلى الفم وجعلوه مُفطرًا ولا يجوز بلعه ويجب بصقه وإخراجه من الفم وعدم إرجاعه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وقد فصل الشافعية في ذلك وقالوا أن اقتلاع البلغم من باطن الفم ولفظه أمر جيد وكذلك إن خرج وحده أو عن طريق السعال فهذا لا يفطر ولكن بلعه الذي يفطر، وقد شبهه الحنابلة بالقيء وهذا ما سبب تحريم بلعه عندهم.

شاهد أيضًا: حكم الترجيع في الصيام ، مذاهب العلماء في رجوع القيء من الصائم

البلغم من حيث الطهارة والنجاسة

البلغم أو النخامة هو من الأمور الطاهرة التي لا نجاسة فيها ولكنها مُستقذرة تعافها النفس على الطبع، فقد قيل تفصيل في الأمور الطاهرة في المختصر لخليل المالكي: ” والحي ودمعه وعرقه ولعابه…”، فإن ابتلع البلغم أو النخامة غير الصائم مع إمكانية طرحها فقد أحدث أمرًا مستقذرًا وليس بالحرام أو النجس، وإن ابتلعها الصائم مع إمكانية طرحها فقد أفسد صومه وأحدث أمرًا غير جائز عند الشافعية والحنابلة وبه قطع الجمهور والأفضل طرحه حتى لا يدخل في الخلاف، أما إن كان ابتلاع الصائم لها من غير قصد أو صعب عليه التخلص منها فلا جناح عليه وصيامه لا عيب فيه. والله تعالى أعلم. ^[2]

حكم بلع الصائم ريقه بعد المضمضة والغرغرة بالماء

إن حكم بلع الصائم ريقه بعد المضمضة بالماء لا ضير فيه إن كان الصائم قد تأكد من بصق الماء من فمه بعد المضمضة كما أن ابتلاع الريق أو رطوبة الفم بعد المضمضة وإلقاء الماء من الفم لا يبطل الصيام بإجماع الفقهاء، ، وفي الموسوعة الفقهية: “مِمَّا لاَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ الْبَلَل الَّذِي يَبْقَى فِي الْفَمِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ إِذَا ابْتَلَعَهُ الصَّائِمُ مَعَ الرِّيقِ، بِشَرْطِ أَنْ يَبْصُقَ بَعْدَ مَجِّ الْمَاءِ، لاِخْتِلاَطِ الْمَاءِ بِالْبُصَاقِ، فَلاَ يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ الْمَجِّ، وَلاَ تُشْتَرَطُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْبَصْقِ، لأِنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ مُجَرَّدُ بَلَلٍ وَرُطُوبَةٍ، لاَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.”، وإن كنت تشك بابتلاع الماء مع حرصك على عدم بلعه بعد المضمضة فإن صومك صحيح ولا يبطل بمجرد الشك، فلا يتحوَّل عن صحة صومه إلا بيقين، ويمكن أن تشتبه المضمضة بالاستنشاق من حيث الحكم، والغرغرة تشتبه بالمبالغة بالاستنشاق، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم حينما علم أحد الصحابة الوضوء فقال: “أسبغِ الوضوءَ وخللْ بين الأصابعِ وبالغ في الاستنشاقِ إلا أنْ تكونَ صائمًا.” ^[3] ، ومن هنا نستنتج أن الذي ينبغي ألا يفعله الصائم هو الغرغرة لأنها كالمبالغة في الاستنشاق مخافة أن يصل الماء غلى الحلق ويتخطاه فيفطر الصائم ويحصل ما لا يحمد عقباه. ^[4]

شاهد أيضًا: حكم بيع الطعام في نهار رمضان

حكم صوم من وجد طعم حشوة السن في حلقه

إن حشو السن لا يتحلل ولا ينزل منه شيء ومجرد وجود طعم لهذا الحشو في الحلق لا يفطر الصائم بإذن الله لأنه لا ينزل منه شيء، وذلك لأن هناك قول لمجموعة من الفقهاء بأن ما لا يتحلل لا يفطر وإن وجد طعمه في الحلق، وقال الحنابلة في كتبهم بأن في ذلك وجهان الأول أنه لا يفطر والثان أنه يفطر ^[5]، والراجح أنه لا يفطر لأن استعمال الصائم للدواء ليلًا جائز فإن تمضمض جيدًا قبل الفجر وأخذ بأسباب عدم إبقاء شيء من عين الدواء ولكن بقي طعم هذا الدواء في فعليه أن يحترز من ابتلاع الريق المختلط به قدر المستطاع، وما ابتلع منه فالظاهر لا يفسد الصيام وخاصة إن لم يكن عمدًا، فترك وصول عين الدواء لا طعم ولا ريح ظاهر فلا ضير فيه. والله ورسوله أعلم. ^[6]

شاهد أيضًا: حكم بلع الحموضة في رمضان

مبطلات الصوم

هي الأمور التي تفسد الصوم ويلزم بعدها إعادته من أيام أخر، وينبغي على من يفسد صيامه من غير عذر شرعي أن يمسك عن الطعام والشراب طيلة يومه لحرمة الوقت وأن يعيد صيام هذا اليوم في أيام أخر، وهذه المبطلات هي: ^[7]

• ما وصل عمدا إلى الجوف: من طعام أو شراب أو دواء وكل ما يصل إلى البطن أو الدماغ، كإدخال الدواء عن طريق الفم أو الأنف أو الأذن كالقطرات، أو عن طريق القُبُل أو الدُّبُر كالحقن، وإن جرح نفسه قاصدًا أو جرحه غيره باختباره فوصل إلى جوفه، وكل ما يصل إلى جوفه فيغذيه كالسيروم الذي يعلقه الأطباء للمرضى في المشافي، ولكن يخرج من هذا كله إن أكل أحد أو شرب ناسيًا فليكمل صومه، لأنه ليس متعمدًا ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنأكَلَ أو شرِبَ في صَومِهِ ناسيًا، فليُتِمَّ صَومَهُ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أطعَمَهُ وسَقاهُ.” ^[8] ، وكذلك بلع الريق فليس مفطر وإن تجمع في الفم، غير أن البلغم إن تم بلعه متعمدًا بعد وصوله إلى الفم فإنه يبطل الصوم بالإجماع فهو أمر مستقذر.
• الاستقاءة: هي أن يقوم الصائم بإخراج القيء من جوفه متعمدًا، فهذا يبطل الصوم، وكذلك إن غلبه القيء وخرج مكرهًا وحاول أن يعيده بالإجبار إلى جوفه فهذا يبطل الصوم أيضًا، فإنه بذلك يعيد عين إلى جوفه وهو صائم وهذه من المفطرات ومبطلات الصوم، فإن غلب القيء صاحبه وخرج منه من غير تعمد منه فعليه ألا يرجعه إلى جوفه وليس عليه بأس ولا يبطل صومه لأن هذا خارج عن إرادته، وإن استقاء ناسيًا للصوم فلا يبطل صومه أيضًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن ذرعَهُ قَيءٌ وَهوَ صائمٌ، فلَيسَ علَيهِ قضاءٌ، وإن استَقاءَ فليقضِ” ^[9] ، وأما استخراج البلغم من الجوف عمدًا فلا يبطل الصوم.
• الجماع: يبطل الصوم بالتقاء الختانين وتغييب الحشفة بأحد السبيلين أنزل أم لم ينزل، إن كان مدركًا متعمدًا مختارًا، فإن الجماع في نهار رمضان يبطل الصوم ويورث الإثم ويوجب عليه القضاء في يوم آخر إضافة إلى الكفارة والإمساك بقية اليوم مراعاة لحرمة الوقت في نهار الصيام، وإن كفارته عتق رقبة مؤمنة فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين فإلم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
• الإنزال: إنزال المني عمدًا بمباشرة فهذا من مفطرات الصوم، أما الإحتلام خلال النوم فلا يفطر، فالصوم هو الإمساك عن شهوات البطن والفرج ومن أخلّ بأحدهما فقد أفطر.
• الحيض والنفاس والولادة: هو خروج الدم من رحم المرأة بسبب الحيض أو النفاس أو الولادة، وهذا الدم يبطل الصيام إن خرج خلال نهار الصيام وإن كان قبل المغرب بلحظة، ويوجب القضاء لقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “كان يصيبنا على عهد رسول اللهﷺ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة”. ^[10]
• الجنون والإغماء والسكر: الجنون يبطل الصيام ولو للحظة، والإغماء لا يبطل الصيام إلا إن شمل جميع النهار، وأما إن أفاق في أي جزء من النهار صح صومه، وإلا فعليه القضاء، والسكر يبطل به الصايم إن عم جميع النهار أيضًا، ولكن النوم لا يبطل معه الصيام.
• الردة: الرجوع عن الدين الإسلامي بالكفر الصريح، وهذا يبطل الصيام.

وإلى هنا نكون قد وصلنا معكم إلى ختام مقالنا هل بلع البلغم يفطر الصائم، تناولنا فيه الحكم الشرعي من بلع البلغم في نهار رمضان عمدًا ومن غير عمد ومدى طهارة أو نجاسة البلغم وإن كان بلع الصائم لريقه بعد المضمضة والغرغرة يفطره أم لا  وإن كان وجود طعم لحشوة السن في الفم مفطرة أم لا وتكلمنا أيضًا عن مبطلات الصيام، نرجو أن نكون قد وفقنا بما عرضنا ونسأل الله لنا ولكم القبول والسداد.