فضل الاستغفار في رمضان ووقته

فضل الاستغفار في رمضان ووقته
فضل الاستغفار في رمضان

فضل الاستغفار في رمضان ووقته، فللاستغفار مزيّة عظيمة قد تواترت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على ذكرها وبيان فضلها وذلك لما في الاستغفار من فوائد جمّة وبركات كثيرة يحصّلها المسلم بالمواظبة على هذا الذكر الذي يحبه الله تعالى، ولكن هل هنالك فضل للاستغفار في رمضان بخاصة، في هذا المقال سوف يكون هنالك وقفة مع بيان فضل الاستغفار عمومًا وفي شهر رمضان المبارك بخاصة.

الاستغفار في رمضان

إنّ الاستغفار في رمضان والإكثار من ذكر الله تعالى في هذا الشهر الفضيل هو دأب الصالحين والسلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، ففي شهر رمضان المبارك تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ويُقال لباغي الخير أقبل ولباغي الشر أقصر، ويعتق الله تعالى في هذه الأيام المباركة خلقًا كثيرًا من النار، فلمّا كان هذا حال الله تعالى مع خلقه في هذا الشهر المبارك فإنّ الاستغفار يكون من أولى الأمور المهمة التي ينبغي للمسلم الإكثار منها حتى يكون من الذين يعفو الله تعالى عنهم ويغفر لهم في هذا الشهر المبارك.[1]

شاهد أيضًا: فضل العشر الأواخر من رمضان

فضل الاستغفار في رمضان

إنّ للاستغفار فوائد كثيرة ومتعددة، إذ إنه يؤثر بشكل إيجابي وكبير في حياة المسلم، وفوائده تكون على مدار العام، ولكنها تكون في شهر رمضان المبارك مضاعفة أكثر، ومن فضائل الاستغفار ما يأتي:[1]

  • اتباع الكتاب والسنة: وذلك لأنّ المسلم مأمور بالاستغفار في الكتاب والسنة في كثير من الآيات والأحاديث، فإذا ما استغفر المسلم وواظب على الاستغفار فإنّه يكون متبعًا للكتاب والسنة اللذَينِ هما عماد دين الإسلام.
  • الاستغفار يجعل الإنسان سعيدًا: وذلك لأنّه يبعد عن المسلم الهموم والأحزان، وقد نص النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- على ذلك إذ قال: “مَن لَزِمَ الاسْتِغْفارَ جَعَلَ اللهُ له مِن كلِّ ضيقٍ مَخرَجًا، ومِن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورَزَقَه مِن حيثُ لا يَحتَسِبُ”،[2] وقال الله عزّ وجل في كتابه العزيز: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}،[3] فسعادة الإنسان مقرونة باستغفاره.
  • استجابة الدعاء وتحقيق المراد: فالاستغفار هو نوع من الدعاء، وبه يحصل المرء على كل ما يريده ويتمناه، فعن النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: “ما من أحدٍ يدعو بدعاءٍ إلَّا آتاهُ اللَّهُ ما سألَ أو كفَّ عنهُ منَ السُّوءِ مثلهُ ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ”،[4] والله تعالى يقول: {قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}.[5]
  • نزول رحمة الله تعالى على المستغفرين: فالمستغفرين هم من الذين وعدهم الله تعالى بالرحمة والمغفرة بنصّ كتابه العزيز، يقول تعالى جلّ من قائل: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.[6]
  • دفع النقم وجلب النعم من الله تعالى: ففي سورة نوح يقول الله تعالى على لسان نبيّه نوح عليه السلام: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.[7]
  • الاستغفار يدفع عقاب الله تعالى: وذلك كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}،[8] وفي حديث قال عنه العلماء إنّه صحيح المعنى ولكن سنده ضعيف يقول عليه الصلاة والسلام: “أنزل اللهُ عليَّ أمانينِ لأمَّتي وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفارَ إلى يومِ القيامةِ”.[9]
  • الاستغفار سبب لهلاك الشيطان ودحره: ففي كتاب مفتاح السعادة للإمام ابن القيم يقول المصنف رحمه الله: “أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلا الله، فلمَّا رأيتُ ذلك بثَثْت فيهم الأهواء، فهم يُذنِبون ولا يتوبون؛ لأنَّهم يحسَبُون أنهم يُحسِنون صنعًا”، وفي الحديث يقول عليه وآله الصلاة والسلام: “إنَّ الشَّيْطانَ قالَ: وعزَّتِكَ يا ربِّ، لا أبرَحُ أُغوي عِبادَكَ ما دامَتْ أرواحُهُم في أجسادِهِم، فقالَ الرَّبُّ تباركَ وتَعالَى: وعِزَّتي وجَلالِي لا أزالُ أغفِرُ لهم ما استَغْفَروني”.[10]
  • الاستغفار سبب لحل المشكلات وبيان الحق: ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}،[11] وفي كتاب إعلام الموقعين يروي ابن القيم عن شيخه ابن تيمية فيقول: “وشَهِدتُ شيخَ الإسلام ابنَ تيميَّة – رحمه الله – إذا أعيَته المسائل واستعصَتْ عليه، فَرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستعانة بالله واللجوء إليه، واستِنزال الصوابِ من عنده، والاستفتاح من خَزائن رحمته، فقلَّما يلبَثُ المددُ الإلهي أنْ يَتتابَع عليه مَدًّا، وتَزدلِف الفتوحات الإلهيَّة إليه، بأيَّتهنَّ يبدأ”.
  • الاستغفار سبب لانشراح الصدر: ففي الحديث يقول عليه وآله الصلاة والسلام: “إنَّه لَيُغَانُ علَى قَلْبِي، وإنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ في اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ”،[12] ويقول أيضًا عليه وآله الصلاة والسلام: “مَن أكثَرَ الاستغفارَ جعَلَ اللهُ له مِن كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ومِن كُلِّ ضِيقٍ مَخرَجًا، ورَزَقَهُ مِن حيثُ لا يَحتسِبُ”.[13]
  • الاستغفار سبب لتطهير القلب: وذلك لما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: “إنَّ المؤمنَ إذا أَذنبَ ذنبًا كانتْ نُكْتةٌ سوداءُ في قلبِهِ، فإنْ تابَ ونَزَعَ واستغفرَ سُقِلَ منها قلبُهُ، وإنْ زادَ زادتْ حتَّى يَعْلَقَ بها قلبُهُ، فذلك الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللهُ في كتابِهِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]”.[14]
  • الاستغفار من أنواع الإقرار بربوبية الله تعالى: وذلك لما جاء في الحديث القدسي: “إنَّ عَبْدًا أصابَ ذَنْبًا – ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْبًا – فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ – فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْبًا، أوْ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – أوْ أصَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أصَبْتُ – أوْ قالَ أذْنَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ”.[15]

شاهد أيضًا: متى تظهر نتائج الاستغفار ، أهم فوائد الاستغفار للمسلم

أهمية الاستغفار في رمضان

إنّ شهر رمضان هو شهر العبادات، وهو شهر الرجوع إلى الله تعالى وشهر العمل الصالح، ومن الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم أن يقوم بها الاستغفار، فقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على الاستغفار، وذلك لما في الاستغفار من أهمية وفائدة للمسلم، ومما يحصّله المرء بالاستغفار:[1]

  • الحصول على رضا الله تعالى ومغفرته: ففي حديث النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- يبيّن أهمية الاستغفار والتوبة فيقول: “ما من عبدٍ يُذنِبُ ذنبًا فيُحسِنَ الطَّهورَ ثمَّ يقومَ فيُصلِّيَ ركعتَيْن ثمَّ يستغفِرُ اللهَ إلَّا غَفَر له ثمَّ قرأ هذهِ الآيةَ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}”.[16]
  • أنّه بالاستغفار يحقق المسلم المغفرة المرجوّة في هذا الشهر المبارك: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “قال اللهُ يا بنَ آدمَ إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي يا بنَ آدمَ لو بلغتْ ذنوبُك عِنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي يا بنَ آدمَ إنَّك لو أتيتني بقِرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيْتُك بقِرابِها مغفرةً”.[17]
  • الفوز برضا الله تعالى والسعادة في الدار الآخرة: فقد جاء عن النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- قوله: “مَنْ أحبَّ أنْ تسرَّهُ صحيفتُهُ، فليُكْثِرْ فيها مِنَ الاسْتغفارِ”.[18]
  • تحقيق السعادة وإزالة الهموم والأحزان: فعن النبي محمد صلى صلى الله عليه وسلم قال: “مَن لَزِمَ الاسْتِغْفارَ جَعَلَ اللهُ له مِن كلِّ ضيقٍ مَخرَجًا، ومِن كلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورَزَقَه مِن حيثُ لا يَحتَسِبُ”،[2]
  • الاستغفار يجلب البركة: فقد جاء عن الحسن البصري أنه قال: “أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ فِي بُيُوتِكُمْ، وَعَلَى مَوَائِدِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَفِي أَسْوَاقِكُمْ، وَفِي مَجَالِسَكُمْ، وَأَيْنَ مَا كُنْتُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ وَقْتٍ تَنْزِلُ الْبَرَكَةُ”.
  • الاستغفار دواء للذنوب: ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: “يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي”.[19]
  • الاستغفار سبب للنجاة من النار: فقد دلّت كثير من الأحاديث النبوية على أنّ الاستغفار سبب من أسباب النجاة من النار، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “يا مَعْشَرَ النِّساءِ، تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفارَ، فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ”،[20] وفي حديث آخر تسأله أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فتقول: “يا رَسولَ اللهِ، ابنُ جُدْعانَ كانَ في الجاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، ويُطْعِمُ المِسْكِينَ، فَهلْ ذاكَ نافِعُهُ؟ قالَ: لا يَنْفَعُهُ، إنَّه لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ”.[21]
  • الاستغفار سبب لرحمة الله تعالى: فيقول سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ۖ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.[22]
  • الاستغفار سبب لدخول الجنة: فيقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.[23]
  • الاستغفار سبب للنصر على الأعداء: وذلك كما قال تعالى في قرآنه الكريم: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.[24]
  • الاستغفار سبب لرفع الدرجات للنفس وللوالدين: ففي الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم- في استغفار الولد لأبيه: “إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ ليَرفَعُ الدَّرجةَ للعبدِ الصَّالحِ في الجَنَّةِ فيقولُ يا ربِّ أنَّى لي هذه فيقولُ باستغفارِ ولدِك لك”.[25]
  • الاستغفار سبب لسعة الرزق وكثرة المال ونزول المطر: وكثيرًا ما وردت الآيات القرآنية مؤيدة لهذا الأمر، ومنها قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}،[3] وقوله: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}،[7]وقوله: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}.[26]

شاهد أيضًا: كيفية الاستغفار في الأسحار وفضله

سيد الاستغفار

لقد جاء عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم صيغة للاستغفار قال بأنها “سيد الاستغفار”، وقد نصّ -عليه وآله الصلاة والسلام- أنه من قال هذه الصيغة وهو مقرٌّ بها ومات بعدها فإنّ الله سبحانه يجعله من أهل الجنة بإذنه، وفيما يلي حديث النبي:

قال صلى الله عليه وآله وسلم: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ. قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ”.[27]

شاهد أيضًا: فضل صلاة التهجد في رمضان وكم ركعاتها

وقت الاستغفار في رمضان

لم يرد أي وقت للاستغفار سواء في رمضان أو في غيره، فالاستغفار في أي وقت له من الفضل ما قد جاء في كتاب الله وسنة رسوله الكريم، فقد قال الله عزّ وجل: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}،[7]فالاستغفار في أي وقت وفي أي صيغة كانت يفتح أبواب الخير للإنسان.[28]

ولكن من أفضل الأوقات للاستغفار وقت السَّحَر في الثلث الأخير من الليل، وذلك لما جاء في فضله كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ففي القرآن الكريم مدح الله تعالى المستغفرين بالأسحار فقال: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}،[29] وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وآله وسلم: “يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له”،[30] والله أعلم.[28]

وإلى هنا يكون قد تم مقال فضل الاستغفار في رمضان ووقته بعد الوقوف فيه مع بيان فضل الاستغفار عمومًا، وفضله في شهر رمضان على وجه الخصوص، وكذلك توقف المقال مع بيان بعض المسائل المتعلقة بالاستغفار في شهر رمضان المبارك.

المراجع

  1. ^ alukah.net، فوائد وثمرات الاستغفار، 23/03/2023
  2. ^ الأحكام الوسطى، عبد الله بن عباس، عبد الحق الإشبيلي، 4/317، سكت المحدث عن هذا الحديث، وقد قال في المقدمة: وإن لم تكن فيه علة كانَ سكوتي عنه دليلا على صحته.
  3. ^ سورة هود، الآية: 3
  4. ^ هداية الرواة، جابر بن عبد الله، ابن حجر، 2/410، حديث حسن.
  5. ^ سورة هود، الآية: 61
  6. ^ سورة هود، الآية: 90
  7. ^ سورة نوح، الآية: 9 - 12
  8. ^ سورة الأنفال، الآية: 33
  9. ^ الناسخ والمنسوخ، أبو موسى الأشعري، ابن العربي، 2/231، قال المحدّث: هذا معنى صحيح في سند ضعيف.
  10. ^ المستدرك على الصحيحين، أبو سعيد الخدري، الحاكم، 7881، حديث صحيح الإسناد.
  11. ^ سورة الأنفال، الآية: 29
  12. ^ صحيح مسلم، الأغر المزني أبو مالك، مسلم، 2702، حديث صحيح.
  13. ^ المستدرك على الصحيحين، عبد الله بن عباس، الحاكم، 7886، حديث صحيح الإسناد.
  14. ^ المستدرك على الصحيحين، أبو هريرة، الحاكم، 3956، حديث عال صحيح على شرط مسلم.
  15. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 7507، حديث صحيح.
  16. ^ الترغيب والترهيب، أبو بكر الصديق، المنذري، 2/385، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  17. ^ الترغيب والترهيب، أنس بن مالك، المنذري، 2/383، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  18. ^ الجامع الصغير، الزبير بن العوام، السيوطي، 8303، حديث صحيح.
  19. ^ صحيح مسلم، أبو ذر الغفاري، مسلم، 2577، حديث صحيح.
  20. ^ صحيح مسلم، عبد الله بن عمر، مسلم، 79، حديث صحيح.
  21. ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين، مسلم، 214، حديث صحيح.
  22. ^ سورة النمل، الآية: 46
  23. ^ سورة آل عمران، الآية: 135 - 136
  24. ^ سورة آل عمران، الآية: 146 - 148
  25. ^ مجمع الزوائد، أبو هريرة، الهيثمي، 10/213، حديث رجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وقد وثق.
  26. ^ سورة هود، الآية: 52
  27. ^ صحيح البخاري، شداد بن أوس، البخاري، 6306، حديث صحيح.
  28. ^ islamweb.net، الاستغفار، 23/03/2023
  29. ^ سورة الذاريات، الآية: 17 - 18
  30. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 7494، حديث صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *