هل المداعبه في نهار رمضان تفطر الصائم

هل المداعبه في نهار رمضان تفطر الصائم، حيث يحرص المسلمون على أداء الواجبات الدينية والفروض، والمحافظة على ما شرّعه الله سبحانه وتعالى، وما أسنّه الرسول صلى الله عليه وسلم، وفسر شهر رمضان المبارك تكثر الأسئلة عن الأحكام الشرعية، وما هو مباح أثناء الصيام وما هو ممنوع، وفي هذا المقال سنعرف جواب هل المداعبه في نهار رمضان تفطر الصائم أم لا.

هل المداعبه في نهار رمضان تفطر الصائم

تحمل هذه المسألة عدة وجوه من التفسير، حيث يمكن للصائم أن يداعب زوجته في نهار رمضان دون أن يفسد صيامه، ولكن يجب أن يكون عنده وعند زوجته قدرة عالية على التحكم بمشاعرهم ورغبتهم؛ كي لا يحدث إنزال عند أحدهما أو كليهما، فإذا أنزل، فقد فسد الصوم، وعليه قضاء ذلك اليوم، وعدم العودة إلى المداعبة في أي يوم من أيام رمضان، ولا يجوز للصائم في نهار رمضان أن يداعب زوجته أثناء الصيام، إذا علما، أو غلب على ظنهما أن الصوم سيفسد بسبب هذه المداعبة، وقد قال في ذلك الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في مجموع فتاواه: “ولا يحل لإنسان أن يداعب زوجته، إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبه”، وعلى ما سبق، فإنَّ يجوز للصائم المداعبة دون إنزال، فإنها لا تفسد الصيام، لكن من تيقن من نفسه أنه إذا داعب سوف ينزل، فلا يجوز له، والله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم. ^[1]

شاهد أيضًا: هل مريض السكر يفطر الصائم، حكم صيام مريض السكر النوع الأول والثاني

هل التقبيل في نهار رمضان يفطر الصائم

يجوز للزوج أن يُقبّل زوجته في نهار رمضان دون أن يُفسد صيامه، ولا حرج عليه في ذلك، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُ ويُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكانَ أمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ”^[2]، ومن ذلك ما ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله أنه قال: “هَشَشتُ يومًا فقبَّلتُ وأَنا صائم، فأتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقُلتُ: صنَعتُ اليومَ أمرًا عَظيمًا فقبَّلتُ وأَنا صائمٌ، فَقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: أرأيتَ لو تَمَضمضتَ بماءٍ وأنتَ صائم، قُلتُ: لا بأسَ بذلِكَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: فَفِيمَ”^[3]. فكما أن المضمضة لا تضر الصوم، فهكذا القبلة إذا كان ما خرج منه شيء، أما إذا خرج منه مني يبطل الصوم، أما إذا كان ما خرج شيء قبلها ولمسها ولكن لم يخرج شيء فصومه صحيح، ولو أمذى لم يضره أيضًا على الصحيح، فالمذي لا يبطل الصوم، وهو الماء اللزج الذي يخرج على أثر الشهوة، وإنما يبطل بالمني وهو الماء الغليظ الذي يخرج دفقاً بلذة بسبب الشهوة، وإذا كان يخشى خروج المني لسرعة شهوته فينبغي له ترك التقبيل، والله سبحانه تعالى ورسوله الكريم أعلم. ^[4]

شاهد أيضًا: هل شرب السجائر يفطر الصائم ، هل الجلوس مع المدخن يبطل الصيام

هل الجماع في نهار رمضان يفطر الصائم

لا يجوز الجماع بين الزوج وزوجته في نهار رمضان أثناء الصيام، فذلك مُحرم شرعًا بلا شك، وبالتالي يفسد الصوم نتيجة لذلك، ومن قام بفعل هذا، فعليه التوبة إلى الله عزّ وجل، ويجب عليه قضاء اليوم الذي أفسد صومه، كما تجب عليه الكفّارة، فهذه حدود الله سبحانه وتعالى، لا يجب أن يتجاوزها أحد، فالجماع في نهار رمضان محرم، وأما القبلة والمباشرة فتحرمُ إن غلب على الظن حصول الإنزال معها. وقال ابن قدامة في المغني: “وإذا ثبت هذا، فإن المقبل إن كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزل لم تحل له القبلة، لأنها مفسدة لصومه فحرمت عليه كالأكل، وإن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كره له التقبيل، لأنه يعرض صومه للفطر، ولا يأمن عليه الفساد”، والله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[5]

حكم مباشرة الزوجة في نهار رمضان

تجوز المباشرة والتقبيل والملامسة في نهار رمضان، ولا حرج على من يقوم بذلك، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يباشر ويقبل وهو صائم، ولكن إذاكان الشخص لا يستطيع التحكم في نفسه ويخشى الإنزال، لسرعة شهوته، فلا يجوز له أن يباشر أو يقبل أو يلامس، كي لا يِفسد صيامه، والأولى به أن يتباعد عن ذلك ولا يتساهل في هذا الشيء، فإن ضم زوجته إليه أو قبلها أو لمسها ثم خرج منه المني، فإنه يجب عليه الغسل من جهة المني وقضاء ذلك اليوم إذا كان في النهار، وليس عليه كفارة، إنما الكفارة فيما إذا جامعها، أما مجرد ضمها إليه أو تقبيلها أو ما أشبه ذلك من الملامسة هذا كله جائز ولا حرج فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه، ولكن إذا كان من طبعه سرعة الشهوة فالأولى به التباعد عن هذا الشيء حتى لا يقع في المحذور، وإذا نزل المني فإن عليه قضاء ذلك اليوم؛ لأنه يفسد الصوم وعليه قضاء ذلك اليوم، وليس عليه كفارة، هذا هو الحكم، يقضي اليوم ويغتسل من الجنابة لأنه يوجب الغسل ولكن ليس عليه قضاء، والمرأة كذلك مثله إن أنزلت بضمها أو بلمسها أو تقبيلها إن أنزلت منيٍّا فعليها الغسل وقضاء ذلك اليوم، وليس عليها كفارة، وإن لم تنزل ليس عليها شيء، والله تعالى أعلم. ^[6]

شاهد أيضًا: هل حقن فيتامين ب 12 تفطر ، هل إبرة فيتامين د تفطر الصائم

حكم الإنزال دون إيلاج في نهار رمضان

من باشر زوجته في نهار رمضان أثناء صيامه وأنزل، فقد أفسد صيامه، وعليه قضاء هذا اليوم؛ لأن الإنزال يفسد الصيام، وعلى الشخص أن يُمسك عن مباشرة زوجته أو تقبيلها إذا كان لا يستطيع تمالك نفسه، لسرعة شهوته، فالأولى له أن يؤجل ذلك إلى ما بعد الإفطار، فلا حرج عليه حينها، فالإنزال أثناء الصيام يوجب عليه قضاء اليوم؛ أي يكمل صيام هذا اليوم، ويستمر صائم فيه لا يفطر، يستمر صائمًا ويمسك، ولكن يقضيه بعد ذلك إذا كان الإنزال منيًّا، وأمّا إذا كان مذيًّا: وهو الماء اللزج الذي يخرج عند الشهوة، هذا الصحيح أنه لا يضر بالصوم ولا عليه شيء، المذي نفسه، الذي هو ماء لزج يخرج عند حدوث الشهوة، هذا يسمى المذي، هذا لا يضر على الصحيح، أما إذا أنزل المني المعروف فهذا هو الذي يقضى، ولا كفارة على الإنزال سواء كان منيًا أو مذيًا إلا بجماع، فإذا جامع الشخص فعليه كفارة، والله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[7]

حكم الاستمناء في نهار رمضان

مما لا شك فيه أنَّ الاستمناء فعلٌ محرّمٌ يفسد صيام صاحبه في رمضان إذا أنزل منيًّا، ولا يوجد خلاف في ذلك بين العلماء، ومما قاله ابن قدامة في كتاب المغني: “ولو استمنى بيده فقد فعل محرمًا، ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل، فإن أنزل فسد صومه…، وإذا قبّل زوجته فأمنى، فيفطر بغير خلاف نعلمه…”، فإنَّ طلب خروج المني بأي وسيلة سواء بيده أو بالتدلك على الأرض أو ما أشبه ذلك حتى أنزل، فإنّ صومه يفسد بذلك، وهذا ما عليه الأئمة الأربعة رحمهم الله الشافعي ومالك وأحمد وأبو حنيفة، ولكن الظاهرية أبوا ذلك، وقالوا: “لا فطر بالاستمناء ولو أمنى؛ لعدم الدليل من القرآن والسنة على أنه يفطر بذلك، ولا يمكن أن نفسد عبادة عباد الله إلا بدليل من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم”، ولكن هذا القول لا يأخذ فيه الكثير، والله سبحانه وتعالى ورسوله أعلم. ^[8]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم هل المداعبه في نهار رمضان تفطر الصائم، حيث يمكن أن يداعب الرجل زوجته دون أن يفسد صيامه، بشرط ألّا ينزل، وأما من داعب زوجته فأنزل، فقد أفسد صيامه، وعليه قضاء اليوم الذي أفسده والله أعلم.