حكم التبخيرة للصائم لرائحته الزكية أو من أجل العلاج

حكم التبخيرة للصائم من الأحكام الشرعية التي تتعلق بمسائل طبية، فالصيام فرضه الله تبارك وتعالى على المسلمين في شهر رمضان المبارك، يصومون النهار من طلوع الفجر الصادق وحتى غروب الشمس عن شهوتي الفرج والبطن، وقد أصدر أهل العلم العديد من الفتاوى الدينية الطبية والتي تتعلق بالعلاج والأدوية وحكمها أثناء الصيام، وعبر هذا المقال سيتمّ التعرّف على حكم استعمال البخار المعالج أثناء الصيام.

حكم التبخيرة للصائم

لا يحلّ للمسلم الصائم استعمال التبخيرة أو البخار المعالج لأنّه من مبطلات الصيام، فالكثير من المرضى كمرضى الربو وغيرهم يحتاجون من وقتٍ لآخر استعمال البخار المعالج أو التبخيرة من أجل علاج الرئتين وتنشيطهما، لكن أهل العلم اتّفقوا على أنّ التبخيرة تبطل الصيام، وذلك لأنّ البخار المستخدم يحتوي على رذاذ الأدوية وذراته، ويصل هذا البخار إلى الحلق ومن ثمّ الجوف، فوصوله للجوف بعنب وصول الدواء، وذلك مفسدٌ لصيام المسلم، لذا على المسلم إن أمكن له أن يؤجل العلاج إلى ما بعد وقت الإفطار، وإن لم يستطع فله أن يُفطر، قال الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ}.^[1] والله أعلم.^[2]

شاهد أيضًا: ما هي كفارة المريض الذي لا يستطيع الصوم وما مقدار تلك الكفارة

حكم صيام من استعمل البخار المستخدم للعلاج

اتفق أهل العلم على أنّ استعمال البخار للعلاج من مبطلات الصيام، وذلك لاحتوائه على على رذاذ الأدوية والعلاجات الطيّارة المستخدمة، وعند استنشاق هذا البخار والمواد التي يحتويها، فإنّ المسلم يُدخل إلى جوفه موادّ مغذية ومعالجة ستسري مع الدم، لذا فإنّ الصيام يبطل، ويجدر بالمسلم ترك هذا العلاج إذا لم يكن مضطرًا وبحاجةٍ إليه بشدّة إلى وقت الفطر بعد غروب الشمس، وأمّا إذا كان في حاجةٍ شديدة والعلاج ذو ضرورةٍ قصوى، فإنّ الصائم يُفطر متعمّدًا ويستعمل هذا العلاج، لأنّ الله تبارك وتعالى قد رخص للمسلم إن مرض أن يُفطر إذا ما أعياه المرض وزاد الصيام من المشقة والتعب، ولكنه سبحانه قد أوجب عليه أيضًا القضاء بعد البراءة من المرض، والله أعلم.^[2]

الصائم يستخدم جهاز ضخ الهواء المرطب

يجوز للمسلم استعمال جهاز ضخ الهواء الرطب أثناء الصيام، وذلك الراجح من أقوال أهل العلم، لأنّ الماء الذي يتمّ تشبيع الهواء يه قدرٌ يسيرٌ ولا يدخل المعدة والجوف، وهو أقلّ من القدر المعفى عنه في الصيام، كذلك أنّ هذا الهواء الرطب ليس بمعنى الأكل أو الشرب، ولا يسمن ولا يغني من جوع، بل بمثابة المنشط للقصبات الهوائية، وهو غازٌ لا جرم يصل للجوف، لذا فإنّ استنشاق هذا الغاز عند الحاجة أثناء الصيام لا يُفطر الصائم بإذن الله تعالى، والله أعلم.^[3]

شاهد أيضًا: كفارة مريض السكري في رمضان إسلام ويب

وصفت جهاز النيبولايزر للمريض وقالت له إنه لا يفطر الصائم

لا يصحّ للمسلم الصائم استعمال جهاز النيبولايزر، لأنّه جهازٌ يضخّ الدواء السائل على شكل رذاذٍ ليدخل إلى رئتي المريض مباشرةً، لذا فإنّ استعمال مثل هذا الجهاز يعدّ مبطلًا للصيام، لأنّ ذرات الدواء التي تُضخ مع الهواء جرمٌ يصل للجوف، وقد أفاد العلماء بأنّ الرئتين من الجوف، والدواء يكون بمعنى الأكل والشرب، لذا لا يجوز للمسلم استعماله إلا عند الضرورة، لكنّه يُفطر وعليه بعد رمضان القضاء، والله أعلم.^[4]

أنواع أدوية الربو وحكم تناولها في نهار رمضان

ذكر أهل العلم أن أدوية الربو كثيرة للغاية منها ما هو يفطر ومنها ما لا يفطر،  وهي البخاخ والأكسجين والتبخير والكبسولات، أما بالنسبة لبخاخ الربو فهو كالغاز المضغوط الذي يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين من خلال القصبة الهوائية وهدفه توسيع الرئتين، ولا يعد أكلًا أو شربًا ولا يشبههما، وقد ذكر أهل العلم أن استعماله لا يفطر الصائم، وبالنسبة للأكسجين فإنه كذلك لا يعد أكلًا أو شربًا ولا يشبههما، ولذلك فإنه لا يفطر الصائمين، أما التبخير فهو  جهازي يقوم بتحويل الدواء إلى رذاذ وبخار، ويتم ضخه بسرعة ليدخل إلى الجوف الرئتين ونحوه، ولا يمكن للمريض أن يمنع دون وصول هذا الرذاذ إلى الجوف وبالتالي فالمريض إن استعمله يفطر ويقضي مكانه يومًا آخر، أما النوع الأخير من أدوية الربو والتي هي الكبسولات، يكون الدواء على شكل بودرة جافة يتم إدخالها عن طريق الفم وهذه الكبسولات كذلك تفسد الصيام ولذلك المريض الذي يستعملها يقضي نهارًا مكانها.^[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام 31 يوم في شهر رمضان

حكم استعمال الأكسجين في رمضان للمصابين بالربو

ذكر أهل العلم ومن بينهم الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن استعمال الأكسجين في رمضان للمصابين بمرض الربو لا يضر ولا يفسد معه الصيام، ولا خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، ولذلك فإن المسلم المريض بالربو لو اضطر لاستعمال هذا الدواء الأكسجين فلا حرج عليه وصيامه صحيح، وذلك لأن الأكسجين ليس بطعام ولا شراب ولا يشبههما ولذلك لا يضر الصوم والله ورسوله أعلم.^[6]

حكم استعمال الصائم لبخاخ ضيق التنفس

إن استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان لا يبطل الصوم، وذلك لأن بخاخ الربو عبارة عن غاز مضغوط يكون طريقه للرئتين ولا يعد طعامًا ولا يشبهه، وقد جاءت الكثير من الأقوال فيه عن أهل العلم، ومن أقوالهم ما يأتي:^[7]

• قول الشيخ ابن عثيمين: “هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة ، فحينئذٍ نقول : لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم ، ولا تفطر بذلك”.
• قول الشيخ ابن باز: “إذا كان للضرورة لا لا يفطر -إن شاء الله-، إذا كان للضرورة؛ لأنه ليس شرابًا ولا طعامًا، إنما هو ينفس، هواء ينفس المكظوم، فالصواب أنه لا يفطر، لكن عند الضرورة، نعم”.
• قول علماء اللجنة الدائمة للفتوى: “دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقاً يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة ، فليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما . . . والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء”.

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان

حكم استنشاق البخار للصائم

يختلف البخار بأنواعٍ عديدة فالمستعمل للعلاج فإنه يفطر لأنّه  يحتوي على رذاذ أدوية ويصل إلى الحلق فهو مفطر وعلى المريض الذي يستعملها أن يقضي يومًا مكانه، أما أن يستنشق الصائم البخار الذي ينتج من الحمام الساخن أو في مكان الطبخ أو العمل، الذي يدخل فيه البخار إلى جوف الصائم من غير تقصد أو من غير أن يستطيع أن يرده ويدفعه، فاستنشاق هذا البخار لا يفطر أبدًا والله ورسوله أعلم.^[8]

في الختام، تم عرض حكم التبخيرة للصائم، والذي تم معه بيان حكم صيام من استعمل أدوية الربو وأمراض التنفس، وحكم استعمال الأوكسجين واستعمال البخاخ لضيق التنفس في شهر رمضان المبارك.