هل يجوز الطلاق في رمضان وهل يقع وما شروط وقوع الطلاق

هل يجوز الطلاق في رمضان وهل يقع وما شروط وقوع الطلاق
هل يجوز الطلاق في رمضان

هل يجوز الطلاق في رمضان وهو ما سيتم بيانه في هذا المقال، حيثُ يعتبر من الأحكام الشرعية المهمة والتي يبحث عنها المسلمون في شهر رمضان، حيثُ إنّ الطلاق من المسائل الحساسة في الإسلام، وقد شرع الله -سبحانه وتعالى- الطلاق كما شرع الزواج، ولكنّ لتلك المشروعيّة ضوابطٌ وشروط، على الرغم من أنّ الطلاق حلال إلا أنه أبغض عند الله -تعالى- من بين الأمور الّتي حللها للإنسان، وذلك لأن آثاره عظيمة ًوبغيضة وسلبيّة، ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان مفهوم الطلاق في الإسلام، وهل يجوز الطلاق في رمضان.

الطلاق في الإسلام

إنّ الطلاق أمرٌ مشروع في الشريعة الإسلامية، وهو يشير إلى انتهاء الرابطة الزوجية بين الزوجين، وقد وردت مشروعيته في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وبإجماع أهل العلم، فقد قال تعالى: {لطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[1]، ولكن أوصى الدين الإسلاميّ بإيفاء العقود والعهود كعقد النكاح، ففيه تحصينٌ للنفوس والفروج وسكينة للأنفس وطمأنينة للزوج والزوجة، كما حثّ الإسلام دائمًا على ما يسبب الديمومة لهذا العقد المبارك، وأمر الزوجين بالصبر على بعضهما البعض، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ”[2]، وقد أمر الدّين الإسلامي الحنيف بمن كانت بيده عصمة النكاح ألا يتّخذ قرارًا الطلاق بناءً على موقفٍ ما  أو حالة غضب، بل من الأفضل المحاولة على حل الأمور فيما بينهما، فإن لم تنفع الموعظة عليهما أن حكّما أحدًا من الأهل، لقوله تعالى سورة النساء: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[3]، فإذا تعذّرت كلّ أسباب الصلاح والتوافق بينهما حينها يكون مشروعًا الطلاق في الدّين الإسلاميّ، والله ورسوله أعلم.[4]

هل يجوز الطلاق في رمضان

إنَّ حكم الطلاق في رمضان له نفس الحكم في غير رمضان أو في غيره من الأيام والشهور، فحكمه ثابت في كل الأوقات والأزمنة، فالطلاق أمرٌ مشروع في الشريعة الإسلامية في رمضان وفي غيره، وقد وردت مشروعيته في القرآن والسنة بإجماع أهل العلم، ومنها قول الله -تعالى- في سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا}[5]، كما لم يرد دليلٌ أو نصٌّ شرعيٌّ يدلّ على تحريم الطلاق في رمضان، وما لم يرد فيه نهيٌ ولا تحريم، فالأصل فيه الإباحة، ويجدر بالذّكر إلى أنّ الطلاق الأصل فيه الكراهة من غير سبب والإباحة بسببٍ وعذرٍ شرعي، وقد جاءت الحكمة من الطلاق بأنه ربما يفسد الحال بين الرجل وزوجته فيطلقها إن كان بقاء النكاح يسبب لهما مفسدة أو ضررًا، ولذلك شرع الله -عزّ وجل- الطلاق ليزيل النِّكاح وتزال المفسدة في حال وجودها.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز للمطلقه أن تزوج نفسها بدون ولي

هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم

لا يختلف حكم الطلاق باختلاف الزمن، فحكم الطلاق ثابت في كل الأوقات والأزمنة، حيث إنّ الطلاق في الأشهر الحرم كالطلاق في غيره من الشهور؛ لأن الدليل الشرعي ينطبق في كل الأحوال، فقد قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[1]، حيث إنّ هذه الآية دليل على مشروعية الطلاق ولم يرد فيها تحريمه في زمان معين، وهكذا يجوز الطلاق في الأشهر الحرم كما يجوز في غيره، فالطلاق حتى وإن كان أبغض الحلال عند الله -سبحانه وتعالى- إلا أنه من الحقوق التي كفلها الله -تعالى- للزوجين عند عدم القدرة على الاستمرار في الحياة مع بعضها البعض، فيعتبر الطلاق في هذه الحالة هو الحل الوحيد لانتهاء علاقة مسمومة ضررها أكبر من نفعها.[6]

هل يجوز الطلاق في الحيض

لا يجوز الطلاق في الحيض، فقد اتفق الأئمة الأربعة على حرمة طلاق المرأة في فترة الحيض، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا}[5]، حيثُ تشير” فطلقوهنَّ لعدتهنَّ” أي طلقوهنَّ في الوقت الذي يبدأن فيه بالعدة، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم هذا الطلاق لرفع الضرر عن المرأة، لأن عدّتها من الطلاق تكون ثلاثة أطهار، ويزيد ذلك عليها بضعة أيام حيضها التي وقع فيها الطلاق فوق المدة المعتبرة شرعًا مما يزيد مشقةً على المرأة، فتظل ثلاث حيضات وبعض حيضة، وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّه لا يجوز للرجل إيقاع الطلاق على زوجته في فترة الحيض، والله أعلم.[7][]

شروط وقوع الطلاق

يعتبر الطلاق من المسائل المهمة في الشريعة الإسلامية، وقد بيّن أهل العلم بأنّ للطلاق شروطاً لا بدّ من توافرها حتى يقع الطلاق، وفيما يأتي سيتم بيان الشروط الواجب توفرها في المطلق والمطلقة ولفظ الطلاق، وتتمثل هذه الشروط على النحو الآتي:[8]

  • شروط الطلاق المرتبطة بالمطلق: فقد ذكر أهل العلم بأن هناك بعضًا من الأمور التي لا بدّ من توافرها في المطلق ليصح طلاقه وهي:
    • أن يكون زوجًا بينه وبين المطلقة زواجًا صحيحًا.
    • أن يكون بالغًا فلا يقع طلاق الصغير بقول جمهور أهل العلم.
    • أن يكون عاقل فقد ذهب أهل العلم إلى أنّ طلاق المجنون أو المعتوه لا يقع واختلفوا في طلاق السكران، بدليل ما ورد عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنه قال: “رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقلَ”[9].
    • القصد والاختيار فلا يكون مجبرًا على الطلاق، لِقوله -تعالى- في محكم تنزيله: {إِلّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئِنٌّ بِالإيمانِ}[10].
  • شروط الطلاق المتعلقة بالمطلقة: من المهم أن تتحقق مجموعة من الأمور في المطلقة ليقع الطلاق عليها، ومن تلك الشروط:
    • قيام الزوجية حقيقة أو حكم على خلاف بعض الصور والحالات الداخلة تحت الشرط.
    • تعيين المطلقة بالإشارة وبالصفة أو بالنية وهو شرطٌ اتفق عليه أهل العلم.
  • شروط الطلاق المتعلقة بلفظ الطلاق: حيثُ إنّ لفظ الطلاق هو صيغته، أي اللفظ الذي يتم التعبير به عنه، لفظًا أو كتابة، وشروطه هي:
    • القطع أو الظن بحصول اللفظ وفهمه، فيجتمع عند الرجل اللفظ مع فهم اللفظ.
    • نية وقوع الطلاق باللفظ، وهذا يخص الكنايات من الألفاظ من غير الصريح.

شاهد أيضًا: هل يجوز للرجل ان يتزوج اخت ارملته

أنواع الطلاق في الإسلام

بينت الشريعة الإسلامية إلى أنّ هناك أربعة أنواع للطلاق، وفيما يأتي سوف نلقي الضوء على هذه الأنواع الأربعة بالتفصيل:[11]

  • الطلاق الرجعي: وهو الطلاق الذي يقع عندما يطلق الرجل زوجته الطلقة الأولى والطلقة الثانية فقط، بحيث يجوز له أن يرجعها إلى عصمته قبل انقضاء فترة العدة، ويمكن فيه للزوج أن يرجع زوجته إليه مباشرة بمجرد أن يقول لها أرجعتك إلى عصمتي أو أي لفظ آخر يدل على ذات المعنى.
  • الطلاق البائن:   وهو الطلاق الذي لا يمكن للزوج أن يعيد زوجته إليه دون عقد ومهر جديد ودون رضاها، وينقسم إلى قسمين وهما:
    • الطلاق البائن بينونة صغرى: وهو الطلاق الذي يمكن فيه للرجل أن يرجع زوجته بعقد جديد ومهر جديد وإذن وليها وحضور الشهود، ويكون هذا الطلاق بعد انتهاء العدة بعد الطلقة الأولى أو بعد الطلقة الثانية.
    • الطلاق البائن بينونة كبرى: وهو الطلاق الذي يكون بعد الطلقة الثالثة، وعند ذلك لا يجوز للزوج أن يرجع زوجته إلى عصمته إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره، ويكون زواجًا صحيحًا وحدثت الخلوة والوطء ثم حدث الطلاق أو مات عنها زوجها، وبعدها يمكن لها أن تتزوج من زوجها الأول بعقد ومهر جديد، ولكن على ألا يكون ذلك مخططًا له مسبقًا.
  • طلاق الخلع: وهو أن تطلب المرأة الطلاق ويتم الاتفاق بينها وبين الزوج على الخلع، وفي هذا النوع من الطلاق تتنازل المرأة عن جميع حقوقها وعن نفقتها بشكل كامل حتى تحصل على الطلاق، فيحق لها الحصول على حضانة الأولاد وعلى نفقة الأطفال كاملة فقط.
  • طلاق القاضي: وهو أحد أنواع الطلاق الذي يقوم به القاضي رفعًا للضرر الواقع على المرأة، ويعتمد هذا الطلاق على عدّة أسباب ومنها، غياب الزوج لفترة طويلة بدون تبرير، أو اختطاف الزوج، أو وقوع الزوج أسيرًا أو سجينًا لفترة طويلة، أو هجران الزوج لزوجته دون نفقة، حيثُ إنّ كل تلك الأسباب يراها القاضي موجبة للطلاق.

شاهد أيضًا: حكم طلاق الحائض الطلقة الثالثة

الحكمة من مشروعية الطلاق

إنّ الطلاق جائزٌ ومباحٌ ودليله ثابتٌ في القرآن الكريم والسّنّة المباركة والإجماع عند المسلمين، فقد شرع الله -تعالى- الطلاق في الإسلام كوسيلة علاج أخيرة يمكن استخدامها  من قبل الزوجين عندما لا تنفع أية حلول أخرى، ولكن رغم إباحته فهو أبغض الحلال، لما فيه من تفرقةٍ وبعدٍ وتفكّك للأسرة، فقد قال تعالى في الآيات الكريمة: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[1]، فقد جاء الطلاق بمثابة التخفيف من مشاعر الكره والعداوة بين الزوجين، والانتهاء من المشاحنات والخصومات التي تنشأ بينهما، والتي قد يترتب عليها عدم إقامة شرع الله -تعالى- وعدم إيفاء كل منهما بالواجبات المفروضة عليها، لذا يعتبر الطلاق في هذه الحالات هو العلاج والحل الأنسب، لأنه يتيح للطرفين المتفرّقين برؤية حياةٍ جديدةٍ وبدايةٍ جديدةٍ لكلٍّ منهما، فلولا الطلاق لانتشر الفساد بين الأزواج مما سيؤدي إلى حدوث ظلمٍ أو مشاكل للطرفين، لهذا اختار الشرع الحنيف أخف الضررين وأهون الشّرين.[12]

وهكذا نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان هل يجوز الطلاق في رمضان، فقد عرفنا في هذا المقال بعضًا من المعلومات حول الطلاق في الإسلام، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السُّؤال المطروح، ثمّ بيّنا هل يجوز الطلاق في الأشهر الحرم، وهل يجوز طلاق الحائض، وأدرجنا أنواع الطلاق في الإسلام، كما ختمنا مقالنا ببعض المعلومات عن الحكمة من مشروعية الطلاق، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة ، الآبة 229
  2. ^ صحيح مسلم ، أبو هريرة، مسلم، 1469،صحيح
  3. ^ سورة النساء، الآية 35
  4. ^ alukah.net، الطلاق في الإسلام، 05/04/2023
  5. ^ سورة الطلاق، الآية 1
  6. ^ islamweb.net، الطلاق في رمضان، 05/04/2023
  7. ^ aliftaa.jo، طلاق الحائض يقع، 05/04/2023
  8. ^ islamweb.net، شروط صحة الطلاق من حيث المطلِق والمطلقة والصيغة، 05/04/2023
  9. ^ الخلافيات للبيهقي، علي بن أبي طالب، البيهقي، 3584، حسن
  10. ^ سورة النحل، الآية 106
  11. ^ wikiwand.com، الطلاق في الإسلام، 05/04/2023
  12. ^ shamela.ws، مشروعيته: الطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع:، 05/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *