كيف أحسب زكاة الاسهم والسندات وهل هي واجبة

كيف أحسب زكاة الاسهم والسندات وهل هي واجبة، سؤالٌ سيتمّ بيان وتوضيح إجابته الصحيحة ضمن هذا المقال، فالزكاة من الفروض الشرعيّة التي فرضها الله تعالى على المسلمين، وجعلها ركنًا من الأركان الخمسة التي يقوم عليها دين الإسلام الحنيف، وقد أمر الله تعالى بتأديتها لأنّها حقٌّ للفقراء والمحتاجين وغيرهم في أموال المسلمين، ومن واجب المسلم الالتزام بهذا الواجب الشرعي، لكن كيف للمسلم أن يحسب زكاة الأسهم التي يملكها؟

الحكم الشرعي في التعامل بالأسهم

إنّ الأصل في حكم التعامل بالأسهم وتداولها هو الإباحة ما لم يرد دليل تحريمٍ فيها، ولقد قال أهل العلم أنّ تداول الأسهم وبيعها وشراؤها مباحٌ وحلالٌ ما دامت الشّركات التي تملك الأسهم لا تمارس المعاملات والتجارة التي حرّمها الله تعالى كتجارة الممنوعات والخمور والتبغ، كذلك لا تكون من الشركات التي تتعامل بالرّبا والفوائد وغيرها، ولقد أعلنت عن ذلك اللجنة الدائمة للإفتاء والمجمع الفقهيّ في جدّة، كذلك قال فيه  الكثير من العلماء كابن عثيمين والقرضاوي رحمهما الله تعالى، حيث لم يرد في هذه المسألة دليل إباحةٍ أو تحريم، والأصل في الشريعة الإباحة لكلّ ما لم يرد به دليل، لكنّ يجب على المسلم الحرص على معرفة أصول الشركة التي يتعامل معها ومعرفة نوعية التجارة والمعاملات التي تقوم بها، والله أعلم.^[1]

شاهد أيضًا: كيفية اخراج الزكاة عبر تطبيق زكاتي 1444

كيف أحسب زكاة الاسهم

قد تعدّدت واختلفت آراء الفقهاء والعلماء في مسألة حساب زكاة الأسهم، فالمسلم من واجبه إذا عرف أن قيمة أسهمه قد بلغت النصاب وحال عليها الحول أن يخرج زكاتها ويعطيها للمستحقين من الناس، وهناك من العلماء ما يعدّ أسهم الشركة حصة مشاعة من أموال الشركة التي باعت الأسهم، وهناك من يعتبرها عرضًا تجاريًا تجب يه زكاة العروض التجارية، وفي الآتي نعرض أقوال العلماء في كيفية حساب زكاة الأسهم:^[2]

• القول الأول: يجب حساب زكاة الأسهم بحسب طبيعة عمل الشّركة ومجالها، فإن كانت الشركة تعمل في المجال الصناعيّ، فإنّ الزكاة تُحسب من الأرباح فقط التي يتحصّل عليها المسلم من الأسهم، ولا تجب الزكاة في الآلات والمعدات، فتحسب الأرباح فإن بلغت النصاب أخرج المسلم زكاتها، وإن كان الشركة تعمل في التجارة، فزكاة المال تكون في قيمة الأسهم الموجودة في السوق مع إضافة الأرباح إليها، وتُخصم منها قيمة المباني والمعدات الموجودة وما فاض من المال بعد الخصم إن بلغ النصاب وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة.
• القول الثاني: يجب على المسلم حساب زكاة الأسهم التي يملكها بحسب النية التي اشترى بها المسلم هذه الأسهم والقصد منها ونوعيّتها، فإن كان قد اشتراها بغرض المشاركة في شركة صناعية فإنّ زكاة الأموال تكون من الأرباح بعد خصم قيمة الآلات وغيرها، وأمّا إن كانت نية الشراء لغرض التجارة، فالزكاة تكون عروضًا تجارية وتحسب بحسب قيمة الأسهم في السوق، وأمّا إن كانت نيته بغرض الزراعة أو العمل في شركةٍ زراعية، تكون الزكاة زكاة الثمار والمحاصيل والزروع، وبذلك فإنّ الزكاة عند بعض أهل العلم تكون بحسب طبيعة نوعية الأسهم والقصد من شرائها.
• القول الثالث: أمّا عن القول الثالث فهو أنّ زكاة الأسهم تكون زكاة العروض التجارية بغضّ النظر عن طبيعة عمل الشركة ونشاطها، أو النية والقصد من شراء الأسهم، وأمّا الشركات الصناعية المعروفة فإنّ زكاة الأسهم تكون فيها من الأرباح الصافية فقط، بعد خصم الأصول الثانية وحساب الأرباح كلّها.
• القول الرابع: تُحسب زكاة الأسهم من خلال الشركة الأساسية التي تملك الأسهم، حيث تقوم باعتبار جميع الأسهم وقيمتها كأنّها لفردٍ واحدة، ومن خلال حساب القيمة يتمّ استخراج زكاة الأموال، وأمّا إن لم يكن هذا الأمر مدرجًا في قوانين الشركة، فيمكن لصاحب الأسهم معرفة قيمة أسهمه وحده فيخرج زكاتها، وأمّا إن لم يستطع معرفة ذلك فعليه بالنظر إلى نيّته وقصده من شراء هذه الأسهم وإخراج قيمة الزكاة بناءً على ذلك.

شاهد أيضًا: هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها وما هي شروط الزكاة في الإسلام

كيفية زكاة الأسهم ابن باز

قال ابن باز رحمه الله في مسألة كيفية حساب زكاة الأسهم، أنّ الأمر فيه تفصيل، حيث يمكن للشركة أن تحسب زكاة الأموال كأنها لشخصٍ واحدة، وتستخرج منها أموال الزكاة وتعطيها للجهات المختصة لتوزيعها على المستحقين للزكاة، فإن لم تقم الشركة بذلك فإنّ المسلم ينظر ويحسب قيمة أسهمه في هذه الشركة ويزكّي عنها، وإن كانت نيته من شراء الأسهم للبيع والشراء بما يُباع ويُشترى فإنّ زكاته تكون زكاة العروض التجارية، أما لو كانت من أجل الزراعة، فزكاته من زكاة الثمار والزروع، وإن كانت صناعية فزكاته تكون من أموال الأرباح إن بلغت النصاب وحال عليها الحول، ولكن إن كان قد اشترى أسهمًا لا يقصد منها الربح أو بل يُقصد منها أصل كالسكن والأشياء التي لا تُباع فلا زكاة عليها والله أعلم.^[3]

كيف أحسب زكاة السندات

لا يجوز للمسلم التعامل بالسندات وبيعها وشرائها في الشّريعة الإسلامية، لأنها صورةٌ من صور الربا، والربا من الكبائر، لكن على من كان لديه أموالٌ على شكل سنداتٍ أن يقدّر قيمتها فإن بلغت النصاب وحال عليها الحول وجبّت الزكاة، وزكاة المستندات تكون كزكاة الدين المؤجل، ويضيف إليها صاحبها إذا كان لديه عروض تجارةٍ أو نقودٍ فائضة وغيرها ممّا يجب عليه الزكاة، ويخرج ربع العشر منها حتى لو لم يستطع صاحبها أن يفكها لسنوات، فإنّه يدفع الزكاة بعد فكّها عن كلّ السنين السابقة، ولا تسقط عنه في أي حالٍ من الأحوال، والله أعلم.^[4]

شاهد أيضًا: من شروط وجوب الزكاة في الذهب والفضة

هل الشركات والمساهمين يدفعون الزكاة على نفس الأسهم

لا يمكن دفع زكاةٍ مضاعفةٍ على الأسهم نفسها من قبل الشركة ومن قبل صاحب الأسهم، فإمّا أن تدفع الشركة المالكة للأسهم مبلغ الزكاة المستحق والذي يتمّ حسابه بعد معرفة قيمة الأسهم كلّها وتقدير الأرباح وخصم الأصول، يتمّ إخراج مبلغ الزكاة بحسب نوعية وطبيعة عمل الشركة، سواءً تجارية أو صناعية أو زراعية، وأما إن لم يكن في قانون الشركة شيءٌ يفرض على الإدارة دفع زكاة الأسهم، فإنّه من واجب المسلم صاحب الأسهم تقدير قيمة أسهمه في السوق ودفعها وفقًا لأصول الزكاة سواءً دفعها كعروض تجارية أو زروع وثمار أو أموال تؤخذ من الأرباح، لكن لا يدفعها المسلم مرتين.

هل تجب الزكاة على المحفظة الاستثمارية

قد أصدر مجمع الفقه الإسلاميّ قرارًا خلال دروته السادسة عشر أنّه من واجب المسلم دفع زكاة المال المجمّد أو المال المخزن ضمن محافظ استثماريّة، كذلك تجب الزكاة في أرباحها، والمسلم إن لم يستطع سحب هذه الأموال فإنّه يقدر زكاتها بعدد السنين التي لم يُخرج عنها الزكاة وقد حال عليها الحول وبلغت النصاب، أي استوفت جميع شروط الزكاة، سواءً كانت طويلة الأمد أو قصيرة الأمد، فالزكاة واجبةٌ في جميع الأحوال ولا تسقط عن صاحب المحفظة الاستثمارية إطلاقًا.^[5]

شاهد أيضًا: حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

ما هو مقدار الزكاة في المال

أوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين الزكاة في المال والذهب والفضة والعقارات والأسهم التجارية والأموال المستثمرة في الصناعة، كذلك المحاصيل الزراعية والدواب، وبيّن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خلال الأحاديث النبويّة قيمة زكاة كلّ نوعٍ من أنواع المال، وأمّا عن العملات الورقيّة، فإنّ المسلم إن ملك المال من عملٍ أو ورثٍ أو ربحٍ وغيرها، وبلغ النصاب المقدّر له في الشريعة الإسلاميّة كذلك حال عليه الحول واستوفى جميع شروط الزكاة، وجب عليه أن يُخرج منه ربع العشر، أي من كلّ مئةٍ ريالٍ على سبيل المثال ريالين ونصف، ومن كلّ ألفٍ خمسٌ وعشرون، فربع العشر هو مقدار الزكاة في المال أي العملات الورقية، والله أعلم.^[6]

متى تجب الزكاة في المال

تجب الزكاة على النقود والأموال إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول وهي تبلغ النصاب، ونصاب الأموال هو أن يكون المسلم قادرًا بماله هذا على شراء خمسٍ وثمانين غرامًا من الذهب، أو خمسمائةٍ وخمسٍ وتسعين غرامًا من الفضّة، فإن حال على المال الحول والمال بالغٌ للنصاب فتجب على المسلم الزكاة، أمّا إن زادت قيمة الذهب ونقص المال لم يعد قادرًا على شراء الذهب فإنّ الزكاة تسقط حتى يعود المال ويبلغ النصاب مرّةً أخرى، والله أعلم.^[7]

شاهد أيضًا: زكاة الفطر حبوب ام نقود وما هو الأصح بحسب أقوال الأئمة

هل تجب الزكاة في المال المدخر كل عام

أوجب الشرع الإسلاميّ الزكاة على المال المدخر في كلّ عام إن حال عليه الحول وبلغ النصاب، وفي العام التالي لا تكون الزكاة على الفائض من المال بل تكون على المال كلّه مشتملًا الزيادة الحاصلة، أمّا إن حال عليه الحول ونقصت قيمته فلم يبلغ النصاب فإنّ الزكاة تسقط عنه، والله أعلم.^[8]

بهذا يكون الختام في مقال كيف أحسب زكاة الاسهم والذي من خلاله بينا الطريقة الصحيحة لحساب وإخراج زكاة الأسهم والأموال المستثمرة والمدخرة عند مختلف أهل العلم، إلى جانب الحديث عن متى تجب الزكاة على الأموال وما هي قيمتها.