عناصر المقال
شرح قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي هذه القصيدة التي تُعدّ من بين أبرز القصائد الشعرية التي تم تلحينها وغناؤها من قبل كبار الملحنين والمغنين في العالم العربي، حيث لحنها وغناها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وهي من أجمل القصائد الشعرية التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على كاتب هذه القصيدة وسنمر على نص هذه القصيدة وشرحها كاملة وسوف نمر على معاني المفردات في قَصيدة مُضناك جَفاه مَرقده.
كاتب قصيدة مضناك جفاه مرقده
إنّ الشاعر الذي كتب قصيدة مُضناكَ جَفاه مرقَده هو الشاعر أحمد شوقي الملقب بأمير الشعراء، وهو أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك، ولد في يوم السادس عشر من شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 1868 ميلادية، وهو من الشعراء المصريين المعروفين في القرن الشعرين ومن أشهر الشعراء العرب عبر كل العصور، وكان شوقي قد وُلد في العاصمة المصرية القاهرة من أم يونانية تركية ومن أب شركسي، درس في كُتاب الشيخ صالح وحفظ القرآن الكريم وتعلم اللغة العربية، ثم تابع دراسته في مدرسة المبتديان الابتدائية، وقد ظهر اهتمامه الكبير في الشعر من خلال اهتمامه الكبير بالدواوين الشعرية للعرب من صغره، وجدير بالقول إنّ أحمد شوقي اشتهر بشكل كبير بأنّه أول شاعر كتب الشعر المسرحي في تاريخ العرب، كما أنّه كتب الكثير من القصائد الرائعة في مديح الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد تُوفي شوقي في يوم الرابع عشر من شهر أكتوبر تشرين الأول من سنة 1932 للميلاد تاركًا وراءه إرثًا شعريًا وأدبيًا عظيمًا. [1]
نص قصيدة مضناك جفاه مرقده
نعرض فيما يأتي نصّ قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي:
مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ * * * وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ
حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ * * * مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ
أَودى حَرَفاً إِلّا رَمَقاً * * * يُبقيهِ عَلَيكَ وَتُنفِدُهُ
يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ * * * وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ
وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ * * * وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ
وَيُعَلِّمُ كُلَّ مُطَوَّقَةٍ * * * شَجَناً في الدَوحِ تُرَدِّدُهُ
كَم مَدَّ لِطَيفِكَ مِن شَرَكٍ * * * وَتَأَدَّبَ لا يَتَصَيَّدُهُ
فَعَساكَ بِغُمضٍ مُسعِفُهُ * * * وَلَعَلَّ خَيالَكَ مُسعِدُهُ
الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ * * * وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ
قَد وَدَّ جَمالَكَ أَو قَبَساً * * * حَوراءُ الخُلدِ وَأَمرَدُهُ
وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ * * * يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ
جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي * * * أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ
قَد عَزَّ شُهودي إِذ رَمَتا * * * فَأَشَرتُ لِخَدِّكَ أُشهِدُهُ
وَهَمَمتُ بِجيدِكِ أَشرَكُهُ * * * فَأَبى وَاِستَكبَرَ أَصيَدُهُ
وَهَزَزتُ قَوامَكَ أَعطِفُهُ * * * فَنَبا وَتَمَنَّعَ أَملَدُهُ
سَبَبٌ لِرِضاكَ أُمَهِّدُهُ * * * ما بالُ الخَصرِ يُعَقِّدُهُ
بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ما * * * لا يَقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ
ما بالُ العاذِلِ يَفتَحُ لي * * * بابَ السُلوانِ وَأوصِدُهُ
وَيَقولُ تَكادُ تُجَنُّ بِهِ * * * فَأَقولُ وَأوشِكُ أَعبُدُهُ
مَولايَ وَروحي في يَدِهِ * * * قَد ضَيَّعَها سَلِمَت يَدُهُ
ناقوسُ القَلبِ يَدُقُّ لَهُ * * * وَحَنايا الأَضلُعِ مَعبَدُهُ
قَسَماً بِثَنايا لُؤلُؤها * * * قَسَمَ الياقوتُ مُنَضَّدُهُ
وَرُضابٍ يوعَدُ كَوثَرُهُ * * * مَقتولُ العِشقِ وَمُشهَدُهُ
وَبِخالٍ كادَ يُحَجُّ لَهُ * * * لَو كانَ يُقَبَّلُ أَسوَدُهُ
وَقَوامٍ يَروي الغُصنُ لَهُ * * * نَسَباً وَالرُمحُ يُفَنِّدُهُ
وَبِخَصرٍ أَوهَنَ مِن جَلَدي * * * وَعَوادي الهَجرِ تُبَدِّدُهُ
ما خُنتُ هَواكَ وَلا خَطَرَت * * * سَلوى بِالقَلبِ تُبَرِّدُهُ
شرح قصيدة مضناك جفاه مرقده
نقدم فيما يأتي شرح قَصيدة مُضناك جَفاه مَرقده وتحديدًا شرح الأبيات الشائعة والمنتشرة من هذه القصيدة وهي الأبيات المُغناة التي غناها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب:
- مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ * * * وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ
حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ * * * مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ
يقول الشاعر أحمد شوقي إنّ المضنى من الحب قد جافاه النوم وأتبعه السهاد والقلق فبكى وترحم على الأيام الجميلة، ثم يقول إنّ هذا المضنى يعيش حيران القلب معذبًا من شدة الألم الذي ألمّ به، مكسور الجفن مسهد في ليله لا يعرف طعم النوم ولا الراحة، فهذا البيت تأكيد لحالته التي ذكرها في البيت الأول.
- يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ * * * وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ
وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ * * * وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ
إنّ المقصود بالورق هو كل لون أبيض دخل فيه السواد، فيقول إنّ كل أبيض يصبح أسود عندما يسمع تأوه العاشقين، وربما قصد شوقي هنا الغزال الأبيض، فهذه القصيدة هي رد أو معارضة شعرية لقصيدة الحصري التي يقول فيها: كلف بغزال ذي هيف، وهنا يرد شوقي عليه بقوله الورق قاصدًا الغزال الأبيض الذي يتحول إلى أسود من شدة تأوه العاشق، ثم يقول إنّ تنهد العاشق قادر على إذابة الصخر تمامًا.
ثم يقول بعد ذلك إنّه من شدة العذاب والمعاناة التي يعيشها العاشق فإنّه يجلس ويناجي النجم فيتعب من المناجاة، ويتعب النجم من شدة ما يرى من معاناة هذا العاشق.
- الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ * * * وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ
وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ * * * يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ
يقسم الشاعر في هذه الأبيات بالحسن والجمال الذي كان يتمتع به سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، ويقسم بالسورة التي تحدثت عن قصة نبي الله يوسف، ثم يذكر حادثة النساء اللواتي قطعن أيديهن عندما رأين جمال نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام، ويقول: إنّ هؤلاء النسوة يتمنين أن تُبعث أيديهن من جديد ليعيدوا تقطيعها عندما يشاهدن حسن المحبوب وجماله.
- جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي * * * أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ
قَد عَزَّ شُهودي إِذ رَمَتا * * * فَأَشَرتُ لِخَدِّكَ أُشهِدُهُ
يقول الشاعر إنّ عيناك يا محبوبي قد جحدتا ما رأتا من دمي المسفوك على الأرض ثم يتساءل ما إذا كان خد المحبوب سوف يجحد أيضًا كما جحدت عيناه، ثم يقول إنّه لم يجد شهودًا لما رمت عيناه من إنكار الدم الزكي، فذهب إلى خد المحبوب لكي يشهده على ما فعل.
- بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ما * * * لا يَقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ
ما بالُ العاذِلِ يَفتَحُ لي * * * بابَ السُلوانِ وَأوصِدُهُ
وَيَقولُ تَكادُ تُجَنُّ بِهِ * * * فَأَقولُ وَأوشِكُ أَعبُدُهُ
يقول الشاعر أحمد شوقي لمحبوبه إنّ ما بيني وبينك من الحب لا يمكن أن يفسده الواشون بنا، وذلك على الرغم من كل المعاناة التي أعانيها من أجل حبك، وأنا أرض النسيان، وكلما فتح لي اللائمون باب النسيان أغلقته بالحب والمودة، فيقولون لي: كأنك تكاد تُصاب بالجنون لكثرة حبك له، فأقول: وإني والله أوشك أن أعبده من شدة الحب.
- مَولايَ وَروحي في يَدِهِ * * * قَد ضَيَّعَها سَلِمَت يَدُهُ
ناقوسُ القَلبِ يَدُقُّ لَهُ * * * وَحَنايا الأَضلُعِ مَعبَدُهُ
يقول الشاعر إنّ محبوبه الذي يملك روحه بيده، لو أضاعها، فلن يقول له إلّا سلمت يدك التي أضاعت روحي، فلا يمكن أن يوجه أي إساءة أو ضرر للمحبوب ولو أضاع عليه حياته وروحه، فالقلب لا يتوقف عن النبض باسم المحبوب الذي يسكن في الأضلع كما يسكن الناسك في المعبد.
- قَسَماً بِثَنايا لُؤلُؤها * * * قَسَمَ الياقوتُ مُنَضَّدُهُ
ما خُنتُ هَواكَ وَلا خَطَرَت * * * سَلوى بِالقَلبِ تُبَرِّدُهُ
في الختام يقسم الشاعر أحمد شوقي بجمال أسنان المحبوبة التي هي مرصوفة كاللؤلؤ تمامًا وكالياقوت المرصوف، يقسم أنّه لم يخن محبوبته أبدًا ولم يرد على قلبه أي خاطر فيه أي نوع أو شكل من أشكال الخيانة، ولم يرد على قلبه أي شيء يبرّد نار الحب المشتعلة في صدره.
معاني المفردات في قصيدة مضناك جفاه مرقده
نقدم من خلال الجدول الآتي مجموعة من المفردات الصعبة في قصيدَة مُضناك جَفاه مَرقده مع شرح هذه المفردات:
المفردة | شرح المفردة |
مضناك | أي معذبك. |
مرقده | يقصد النوم والراحة. |
العاذل | أي الشخص الذي يلوم أو اللائم. |
جحد | أي أنكر وكفر. |
مقالات قد تهمك
إلى هنا نصل إلى ختام ونهاية هذا المقال الذي مررنا فيه على كاتب قَصيدة مُضناك جَفاه مَرقده ونص هذه القصيدة ثم تحدثنا عن شرح قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي ومررنا على معاني المفردات الصعبة الموجودة في هذه القصيدة.
التعليقات