حكم إخراج زكاة المال من اللحم أو المواد الغذائية

حكم إخراج زكاة المال من اللحم أو المواد الغذائية، من المعلومات التي يبحث عنها كثير من المسلمين الذين يرغبون بإخراج زكاة المال وخصوصًا في شهر رمضان، إذ يظنُّ بعض الناس إنَّ إخراج الزكاة طعامًا أو لحومًا في رمضان أفضل، ويجب على المسلم أن يتعرف على أقوال الفقهاء في ذلك حتى لا يقع فيما لا يرضي الله تعالى، وسوف نتعرف في هذا المقال على حكم إخراج زكاة المال في الإسلام، وعلى هل يجوز إخراج زكاة المال من اللحوم، وعلى حكم إخراج زكاة المال مواد عينية أو غذائية أو غيرها من المواد الأخرى.

حكم زكاة المال

زكاة المال واجبة على المسلم الذي يملك نصاب المال، حيث أنَّ الأموال من الأصناف التي تجب فيها الزكاة في الإسلام، وقد استند الفقهاء في هذا الحكم إلى قوله تعالى في كتابه العزيز: “الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ”،^[1] كما ورد في الحديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت لك مائتا درهمٍ وحال عليها الحولُ ففيها خمسةُ دراهمَ، وليس عليك شيءٌ يعني في الذهبِ حتى يكونَ لك عشرونَ دينارًا، فإذا كان لك عشرونَ دينارًا وحال عليها الحولُ ففيها نصفُ دينارٍ، فما زاد فبحسابِ ذلك، وليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحولَ عليه الحولُ”،^[2] وهذا يشير إلى وجوب زكاة المال إذا بلغ المال النصاب، ويخرج المسلم عن أمواله ما مقداره 2.5 % فقط من جميع الأموال التي يملكها إذا حال عليها الحول أي إذا مرَّت عليها سنة هجرية، وقد توعَّد الله تعالى الذين يمتنعون عن إخراج الزكاة فقال جل من قائل: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ”،^[3] وكثير من الفقهاء ذهبوا إلى الذين يكنزون الذهب والفضة هم الذين لا يخرجون زكاة أموالهم والله تعالى أعلم.^[4]

شاهد أيضًا: حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

حكم إخراج زكاة المال من اللحم

إنَّ إخراج زكاة المال من اللحم لا تجوز في الإسلام ولا تجزئ على الإطلاق، لأنَّ الأصل في الزكاة أن تكون من جنس المال المزكى، ولا يجوز للمسلم أن يجتهد من نفسه ويخرج زكاة ماله لحمًا حتى لو رأى أنَّ هذا أنفع للفقير، لأنَّ الأفضل أن يعطي الفقير المال، وسوف يشتري الفقير اللحم إذا كان بحاجة إليه ويمكن أن يشتري أي شيء يريده بالمال، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أهل العلم، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك فأجاب: “زكاة الدراهم لا بد أن تكون دراهم ، ولا تخرج من أعيان أخرى إلا إذا وكلك الفقير فقال : إن جاءك لي دراهم فاشتر لي بها كذا وكذا ، فلا بأس”.^[5]

هل يجوز إخراج الزكاة مواد غذائية

لا يجوز أيضًا إخراج زكاة المال مواد غذائية فلا بد أن تكون زكاة المال نقودًا حتى تجزئ وتقع موقعها، إلا إذا دعت حاجة ضرورية لذلك، مثلًا أن يكون الفقير مجنونًا أو سفيهًا لا يؤتمن على مال، عند ذلك يجوز للمزكي أن يسأل عن الاحتياجات الضرورية للفقير ويشتريها له مثل الدواء أو المواد الغذائية حتى لا يقدمها للسفيه مالًا ويضيعها دون أن يستفيد منها، وقد أشار ابن باز رحمه الله تعالى إلى ذلك قائلًا: “ويجوز أن يخرج عن النقود عروضاً من الأقمشة والأطعمة وغيرها ، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة ، مثل أن يكون الفقير مجنوناً ، أو ضعيف العقل ، أو سفيهاً ، أو قاصراً ، فيخشى أن يتلاعب بالنقود ، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاماً ، أو لباساً ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة ، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم”.^[5]

شاهد أيضًا: الاصناف التي تجب فيها الزكاة ، شروط استحقاق الزكاة

هل يجوز إخراج زكاة المال طعام في رمضان

لا يجوز إخراج زكاة المال طعامًا للصائمين في رمضان، لأنَّ الأصل أن تكون زكاة المال نقودًا يتم تسليمها إلى مستحقيها من المسلمين، والزكاة عمومًا يجب أن تكون من جنس المال المزكى، إلا العروض التجارية فيمكن أن يتم تقييمها وإخراج زكاتها مالًا، وأمَّا إخراج زكاة المال على شكل طعام في رمضان غير جائز، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ ذلك غير مجزئ عن زكاة المال.^[6]

الأنواع التي تجب فيها الزكاة في الإسلام

لقد حدد الشرع الإسلامي الأصناف والأنواع التي تجب فيها الزكاة، ومن الضروري أن يحيط المسلم بها ويتعرف عليها حتى يؤدي حق الله تعالى وحق الفقراء والمساكين في هذا المال، وألا يحتفظ به حتى لا يكون وبالًا عليه، وفيما يأتي سيتم التفصيل في الأصناف التي تجب فيها الزكاة في الإسلام:^[7]

زكاة الحبوب والثمار

تجب الزكاة في الزورع من الثمار والحبوب، وتشمل الحبوب كل ما يتم ادخاره من النباتات التي يزرعها الإنسان مثل الشعير والقمح والعدس والفاصولياء والحمص وغير ذلك، وتشمل الثمار كل من الزبيب والتمر، وهي أيضًا الثمار التي يتم ادخارها، وقد استند الفقهاء في وجوب زكاة الزروع إلى قوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”،^[8] ويختلف مقدار زكاة الزرع حسب طريقة سقايتها فالنباتات التي تسقى دون كلفة فيها العشر أمَّا التي تسقى بكلفة ففيها نصف العشر، وأما نصاب زكاة الزروع يبلغ خمسة أوسق حسب الحديث النبوي الصحيح، ويساوي تقريبًا 653 كيلو غرام.

الغنم والإبل والبقر

إنَّ زكاة المواشي فرضت فقط في الإبل والبقر والغنم، وقد حدَّد الشرع الإسلامي نصاب كل منها، فنصاب الإبل خمس فقط، ونصاب البقر ثلاثون رأسًا، ونصاب الغنم أربعون رأسًا، وليس في أقل من ذلك زكاة، لكن يجب أن تكون الماشية سائمة أي ترعى في البراري أو في مرعى عام في معظم أوقات السنة وهو أحد وجوب الزكاة في المواشي.

زكاة المال

إذ يجب على المسلم أن يخرج عن المال الذي يمتلكه سواء كان نقودًا أو ذهبًا أو فضة، إذا ما بلغ النصاب، ومقدار نصاب الذهب 85 غرامًا والفضة 595 غرامًا، ولا زكاة في أقل من هذا النصاب، ويجب أن يحول الحول على هذا المال، وتقاس النقود بقيمة ذلك النصاب حسب العملة المستخدمة، وإذا نقص المال عن مقدار النصاب خلال العام ليس فيها زكاة، وعندما يبلغ النصاب يبدأ صاحب المال ببدء حساب الحول من جديد.

زكاة العروض التجارية

والعروض التجارية هي كل ما خصصه الإنسان من أجل التجارة وتحقيق الربح سواء كان ذلك موادًا غذائية أو آلات أو عقارات وغيرها، ويتمُّ احتساب نصاب العروض التجارية مثل زكاة المال، وهو قيمة 85 غرام من الذهب الصافي، فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة وهي ربع العشر أو 2.5 %.

زكاة المعادن والركاز

الركاز هو كل كنز  مدفون تحت الأرض من الكنوز القديمة، وقد سميت هذه الكنور باسم الركاز لأنَّ صاحبها ركزها في الأرض أي ثبتها في الأرض، وقد فرض الإسلام في الركاز مقدار الخُمس من قيمة الكنز أي نسبة 20 %، فقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “العَجْماءُ جَرْحُها جُبارٌ، والبِئْرُ جُبارٌ، والمَعْدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ”،^[9] ولا يشترط في الركاز نصابًا ولا أن يحول الحول عليه، وأما المعادن فهي ما يستخرجه المسلم من أرضه من المعادن الثمينة مثل الحديد أو الذهب أو الياقوت وتختلف عن الكنور المدفونة من قبل آخرين بل هي مخلوقة وموجود في هذه الأرض مثل النفط، وزكاة المعادن مثل زكاة المال تمامًا.

شاهد أيضًا: كم مقدار زكاة الأرض وما أنواع زكاة الخارج من الأرض

خمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم

حدَّ الفقهاء في الإسلام بعض الفئات من المسلمين الذين لا يجوز إخراج الزكاة إليهم وهم خمس فئات فقط لا يجوز دفع الزكاة إليهم إلا بعضهم في حالات معينة واستثنائية، وذلك حسب ما جاء من أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك، وفيما يأتي سيتم إدراج الخمسة الذين لا يجوز دفع الزكاة إليهم في الإسلام:^[10]

• آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: حيث لا يجوز دفع أموال الزكاة والصدقات إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر رسول الله في الحديث أنَّ أموال الزكاة والصدقات إنما هي أوساخ الناس، ولذلك لا تحل لمحمد ولا لآل محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث.
• من تلزم المسلم نفقته: كل من تلزم المسلم نفقته لا يجوز له أن يدفع الزكاة إليه، مثل أصوله من الآباء والأجداد أو فروعه من الأبناء والأحفاد، فهؤلاء يجب على المسلم أن ينفق عليهم ويعطيهم من ماله الخاص لا من مال الزكاة.
• الغني المكتسب: وهذا أيضًا لا يجوز دفع الزكاة إليه حسب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالزكاة للفقراء والمحاجين، فقد ورد في الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَحِلُّ الصدقةُ لغَنِيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ”.^[11]
• مرأة عند غني: المرأة المتزوجة من رجل غني لا يحق لها أن تأخذ من أموال الزكاة، إذ يجب على المسلم أن ينفق على زوجته وهو من الأمور المفروضة عليه شرعًا، إذ يجب أن يوفر لها كل متطلباتها واحتياجاتها ويمكنها الحصول عليها عن طريق القضاء إذا امتنع عن ذلك.
• الكفار: لا يجوز إخراج الزكاة إلى الكفار إلا للمؤلفة قلوبهم منهم، وهم الذين يرغب المسلمون باستمالتهم وجذبهم إلى الإسلام أو يرغبون بكف شرورهم وأذاهم عن المسلمين.

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم إخراج زكاة المال من اللحم أو المواد الغذائية ، وتعرفنا على حكم إخراج زكاة المال، وعلى هل يجوز إخراج زكاة المال من اللحم أم لا، وعلى حكم إخراج زكاة المال من المواد العينية والسلع الغذائية، كما عرفنا الأنواع التي تجب فيها الزكاة في الإسلام، وعلى خمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم وغير ذلك من المعلومات.