حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق

حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق هو حكم شرعي من الأحكام الشرعية المهمة والتي يهتم بها الكثير من المسلمين لانتشارها في المجتمعات الإسلامية في هذا الزمن، فكثيرون هم من ينفصلون عن بعضهم من دون طلاق، ثم يتساءلون عن الرأي الشرعي لهذا الأمر، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن هل يجوز في الشرع الإسلامي انفصال الزوجين من دون طلاق، وسوف نلقي الضوء على حكم نوم الزوج بعيدا عن فراش زوجته مع بعض الأحكام التي تتعلق بهذا الحكم.

حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق

إنّ انفصال الزوجين عن بعضهما البعض بدون طلاق ليس في حكم الطلاق ولا تترتب عليه أحكام الطلاق وما يترتب في الطلاق على المسلم، وهو لا يُسقط شيئًا من حقوق الزوجة التي تجب على الزوج، أمّا إذا كان الانفصال بين الزوجين بإرادة الرجل بسبب نشوز الزوجة فهذا يُسقط حقها على الزوج في تأمين المبيت والنفقة، وللتفصيل في هذا الحكم يجب علينا أن نعرف أنّ الانفصال بين الزوجين يكون لأمرين اثنين، إمّا انفصال بدون سبب أو انفصال لنشوز المرأة، وتفصيل الحكم الشرعي في هاتين الحالتين موضح في النقاط الآتية: ^[1]

• إذا انفصل الزوجان عن بعضهما البعض بدون طلاق من غير سبب فهو غير جائز في الشريعة الإسلامية، وذلك لأنّ الزواج قائم على حسن المعاشرة بين الزوجين، قال تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. ^[2]
• إذا كان انفصال الزوجين عن بعضهما البعض بدون طلاق بسبب نشوز في الزوجة فهو جائز، وذلك من باب تأديب المرأة، ولكنّ هذا الانفصال يجب أن يكون لفترة محددة وليس بشكل دائم، قال تعالى في سورة النساء: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}. ^[3]والله تعالى أعلم.

شاهد أيضًا: بحث جاهز كامل عن الطلاق ، ملخص بحث عن الطلاق

حكم نوم الزوج بعيدا عن فراش زوجته

ذكر علماء المسلمين أنّه لا حرج على المسلم لو أنّه نام بعيدًا عن زوجته بدون غضب الزوجة وبدون حدوث مشاكل بين الزوجين، وذلك لأنّ ترك الفراش محرم على الزوج إذا كان مرافقًا لمنع الزوجة من الجماع وكذلك هو الحال بالنسبة للزوجة، أما إذا كان ترك فراش المرأة يضر بها فهو غير جائز لأنّ الله تعالى جعل الهجران في الفراش عقوبة للمرأة الناشز، ولهذا لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته بغير سبب، وفيما يأتي نذكر قول الإمام النووي رحمه الله تعالى في هذه المسألة: ^[4]

وأما تعديد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه وغير ذلك واستدل بعضهم بهذا على أنه لايلزمه النوم مع امرأته وأن له الانفراد عنها بفراش والاستدلال به في هذا ضعيف لأن المراد بهذا وقت الحاجة كالمرض وغيره كما ذكرنا وإن كان النوم مع الزوجة ليس واجبًا لكنه بدليل آخر والصواب في النوم مع الزوجة أنه إذا لم يكن لواحد منهما عذر في الانفراد فاجتماعهما في فراش واحد أفضل وهو ظاهر فعل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي واظب عليه مع مواظبته -صلَّى الله عليه وسلَّم- على قيام الليل فينام معها فإذا أراد القيام لوظيفته قام وتركها فيجمع بين وظيفته وقضاء حقها المندوب وعشرتها بالمعروف لا سيّما إن عرف من حالها حرصها على هذا ثم إنه لا يلزم من النوم معها الجماع.

شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق

حكم انفصال الزوجين في الفراش

إن انفصال الزوجين في الفراش جائز إذا لم يكن سببًا في إحداث الضرر للزوج أو الزوجة، وهذا ما اتفق عليه أهل العلم، فإذا انفصل الزوجان في الفراش ولكنّهما كانا متفقين من غير خلاف بينهما فلا حرج عليهما في هذا، ولكنْ إذا نتج عن هذا الانفصال في الفراش أي خلاف بين الزوجين صار الانفصال محرمًا، جاء في كتاب لوامع الدرر في هتك أستار المختصر وهو كتاب من كتب الفقه المالكي: “ليس على الرجل النوم مع امرأته في فراش واحد وإنما حقها في الوطء خاصة؛ قاله الحطاب، والذي يدل عليه الأكثر أن نوم النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أهله في ثوب واحد”، والله تعالى أعلم وأحكم. ^[4]

شاهد أيضًا: ما هو الطلاق البائن ، أنواع الطلاق البائن في الإسلام

حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة

إذا غاب الزوج عن زوجته مدة طويلة بغير سبب صار من حق الزوجة أن تطلب الطلاق عند الحاكم الشرعي أو القاضي، ومن حق القاضي أن يفسخ عقد النكاح ويطلقها من زوجها، أمّا إذا لم تطلب الزوجة الطلاق من القاضي فالزواج قائم والمرأة باقية في عصمة زوجها، ولذا يجب على المسلم ألّا يطيل فراق زوجته بغير عذر، فالإطالة قد تعرض الزواج للخطر، وعدم الإطالة في الفراق من باب المعاشرة بالمعروف، قال تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. ^[2]فليس من المعروف أن يطيل الزوج غيبته عن زوجته، والله تعالى أعلم. ^[5]

بهذه الأحكام الشرعية نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي تحدثنا فيه عن حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق ومررنا من خلال هذا المقال على جُملة من الأحكام الشرعية المهمة ومنها: حكم نوم الزوج بعيدا عن فراش زوجته وحكم انفصال الزوجين في الفراش وحكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة.