ما هو حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين

ما هو حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين
حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين

حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين، فالحجُّ هو الرُّكنُ الخامسُ مِنْ أركانِ الإسلامِ والفريضةُ العظيمةُ الَّتي وعدَ اللهُ -سبجانَهُ وتعالى- مَنْ يؤدِّيها مِنْ عبادهِ بالأجرِ الكبيرِ والثَّوابِ العظيمِ والرَّحمةِ والمغفرةِ اللَّتين لا تنقطعان، والتَّثقُّفُ في أُمورِ هذهِ الفريضةِ وتفاصيلِها وأحكامِها مِنَ الأُمورِ الواجبةِ على المؤمنِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ؛ لذا آثرنا في هذا المقالِ أنْ نتطرَّقَ -وإيَّاكم- إلى الحديثِ عَنْ مفهومِ الحجِّ في الإسلامِ وعَنْ حكمِ حجِّ الولدِ الَّذي يكونُ أبوهُ مديوناً والولدِ الَّذي يحجُّ قبلَ والديهِ وغير ذلك.

مفهوم الحج في الإسلام

الحجُّ هو زياةُ المسلمِ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ والكعبة المُشرَّفةِ في مدينةِ مكَّة المُكرَّمة في وقتٍ مُحدَّدٍ مِنَ السَّنةِ (أشهر الحجِّ؛ شوَّال، وذو القعدة، والعشر الأوائل مِنْ ذي الحجَّةِ) وذلكَ مِنْ أجلِ التَّقرُّبِ إلى اللهِ -سبحانَهُ وتعالى- مِنْ خلالِ أداءِ مجموعةٍ مِنَ المناسك أو العبادات الَّتي فُرِضَتْ على المُسلمينَ، والحجُّ هو الرُّكنُ الخامسُ مِنْ أركانِ الدِّينِ الإسلاميِّ؛ ففي الحديثِ الصَّحيحِ الورادِ عَنْ عبدِ اللهِ بنِ عمر -رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ” [1] وقد فَرَضَ اللهُ -تبارَكَ في علاهُ- الحجَّ مرَّةً واحدةً على كلِّ مسلمٍ بالغٍ راشدٍ يمتلكُ القدرةَ الماليَّةَ والجسديَّةَ على حدٍّ سواء، وفي القرآنِ الكريم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [2]وغيرها كثيرٌ مِنَ الآياتِ الَّتي تحدَّثتْ عَنْ هذهِ الفريضةِ. [3]

حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين

يرى العلماءُ أنَّ في ذلكَ حالتين:

  • الأُولى: أنْ يكونَ مالُ الرَّجلِ مِنْ مالِ أبيهِ، وفي هذهِ الحالةِ ينبغي لَهُ أنْ يقضيَ الدَّيْنَ الَّذي على والدهِ ومن ثمَّ يذهبُ إلى الحجِّ وقتما يستطيعُ.
  • والثَّانية: أنْ يكونَ مالُ الرَّجلِ مِنْ غيرِ مالِ أبيهِ؛ أي: مِنْ كسبهِ وعملهِ وتعبهِ هوَ، وفي هذهِ الحالةِ ينبغي لَهُ أنْ يُقدِّمَ الحجَّ ويحجَّ إلى بيتِ اللهِ الحرامِ؛ لأنَّ الحجَّ دَيْنٌ للهِ في رقبتهِ وفريضةٌ فرَضَها عليها، ومن ثمَّ يسعى إلى سدادِ دَيْنِ أبيهِ.

ومَنْ كانَ قادراً ويملكُ مِنَ الأموالِ ما يقدرُ مِنْ خلالهِ أنْ يحجَّ وأنْ يقضيَ دَيْنَ والدهِ معاً، فإنَّ البرَّ والثَّوابَ كلَّهما في ذلكَ. [4]

حكم حج الولد قبل والديه

اتَّفقَ علماءُ الشَّرعِ كلُّهم أنَّهُ لا حرجَ في أنْ يحجَّ الإنسانُ المُسلمُ قبلَ والديهِ؛ فقد يتيسَّرُ الحجُّ -ماليّاً أو جسديّاً أو غير ذلك- للولدِ ولا يتيسَّرُ لوالديهِ، وفي هذهِ الحالةِ ينبغي لَهُ أنْ يُنفِّذَ أمرَ اللهِ -سبحانَهُ وتعالى- الَّذي فرَضَهُ عليهِ بقولِهِ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [5] ولم يعرفِ العلماءُ خلافاً حولَ ذلكَ؛ فقد أجمعوا كلُّهم على وجوبِ الحجِّ على المرءِ سواءٌ أكانَ قبلَ والديهِ أم بعدَهم. [6]

حكم الأخذ من مال الولد لأداء فريضة الحج

يقولُ اللهُ -تباركَ وتعالى- في مُحكمِ تنزيلهِ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [7] فقد فُرِضَ الحجُّ على المُسلمينَ القادرينَ عليهِ مِنَ النَّواحي كلِّها (ومن استطاعَ إليهِ سبيلاً) والمُسلمُ غيرُ القادرِ مادِّيّاً على أداءِ فريضةِ الحجِّ فليسَ عليهِ ذنبٌ وهو غيرُ مكلَّفٍ بالحجِّ، أمَّا إذا تبرَّعَ أحدُ أقاربِ المُسلمِ -كالابنِ، والأخِ، والأُختِ… وغيرهم- لَهُ بالنُّقودِ عَنْ طيبِ نفسٍ كي يذهبَ إلى الحجِّ فلا بأسَ بذلكَ، والحجُّ صحيحٌ في هذهِ الحالةِ إذا ما أدَّى المناسكَ على نحوٍ صحيحٍ كما أمرَ اللهُ. [8]

حكم من يستطيع الحج ولكن يمنعه والده

أجمعَ العلماءُ وأهلُ الشَّرعِ أنَّهُ في حالةِ منعِ الوالدِ لولدهِ البالغِ الرَّاشدِ القادرِ مِنَ الحجِّ ينبغي للولدِ أنْ يحاولَ أنْ يُقنعَ أبيهِ بالحُسنى والكلامِ الطَّيِّبِ بضرورةِ أداءِ الفريضةِ الَّتي فَرَضها اللهُ -سبحانَهُ وتعالى- على المسلمينَ جميعاً، وأنْ يستعينَ بأعمامهِ وأقربائهِ الَّذينَ يسمعُ أبوهُ كلامَهم ويأخذُ بِهِ، ولكن في حالِ لم يقتنع الوالدُ بالسَّماحِ لابنهِ بالحجِّ، فإنَّ الابنَ يجبُ عليهِ أنْ يذهبَ لأداءِ الحجِّ ولا إثمَ عليهِ، وقد وَرَدَ عن رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- أنَّهُ قالَ: “لا طاعةَ لأحَدٍ في معصيَةِ اللهِ، إنَّما الطاعةُ في المعرُوفِ” [9] على أنَّ مثلَ هذهِ الأُمورِ نادرٌ وغيرُ معقولٍ؛ فما مِنْ مؤمنٍ حقيقيٍّ يأمرُ ولدَهُ بمخالفةِ أوامرِ اللهِ.

مقالات قد تهمك

حكم من مات ولم يحج وله مال وعليه دين حكم من بدأ حجه بالوقوف بعرفة وشروط الوقوف بعرفة
حكم الحج بالمال الحرام وهل تسقط الفريضة عن المسلم حكم من نصحه الطبيب بعدم الحج مع قدرته عليه

إلى هُنا نكونُ قد وصلنا مع حضراتكم -زوَّار موقع تصفّح الأكارم- إلى نهايةِ مقالنا حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين، وقد سلَّطنا الضَّوءَ مِنْ خلالِ فِقْراتهِ وسطورهِ على مفهومِ الحجِّ في الإسلامِ ومن ثمَّ بينَّا لكم حكمَ حجِّ الولدِ الَّذي يكونُ على أبيهِ دينٌ وغيرهُ مِنَ الأحكامِ المٌرتبطةِ بفريضةِ الحجِّ.

المراجع

  1. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 8، صحيح.
  2. ^ سورة الحج، الآية: 27.
  3. ^ wikiwand.com، الحج في الإسلام، 22/05/2023
  4. ^ binbaz.org، حكم حج الولد إذا كان على أبيه دين، 22/05/2023
  5. ^ سورة آل عمران، الآية: 97.
  6. ^ binbaz.org، حكم حج الولد قبل والديه والحج عن فاقد العقل منهما، 22/05/2023
  7. ^ سورة آل عمران، الآية: 96- 97.
  8. ^ binbaz.org، حكم الأخذ من مال الولد لأداء فريضة الحج، 22/05/2023
  9. ^ صحيح الجامع، علي بن أبي طالب، الألباني، 7519، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *