عناصر المقال
شرح قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي وهو ما سيتم بيانه في هذا المقال، حيث يعتبر أحمد شوقي شاعرًا مصريًا تميز على مختلف شعراء جيله بالاسترسال وفصاحة اللسان، وكان معروفًا أيضاً بأسلوبه المُقْفَي وإنتاجه الشعري المحكم، وقد كتب أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة الحنين إلى الوطن عندما كان مغترب عن بلده ومنفيًا في إسبانيا، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على قصيدة الحنين إلى الوطن، وبيان معلومات عن الشاعرأحمد شوقي، ثمّ بيان نص القصيدة وشرحها والصور الفنية الموجودة فيها، كما سوف نمر على معاني المفردات في القصيدة والفكرة العامة منها.
كاتب قصيدة الحنين إلى الوطن
إنّ كاتب قصيدة الحنين إلى الوطن والتي تعرف باسم “غربة وحنين” هو أمير الشعراء أحمد شوقي، وهو شاعر مصري ولد في عام 1868 ميلادية، ويُعتبر من أعظم الشعراء في تاريخ الأدب العربي، وقد عاش في القاهرة داخل قصر الخديوي إسماعيل، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية، ثمّ انضم بعد ذلك لكلية الحقوق وهو يبلغ من العمر 15 عامًا، فقد أخذه الخديوي ثم أرسله في بعثة مجانية لفرنسا، وعاش فيها لمدة 3 سنوات، ثمّ انضم احمد شوقي إلى قسم الترجمة في الكلية، وفي هذه الفترة ظهرت موهبته الشعرية، حيث بايعه الشعراء أميراً للشعر في عام 1927، فهو يُعد الرائد الأول في مجال الشعر المسرحي، حيث إنه سار على نهج كل من كورنى وشكسبير وراسين في مسرحياته، كما مزج بين الشعر التقليدي والحوار الذي يحمل الدراما في طياته، ويجدر بالإشارة إلى أنّ أحمد شوقي توفي بعد معاناته مع المرض في سنة 1932م، وقد قد أوصى أن يُكتب على قبره هذان البيتان من قصيدة نهج البردة:” يا أَحمَدَ الخَيرِ لـي جــاهٌ بِتَسمِيَتـي وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسـولِ سَمــي إِن جَلَّ ذَنبي عَـنِ الغُفــــــرانِ لـي أَمَـلٌ في اللَـهِ يَجعَلُنـي فـي خَيـــــــرِ مُعتَصِـمِ”.[1]
قصيدة الحنين إلى الوطن
إنّ قَصيدة الحنين إلى الوطن هي قصيدة طويلة ومشهورة تفيض بروح الانتماء للبلد الذي ينتمي إليه الشاعر هو جمهورية مصر العربية، وهي من القصائد الشائعة والتي تنتشر بشكل عام بين المغتربين عن بلادهم سواء كان مصر وغيره من البلاد العربية، وفيما يأتي نذكر بعض من الأبيات الشائعة من هذه القصيدة:
اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عَصَفَت كَالصِبا اللَعوبِ وَمَرَّت سِنَةً حُلوَةً وَلَذَّةُ خَلسِ
وَسَلا مِصرَ هَل سَلا القَلبُ عَنها أَو أَسا جُرحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي
كُلَّما مَرَّتِ اللَيالي عَلَيهِ رَقَّ وَالعَهدُ في اللَيالي تُقَسّي
مُستَطارٌ إِذا البَواخِرُ رَنَّت أَوَّلَ اللَيلِ أَو عَوَت بَعدَ جَرسِ
راهِبٌ في الضُلوعِ لِلسُفنِ فَطنُ كُلَّما ثُرنَ شاعَهُنَّ بِنَقسِ
يا اِبنَةَ اليَمِّ ما أَبوكِ بَخيلٌ ما لَهُ مولَعاً بِمَنعٍ وَحَبسِ
أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ
كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ
نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي
وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجرا كِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ
وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي
شرح قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي
إنَّ قصيدة الحنين إلى الوطن من أشهر قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي، وقد نظمها على البحر الخفيف بقافية السين المكسورة وذلك لتناسب الألم والشوق والحنين لبلده الغالي مصر، وتشتهر هذه القصيدة بشكل كبير بسبب قصتها المميزة، ولكنها رغم ذلك تتضمن معانٍ صعبة جدًّا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح قصيدة الحنين إلى الوطن بالتفصيل:
- اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
الشرح: يبدأ الشاعر بمخاطبة صاحبيه فيقول لهما إن تعاقب الأيام يُنْسِي الإنسان الأحداث الماضية والذكريات الجميلة التي مرّ بها، لذت أرجو منكما أن تعيدا علي مسامعي كل الذكريات الجميلة التي عشناها معًا أيام الصغر في مصر، تلك الأيام التي لا تنتسا أبدًا، كما ويطلب منهما أن يعيدا ذكر تلك الفترة أي فترة الشباب الرائعة المملوءة بالنشاط والمرح والآمال والطموح، فهي الفترة التي وكأنها كانت من تصورات الخيال. - عَصَفَت كَالصِبا اللَعوبِ وَمَرَّت سِنَةً حُلوَةً وَلَذَّةُ خَلسِ
وَسَلا مِصرَ هَل سَلا القَلبُ عَنها أَو أَسا جُرحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي
الشرح: يخبر الشاعر صاحبيه بأنّ أيام الصغر مضت سريعة، فلم أستطع نسيانها ولم تغب صورتها لحظة، ثمّ يتابع الشاعر قوله ويطلب من صاحبيه أن يسألا مصر سؤالاً غرضه النفي ويوحي بالشوق والحنين وشدة التعلق لبلده والألم في ابتعاده عنها، فيسألهما هل نسيت مصر قلبه العاشق المحب لها ؟، وهل يستطيع الزمان أن يداوي جراح قلبه المستمرة والتي كان سببها نفيه إلى إسبانيا حيث إنه مكان بعيد عن وطنه مصر. - كُلَّما مَرَّتِ اللَيالي عَلَيهِ رَقَّ وَالعَهدُ في اللَيالي تُقَسّي
مُستَطارٌ إِذا البَواخِرُ رَنَّت أَوَّلَ اللَيلِ أَو عَوَت بَعدَ جَرسِ
الشرح: يكمل الشاعر بالحديث عن شوقه لبلده، فيقول أنه كل ليلة تمر على الإنسان وهو بعيدًا عن أرضه التي ولد عليها وعاش فيها تجعل قلبه جافًا وقاسيًا وينسى أحبابه مع الأيام، إلا أنّ أمير الشعراء كان شوقه وحنينه لبلده مصر يزداد في كل يوم، فلا يمكن نسيانها فهي محفورة في قلبه، ويتابع الشاعر قوله بأنه كلما سمع صوت البواخر عندما تدخل الميناء أو عندما تخرج كلما زاد الأمل في نفسه بالعودة إلى مصر، فقد كان يشعر بأنه قلبه يضطرب ويريد أن يطير حتى يرحل معها إلى أرض الوطن. - راهِبٌ في الضُلوعِ لِلسُفنِ فَطنُ كُلَّما ثُرنَ شاعَهُنَّ بِنَقسِ
يا اِبنَةَ اليَمِّ ما أَبوكِ بَخيلٌ ما لَهُ مولَعاً بِمَنعٍ وَحَبسِ
الشرح: يتحدث الشاعر أحمد شوقي في هذه الأبيات ويقول بأنّ قلبه تفرغ وأصبح كل همه انتظار حركة السفن، فكلما جاءت السفن أو تحركت من أجل الرحيل والخروج من الميناء دق صوت الناقوس، والمقصود دقات قلب الشاعر المتسارعة التي تريد أن تذهب باتجاه السفينة لتعود إلى الوطن الغالي، فيخاطب الشاعر السفينة ويقول لها يابنة البحر إن البخل ليس من صفات أبيك، فهو معروف عنه بالكرم والجود فلماذا يبخل عليّ ويبقينا منفيًا في إسبانيا ويمنعني من العودة إلى وطني. - أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ
كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ
الشرح: يستنكر الشاعر في هذا البيت قسوة الاستعمار الذي يحِّرم الأوطان على أبنائها المخلصين الذين يحبونها دون مقابل، فهي مباحة للغرباء من مستعمرين وغيره ليستمتعوا بحدائقها ورياضها وثمارها وأزهارها وممتلكاتها، وتحرّم على أبنائها المحبين من أمثالي، كما يباح الشجر لكل أنواع الطيور الغريبة بينما تحرَّم على بلابله الذين يعيشون عليها، ثم يصل الشاعر في البيت العاشر إلى حكمة عظيمة مفادها ” أن أهل الدار أحق بها ” ، أي أن كل وطن أبنائه أحق به من غيرهم، ولكن هناك الكثير من الأشخاص المستعمرين الذين ينكرون هذا الحق، فقد أخذوا ديار وخيرات الأوطان المستضعفين وقاموا بنفي كل من يعارض آرائهم ويحاول الدفاع عن بلده.
معاني المفردات في قصيدة الحنين إلى الوطن
تحتوي قصيدة الحنين إلى الوطن على بعض من الكلمات التي قد تكون مجهولة بالنسبة لكثير من القراء والمتابعين، ومن خلال الجدول الآتي سوف نقوم بعرض بعض معاني المفردات الصعبة في قصيدة الحنين إلى الوطن لأمير الشعراء أحمد شوقي:
الكلمة | المعنى |
اختلاف | تعاقب وتتابع. |
الصبا | صغر السن. |
أنسي | سعادتي. |
صورت | صيغت. |
ملاوة | فترة. |
تصورات | تخيلات. |
الصبا | النسيم وهي الريح الرقيقة. |
مسّ | إصابة |
خلس | خفية. |
أسا | عالج. |
سلا | اسأل. |
المؤسي | المعالج. |
العهد | الشيء المتفق عليه أو المعروف. |
رق | لانَ. |
شاعهن | ودعهن. |
ثرن | تحركنّ. |
فطن | مدرك. |
راهب | عابد. |
اليم | البحر. |
نقس | صوت الناقوس. |
الدوح | الشجر. |
مولعاً | مغرماً. |
ابنة اليم | المقصود السفينة. |
مستطار | مفزوع. |
عوت | صاحت. |
رنت | أظهرت صوتها. |
الأفكار العامة في قصيدة الحنين إلى الوطن
توجد العديد من الأفكار في قصيدة الحنين إلى الوطن، فقد حرص الشاعر أحمد شوقي على إيصالها إلى الناس بطريقة مبسطة، ولا بدَّ من التعرف على هذه الأفكار من أجل معرفة المعاني المقصودة من القصيدة بشكل عام، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار الرئيسية في قصيدة الحنين إلى الوطن:
- حب الوطن لا يغيب عن ذاكرة الإنسان.
- فخر الشاعر واعتزازه بماضيه في بلده الغالي مصر.
- حنين الشاعر وشوقه إلى مصر ومحاولة تذكر أيامه الجميلة.
- وصف مشاعر الشوق للوطن في نظر المغتربين ومعاناتهم.
- إظهار الشاعر بلاده مصر ونهرها النيل الشهير والاعتزاز بمعالمها.
الصور الفنية في قصيدة الحنين إلى الوطن
هنالك كثير من الصور الفنية في قصيدة الحنين إلى الوطن للشاعر أحمد شوقي، ولذلك تعدُّ من أهم وأشهر القصائد في إظهار الشوق والحنين إلى البلد، وصعوبة الاغتراب والصعوبات التي يعاني منها الفرد المغترب، ومن خلال السطور القادمة سوف يتم إدراج أهم الصور البلاغية في قصيدة الحنين إلى الوطن، وهي كالآتي:
- شبه الشاعر الصبا بالمرأة الرشيقة.
- شبه الشاعر صوت دقات القلب بصوت الجرس.
- شبه الشاعر النوم بالشيء الحلو، أو الطعام اللذيذ.
- شبه الشاعر الليالي بالإنسان الذي يمر ويودع محبينه.
- شبه الشاعر القلب بأنه طائر يخاف ويهاب من صوت السفن.
- شبه الشاعر الزَّمان بالطبيب الذي يداوي الجراح التي يتعرض لها الإنسان في حياته.
- شبه الشاعر أيام الصغر التي مرت سريعة دون أن يلاحظ عليها بالرياح الرقيقة الخفيفة.
- شبه الشاعر القلب بالإنسان الذي ينسى ويفتقر للحظات الجميلة التي عاشها منذ الصغر.
- شبه الشاعر اللذة في فترة الشباب بالكنز المخفي والمخطوف، وذلك كناية عن مرور فترة الصغر دون أن يشعر بها.
- شبه الشاعر اليم وهو البحر بالإنسان الذي يكون له أبناء، كما شبه أيضًا السَّفينة بالإنسان الذي يمكن نداءه والحديث معه.
الخصائص الفنية في قصيدة الحنين إلى الوطن
تضمَّنت قصيدة الحنين إلى الوطن كثير من الخصائص الفنية والتي تضفي على القصيدة لمسات جمالية، وتزيدها إبداعًا في إيصال المعاني، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الخصائص الفنية التي أدرجها الشاعر أحمد شوقي في قصيدة الحنين إلى الوطن:
- الخيال الإبداعي.
- الاندماج الموسيقي.
- ترابط الأفكار في القصيدة.
- الإكثار من الصورة الفنية.
- قوة الإحساس في العاطفة.
- العمق في المشاعر والأفكار.
- التزام الشاعر بالوزن والقافية.
- اهتمام الشاعر باستخدام المُحسنات البديعية.
- استخدام الشاعر الألفاظ البسيطة في القصيدة.
مقالات قد تهمك
تحليل قصيدة البارودي في رثاء زوجته | شرح قصيدة امرؤ القيس فهي هي وَهِي وأهم الصور الفنية فيها |
شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير |
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال شرح قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي، والذي سلّط الضّوء على كاتب القصيدة وهو الشاعر العربي أحمد شوقي، وهو الذي أبدع في كتابة الشعر حتَّى تمّت تسميته بأمير الشعراء العرب، ثمّ بيّنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح في المقال، كما تمّ بيان أهم المعاني والمفردات الجديد في القصيدة، وختمنا المقال في بيان الخصائص الفنية لأسلوب الشاعر أحمد شوقي في القصيدة، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.
التعليقات