عناصر المقال
كيفية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، حيث إنّ الاعتكاف في رمضان هو من الأمور التي تحدثت عنها السنة النبوية الشريفة في غير موضع من المواضع وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المقال سيكون تفصيل الكلام عن الاعتكاف في شهر رمضان المبارك وما هي هذه السنة وهل يشرع الاعتكاف في غير رمضان ونحو ذلك من المعلومات الأخرى.
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
إنّ الاعتكاف هو بمثابة التركية للقلب والنفس أن تخرج من حيّز المشاغل الرضية إلى المشاغل السامية التي تتمثل بالعبادة ونحوها، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- كلامًا جميلًا عن الاعتكاف قال فيه:[1]
“ولما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله سبحانه وتعالى متوقفاً على جميعه على الله ولمّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، لذا شرع الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير به الهم كله والخطرات بذكره والفكرة في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، وهذا هو المقصود الأعظم من الاعتكاف”.
كيفية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
إنّ طريقة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان أي أن يلتزم المسلم المسجد ولا يخرج منه إلا لأمر ضروري جدًا مثل الوضوء أو نحوه من حاجات ابن آدم، وقد سُئل علماء أهل الجماعة أن هل يُمكن للمعتكف أن يقوم بزيارة مريض أو أن يتبع جنازة أو أن يقضي حاجة أهله أو نحوها من الأفعال، فقالوا إنّ السنة النبوية في الاعتكاف ألا يذهب لفعل مثل ذلك، وقد روي عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: “السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة و لا يمس امرأة و لا يباشرها و لا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه”.[1]
شاهد أيضاً: آيات واحاديث عن شهر رمضان ، اكثر من 20 اية وحديث عن شهر رمضان
سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
لقد وردت سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان عن رسول الله صلى الله علي وسلم أي إنّها سنة فعلية واردة من أفعاله صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن نسائه رضي الله عنهن أنّه كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان طوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فراشه وشدّ مئزره وقام على عبادة ربه قانتًا له وحده سائلًا إيّاه العفو والمغفرة وتمام الرضا، وهو سبحانه الذي لا يترك عباده المُقبلين.[1]
شروط الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
إنّ للاعتكاف مجموعة من الشروط التي لا بدّ للمسلم أن يأخذ بها، وتتلخص تلك الشروط بـ:[2]
- الإسلام: إنّ أول شرط يجب أن يتحقق عند الشخص الذي يرغب بالاعتكاف الإسلام لأنّ الأصل في الاعتكاف أنّه إقامة على عبادة الله تبارك وتعالى، فكيف يُمكن أن تصحّ مثل تلك العبادة من رجل لا يؤمن بوجود الله.
- العقل: يجب على المُعتكف أن يكون عاقلًا ويدري ما يفعله وما يقوله وذلك لأنّ المجنون قد رُفع عنه القلم في الفرائض الأصلية فكيف بالأعمال المسنونة غير المُطالب بها أصلًا.
- التمييز: لا بدّ للمسلم أن يكون مميزًا حتى تصح العبادة منه وذلك لأنّ الصبي غير مطالب بالفرائض بعد حتى يُطالب بالسنن.
- النية: لا بدّ للشخص أن ينوي الاعتكاف وينوي إن كان ذلك الاعتكاف سنة أم هو واجب أي إن كان اعتكافه وفاء لنذرٍ قديمٍ نذره على نفسه فيكون ذلك النذر واجبًا، ويجب أن ينوي حتى يتم التفريق ما بين الفرض والسنة.
- المسجد: يجب أن يكون الاعتكاف في المسجد كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخير أماكن الاعتكاف المسجد الحرام ويليه المسجد النبوي ومن ثم يليه المسجد الأقصى وأخيرًا أي مسجدٍ آخر على وجه الأرض.
- الطهارة: لا بدّ للشخص الذي يرغب بالاعتكاف أن يكون طاهرًا من الجنابة أو الحيض أو حتى النفاس.
شاهد أيضاً: افضل دعاء في رمضان مستجاب ، دعاء رمضان قصير ومؤثر
وقت الاعتكاف في رمضان
اختلف علماء أهل السنة والجماعة في بداية الوقت الذي يُمكن الاعتكاف به في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وقالوا في ذلك:[2]
- القول الأول: ذهب أصحاب هذا القول إلى أنّ وقت الاعتكاف يبدأ من قبل غروب شمس يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك أي في ليلة الحادي والعشرين تكون أول ليلة له في الاعتكاف، وهو ما عليه علماء أهل السنة والجماعة من الجمهور ومن بينهم الأئمة الأربعة، قالت عائشة -رضي الله عنها-: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. والعشر الأواخر تبدأ بغروب الشمس ليلة الحادي والعشرين”.
- القول الثاني: أن الاعتكاف يبدأ بعد صلاة الفجر في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان، فمَن أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فإنّه يدخل إلى المعتكف بعد صلاة الفجر من اليوم الحادي والعشرين، لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: “كان رسول اله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه”.
شاهد أيضاً: هل يجوز ختم القران في صلاة التراويح
فوائد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
كثيرةٌ هي الفوائد التي يجنيها المسلم من الاعتكاف ولعل من أهمّها:[2]
- التخلص من الهموم التي تعتري الإنسان في حياته فيخرج من تلك العشر سليم الصدر مُعافى من المُلمات التي يضيق صدر الإنسان بها طيلة العام.
- التخلص من الرياء وأن تكون العبادة خالصةً لوجه الله سبحانه وحده فيتخلص العبد من كل ما يُمكن أن يُعكر صفو عبادته ويكون صافيًا مع الله وحده.
- تربية النفس على التخلص من الثرثرة التي لا طائل منها والكلام الكثير لأنّ ذلك كله لا يُمكن للمُعتكف أن يفعله، والتخلص كذلك من فضول الطعام والشراب.
- الانقطاع إلى العبادة وتعويد النفس عليها بما أنّ الشخص قد خرج من حيث الدنيا وانقطع إلى عبادة الله وحده فقط.
- الانقطاع مع الله سبحانه وتعالى وحده وتقوية النفس على كل الهموم التي يُمكن أن تعتري ابن آدم.
- الابتعاد عن كل الصوارف التي تيُمكن أن تصرف الإنسان عن عبادة الله سبحانه وتعالى مثل السعي في الرزق أو نحوه.
هل يشرع الاعتكاف في غير رمضان
يشرع الاعتكاف في غير شهر رمضان المُبارك ويُمكن للمسلم أن يعتكف بالقدر الذي يشاؤه يومًا أو ساعة أو سنة ليلًا أو نهارًا لا فرق في ذلك، وقال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.[3]
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال كيفية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان وذكرنا أهمّ المعلومات عن مسألة الاعتكاف في الشهر الفضيل، وما هي شروط الاعتكاف في الإسلام، وما الأدلة عليه من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ saaid.net، سنة الإعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، 11/03/2023
- ^ islamonline.net، الاعتكاف : مشروعيته وشروطه ومبطلاته ووقته ، 11/03/2023
- ^ سورة البقرة، الآية: 187
التعليقات