ما حكم من لا يضحي في العيد

ما حكم من لا يضحي في العيد
ما حكم من لا يضحي في العيد

ما حكم من لا يضحي في العيد وهو إحدى أهم المسائل الفقهية في الإسلام، حيثُ يُعدّ عيد الأضحى أحد الأعياد التي شرعت للمسلمين، ويأتي في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، والأضحية في العيد هي من الشعائر التي يتقرب بها العبد إلى الله، ولكن يعتقد بعض المسلمين أنَّ الأضحية في الإسلام واجبة، وأنه لا بدّ أن يضحي كل عام، ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان حكم الأضحية، بالإضافة إلى بيان حكم من لا يضحي في العيد، وبعض من الأحكام التي تتعلق بالأضحية في الإسلام، وسوف نعرف حكم من يملك المال ولا يضحي، وسوف نعرف هل الأضحية واجبة على المتزوج وهل الأضحية واجبة على المرأة وغير ذلك من المعلومات.

حكم الأضحية في الإسلام

تعتبر الأضحية في الإسلام بأنها البهيمة التي يتم ذبحها في عيد الأضحى المبارك تقربًا إلى الله -سبحانه وتعالى- وابتغاء مرضاته، واتباعًا لهديِ رسوله صلى الله عليه وسلم، والأضحية سنَّة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قول كل من الشافعية والظاهرية والحنابلة والأشهر عند المالكية [1]، وقد وردفي الحديث عن أم سَلَمةَ زوج النبي رَضِيَ اللهُ عنها أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ” إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا “[2]، ومن الجدير بالذّكر أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتعليق الأضحية في الحديث بإرادة المضحي وهذا يدل على أنَّها سنة فقط وليست واجبة، لأن الواجب لا يمكن أن يعلق بإرادة الشخص والله تعالى أعلم.

ما حكم من لا يضحي في العيد

إنّ من لا يضحي في العيد لا حرج عليه على الإطلاق، ولكن يفوته أجر عظيم من الله، فقد اتفق جمهور العُلماء من الحنابلة والمالكيّة والشافعيَّة بأنّ الأضحية هي سنّة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليست واجبة، حتى في حال قدرة المسلم عليها، ولكن يُكره أن يتركها المسلم وهو قادر عليها، أمَّا الأحناف فقد ذهبوا إلى أنّ الأضحية واجبة على من يقدر عليها، فالأضحية هي وسيلة لشكر الله -تعالى- على نعمه الكثيرة على عباده، حيثُ يتعلم المسلم من الأضحية الصّبر والامتثال لأوامر الله تعالى، حينما يتذكر كيف صبر إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- وأطاعا الله -تعالى- وامتثلا لأوامره حينما أمر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل، ومن ثمّ افتداه بذبح عظيمٍ من السماء.[3]

حكم من يملك المال ولا يضحي

إنَّ من يملك المال ولا يضحي ليس عليه شيء في الإسلام ولا حرج في ذلك [4]، لأنَّ الأضحية سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليست فرضًا ولا واجبًا، ولكن في هذه الحالة يكون المسلم قد فوَّت على نفسه أجرًا كبيرًا وثوابًا عظيمَا من الله -تعالى- في الأضحية، ولكن لا يجوز للمقتدر تركها ودليل العلماء في ذلك قول أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “مَنْ وَجَد سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنا”[5]، ومن الجدير بالإشارة أنه لا يجب عليه قضاء الأضحية فالسّنّة لا تُقضى بعد فوات وقتها، إلّا أن يكون قد نذر أن يضحّي عندها يكون عليه واجباً ولزاماً أن يوفي نذره ويضحّي، والله ورسوله أعلم.

هل الفقير يضحي

لا يضحي المسلم إن لم يمتلك القدرة على شراء الأضحية؛ لأنّ من شروط المُضحي أن يمتلك القدرة المالية، أي أن يكون المسلم قادرًا على شراء الأضحية بما زاد عن حاجته اليومية وحاجة أهله، كما أنّ الأضحية سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليست واجبة[6]، ومن الجدير بالقول إنّه يمكن للمسلم أن يستدين من أجل شراء الأضحية إذا كان له قدرة على الوفاء، فقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- هل تجب الأضحية على غير القادر ؟ وهل يجوز أخذ الأضحية دَيْناً على الراتب ؟، فأجاب :” الأضحية سنة وليست واجبة . . . ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي إذا كان عنده القدرة على الوفاء”[7].

هل الأضحية واجبة على المرأة

إن الأضحية ليست واجبة على المرأة، بل هي سنة على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن كانت لديها القدرة على الأضحية استحب لها ذلك لتنال الأجر والفضل العظيم من الله تعالى، ومن الجدير بالقول إنَّه إذا ضحت المرأة من الأفضل أن تجعل أضحيتها عن نفسها وعن أهل بيتها، ويدخل في ذلك زوجها، فقد ورد عن الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنه قال في تعقيبه على تلك المسألة: “الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة، وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها” ويدل على ذلك عموم الأحاديث والأدلة والله ورسوله أعلم.[8]

هل الأضحية واجبة على المتزوج

إن الأضحية ليست واجبة على المتزوج ولا على العازب، حيث إنها سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، على كل قادر ومستطيع على ذلك، وأما إذا لم يكن مقتدرًا ولم يكن ميسورًا فليس عليه أضحية ولا حرج عليه، إلا أن أبو حنيفة رحمه الله تعالى، قال بوجوب الأضحية على كل شخص ميسور سواء كان متزوجًا أم عازبًا، ويأثم إذا تركها، وأما إذا لم يكن ميسورًا فلا حرج عليه وليس عليه أضحية، وقد ورد في موقع إسلام ويب: “هي سنة مؤكدة في حق كل قادر عند الجمهور, وأوجبها بعض أهل العلم وقد حض عليها النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم, وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها, وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض, فطيبوا بها نفسا”.[8]

شروط المضحي

بيّن أهل العلم بأنّ هناك مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر في الشّخص الذي يريد أن يضحي، وهي على النحو الآتي:[6]

  • الإسلام: إنَّ الأضحية لا تصحُّ إلَّا من المسلم الحر وهذا باتفاق أهل الفقه والعلم، فقد اختصّت هذه العبادة بالمسلم؛ لأنّها قُربة إلى الله -تعالى- يتعبّد له بها.
  • البلوغ: يجب على المضحي أن يكون بالغًا، والصغير يؤديها عنه وليه، حيث يجوز أن يضحي الرجل عن نفسه وعن أهل بيته.
  • القدرة المالية: أي أن يكون المسلم قادرًا على شراء الأضحية، والمقصود بالقدرة المادية هي ما زاد عن حاجته اليومية وحاجة أهله، فيستطيع أن يشتري أضحية فيضحي بها.
  • أن يكون غير حاج: فالأصل الوارد في ذبح الحاج هو الهدي، أمَّا غير الحاج فهو أضحية، وقد انفرد المالكيّة بذلك الشرط عن باقي الفقهاء.
  • ألَّا يكون مسافرًا: يجب أن يكون المضحي مقيماً في بلده، أو في بلد غريب لكنها إقامة طويلة كالهجرة مثلًا، وهذا رأي الحنفية، حيث يرون أنَّ الأضحية فقط للمقيم، أمَّا المسافر فلا تجب عليه.

شروط صحة الأضحية

هناك مجموعة من الشروط الواجب توافرها في الأضحية التي يتم ذبحها في عيد الأضحى؛ ليتم قبولها بإذن الله -تعالى- ونيل المسلم عنها كامل الأجر إن شاء الله، وقد جاءت تلك الشروط على النحو الآتي:[9]

  • أن تكونَ الأضْحيَّةُ من بهيمة الأنعام؛ أي أن تكون من الإبِل والبقر والغَنم، لقوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[10].
  • أن تكون قد الأضحية قد بلغتِ السن المعتبر في الشرع، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”[11].
  • أن تكون الأضحية سالمة من كل العيوب المانعة من الإجزاء، فقد ثبت في حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه لا يجب أن تكون عرجاء بين عرجها ولا بالعوراء بين عورها ولا تكون مريضة بين مرضها ولا أن تكون عجفاء لا تنقي.
  • أن يضحي المسلم في وقت التضحية، وهو الوقت الممتد من طلوع فجر يوم النحر وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، حتَّى غروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق.
  • أن ينوي المسلم الأضحية، فقد روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ”[112]، والله تعالى أعلم.

فضل الأضحية

تعتبر الأضحية شعيرة من شعائر الله تعالى، فقد شرّعها الله -سبحانه وتعالى- وأمر المسلمين بها كل عام، وجعل منها سعادة عظيمة تغمر قلوب المسلمين  حين يسارعون لاتباع أوامر الله وفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهديه وسنته، قد قال -تعالى- في كتابه الكريم: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[13]، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر بعض النقاط التي توضح فضل الأضحية في الإسلام:[14]

  • إنّ الأضحية شكر لله -تعالى- على ما أنعم به على المسلم من نعم كثيرة وعظيمة لا تعدُّ ولا تحصى.
  • إنَّ الذبح لوجه الله -تعالى- والتقرُّب إليه بالأضاحي من أعظم وأجل العبادات والطاعات.
  • الأضحية تحدُّث بنعم الله -تعالى- التي أنعمها على عباده وخصوصًا الميسورين منهم، لقوله تعالى: “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”[15].
  • تعتبر الأضحية بأنه إحياء لسنة نبي الله إبراهيم عليه السلام، عندما افتدى ولده إسماعيل بذبح عظيم كما أمره الله -تعالى- بعد تصديق رؤيا ذبحه.
  • إنّ الأضحية لها فضل عظيم في الإسلام، فقد قرن الله -تعالى- الذبح بالصلاة في كثير من الآيات الكريمة، حيثُ يقول في سورة الكوثر: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”[16].
  • إنّ في الأضحية توسعة على الأهل والجيران والأقارب والفقراء، حيثُ إنّ إطعام الطعام والإهداء يزيد من روابط المحبة والأخوة والألفة بين المسلمين.

مقالات قد تهمك

وهكذا نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان ما حكم من لا يضحي في العيد، فقد عرفنا في هذا المقال بعضًا من المعلومات حول حكم الأضحية في الإسلام، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السُّؤال المطروح، كما تعرفنا على من تجب الأضحية وحكمها في المذاهب الأربعة، كما عرفنا ما حكم الذي لا يضحي في العيد وهو قادر وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة.

المراجع

  1. ^ dorar.net، المبحث الثَّاني: ذَبحُ الأضْحِيَّةِ، 08/06/2024
  2. ^ صحيح مسلم ، أم سلمة، مسلم ، 1977، صحيح
  3. ^ islamweb.net، مذاهب الفقهاء في حكم الأضحية، 08/06/2024
  4. ^ مسند أحمد، أبي هريرة،  أحمد شاكر، 120، حسن.
  5. ^ islamqa.info، تركت الأضحية لسنوات ، فهل تقضيها الآن ؟، 08/06/2024
  6. ^ islamweb.net، أحكام الأضحية، 08/06/2024
  7. ^ islamqa.info، هل يستدين لشراء الأضحية؟، 08/06/2024
  8. ^ islamqa.info، هل تضحي المرأة الغنية عن زوجها؟، 08/06/2024
  9. ^ islamqa.info، شروط الأضحية، 08/06/2024
  10. ^ سورة الحج، الآية 28
  11. ^ صحيح مسلم ، جابر بن عبد الله، مسلم، 1963، صحيح.
  12. ^ صحيح البخاري، البخاري ، عمر بن الخطاب، 54 ، صحيح.
  13. ^ سورة الحج، الآية 32
  14. ^ islamweb.net، فضل الأضحية وثوابها، 08/06/2024
  15. ^ سورة الأضحى ، الآية 11
  16. ^ سورة الكوثر ، الآية 2

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *