هل يجوز الدعاء عند قبر الرسول

حكم الدعاء عند قبور الصالحين

إنّ زيارة القبر سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما فيها من التذكير بالموت، والتذكير بالآخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم : “زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة”^[6]، فإذا زار المسلم قبور الصالحين من أجل السلام عليهم فهذا من الأمور الطيبة والمشروعة، أما إذا قصد المسلم زيارة قبورهم من أجل الدعاء عندهم، فهذا لا يجوز، ويعتبر من البدع التي حذر منها العلماء، فدعائها والاستغاثة بهم شرك أكبر، فقد قال ابن تيمية -رحمه الله- في ذلك: “وأما الزيارة البدعية؛ فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج، أو يطلب منه الدعاء، والشفاعة، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجْوَبُ للدعاء. فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة، لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فعلها الصحابة، لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عند غيره، وهي من جنس الشرك، وأسباب الشرك”.^[7]

هل يجوز الصلاة عند قبر الرسول

اتّفق أهل العلم والمذاهب الفقهيّة الأربعة على أنه لا يجوز الصلاة عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيثُ إنّ اتّخاذ القبور مساجدًا هو محرّمٌ تحريمًا شديدًا، وقد قال بعض أهل العلم إنَّه كبيرةٌ من الكبائر، ويقصد باتّخاذ القبور مساجدًا يعني الصّلاة للقبور والتّوجّه إليها بالدّعاء، حيثُ لا يجوز لمسلم أن يتخذ أيّ قبرٍ من القبور مسجدًا ومصلّى، ولا حتّى قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم^[8]، فقد لعن الله -تعالى- الّذين يتّخذون القبور مساجدًا بكلّ ما معانيه وطردهم من رحمته في الدّنيا والآخرة، فقد جاء عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “لعن اللهُ ( وفي روايةٍ : قاتل اللهُ ) اليهودَ اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ”^[9]، ويجدر بالذّكر أنه يجوز للمسلم أن يصلي خلف قبر النبي -عليه الصلاة والسلام- دون أن تكون نيته الصلاة للقبر، وهكذا يستقبل القبلة ثمّ يصلي.^[10]

حكم زيارة النساء لقبر الرسول

إنّ زيارة قبر الرسول من الأمور المشروعة للرّجال من المسلمين، أمّا زيارة النّساء لقبر الرسول فإنّ هذا الأمر موضع خلافٍ بين أهل العلم، ففريقٌ قال أنّ زيارة قبر النّبي -صلى الله عليه وسلم- أمرٌ مستحبٌ للجميع نساءً ورجالًا، وآخرين من أهل العلم قالوا إنّ زيارته خاصّةٌ بالرّجال دون النّساء، ومنع زيارة النّساء للقبور هو القول الأصحّ والله أعلم، لأنّه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه لعن زائرات القبور، وهذا دليلٌ على المنع، فالواجب والأفضل للنّساء أن لا يزرن قبر النّبي ولا قبور المسلمين.^[11]

دعاء زيارة قبر الرسول ابن باز

أوضح الشيخ ابن باز -رحمه الله- ما يقال عند زيارة قبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- حيث يسن لمن زار المدينة المنورة أن يزور مسجد النبي وأن يمر ويسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- وصاحبيه، بحيث يقف المسلم تجاه قبر النبي ويقول: “السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل وسلم عليه واجزه عنا خيرا ما جزيت نبياً عن أمته”، ثم يخطو عن يمينه خطوة ويقول: “السلام عليك يا خليفة رسول الله رضي الله عنك، وجزاك عن أمة محمد خيرا”، ثم يخطو خطوةً أخرى عن يمينه ليقف أمام قبر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ويقول: “السلام عليك يا أمير المؤمنين رضي الله عنك، وجزاك عن أمة محمد خيرا”، ثم يتجه إلى القبلة، ويدعو بما شاء من خير الدعاء ويكثر من قول: “اللهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد”، وبعد ذلك ينصرف مباشرة.^[12]

شاهد أيضًا: حكم دعاء غير الله تعالى من الأولياء والصالحين

دعاء زيارة قبر الرسول وأبو بكر وعمر

يستحبّ لمن زار المدينة والمسجد النبوي الشريف، أن يزور قبر النبي و -صلى الله عليه وسلم- ويسلّم عليه وعلى أصحابه، ولكن لم يرد في السّنّة المباركة دعاءٌ أو ذكرٌ مخصّصٌ يُقال عند زيارة قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر، ولكن أهل العلم قد أفادوا بالمشروع من القول، وهو كما يأتي:^[13]

• يصلّي المسلم في الروضة الشريفة ركعتين، ثمّ يتوجّه إلى قبره -صلى الله عليه وسلّم- ويقف أمامه ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّك عبده ورسوله وصفيّه وخليله، وأشهد أنّك بلغت الرسالة ونصحت الأمة ودعوت لسبيل ربّك بالحكمة، وعبدت ربّك حتّى أتاك اليقين، جزاك الله عن أمتك خير الجزاء.
• ثمّ يتقدّم المسلم باتّجاه قبر أبي بكر الصّديق -رضي الله عنه- ويقول: السلام عليك يا أبا بكر ورحمة الله تعالى وبركاته، السلام عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، السلام عليك يا ثاني اثنين في الغار، جزاك الله عنّا وعن المسلمين خير الجزاء.
• ثمّ يتقدّم المسلم نحو قبر عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- ويقول: السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا فاروق الإسلام، يا ثاني الخلفاء، جزاك الله عنّا وعن المسلمين خير الجزاء.

شاهد أيضًا: فضل الصلاة في الروضة الشريفة

دعاء زيارة قبر الرسول مفاتيح الجنان

إنّ زيارة قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي واحدةٌ من الزّيارات  المشهورة والمهمّة التي يقيمها المسلمون الشّيعة، ويُستحبّ لمن زار قبره -صلى الله عليه وسلّم- التوجه إلى جهة القبلة واستقبال القبر الشَّريف، ثم قراءة دعاء الزيارة، كذلك يُستحبّ أن يدعو الله -تعالى- لنفسه وللمسلمين بما شاء من خيري الدّنيا والآخرة دون عدوان ولا مفسدة، ويتمثل دعاء زيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام كما يأتي:^[14]

” اَلسَّلامُ عَلَيكَ يا نَبيَّ اللهِ وَرَسُولَه، اَلسَّلامُ عَلَيكَ ياصَفْوَةَ اللهِ وَخِيرَتَه مِنْ خَلقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ ياأَمينَ أللهِ وَحُجَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ ياخاتَمَ النَبيّينَ وَسَّيدَ المُرسَلينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها البَشيرُ النَّذيرُ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ أَيُّها الّداعي اِلى اللهِ وَالسِّراجُ المُنيرُ ، اَلسَّلامُ عَلَيكَ وَعَلى أَهلِ بَيتِكَ الَّذينَ أَذهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِجسَ وَطَهَّرَهُم تَطهيراً ، أَشهَدُ اَنَّكَ يارَسُولَ اللهِ اَتَيتَ بِالحَقِّ وَقُلْتَ بِالصِّدقِ ، اَلحَمدُ للهِ الَّذي وَفَّقَني لِلايمانِ وَالتَّصدِيقِ ، وَمَنَّ عَلىَّ بِطاعَتِكَ وَاتِّباعِ سَبيلِكَ ، وَجَعَلني مِنْ أُمَّتِكَ وَالُمجيبينَ لِدَعْوَتِكَ ، وَهَداني اِلى مَعرِفَتِكَ وَمَعرِفَةِ الائِمَةِ مِنْ ذُرِّيتِكَ ، أَتَقرَّبُ اِلى اللهِ بِما يُرضِيكَ ، وأَبرَأُ اِلى اللهِ مِمّا يُسخِطُكَ ، مُوالياً لاَوليائِكَ ، مُعادِياً لاَعدائِكَ ، جِئتُكَ يارَسُولَ اللهِ زائِراً ، وَقَصَدْتُكَ راغِباً مُتَوَسِّلاً اِلى اللهِ سُبحانَهُ ، وَأَنْتَ صاحِبُ الوَسيلَةِ وَالمَنْزِلَةِ الجَليلَةِ وَالشَفاعَةِ المَقبولَةِ ، وَالدَعْوَةِ المَسمُوعَةِ ، فَاشْفَعْ لي اِلى اللهِ تَعالى بِالغُفرانِ وَالرَّحمَةِ وَالتَّوفيقِ وَالعِصمَةِ ، فَقَدْ غَمَرَتِ الذُّنوبُ وَشَمِلَتِ العُيوبُ وَاَثقلَ الظَهْرُ وَتَضاعَفَ الوِزرُ ، وَقَدْ أَخبرتَنا وَخَبَرُكَ الصِّدْقُ أنَّهُ تعالى قالَ وَقَولُهُ الحَقُّ : وَلَو أَنَّهُمْ إذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جاؤوُكَ فَاَستَغَفَروا اللهَ وَاسْتَغَفَرَ لَهُمُ الرَسُولُ لَوَجَدوا اللهَ تَوّاباً رَحِيماً . وَقَدْ جِئتُكَ يارَسُولَ اللهِ مُسْتَغْفِراً مِنْ ذُنُوبي ، تائِباً مِنْ مَعاصيَّ وَسَيِّئاتي ، وَاِنّي أَتَوَجَّهُ اِلى اللهِ رَبّي وَرَبِّكَ لِيَغفِرَ لي ذُنوبي ، فَاشفَع لي ياشَفيعَ الاُمَّةِ ، وَأَجِرني يانَبيَّ الرَحْمَةِ ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيكَ وَعلى آلِكَ الطّاهرينَ”.

شاهد أيضًا: حكم التبرك بالاولياء والصالحين

آداب زيارة قبر النبي