عناصر المقال
هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام، فالغراب هو نوع من الطيور وقد كان العرب قديمًا يتشاءمون منه ويروون عنه الأساطير ويصفونه بأبشع الصفات، ولكن عندما جاء الإسلام صحّح كثيرًا من أمور الطيرة والتشاؤم وما يدور حولها، ولكن هل أجاز الإسلام قتل الغراب، وكيف ينبغي للمسلم أن يتعامل مع الغربان، في هذا المقال سوف يكون هنالك وقفة مع حكم قتل الغراب في الإسلام، إضافة للوقوف على بعض الأمور المتعلقة بالغراب وغيره من الحيوانات في الإسلام.
هل يجوز قتل الغراب
قال العلماء إنّه يجوز قتل الغراب، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ في الحَرَمِ: الغُرَابُ، والحِدَأَةُ، والعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ”،[1] والغراب الذي يجوز قتله هو الغراب الذي يأكل الجيف، أما الغراب الذي يأكل الحبوب فلا يقتل، فهو مباح يجوز أكله، وقد يألف الآدمي شأنه في ذلك شأن الحمام، والله أعلم.[2]
شاهد أيضًا: هل يجوز تمني الموت عند اليأس من الحياة
هل كل غراب يُقتَل
قال العلماء إنّه ليس كلّ غراب يقتل، فهناك نوع من الغراب لا يجوز قتله، وهناك نوع آخر يجب قتله امتثالًا لتعاليم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأوامره، فالغراب الذي يقتل هو الغراب الذي يأكل الجيف، وذلك بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ في الحَرَمِ: الغُرَابُ، والحِدَأَةُ، والعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ”،[1] أمّا الغراب الذي لا يجوز قتله فهو الغراب الزرعي الذي يتغذّى على الحبوب والمزروعات، فهذا النوع يحل للإنسان أن يأكله، ولا يجوز له أن يقتله، والله أعلم.[2]
حكم تربية الغراب في الإسلام
إنّ الغراب على قسمين، قسم يحلّ أكله وكسبه، وقسمٌ لا يحلّ أكله وكسبه، فأما القسم الذي يحلّ أكله وكسبه فهو الغراب الزرعي الذي يتغذّى على الحبوب والمزروعات، فهذا يحلّ تربيته، وأما القسم الذي لا يحل أكله وكسبه، فهو الغراب الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتله وهو الغراب الذي يأكل الجيف، وذلك في قوله عليه وآله الصلاة والسلام: “خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ في الحَرَمِ: الغُرَابُ، والحِدَأَةُ، والعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ”،[1] والله أعلم.[3]
شاهد أيضًا: ما هو حكم عدم السجود عند قراءة القرآن الكريم
هل الغراب نذير شؤم في الإسلام
إنّ التشاؤم بالغراب ما هو إلا من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام ليهدمها بعقيدته الثابته التي محت كلّ تشاؤم، فقد نصّ الدين الإسلامي على أنّ القدر أمرٌ مكتوب عند الله جلّ في علاه، فلا يغيّره ولا يبدله شيء، فليس هناك غراب أو غيره يمكنه أن يغيّر مصير الإنسان، قال الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}،[4] وقال أيضًا جلّ في علاه: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ}.[5]
فأمر التشاؤم بالغراب هو من أمور الجاهلية، فقد كانوا إذا نعب مرتين قالوا آذن بشر، وإذا نعب ثلاثًا قالوا آذن بخير، ولكن ذلك كلّه قد أبطله الإسلام، وقد روي في الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنّه قال: “من ردته الطيرةُ من حاجةٍ فقد أشرك قالوا يا رسولَ اللهِ فما كفارةُ ذلك قال يقولُ أحدُهم اللهمَّ لا خيرَ إلا خيرُك ولا طيرَ إلا طيرُك ولا إلهَ غيرُك”،[6] والله أعلم.[7]
هل يجوز ان نطعم الغراب؟
إنّ إطعام الحيوانات جملةً فيه أجر عند الله تعالى، وذلك للحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “بَيْنا رَجُلٌ يَمْشِي، فاشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَنَزَلَ بئْرًا، فَشَرِبَ مِنْها، ثُمَّ خَرَجَ فإذا هو بكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ: لقَدْ بَلَغَ هذا مِثْلُ الذي بَلَغَ بي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ له، فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ”.[8]
ولكن اختلف العلماء في مفهوم هذا الحديث، هل هو عام أو إنه يخص الحيوان المحترم فقط -أي الذي لم يأمر الشرع بقتله- دون الحيوان المأمور بقتله، فبعضهم رأى أن الحديث يشمل الحيوانات المأمور بقتلها، وبعضهم قال إنه لا يشمل هذه الحيوانات، ولكن ذهب كثير العلماء على أنّ الإنسان لو وضع طعامًا لينتفع به حيوان وإن كان هذا الحيوان غرابًا أثيب على ذلك بإذن الله، والله أعلم.[9]
شاهد أيضًا: ما حكم قول رب اغفر لي بين السجدتين وهل يجوز الدعاء عندها
لماذا الغراب من الفواسق
إنّ الفواسق سمّيت بذلك لأنّها فسقت بطبعها، فأصبح لها طبع مختلف عن غيرها، طبع غير سوي، وعدّ الغراب من الفواسق بسبب ما يقوم به من عمل مؤذي، فهو -مثلًا- يقصد سنابل الزرع ويقطفها، وينكأ الجرح الموجود على ظهر البعير فينقره إذا شفي حتى يدمى فيردى من جديد، وذلك كله من شدة فسقه، وغير ذلك الكثير كمهاجمته للعيون ونحو ذلك، والله أعلم.[10]
هل الغراب نجس
إنّ الغراب الذي يأكل الجيف هو غراب نجس، فهو مستخبث ولا يحل أكله، وبالتالي ما يخرج منه من فضلات تعدّ نجسة، أما الغراب الزرعي الذي يأكل النباتات ولا يأكل الجيف فإنّ حكمه كحكم الحمام، فهو طاهر، وفضلاته طاهرة، ويجوز أكله كما قال كثير من أهل العلم، والله أعلم.[11]
شاهد أيضًا: حكم قول يا مسهل وحكم قول يا قاضي الحاجات يا رب
ما هي الخمس التي تقتل في الحل والحرم
لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّ هناك خمسة حيوانات تقتل في الحل والحرم، فقد قال عليه وآله الصلاة والسلام في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يَقْتُلُهُنَّ في الحَرَمِ: الغُرَابُ، والحِدَأَةُ، والعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ”،[1] فالحيوانات المذكورة في الحديث الصحيح هي:[12]
- الغراب: وهو الغراب الذي يأكل الجيف ويهاجم الحيوانات وليس على إطلاقه؛ فالغراب الزرعي الذي مرّ الحديث عنه آنفًا لا يجوز قتله لأنّه ليس فاسقًا.
- الحدأة: وهي طير من أنواع الصقور تهاجم الناس وتخطف طعامهم وتخرّب الأماكن التي تعيش فيها.
- الفأرة: وهي فأرة البيت وقد سمّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفويسقة، فهي تخرّب البيوت وتجرّ فتيل النار لتحرق بيوت الناس وتتلف طعامهم وغير ذلك.
- العقرب: وهو نوع من الحشرات معروفة بأرجلها الثمانية، وعيونها تكون فوق ظهرها، هذه الحشرة تلدغ وتؤلم وقد تكون لدغتها مميتة عند بعض الأنواع منها.
- الكلب العقور: الكلب العقور هو الكلب الذي يعقر الناس ويخيفهم ويعتدي عليهم، وكذلك قتل الكلب مقيّد بأنّه عقور، ولذلك ليس كلّ كلب يُقتَل، والله أعلم.
وإلى هنا يكون قد تم مقال هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام بعد الإجابة عن السؤال المذكور آنفًا، وبعد الوقوف على بعض الأسئلة الأخرى المتعلقة بموضوع المقال الرئيس، والوقوف أخيرًا على أنواع الحيوانات التي أمر الإسلام بقتلها في الحل والحرم.
المراجع
- ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 1829، حديث صحيح.
- ^ islamweb.net، الغراب المحرم أكله، 09/04/2023
- ^ islamweb.net، الغراب الذي يأكل الجيف لا يجوز كسبه وأكله، 09/04/2023
- ^ سورة القمر، الآية: 49
- ^ سورة التغابن، الآية: 11
- ^ مجمع الزوائد، عبد الله بن عمرو، الهيثمي، 5/108، الحديث فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.
- ^ islamweb.net، التشاؤم بالغراب من أعمال الجاهلية، 09/04/2023
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 2363، حديث صحيح.
- ^ islamweb.net، هل يؤجر المرء على إطعامه الغربان والفئران؟، 09/04/2023
- ^ shamela.ws، شرح جامع الترمذي - الراجحي، 09/04/2023
- ^ islamweb.net، حكم ما أصاب الثوب من فضلة الغراب، 09/04/2023
- ^ dorar.net، الموسوعة الحديثية - شروح الأحاديث، 09/04/2023
التعليقات