شروط الأضحية للميت وحكمها وكيفية ذبحها

شروط الأضحية للميت وحكمها وكيفية ذبحها
شروط الأضحية للميت

شروط الأضحية للميت، الأضحية من شعائر الله العظيمة التي شرعها لأمة الإسلام وهي أن يقوم العبد بذبح أضحية من الأنعام في أيام عيد الأضحى ابتغاءً للأجر وتكفيراً للذنوب، وفي كل عيد أضحى يذبح المسلمون آلاف بل ملايين الأنعام من الغنم والبقر والإبل والمعز عن أنفسهم وعن أهليهم وعن سائر المسلمون، ولكن موضوع الأضحية عن الميت هو من المواضيع التي قد تثير الالتباس لدى الناس لذلك سنسلط الضوء في هذا المقال على الأضحية عن الميت وندرج لكم شروط الأضحية للميت.

حكم الأضحية عن الميت

حكم الأضحية عن الميت هو من الأحكام التي اختلفت فيها آراء الفقهاء، فالأضحية بالنسبة للحي هي السنن المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر أقوال أهل العلم، وأما الأضحية عن الميت فهي لا تجب إلا إذا أوصى بها الميت قبل موته أو نذرها قبل وفاته، وقد انقسمت آراء الفقهاء على ثلاثة أقوال هي:[1]

  • عند الشافعية: لا تصح الأضحية عن الميت إلا إذا أوصى بها قبل وفاته، قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: “ولا تضحية عن الغير بغير إذنه، ولا عن ميت إن لم يوص بها”. انتهى.
  • عند الحنفية والحنابلة: تصح الأضحية عن الميت ويصله ثوابها، ويؤيد هذا القول أن علياً رضي الله عنه كان يضحي عن النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، وقال: إنه صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، وهو ما رواه أبو داود والترمذي في سننهما وأحمد  في المسند والبيهقي والحاكم وصححه.
  • عند المالكية: تكره الأضحية عن الميت قال الإمام خليل رحمه الله في مختصره في ذكر المكروهات في الأضحية: “وكره جز صوفها… وفعلها عن ميت”. انتهى. وقال مالك في الموازية: ” ولا يعجبني أن يضحي عن أبويه الميتين، قال: وإنما كره أن يضحى عن الميت لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، وأيضا فإن المقصود بذلك غالبًا المباهاة والمفاخرة”. انتهى.
  • ويصح ذبح الأضحية عن الأب المتوفى وإشراك الأم الحية في الثواب، ويصح أيضاً أن يذبح الأضحية عن نفسه وأن يشرك أبويه في الثواب.

شروط الأضحية للميت

لا تختلف شروط الأضحية سواءً أكانت للميت أو الحي، وفيما يأتي نعرض لكم شروط الأضحية:[2]

  • أن تكونَ الأضحية من بهيمة الأنعامِ: والأنعام هي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، قال تعالى: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ”.[3]
  • بلوغ الأضحبة للسنّ المعتبرة للذبح: ” فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بما دون الثنيَّةِ مِن غيرِ الضَّأنِ، ولا بما دُونَ الجَذَعةِ مِنَ الضَّأنِ” ، والثَّنِيُّ من الضأن ما أتمّ ستّة أشهر، ومِنَ البَقَرِ ما أتمَّ سَنتينِ، ومِنَ المَعْزِ ما أتمَّ سَنَةً، ومن الإبِلِ ما أتمَّ خَمْسَ سنينَ، وهذا التفصيل من مذهب الحنفية والحنابلة، عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْن”.[4]
  • أن تكون الأضحية خاليةً من العيوب: فالله عز وجل طيبٌ لا يقبل إلا طيباً والأنعام التي لا تُجْزِئُ الأضحية بوجودها هي العوراءِ البَيِّنِ عَوَرُها، والعَرْجاءِ البَيِّنِ ضَلْعُها، والمريضَةِ البَيِّنِ مَرَضُها، والعَجْفاءِ التي لا تُنقِي، عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قامَ فينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأصابعي أقصرُ من أصابعِه وأناملي أقصرُ من أناملِه فقالَ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى”.[5]
  • الذبح في الوقت المخصص للأضحية: فإن تم ذبح الأضحية في غير وقتها صارت صدقة ووقت ذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى إلى غياب شمس آخر أيام التشريق الثلاثة، عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال:” إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ”.[6]
  • النية: وعلى المضحي سواءً أراد أن يضحي لنفسه أو لغيره أن ينوي الذبح بغرض الأضحية، فالنيةّ من شروط صحّة الأضحية وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة والحَنابِلة استناداً إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلّم ” إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ”.[7]

شاهد أيضًا: كيفية ذبح اضحية العيد بالطريقة الشرعية

حكم الأضحية للحيّ

“الأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ جمهور الفقهاء من الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، والمالِكيَّة في المشهور، وهو مذهب الظَّاهريَّة، وإحدى الرِّوايتينِ عن أبي يوسُفَ وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ”، وقد استدل أهل العلم بأن الأضحية سنّة من حديث أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:” إذا دخَل العَشرُ الأوَلُ فأراد أحدُكم أن يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شعَرِه ولا من بشَرِه شيئًا”.[7]، ففي الحديث يعّلق رسول الله صلى الله عليه وسلّم الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ، فتعليق الأضحية بالإرادة دليل على عدم وجوبها وإنما هي من السنن، وفي حديث آخر عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ” أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به، فَقالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ، ثُمَّ قالَ: اشْحَذِيهَا بحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهِ”،[9]وفي هذا الحديث تروي السيدة عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ضحى عن أهل بيته وعن أمته فهذه التضحية منه صلى الله عليه وسلّم  تجزئ عن جميع من لم يضحّ من أمته.[2]

كيفية ذبح الأضحية للميت

وكذلك الأمر بالنسبة لكيفية ذبح الأضحية فلا تختلف طريقة الذبح إن كانت للأضحية عن الحي أو الميت، وإذا كان المضحّي يحسن الذبح فالأولى له أن يذبح أضحيته بنفسه وإن لم يحسن الذبح فله أن ينيب عنه غيره في ذلك، ولكن ينبغي مراعاة الآداب الإسلامية التي أوجبها الإسلام كما أوجب الإحسان على كل شيء وأما طريقة ذبح الأضحية فهي على الشكل الآتي:[2]

  • الذبح: ويكون الذبح للأنعام من الغنم أو المعز أو البقر، يتم سدح الأضحية على جنبها وتوجيهها باتجاه القبلة ثم يمسك رأسها بيده اليسرى ويثني رقبتها ويمسك السكين بيده اليمنى ويذكر اسم الله عليها ويكبر كأن يقول بسم الله الله أكبر ويسأل الله القبول ثمّ يمرر سكينه الحاد على عنقها ويقطع الحلقوم والمريء والودجين أي العرقين المحيطين بالحلقوم والمريء وينبغي أن تكون السكين حادةً أن لا يتم النشر لكي لا تعذب الأضحية عند الذبح، ثمّ يضع رجله على صفحتها حتى يكون أسهل عليها من الاضطراب، والكمال في الذبح هو أن يتم قطع كل من الحلقوم والمريء والودجين معاً، ولكن إذا تم قطع الحلقوم والمرئ فقط فهو كافٍ وإن قطع معهما أحد الودجين كفى.
  • النحر: والنحر يكون للإبل لأن ذلك أيسر من الذبح والنحر أي الطعن في في محل النحر وهو المكان المنخفض الذي بين العنق والصدر، ويسمى اللبة، واللبة خالية من اللحم لذلك فهي أيسر للنحر والسنة في نحر الإبل أن تنحر وهي واقفة على ثلاث قوائم وأن تكون معقولة يدها اليسرى، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ”  أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ كانوا ينحرونَ البدنةَ معقولةً اليسرى قائمةً على ما بقيَ من قوائمها”[10]، ولا فرق عند الحنفية بين الأفضلية من نحرها قائمة أو باركة والله أعلم.

شاهد أيضًا: ما حكم من لا يضحي في العيد ، حكم من يملك المال ولا يضحي

آداب عند ذبح الأضحية 

إن الله قد سخّر الأنعام للبشر وحلل لهم لحومها وأباح لهم ذبحها ولكنه سبحانه جعل للذبح آداباً كما جعل لكل شيء آداباً وشروطاً فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: “ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ.[11]وفيما يأتي نعرض لكم بعض الآداب التي تتعلق بذبح الأضحية:[12]

  • أن يتمّ الذبح بآلة حادّة كسكين أو نحوه وذلك أيسر في الذبح وأهون على الذبيحة، ولا يجوذ الذبح بالظفر أو السنّ أو العظم.
  • أن يتم الإسراع في الذبح لأن في ذلك إراحة للذبيحة.
  • أن يتم استقبال القبلة في الذبح، ويتم استقبال القبلة بموضع الذبح من الأضحية لا بوجهها.
  • أن يتم حدّ الشفرة قبل المباشرة في الذبح ويكره أن يحد الذابح شفرته بين يدي الذبيحة، وهي مهيأة للذبح، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: ” مرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ على رجُلٍ واضِعٍ رِجْلَه على صَفحةِ شاةٍ وهوَ يُحدُّ شفرتَه وهيَ تلحَظُ إليه ببصَرِها قال : أفلا قَبلَ هذا ؟ . أو تريدُ أن تُمِيتَها مَوتاتٍ ؟ !”. [13]
  • أن يتم إضجاع الذبيحة برفق على شقها الأيسر: قال النووي: “جاءت الأحاديث بالإضجاع وأجمع عليه المسلمون، واتفق العلماء على أن إضجاع الذبيحة يكون على جانبها الأيسر لأنه أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار، وقاس الجمهور على الكبش جميع المذبوحات التي تحتاج فيها إلى الإضجاع”.
  • أن تساق الذبيحة برفق إلى المذبح.
  • أن يتم عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها
  • أن يتم التكبير ثلاثاً قبل التسمية وثلاثاً بعدها وأن يقول الذابح :اللهم هذا منك وإليك فتقبّله مني، وهو قول الشافعية.
  • عدم المبالغة في القطع كأن يتجاوز السكين ليبلغ النخاع أو يبين رأس الذبيحة حال ذبحها، أو أن تفرس الذبيحة وقال ابن الأثير في النهاية “معنى أن تفرس هو كسر رقبة الذبيحة قبل أن تبرد”.
  • يكره أن يقطع شيءٌ منها بعد تمام الذبح أو قبل خروج روحها.
  • يكره تحريكها ونقلها قبل خروج روحها.

إلى هنا نصل إلى ختام مقالنا شروط الأضحية للميت والذي بينّا فيه معنى الأضحية وحكمها للحي وللميت والشروط الواجبة على الأضحية للحي أو الميت والطريقة الشرعية في ذبح الأضحية من الأنعام في كل من البقر والغنم والمعز، والنحر للإبل، فهذا ما تهيّأ إعداده وتيسّر إيراده، فنسأل الله أن نكون قد وفقنا في تقديمه، والحمد لله رب العالمين.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، حكم الأضحية عن الميت وإشراكه في ثوابها، 28/01/2023
  2. ^ dorar.net/feqhia، ذَبحُ الأضْحِيَّةِ، 28/01/2023
  3. ^  سورة الحج ، الآية 28
  4. ^ صحيح مسلم ، جابر بن عبدالله، مسلم، 1963، صحيح
  5. ^ صحيح أبي داود، البَراءِ بنِ عازبٍ،  الألباني، 2802، صحيح
  6. ^ صحيح البخاري، البراء بن عازب، البخاري، 968، صحيح
  7. ^ مجموع الفتاوى ، عمر بن الخطاب، ابن تيمية، 20/223، صحيح
  8. ^ شرح مشكل الآثار ، أم سلمة أم المؤمنين، الطحاوي، 14/131، صحيح
  9. ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين، مسلم،1967 ، صحيح
  10. ^ المجموع للنووي، جابر بن عبدالله، النووي، 9/85، إسناده صحيح على شرط مسلم 
  11. ^ صحيح مسلم ، شداد بن أوس، مسلم، 1955، صحيح
  12. ^ fiqh.islamonline.net، آداب ينبغي مراعاتها عند الذبح، 28/01/2023
  13. ^ صحيح الترغيب، عبدالله بن عباس، الألباني/، 1090،  صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *