فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها

فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها، حيث الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلبة لكل خير ودفع لكل شر وضرر، وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه في كل الأوقات بشكل عام وفي يوم الجمعة بشكل خاص، وسيقف هذا المقال مع الفضل العظيم لتلك العبادة ومتى يُمكن الابتداء بها.

متى تبدأ الصلاة على النبي ليلة الجمعة

إنّ فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها عظيم جدًا تبدأ الصلاة على النبي ليلة الجمعة أي من مغيب الشمس في يوم الخميس إلى مغيب الشمس في يوم الجمعة، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.^[1]

إذاً فإنّ الصلاة على النبي محمد أمرٌ واجبٌ على كل مسلم، وبحسب أهل العلم فإن الصلاة على النبي ترد في مواضع وأوقات كثيرة، ومن أهم هذه الأوقات يوم الجمعة وليلتها أيّ من ليلة الجمعة إلى مغيب شمس نهارها. ^[2]

فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها

خصّ الله يوم الجمعة بخصال وسمات عديدة، إذ يعد من أفضل الأيام وأعظمها وسيدها عند الله عز وجل، وقد حدثنا النبي الكريم عن الإكثار من الصلاة عليه في يوم الجمعة، لِما لهذا اليوم من الخصال التي تضاعف أجر المؤمنين، إذ يروي أوس بن أوس عن النبي قوله: “إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةٌ عليّ، قال: فقالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت؟ قال: يقولون بليت، قال: إن الله حرّم على الأرض أجساد الأنبياء”.^[3]

ومن ذلك ما ورد عن أبي لُبابة بن عبد المنذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ يومَ الجمُعةِ سيِّدُ الأيَّامِ وأعظمُها عندَ اللَّهِ ، وَهوَ أعظمُ عندَ اللَّهِ من يومِ الأضحى ويومِ الفطرِ ، وفيهِ خمسُ خلالٍ خلقَ اللَّهُ فيهِ آدمَ وأَهْبطَ اللَّهُ فيهِ آدمَ إلى الأرضِ ، وفيهِ توفَّى اللَّهُ آدمَ ، وفيهِ ساعةٌ لا يسألُ اللَّهَ فيها العبدُ شيئًا إلَّا أعطاهُ إيَّاهُ ما لم يسأَلْ حرامًا ، وفيهِ تقومُ السَّاعةُ ما مِن ملَكٍ مقرَّبٍ ولا سماءٍ ولا أرضٍ ولا رياحٍ ولا جبالٍ ولا بحرٍ إلَّا وَهُنَّ يُشفقنَ من يومِ الجمعةِ“.^[4]ومن جملة فضائل الصلاة على النبي في يوم الجمعة، الرحمة ومضاعفة الأجر بعشرة أمثاله، وذلك ما جاءت به رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن صلى عليّ صلاةً صلى الله عليه عشراً”.^[5]

فضل الصلاة على النبي

إن فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها له أجور عدة، نذكر منها:

امتثال أوامر الله تعالى وطاعته

قال الله تعالى في كتابه الكريم {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}،^[1]وصلاة الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم تعني الثناء عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة تعني الدعاء، إذاً فقد أمرنا الله تعالى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك اقتداءً به عز وجل وبملائكته عليهم الصلاة والسلام، وتعظيماً للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بالإضافة لما في ذلك من الأجر والثواب والمغفرة.^[6]

ذكر الله تعالى لعباده الذاكرين

لقد أمرنا الله تعالى بدوام ذكره، ويتم ذلك من خلال الطاعات بشتى أنواعها، ومن أجلّ الطاعات الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب غلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً، تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة”.^[7]

وصول الصلاة والسلام على النبي إلى النبي

أيّ أنه ما من عبدٍ يصلي على النبي حتى عرف النبي وبلغته صلاته، ومن ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من أحدٍ يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام”.^[8]

الصلاة على النبي دليل الجود

من واجب المسلم أن يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه عند ذكره، وذلك ما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المروي عن طريق أبي هريرة رضي الله عنه إذ قال: “رغم أنف رجل ذُكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلا الجنة”.^[6]

كما أن الرسول الكريم قد بيّن في بعض أحاديثه أن المرء الذي لا يذكره ولا يصلي عليه عند ذكره يتصف بالبخل، ومنه ما قال الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “البخيل من ذُكرت عنده، فلم يصلِّ عليّ”.^[9]

الصلاة على النبي علامة من علامات الإيمان

الإيمان الحقيقي يكون باتباع أوامر الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الأوامر والطاعات التي تنمي محبة الله ورسوله، ومن ذلك ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”.^[6]

مكثرو الصلاة على النبي أولى الناس به

إنّ الرجل الذي يُكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون من أهله وخاصته، وقد ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنّ أولى الناس به يوم القيامة، أكثرهم عليه صلاةً”.^[6]

مغفرة الذنوب وانفراج الهموم

ومن ذلك ما ورد عن أُبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ علَيكَ فَكَم أجعلُ لَكَ مِن صلاتي ؟ فقالَ : ما شِئتَ قالَ : قلتُ : الرُّبُعَ ، قالَ : ما شئتَ فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ ، قُلتُ : النِّصفَ ، قالَ : ما شِئتَ ، فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ ، قالَ : قلتُ : فالثُّلُثَيْنِ ، قالَ : ما شِئتَ ، فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ ، قلتُ : أجعلُ لَكَ صلاتي كلَّها قالَ : إذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، ويُغفرَ لَكَ ذنبُكَ“.^[10]

الصلاة على النبي سببٌ من أسباب استجابة الدعاء

يعد الدعاء من أجمل العبادات، وعلى المؤمن أن يتحرى السبل لاستجابته، ومن أهم سبل استجابته أن يبدأ المرء بحمد الله وسبحانه ومن ثم الصلاة على النبي، وذلك ما ورد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي: “عجل هذا”، ثم دعاه فقال له أو لغيره: “إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي، ثم ليدع بعد بما شاء”.^[11]

الرفعة ومضاعفة الأجر

أن الصلاة على النبي تمحو الخطايا، وتضاعف الثواب، وذلك ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”من صلى عليَّ صلاةً واحدةً، صلَّى الله عليه عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنه عشرُ خطيئات، ورُفعَت له عشر درجات”.

صيغ الصلاة على النبي

بعد ذكر فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها لا بد من معرفة صيغها، إذ تتعدد صيغ الصلاة على النبي، حيث يبين أهل العلم أن من واجب المسلم التنويع بينها، اتباعاً للشريعة والسنة، ولكي لا تهجر الصيغ الأخرى، وأما خارج الصلاة، فبحسب أهل العلم لا تتعين صيغة واحدة، وإنما يقبل كل لفظ يؤدي المراد بالصلاة على النبي. وأما الصيغ الواجبة عند الصلاة هي:

• اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكْت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
•  اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكْت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

عبارات عن الصلاة على النبي يوم الجمعة

بعد ذكر فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها لا بد من عبارات مميزة تقال في ذلك اليوم، ومن بينها:

• أقبلت الجمعة ببركتها، فعرفت الدنيا سكينتها، فبحق مافيها من الخصال، وبحق مافيها من الجلال، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
• اللهم بعدد فضائل جمعتك، وأعداد خلقك، وخصال أنبيائك، وأعداد أسمائك، أسألك الصلاة والسلام على خير الخلق النبي المصطفى العدنان.
• اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، خير الورى، عدد ساعات جمعتك المباركة.
• اللهم صل على نبينا محمد الكريم، في يوم الجمعة العظيم، صلاة تمحو بفضلك بها ذنوبنا، وتغفر خطايانا، وتضاعف حسناتنا، وتمحو سيئاتنا.
• اليوم عيد المسلمين، يوم الجمعة الكريم، فصلاة الله وسلامه وأتم التسليم على سيد أمنتنا النبي الأمين.
• وعبق الجمعة في الكون انتثر، وطيب الصلاة والسلام على النبي انتشر، فاللهم صلى عليه صلاة ً تفرج الكرب، وتزيل الهم، وتزرع السعادة والخير.

صحة حديث الصلاة على النبي يوم الجمعة

وأما في صحة حديث الصلاة على النبي، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قال: فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، قال: يقولون: بليت، قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على الأرض أجساد الأنبياء صلى الله عليهم”، فهو حديثٌ صحيح.^[3]

حكم من لم يصل على النبي

اختلف أهل العلم في حكم الصلاة على النبي عند التشهد الأخير في الصلاة، وتعددت آراؤهم:^[12]

• الحنفية والمالكية: ذهبوا إلى كونها سنة، تركها لا يفسد ولايبطل الصلاة .
• الشافعية والحنابلة: ذهبوا إلى كونها ركن أساسي من اركان الصلاة، تبطل الصلاة بتركها، على أن قول “اللهم صل على محمد” هو الواجب، ومابعده من القول سنة.

وأما في موضع ذكر النبي وعدم صلاة المرء عليه، فإنها واجبة بحسب جمع من أهل العلم، وقد بيّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيكون لصاحب هذا الفعل المهانة، وذلك ما ورد في رواية جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ ، فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك ، فقال : أتاني جبريلُ ، فقال : رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين.^[13]

أحاديث عن الصلاة على النبي يوم الجمعة

هنالك العديد من الأحاديث التي تؤكد فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وفي غير يوم الجمعة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج بعض هذه الأحاديث:

• عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” أَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصَّلاةِ في يومِ الجمعةِ ؛ فإنَّ صَلاةَ أُمَّتي تُعْرَضُ عليَّ في كلِّ يومِ جُمُعَةٍ ، فمَنْ كان أكثرَهُمْ عليَّ صَلاةً ؛ كان أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً”.^[14]
• عن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إن من أفضلِ أيامِكم يومَ الجمعةِ فأكثروا علَيَّ من الصلاةِ فيه فإن صلاتَكم معروضةٌ عليَّ. قالوا: يا رسولَ اللهِ كيف تُعرضُ صلاتُنا عليك وقد أرِمتَ؟ قال: إنَّ اللهَ حرم على الأرضِ أن تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ”.^[15]
• عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ”.^[16]

مقالات قد تهمك

وبذلك نكون قد وصلنا إلى خاتمة مقال فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها وما هي الصيغ التي يُمكن للمسلم أن يتبعها للصلاة والسلام على رسوله عليه الصلاة والسلام، وما هي فائدة الصلاة على النبي الكريم سيد الأولين والآخرين.