عناصر المقال
ما يفعله الحجاج يوم الثامن من ذي الحجة وهو موضوع هذا المقال، حيثُ يعد من المعلومات الدينية التي يبحث عنها كثير من المسلمين خصوصًا قبل موسم الحج، واليوم الثّامن من ذي الحجّة أحد أهمّ الأيّام وأفضلها على الإطلاق، فهو يعرف بيوم التروية وهو اليوم الذي يسبق عرفة، وينبغي على الحاج معرفة كافة الأعمال المهمّة في هذا اليوم، ومن هذا المنطلق سوف يتم بيان ما المقصود باليوم الثامن من ذي الحجة، وما هي الأعمال التي يفعلها الحاج وغير الحاج في هذا اليوم.
يوم التروية في الحج
إنّ يوم التروية في الحج هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وهو اليوم السابق ليوم عرفة، ويعتبر يوم مبارك من أيام ذي الحجة الأوائل، فهو يوم يذهب فيه الحجيج إلى مِنى ليبيتوا فيها، ويعتبر المبيت بمنى من السنن الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس فرض، وأثناء إقامة الحاج في منى يستحب الإكثار من الدعاء، وأن تصلى صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء منفردة، أي قصر دون جمع، ثمّ يخرج من منى في صباح اليوم التالي بعد صلاة الفجر، ويتجه إلى عرفة لأداء يوم الحج الأكبر، ويجدر بالذّكر أنّ يُستحب للمسلم غير الحاج أن يشغل وقته في هذا اليوم بالعمل الصالح والعبادة، كما يُستحب أن يصومه كما صام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الأيام التسع الأوائل من شهر ذي الحجة. [1]
سبب تسمية الثامن من ذي الحجة بيوم التروية
يعتبر يوم التروية بأنه من أيام الحج في الإسلام، وقد سمّي بذلك لأنّ الحجيج يتروون من الماء في هذا اليوم استعدادًا للوقوف في عرفة، وقيل إنّ سبب تسميته بهذا الاسم جاءت لأنّ إبراهيم -عليه السلام- رأى أنّه يذبح ابنه في المنام وكان يحدث نفسه هل هي رؤيا من الله تعالى أم حلم، وكان قد رأى المنام صبيحة ذلك اليوم أي اليوم الثامن من ذي الحجة، فقد قال ابن قدامة -رحمه الله- في ذلك: ” سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون من الماء فيه يعدونه ليوم عرفة، وقيل: سمي بذلك لأن إبراهيم عليه السلام رأى تلك الليلة في المنام ذبح ابنه فأصبح يروي في نفسه أهو حلم؟ أم من الله؟ فسمي يوم التروية”.[2]
ما يفعله الحجاج يوم الثامن من ذي الحجة
يُستحَبّ للحاجّ أن يقوم ببعض الأعمال في يوم التروية أي اليوم الثامن من ذي الحجة، وهذه الأعمال يسن للحاج فعلها تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها ليست واجبة، وفيما يأتي سوف نقدم للزوار الكرام أهم الأعمال التي يفعلها الحجاج في يوم الثامن من ذي الحجة: [3]
- الإحرام: إنّ بداية الحج هي الإحرام، فينبغي على الحاج من أهل مكة أو المتمتع الذي فسخ إحرامه أن يُحرم في هذا اليوم، قد ذكر جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: : “فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج”[4].
- الاغتسال: يُستحب للحاج المتمتع أن يغتسل ويتطيب في يوم التروية؛ وذلك تجهيزًا للإحرام الذي يُعد من الأمور المستحبة في اليوم الثامن من ذي الحجة يمن يحج حجَّ التمتع، ثمّ يتطيب ويلبس ثيابه النظيفة.
- التلبية: بعد أن يُحرم الحاج في هذا اليوم ينوي التلبية، ويقول لبيك اللهم حجًا ثم يقول: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وإن زاد: لبيك إله الحق لبيك”.
- التوجه إلى منى: يتوجه الحاج إلى منى في يوم التروية تأسيًا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ يُصلي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فيقصرها كلها دون أن يجمعها إلا المغرب والفجر، فإنّهما لا يُقصران، إذ تقصر الصلاة الرباعية فقط، لما جاء عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- في قوله: “وركب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس”[4].
- المبيت بمنى: حيث يُستحب للحاج أن يبيت بمنى قبل أن يذهب إلى عرفة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعندما يُصلي الفجر ينتظر حتى تطلع الشمس؛ ومن ثم ينطلق إلى عرفة ملبياً أو مكبراً، لقول أنس رضي الله عنه: “كانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فلا يُنْكِرُ عليه، ويُكَبِّرُ مِنَّا المُكَبِّرُ فلا يُنْكِرُ عليه”[5].
أفعال اليوم الثامن من ذي الحجة لغير الحاج
إنّ اليوم الثامن من ذي الحجة يعتبر من أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى، ولعل المسلم غير الحاج يبحث عن الأفعال الصالحة التي تعينه على اغتنام هذا اليوم، وفيما يأتي سوف يتم بيان بعض من الأفعال التي يمكن أن يأتي بها المسلم:[6][]
- الإكثار من الصلاة: حيث يجب على المُسلم في هذا اليوم المبارك أن يلتزم بالصلاة المفروضة، والحرص على الاستماع إلى الأذان وترديده، وأداء السنن الراتبة على أتمّ وجه.
- الإكثار من الدعاء: حيثُ يعتبر الدعاء في يوم التروية من الأفعال المستحبة للمسلمين، ويستحب مناجاة الله -تبارك وتعالى- كأن يقول: “اللهم إني أسألك خير الدعاء وخير المسألة وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات، وثبتني وثقل موازيني وارفع درجتي وتقبل صلاتي واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة، آمين. اللهم إني أسألك الجنة”[7].
- تلاوة القرآن الكريم: حيثُ يُمكن للمسلم غير الحاج في هذا اليوم المبارك أن يحرص على قراءة القرآن الكريم، لما فيه من الأجر العظيم الذي يناله، كما يفضل أن يُنوع ما بين التلاوة والاستماع والتدبر لمعانيه العظيمة.
- الإكثار من التكبير: حيث إنَّ التكبير من الأعمال التي يُستحب القيام بها في الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وتحديدًا دُبر كل صلاة، ولعل أصحَّ صيغ التكبير وأشهرها: “اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وللَّهِ الحمدُ”.
- التوبة: لا يمكن للمسلم أن يتجاهل أهمية التوبة في الشريعة الإسلامية، فهي بمثابة السائل الذي يغسل الذنوب، بحيث ينبغي استغلال هذا اليوم المبارك في فتح صفحة بيضاء نقية لا شائبة فيها مع الله، كما يستحب للمسلم أن يعاهد الله -تبارك وتعالى- بالابتعاد عن المعاصي والذنوب.
- الصيام: إنّ صوم يوم التّروية أمرٌ مستحبٌّ للمسلم لغير الحاج، وهو من أفضل وأحبّ إلى الله من الأعمال، كما أنه من خير الأعمال التي يُمكن أن يأتي بها المسلم في هذا اليوم، ففيه أجر كبير لاتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضل يوم الثامن من ذي الحجة
إن يوم التروية هو واحد من أيام عشر ذي الحجة التي أقسم بها الله -تعالى- في كتابه الكريم عندما قال: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[8]، وهو اليوم الذي يبدأ المسلمين فيه بأداء أركان فريضة الحج التي تعد ركن من أركان الإسلام ومن أعظم العبادات في الإسلام، وفيما يأتي سوف نبين فضل يوم التروية في الإسلام:[9]
- إنَّ يوم التروية من أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وقد حثّ الرسول الكريم على العمل الصالح فيها لأنه أفضل من بقية الأيام، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ “[10].
- إن أجر الصيام عظيم في يوم التروية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلًا عن الخالق تبارك وتعالى في الصيام: ” الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِن رِيحِ المِسْكِ. يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به والحَسَنَةُ بعَشْرِ أمْثَالِهَا “[11].
- إنَّ الأعمال الصالحة أحب إلى الله تعالى في يوم التروية لأنه من العشر الأوائل من ذي الحجة، والعمل فيها أحب إلى الله تعالى من غيرها في بقية الأيام ، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: ” ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء “[12].
مقالات قد تهمك
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال ما يفعله الحجاج يوم الثامن من ذي الحجة وقد تعرفنا على يوم التروية في الحج وأهميته في الإسلام، كما قمنا ببيان سبب تسمية يوم التروية بهذا الاسم، ثمّ تعرفنا على الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما قمنا ببيان أهم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها غير الحاج في يوم التروية، ونختم المقال ببيان فضل يوم التروية في الإسلام.
المراجع
- ^ dorar.net، تمهيدٌ: التعريفُ بِيَومِ التَّرويةِ، 07/06/2024
- ^ islamweb.net، سبب تسمية يوم التروية، 07/06/2024
- ^ fiqh.islamonline.net، يوم التروية ، 07/06/2024
- ^ صحيح مسلم ، جابر بن عبدالله، مسلم ، 1218، صحيح.
- ^ صحيح البخاري، أنس بن مالك، البخاري ، 1659، صحيح.
- ^ saaid.org، عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها، 07/06/2024
- ^ مجمع الزوائد، أم سلمة أم المؤمنين، الهيثمي، 10/178 ، رجاله رجال الصحيح غير محمد بن زنبور وعاصم بن عبيد وهما ثقتان.
- ^ سورة الفجر، الآية 1-2
- ^ saaid.org، فضائل العشر من ذي الحجة، 07/06/2024
- ^ صحيح البخاري ، عبدالله بن عباس، البخاري ، 969، صحيح.
- ^ صحيح البخاري ، أبو هريرة ، البخاري ، 1894، صحيح.
- ^ الأحكام الصغرى، عبد الحق الإشبيلي، عبدالله بن عباس، 404، حديث صحيح الإسناد.
التعليقات