هل يجوز رمي جمرة العقبة الكبرى قبل الفجر

هل يجوز رمي جمرة العقبة الكبرى قبل الفجر
هل يجوز رمي جمرة العقبة الكبرى قبل الفجر

هل يجوز رمي جمرة العقبة الكبرى قبل الفجر وما حكم من يرمي جمرة العقبة في غير وقتها المحدد شرعًا، فالحج والعمرة من أعظم العبادات التي لها نسك وأعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة، وللحج أركانٌ وواجبات ومستحبات على المسلم أن يأتي بها كلّها، ليكون حجّه صحيحًا وليتمّ نسكه، ولا يصح للمسلم الحاج أن ينقص من أعمال الحج، فمن أعماله ما يفسد الحج لو أنقصه، ومنه ما يتطلب فدية ومنه ما لا يؤثر فيه لكن لو أتى به لكان له أجر وثواب، ومن خلال هذا المقال سيتم تسليط الضوء على حكم رمي جمرة العقبة الكبرى قبل طلوع الفجر، والتعريف برمي الجمرات.

ما هو رمي الجمرات

إن الجمرة في اللغة هي الحصاة، وفي الشريعة هي موضع رمي الجمار بمنى، والجمرة واحدة وجمعها الجمرات، وهي الجمرات التي يرمى بها في منى وعددها ثلاث جمرات، وقد ذكر أهل العلم أن رمي الجمرات ركنٌ من أركان الحج، والجمرات المحددة شرعًا هي الجمرة الأولى الصغرى، والجمرة الوسطى والجمرة الكبرى وهي جمرة العقبة، وإن أول وقت رمي الجمار يبدأ من ليلة عيد الأضحى المبارك، وهو العاشر من شهر ذي الحجة، ويكون رمي الجمرات في هذا اليوم بعد أن ينفر الحجيج من مزدلفة، ويستمر وقته حتى اليوم الثاني عشر للحجاج المتعجلين، ولقبل غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق للحجيج الغير متعجلين، وجمرة العقبة تحديدًا يتم رميها في يوم العيد بسبع حصيات، وباقي الأيام يتم رمي الجمار الثلاث معًا، ويكون الرمي من الصغرى ثم الوسطى ثم العقبة ولا يصح العكس، ويكون وقت جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى زوال يوم النحر، وهذا الوقت الأكثر استحبابًا، وباقي الجمرات يدخل وقتها في أيام التشريق من زوال شمس الحادي عشر من ذي الحجة وينتهي بغروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز الإحرام من الفندق بمكة ومن أين يحرم المسلمون

هل يجوز رمي جمرة العقبة الكبرى قبل الفجر

اختلف أهل العلم في مسألة وقت رمي جمرة العقبة الكبرى، حيث قال بعضهم أنه يجوز رميها قبل الفجر لأنّ وقتها يبدأ من منتصف ليلة العيد عندهم، وهذا ما اختاره الشافعية والحنابلة، وقال آخرون لا يجزئ رميها قبل الفجر مطلقًا، وآخرون قالوا إن رمي جمرة العقبة الكبرى في النصف الأخير من ليلة النحر يجزئ فقط للضعفة وكبار السن، ولكن الأقوياء يشرع في حقهم الاجتهاد في الرمي نهارًا، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرمي إلا نهارًا، فعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: “أنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ المُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قالَتْ: يا بُنَيَّ، هلْ غَابَ القَمَرُ؟ قُلتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قالَتْ: يا بُنَيَّ، هلْ غَابَ القَمَرُ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَتْ: فَارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلْنَا ومَضَيْنَا، حتَّى رَمَتِ الجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ في مَنْزِلِهَا، فَقُلتُ لَهَا: يا هَنْتَاهُ، ما أُرَانَا إلَّا قدْ غَلَّسْنَا، قالَتْ: يا بُنَيَّ، إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أذِنَ لِلظُّعُنِ”.[2] فلو خشي الحاج الأذى والمشقة في الرمي من كثرة الزحام وكثرة الحجاج فلا حرج عليه في الرمي قبل الزوال عن اليوم التالي في الجمرات الثلاث والله ورسوله أعلم.[3]

حكم رمي جمرة العقبة بعد منتصف ليلة العيد

ذكر كثيرٌ من أهل العلم أنه لا حرج على المسلمين في رمي جمرة العقبة الكبرى ليلة النحر خصوصًا إن كان يوجد على الحجيج مشقة كبيرة لو تم رميها في وقتها المحدد في النهار، وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم-  رخصةً لضعفاء المسلمين في ذلك، فيدفعوا من مزدلفة قبل الفجر ويرموا الجمار قبل الفجر وهذه  رخصة منه صلى الله عليه وسلم لهم، أما القوي من أبناء المسلمين فذكر أهل العلم أن الأفضل له أن يكون رميه لجمرة العقبة بعد أن تطلع الشمس، وذلك اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فهو قام برمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر في وقت الضحى أي بعد ارتفاع الشمس وقبل زوالها، وجاءت عنه أحاديث عديدة في أسانيدها بعض الضعف ينهى فيها عن رمي الجمرة قبل طلوع الشمس، فالأفضل تأجيل الرمي حتى تطلع شمس نهار يوم النحر، ولو أن المسلم رماها بعد نصف الليل في ليلة النحر أجزأ ذلك عنه من أجل المشقة التي ستكون عليه في اليوم التالي والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز وضع كريم الشعر بعد الاحرام وحكم استعمال المرطبات

حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم النحر

سُئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-  عن الرجل الذي نوى الحج في الثامن من ذي الحجة ووقف بعرفة وبات بمزدلفة، ولكنه تحرك بعد الفجر بالسيارة من مزدلفة خارجًا منها، وقام برمي الجمرة قبل طلوع الشمس، وقام بالحلق وتحلل من الإحرام واتجه عند العصر للحرم للطواف، فما الحكم في تعجيل رمي الجمرات، فأجاب الشيخ بقوله:[5]

“ليس عليك شيء، ولا على أصحابك، لكن لو أجلتم الرمي إلى بعد طلوع الشمس، يكون أفضل، وإلا فهو مجزي، والحمد لله، من حين .. من الليل ليلة النحر وهو مجزي، لكن الأفضل للأقوياء أن يؤجلوا الرمي إلى بعد طلوع الشمس، كما رمى النبي ﷺ، ومن رمى قبل ذلك؛ أجزأه، ولاسيما الضعفاء من النساء، والشيوخ، والمرضى، كل هذا لا بأس به، أما الأقوياء فالأفضل لهم أن يؤجلوا الرمي إلى بعد ارتفاع الشمس، يوم العيد، هذا هو الأفضل، ومن قدمه فلا حرج، إن شاء الله”.

متى يرمي جمرة العقبة

قال أهل العلم أنّ الوقت الصّحيح لرمي جمرة العقبة خلال القيام بمناسك الحجّ في شهر ذي الحجّة يكون في يوم العيد أي يوم النحر، ويُستحب للمسلم أن يرميها عند الضّحى، كما يجوز له رميها في النص الأخير من ليلة النحر، ويستمرّ وقتها إلى غروب شمس يوم النحر، فإن فاته رميها قبل الغروب، جاز له أن يرميها بعد الغروب إلى الليل من هذا اليوم، وكلّه صحيحٌ بإذن الله تعالى، ومن السنّة أن يُكبّر المسلم مع كلّ حصاةٍ يرميها، وأن يترك التكبير عند الانتهاء من الرمي، كذلك أن يرمي حصىً ليس مستعملًا من قبل، لكن إن لم يجد له أن يرمي الحصى المستعمل الطاهر من النجاسة الظاهرة، وأما عن الجمرات الباقية فيرميها في أيّام التشريق بعد الزوال، والله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس الاحرام المخيط للمرأة والرجل في النسك

رمى الجمرات قبل الزوال

لا يجوز للمسلم أن يرمي الجمرات في أيام التشريق قبل الزوال، فقد أمرنا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأخذ المناسك وصفتها عنه، وقد رمى جمرات أيّام التشريق بعد الزوال، وقد اختلف أهل العلم في مسألة وقت رمي الجمرات في أيام التشريق، حيث أنّ بعضًا منهم يقول أنّه يجوز للمسلم أن يرمي الجمرات قبل الزوال، ومنهم من يقول بأنّ الجمار لا يصحّ رميها إلّا بعد الزوال، وبهذا القول عمل جمهور أهل العلم وهو الراجح الغالب عندهم، لذا فإن رمى المسلم الجمار قبل زوال الشّمس وكان متبعًا لقول جمهور أهل العلم فلا يصحّ رميه ووجب عليه الدم أو صيام عشرة أيّام، وإن كان ممّن يتبع غير جمهور أهل العلم فلا شيء عليه ورميه صحيح بإذن الله تعالى، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: دعاء الطواف والسعي في العمرة والحج بالأشواط مكتوب

ما حكم من ترك جمرة العقبة

لا يصحّ للمسلمين ترك رمي جمرة العقبة لأنّها واجبٌ من واجبات الحجّ، ومن تركها وجب عليه دمٌ يذبحه ويوزّعه على فقراء مكّة المكرمة إن فاته وقتها، أمّا إن كان وقتها ما زال قائمًا فعليه بالمسارعة لرميها وعدم تركها، لأنّ رمي الجمرة هو تحللٌ من الإحرام وإنهاءٌ لمناسك الحج، ويجب على المسلم ألّا يترك هذا الواجب العظيم، فإن تركه فقد أثم، ولا يكمل حجّه إلا بذبحٍ يفتدي به ويطعم منه مساكين وفقراء مكّة المكرمة، والله أعلم.[8]

في نهاية مقال هل يجوز رمي جمرة العقبة الكبرى قبل الفجر، تم التعريف برمي الجمرات الثلاث في الحج ومناسكه، وبيان حكمها ووقتها المشروع، وكذلك تم التعريف بالأحكام الشرعية لرمي الجمرات قبل وقتها المحدد شرعًا وتعجيلها عنه أو تأخيرها عن وقتها.

المراجع

  1. ^ spa.gov.sa، حج / الجمرة والجمرات ..تعريف وأداء، 25/04/2023
  2. ^ صحيح البخاري، أسماء بنت أبي بكر، البخاري، 1679، صحيح
  3. ^ islamweb.net، هل يجزئ رمي الجمار قبل الفجر بساعتين، 25/04/2023
  4. ^ binbaz.org.sa، حكم رمي جمرة العقبة بعد منتصف ليلة العيد، 25/04/2023
  5. ^ binbaz.org.sa، حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم النحر، 25/04/2023
  6. ^ binbaz.org.sa، بداية رمي الجمار ونهايته وما يتعلق به، 25/04/2023
  7. ^ islamweb.net، ما يلزم من رمى الجمار قبل الزوال، 25/04/2023
  8. ^ islamweb.net، من ترك رمي جمرة العقبة هل له التحلل قبل ذبح الفدية، 25/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *