هل الوضوء يغني عن غسل الجناب وهل غسل الجنابة يغني عن الوضوء

هل الوضوء يغني عن غسل الجناب وهل غسل الجنابة يغني عن الوضوء، إن الطهور شطر الإيمان ولهذا أكد المولى عز وجل على هذه النقطة ليكون المسلم طاهرًا في كل وقته قريبًا من ربه يدعوه متى شاء ويصلي له في كل وقت فرضه الله عليه ولا يؤجل ولا يسوِّف فيكون طاهرًا ظاهرًا وباطنًا، ولا يقبل الله جهل مسلم بأمر دينه أو تفريطه فيه لأن النبي عليه الصلاة والسلام منذ أكثر من ألف وأربعمئة سنة أتانا بالشريعة كاملة فقال فيما نقله لنا القرآن الكريم: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} في حجة الوداع، فلم يقصر في التبليغ ولذلك علينا أن نسأل أهل العلم والذكر إن كنا لا نعلم الحكم الشرعي في كل جانب من حياتنا، وسيقدم لكم موقع تصفح تفصيلًا لهذا الجانب.

تعريف الجنابة وحكم الاغتسال من الجنابة

الجنابة: أصلها جنب أي ابتعد واجتنب، واصطلاحًا: هي إنزال المني أو التقاء الختانين ولو من غير إنزال، وسمي الناكح جنبًا لمجانبته الناس وبعده منهم ومن الطعام ومن الصلاة ومن دخول المسجد وقراءة القرآن حتى يغتسل فيتطهر، ويسمى الرجل جنب والمرأة جنب إذا حصل الجماع بإنزال المني أو بدونه، أو الاحتلام مع إنزال المني فيستوي الرجل والمرأة في التسمية ويستوي فيه المفرد والمثنى والجمع،  حكم الغسل من الجنابة: فرض في القرآن والسنة والإجماع، ولا يحل للمسلم أن يترك غسل الجنابة مهما كان السبب لأنها نجاسة وعليه أن يتطهر بها فلا يقبل له صلاة ولا قراءة قرآن ويحرم عليه دخول المسجد وعليه ألا يخالط الناس ولا يقرب طعام ما لم يتطهر، لقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ}^[1] ، ولا يشترط الترتيب في غسل الجنابة وسنبين لكم الطريقة الصحصحة في الغسل في الفقرات التالية بإذن الله.^[2]

هل الوضوء يغني عن غسل الجنابة

لا يغني الوضوء عن غسل الجنابة لأن الوضوء يرفع الحدث الأصغر ولا يرفع الحدث الأكبر ولا غنى للمسلم عن الغسل إن أراد أن يرفع عن نفسه حدثًا أكبرًا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}^[3] ، ومن يفعل ذلك متعمدًا فإنه يقع في إثم كبير ومنكر لا يغتفر إلا بالتوبة والإنابة، فمن يتوضأ لرفع الجنابة إنما يفعل ذلك لجهله أو لإصراره وتكبره، فمن يفعله جاهلًا لا يبرر جهله فعله هذا لأن بلاد المسلمين مليئة بالعلماء والمسلم ينبغي أن يسأل عن أمور يجهلها حتى لا تودي به جهله إلى الهلاك والعياذ بالله، فمن يتراخى في ذلك يكون مقصرًا في دينه مفرطًا في حقوقه، وأما من فعل ذلك مع علمه بأن ذلك كبيرة لا ترضي الله ولا يقبل معه صلاة فإنه يرتكب كبيرة من الكبائر.^[4]

وقال بعض أهل العلم كالحنفية بتكفير من صلى محدثًا متعمدًا وجعله خارجًا من الملّة نتيجة لتلاعبه و استهانته بأمر دينه، فالطهارة من الجنابة فرض ولا تصح صلاة لمن كان جنبًا أو غير طاهر حتى يتطهر، ومن يصلي من غير غسل ويكتفي بالوضوء فهو مستحق للعقوبة المغلظة ولا ترفع عنه إلا بالتوبة وعليه أن يعيد الصلوات التي صلاها وهو بهذه الحالة لأن أساس الصلاة الطهارة وهو لم يتطهر بهذا، فكما أسلفنا الحدث الأكبر لا يرفعه إلا الغسل، وعليه أن يتوب عن فعلته ويتفقه في دينه فلا يبرر له عدم معرفته فكونه عاقل راشد يوجب عليه البحث عن ما يقوم به أمر دينه، وعليه أن يعزم على عدم العودة لمثل ذلك أبدًا، فلا تقبل له صلاة حتى يغتسل من الجنابة وبعد ذلك أن يتوضأ للصلاة إن أراد أن يصلي بعد غسله. ^[4]

شاهد أيضًا: حكم عدم الاغتسال من الجنابة لعدة أيام

حكم الصلاة بدون الاغتسال من الجنابة

إن الصلاة على جنابة هو كبيرة من الكبائر وأعظم المنكرات في الإسلام، وقد فرض الله الغسل من الجنابة على كل مسلم وأمر بالمسارعة إلى الإغتسال حتى لا تضيع أوقات الصلاة وحتى لا يفرط المسلم بهذا الأمر العظيم فلا شيء يحل محل الغسل لتطهير الجسد من الجنابة لا وضوء ولا غيره عدا التيمم الذي يمكن أن يعوض بشروط حتى لا تضيع الصلاة إن انتفى وجود الماء أو حدث ضرر كبير للمسلم إن لمس الماء، لأن هذا تفريط واستهتار منه بالشرع وتجاهل لأوامر الله عز وجل وقد اعتبره بعض العلماء مرتدًا عن الدين، لذلك ينبغي الحذر فإن كانت الصلاة لا تصح إن أحدث المسلم حدثًا أصغر ويتوجب عليه الطهارة منه فما بالك بالحدث الأكبر الذي لا يسقط عنه إلا بالغسل ثم يتوضأ بعدها ليصلي، ويُقَدَّم الغسل على كل مشاغل الدنيا وحتى على طلب العلم أو العمل ولا يحل له الخروج من بيته إلا وقد اغتسل إلا أن يكون المكان الذي سيذهب إليه يمكنه أن يغتسل فيه، فالأضرار الدنيوية أخف وطأة من الجنابة والصلاة على جنابة  فلا تقبل صلاة بغير طهور، فكيف بمن يبقى جنبًا ولا يصلي أبدًا ولا يفكر بأمر الصلاة أصلًا فهذا عليه من الإثم أضعاف مضاعفة، فهو بذلك يتساهل بأمر الله ويستهتر بتعاليمه وتشريعاته فإن فعل ذلك عن سخرية واستهزاء فعليه من الله ما يستحق من العقوبة وهو بذلك كافر خارج من الملة، قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}^[5] ، والله تعالى أعلم.^[6]

شاهد أيضًا: كيفية التخلص من الجنابة

حكم تأخير الغسل من الجنابة للبرد

لا يجوز تأخير الغسل من الجنابة لما فيها من آثار سلبية على الصحة وملما فيها من تضييع في حق إقامة الصلاة على وقتها، فلا تقبل صلاة من غير طهور ولا يحل الطهور على جسد الجنب بغير اغتسال ولا يرفع الحدث الأكبر بغيره، ولذلك على المسلم أن يتطهر ليصلي فإن لم يجد ماء أو تعذر عليه تسخين الماء في وقت شديد البرودة وخشي على نفسه الهلاك أو المرض تيمم لأداء الصلاة ولم يؤخرها عن وقتها، فالله عز وجل يقول في كتابه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}^[7] ، ولا يحمل الله الإنسان فوق طاقته، فإن أخر الصلاة أثم وضيع فرضًا أمر الله أن يؤدى في وقته قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}^[8] ، ومن ضيعها متساهلًا فيها متعمدًا لتضييعها فقد ارتكب كبيرة من الكبائر وعليه التوبة منها والإكثار من الاستغفار ولذلك أوجد الله التيمم كبديل للغسل والوضوء في حال عدم توافر الماء أو الضرر من استخدامه، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}^[9]، فإذا زال العذر وقدر أن يغتسل فليغتسل ولا يعيد ما صلاه بالتيمم، لأن الصلاة بالتيمم فرض إذا عجز عن الماء لعدم، أو لخوف الضرر باستعماله كمريض أو مسافر. والله ورسوله أعلم.^[10]

شاهد أيضًا: هل يجوز جمع غسل الحيض والجماع وهل يجوز جمع نيتين في الغسل

هل غسل الجنابة يغني عن الوضوء

نعم غسل الجنابة يغني عن الوضوء إن نوى رفع الحدث الأكبر والوضوء فالحدث الأصغر يندرج تحت الحدث الأكبر، ولكن الأفضل أن يستنجي ثم يتوضأ ثم يكمل غسله، ليصيب السنة فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل هذا، فالحدث الأكبر ينطوي تحته الحدث الأصغر فيزول بزواله طالما نوى المسلم التطهر من الحدث الأكبر فيتم بذلك الغسل الطهارة من الحدثين مع الوضوء ويمكنه بذلك أن يصلي دون وضوء ما لم يحدث بعد اغتساله وما لم يمس فرجه خلال اغتساله أو أي شيء من نواقض الوضوء وإلا فعليه أن يتوضأ قبل الصلاة، ففي اغتساله عليه أن يستنجي أولًأ ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يعمم الماء على رأسه ثم على سائر جسده، أما إن كان الغسل للتنظيف والتبرد أو الغسل المسنون كغسل الجمعة فلا تجزئ عن الوضوء لأنها لا تدخل في معنى غسل الجنابة أي لا تدخل في معنى رفع الحدث الأكبر، فإن نوى في غسله رفع الحدث الأصغر والوضوء وأتى بغسل أعضائه مرتَّبة فإنه بذلك لا يعيد وضوءه ما لم يحدث قبل الصلاة، وإلا فإن عليه الوضوء بعد الغسل، لأن الترتيب في الأعضاء فرض من فروض الوضوء، وإذا أحدث المسلم خلال غسله أو بعده وجب عليه الوضوء كما أسلفنا لحدوث ناقض من نواقض الوضوء، لقول ابن عثيمين رحمه الله: “ولا يجب عليه أن يتوضأ بعد الغسل ، إلا إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء أثناء الغسل أو بعده، فيجب عليه أن يتوضأ للصلاة، وأما إذا لم يحدث فإن غسله من الجنابة يجزئ عن الوضوء سواء توضأ قبل الغسل أم لم يتوضأ”، والله تعالى أعلم.^[11]

شاهد أيضًا: هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال وما حكم عدم الاغتسال من الاحتلام

طريقة الاغتسال من الجنابة

يوجد طريقتين للاغتسال من الجنابة طريقة غسل واجب من أتى بها أجزأه وارتفع عنه الحدث الأكبر، وطريقة غسل كامل يجمع بين الواجب والمستحب وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صفة الغسل الواجب تتلخص في النية وتعميم الماء على سائر الجسد فهذا الطريقة تجزئ ولكن الأفضل أن يأتي المسلم بصفة الغسل الكامل التي علمنا إياها النبي عليه الصلاة والسلام فيأتي بالواجب والمستحب، فعن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها قالت: “أدْنيتُ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ غُسلَهُ منَ الجَنابةِ ، فغسلَ كفَّيهِ مرَّتينِ ، أو ثلاثًا ثمَّ أدخلَ بيمينِهِ في الإناءِ ، فأفرغَ بِها علَى فَرجِهِ ثمَّ غسلَهُ بشمالِهِ ثمَّ ضربَ بشمالِهِ الأرضَ فدلَكَها دلكًا شديدًا ثمَّ تَوضَّأ وضوءَهُ للصَّلاةِ ، ثمَّ أفرغَ علَى رأسِهِ ثلاثَ حَثياتٍ ملءَ كفِّهِ ، ثمَّ غسلَ سائرَ جسدِهِ ثمَّ تنحَّى عن مَقامِهِ فغسلَ رجلَيهِ. قالَت : ثمَّ أتيتُهُ بالمنديلِ ، فردَّهُ” ^[12] ، فقد كان يغسل كفيه قبل إدخالها إلى الإناء ثم يفرع ماء بيمينه على شماله ليغسل فرجه ثم يتوضأ كهيئة وضوئه للصلاة وإن أراد يؤخر غسل رجليه إل آخر غسله، ثم يفيض ثلاث حثيات من الماء على رأسه ويروي به سائر شعره ويفصل شعره ليصل الماء إلى جميع رأسه، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم يفيضه على شقه الأيسر وهذا الطريقة الأكمل والأفضل وبها يحقق الواجب والمستحب وينال أجر الطهور وإصابة السنة وكمال الطهارة، ويقدر بعدها أن يؤدي جميع الفرائض والعبادات التي يحرم عليه الإتيان بها ما لم يتطهر. والله تعالى أعلم. ^[13]

فائدة الاغتسال من الجنابة

إن جميع الأمور التعبدية لها حكمة بالغة علمها من علمها وجهلها من جهلها ولقد فرض الإسلام الغسل من الجنابة لحكمة بالغة ورحمة عظيمة ومصلحة كبيرة للمسلم، إذ إن المني يخرج من جميع الجسد وقد سماه الله تبارك وتعالى في كتابه سلالة لأنه يسيل من كامل الجسد فقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} ^[14] ، بينما البول فإنما هو فضلة الطعام والشراب الناشئة في المعدة وتخلص إلى المثانة، ولذلك فإن البدن يتأثر بخروج المني أكثر من تأثره بالبول، فالمني يورث الجسد الكسل والإرهاق والتعب لذلك ينبغي الغسل منه فورًا ليعود للجسد نشاطه وحيويته بعد الجماع كأنه قد ألقى عنه حملًا بالاغتسال من الجنابة، وينظف الجسد من آثار الجماع من فطريات وبكتيريا التي قد تنمو بترك الغسل وتسبب التهابات في الأعضاء التناسلية، وقد يسبب الحرقة في البول أو تورمات وحكة في الأعضاء التناسلية التي قد تسبب عقمًا مع الأيام، وعدى ذلك الرائحة الكريهة التي تصدر لتجمع البكتيريا في العضو التناسلي، وقد تسبب آلامًا في الظهر نتيجة ارتخاء العضلات بعد العلاقة الجنسية والاستحمام يسبب تنشيط الدورة الدموية وبالتالي زوال الآلام بمرونة العضلات، وهو أنفع ما يكون للجسد والقلب والروح، بل لجميع الأرواح المشكلة للجسد، ويساعد في تنشيط الدورة الدموية ويخلف على البدن ما تحلل منه وأنفع ما يكون للبدن والروح، وتركه مضر جدًا ولا يخفى حسنه عن صاحب الفطرة السليمة وكل ذي عقل. ^[15]

وبذلك نكون قد وصلنا معكم إلى نهاية مقالنا هل الوضوء يغني عن غسل الجناب وهل غسل الجنابة يغني عن الوضوء، تناولنا فيه تعريفًا للجناية والحكم الشرعي لغسل الجنابة ووإجابة وافية لكون الوضوء يغني عن غسل الجنابة أم لا وإن كان غسل الجنابة يغني عن الوضوء أم لا وكذلك تطرقنا إلى حكم الصلاة من غير غسل من الجنابة وما حكم تأخير غسل الجنابة بسبب البرد وما الطريقة الصحصحة للاغتسال من الجنابة وما فوائد الاغتسال من الجنابة، نرجو أن نكون قد يكون المقال شاملًلا شافيًا وافيًا لكل الأسئلة التي تدور في أذهانكم حول هذا الموضوع، ونسأل الله أن يجعلنا من التوابين ومن المتطهرين الذين ذكر محبتهم في كتابه العظيم.