الفرق بين التقسيط والربا

الفرق بين التقسيط والربا
الفرق بين التقسيط والربا

الربا لُغةً: الزِّيادةُ إذا قلنا للشيء ربا يربو أي زادَ، والربا في المال أي الزيادة فيما اقترضه الشخص، والرَّابيةُ أي ما ارتفع من الأرض، ومثلها الرَّبْوةُ بفتح الراء وكسرها وضمها. أما الرِّبا شَرعًا: فهي الزِّيادةُ الحاصلةُ بمبادلة الشيء بجنسه أي بمبادلة المال بالمال أو الذهب بالذهب وغير ذلك، أو تأْخيرِ القَبضِ فيما يجِبُ فيه التَّقابُضُ منَ الرِّبَويَّاتِ، أو هو زِيادةٌ في أشْياءَ مَخْصوصةٍ، [1] وهذا الأمر حرمه الله عز وجل في كتابه العظيم ليحفظ حقوق الناس في الجانب المادي من حياتهم، قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [2]

وللربا أنواع وهي ربا ديون وربا بيوع، أما ربا الديون أو ربا النسيئة أو ربا القرض وهو الزيادة في المال التي يتقاضاها الدائن من المدين مقابل الزمن الذي سيمهله به، فإن عجز عن السداد في الوقت المدد تتضاعف الزيادة أضعافًا كثيرة وتضيق على المدين وهذا النوع من الربا معروف منذ الجاهلية، وأما ربا البيوع فهو نوعان أيضًا ربا الفضل وهو البيع مع زيادة أحد العوضين كما عرفه الشافعي أي مثل بيع الذهب بالذهب متفاضلاً، كالدينار بالدينارين أو الدرهم بالدرهمين أو الدولار بالدولارين…إلخ. وربا النَّساء وهو بيع مؤخر البدلين أو هو بيع المال الربوي بجنسه أو بغير جنسه مؤجلاً[3] وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام: “الذهبُ بالذهبِ مِثْلًا بِمثْلٍ ، والفضةُ بالفضةِ مِثْلًا بمثْلٍ ، والتمرُ بالتمرِ ، مثْلًا بمثْلٍ ، والبُرُّ بالبُرِّ ؛ مثْلًا بمثْلٍ ، والملحُ بالملحِ ؛ مثلًا بمثلٍ ، والشعيرُ بالشعيرِ ؛ مثلًا بمثلٍ ، فمَنْ زاد أوِ ازدَادَ فقدْ أَرْبى ، بِيعوا الذهبَ بالفضةِ كيف شئتم ؛ يدًا بيدٍ ، وبيعوا الشعيرَ بالتمرِ كيف شئتُم ؛ يدًا بيدٍ”. []

شاهد أيضًا: كيفية التخلص من الربا

إن وجه الاختلاف بين البيع بالتقسيط والربا هو أن البيع معجَّلًا أو مؤجَّلًا حلال والربا بكل أشكاله حرام لقوله تعالى: “وأحلَّ اللهُ البيعَ وحرَّمَ الرِّبا” [2] وكذلك لكون البيع بالتقسيط يكون بين سلعة وثمنها بالمال ويتمحض عنها زيادة في السعر نتيجة التسامح في الزمن وقد يزيد سعر السلعة مع الزمن، أما الربا فيكون بالغالب بين نقد ومثله والزيادة تكون بسبب التأجيل بالزمن وهذا غير جائز، ولكون البيع بالتقسيط لسلعة بيعها اليوم بألف وبعد أشهر ألف ومئتين وهذا ليس ربا وإنما من باب التسامح في البيع فالمشتري أخذ سلعة ولم يأخذ مال، وحينما أعطى الزيادة كانت زيادة في المال وليس من جنس ما أخذ فإن كانت السلعة ذهبًا تسترد بنفس الكمية ولا يُزاد عليها فالأقية من الذهب تسترد أوقية من الذهب وليس أكثر من ذلك، فكل شيء تكون قيمته الحالية أكبر من المؤجل الذي سيدفع في المستقبل، ولذلك أحل الشرع الزيادة في سعر السلعة إن بيعت بالتقسيط لأن الشرع لا يتصادم مع طبائع الأشياء إذا لم يتحد المبيع والثمن في الجنس. [5]

سنورد لكم تفصيلًا في الحالات التي تجعل من بيع التقسيط محرمًا وسنجمعها في النقاط الآتية: [6]

  • عدم الإتفاق على نوع البيع إن كان عاجلًا أم آجلًا بالتقسيط عند كتابة العقد وترك الأمر مفتوحًا للمشتري وهذا ما سماه الشرع بيعتين في بيعة وهو حرام شرعًا. لقول النبي عليه الصلاة والسلام: “من باعَ بيعتينِ في بيعةٍ فلَهُ أوْكسُهما ، أوِ الرِّبا” []
  • عندما تكون السلعة المباعة محرم تداولها شرعًا وليست مباحة وأن تكون ليست ملكًا للبائع (سرقها أو استولى عليها بطريقة غير شرعية أو أن تكون مرهونة لديه).
  • عدم تحديد عدد الأقساط ومدة تسديدها في العقد.
  • ذكر فوائد التقسيط بشكل منفصل عن السعر الحالي في نص العقد. [8]
  • إجبار المشتري على دفع زيادة عن الثمن المتفق عليه إن تأخر في دفع الأقساط لأن في ذلك ربا. [8]

شاهد أيضًا: متى يكون البيع بالتقسيط حرام

إن الزيادة في بيع التقسيط ليس من الربا في شيء فهو أمر مشروع ولا حرج فيه وهذا بقول جمهور العلماء  وقد أقره النبي عليه الصلاة والسلام في زمنه، وللناس أن يبيعوا بالتقسيط مع زيادة السعر فلولا الزيادة بالسعر لما باع البائع بيعًا مؤجلًا بالتقسيط فالبيع المعجل يأخذ فيه ثمن ما باعه فورًا، ولولا التقسيط لما استطاع الفقير أن يشتري سلعًا باهظة الثمن ينتفع بها، وإن هذه الزيادة قد تكون قليلة أو كثيرة بحسب المدة المؤجلة فإن كانت قريبة قلَّت الزيادة في الربح وإن كانت بعيدة زاد الربح، وهذا ما جرت عليه العادة في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وحتى يومنا هذا بأن البيع إلى أجل يكون فيه الزيادة، فقد بيعت بريرة ب تسع أوراق وبالتقسيط بحيث يكون القسط في كل عام أوقية، ولم يسألهم النبي عليه الصلاة والسلام إن كان هذا سعرها المعجل أم المؤجل، وأقرَّهم على ذلك، وحينما اشترتها السيدة عائشة -رضي الله عنها- بذلك السعر وأعتقتها ولم يسأل غن كان البيع بسعر الحاضر أو لا، واستمر الناس يتبايعون بالتقسيط ويزيدوا بالسعر عن سعر الحاضر ولم يمنعهم من ذلك. [9]

شاهد أيضًا: شروط البيع بالتقسيط الحلال

متى تكون الربا في البيع

إن للربا في البيع أشكال عديدة ومنها أن يطالب البائع المشتري بزيادة في سعر السلعة المباعة إن تأخر في أداء القسط الذي عليه دفعه، وكذلك فقد اعتبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أشكال البيع في المواد الستة من الربا، وحرمها. قال صلى الله عليه وسلم: “الذهبُ بالذهبِ تِبْرُهَا وعَيْنُهَا والفضةُ بالفضةِ تِبْرُهَا وعَيْنُهَا والبُرُّ بالبُرِّ مُدْيٌ بمُدْيٍ والشعيرُ بالشعيرِ مُدْيٌ بمُدْيٍ والتمرُ بالتمرِ مُدْيٌ بمُدْيٍ والملحُ بالملحِ مُدْيٌ بمُدْيٍ فمن زادَ أو ازدادَ فقد أَرْبَى ولا بأسَ ببيعِ الذهبِ بالفضةِ والفضةُ أكثرُهُمَا يدًا بيدٍ وأمَّا نسيئةً فلا ولا بأسَ ببيعِ البُرِّ بالشعيرِ والشعيرُ أكثرُهُمَا يدًا بيدٍ وأمَّا نسيئةً فلا”، [10]ولا يباع الجنس بغير جنسه فلا يباع الذهب بالفضة إلا إذا كان مقبوضًا بالحال وإذا باع تمرًا بشعير فلا بد من القبض الفوري دون تأجيل وإلا ألحق بربا النسيئة، وأما إذا بيع الشيء بمثله ولأجل ولكن بزيادة في كمية الشيء المباع كأن يباع غرام الذهب بغرامين بعد مدة معينة فهذا من ربا الفضل، وهو محرم شرعًا، الله ورسوله أعلم. [11]

وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا هذا الفرق بين التقسيط والربا، الذي يتناول هذا الموضوع الشائك لإزالة الغشاوة عما يخص التقسيط والربا وليتدارك الواحد منا نفسه قبل الوقوع في الحرام والخروج من رحمة الله عز وجل والعياذ بالله، ونرجو من الله عز وجل أن يبعدنا عن كل ما لا يرضيه، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
ما حكم البيع والشراء بالتقسيط؟
هذا الأمر جائز شرعًا لما فيه من التسهيل على الفقير والفائدة للبائع وقد أحل الله ذلك بقوله: "وأحل الله البيع وحرَّم الربا".

المراجع

  1. ^ dorar.net، تَعريفُ الرِّبا لُغةً واصْطلاحًا، 26/02/2023
  2. ^ سورة البقرة، آية: 275
  3. ^ alukah.net، الربا ( أقسامه وخطره والفرق بين البيع والربا )، 26/02/2023
  4. ^ صحيح الجامع، عبادة بن الصامت،الألباني،3444،صحيح
  5. ^ islamweb.net، الفرق بين الربا و بيع التقسيط، 26/02/2023
  6. ^ islamweb.net، بيع التقسيط مع زيادة الثمن عن الحال، 26/02/2023
  7. ^ صحيح أبي داود، أبو هريرة،الألباني،3461،حسن
  8. ^ islamweb.net، ما يجوز وما لا يجوز في زيادة الثمن في بيع التقسيط، 26/02/2023
  9. ^ binbaz.org.sa، هل الزيادة في بيع التقسيط ربا؟، 26/02/2023
  10. ^ إرواء الغليل، عبادة بن الصامت،الألباني،5/195،صحيح
  11. ^ binbaz.org.sa، شروط بيع الربوي بمثله، 26/02/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *