بحث عن فضل التفسير

بحث عن فضل التفسير
بحث عن فضل التفسير

بحث عن فضل التفسير، ذلك العلم الذي ابتدأه المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفسير القرآن الكريم الذي اشتغل به علماء الأمة منذ ذلك العهد وحتى هذه اللحظة معتمدين على المصادر الشرعية في ذلك، لذلك كان لا بدّ من مقال يتم الحديث فيه عن فضل هذا العلم والمقصود به ونشأته وما يتبع ذلك الأمور مما لا يسع المسلم جهله.

المقصود بعلم تفسير القرآن الكريم

إنّ التفسير في اللغة هو التبيين يُقال فلانٌ فسّر قوله أي بيّنه ووضحه وأزال اللبس عنه، وأمّا تفسير القرآن الكريم فقد عرفه بعض العلماء وعلى رأسهم ابن جزي بأنّه “شرحُ القرآنِ، وبيانُ معناه، والإفصاحُ بما يقتضيه بنصِّه أو إشارَتِه أو نجواه”.[1]

وقال بعضهم هو علم يتم البحث فيه عن طريقة نطق الألفاظ الواردة في القرآن الكريم ودلالاتها وأحكامها سواء كانت إفرادية أو حتى تركيبية والمعاني التي تُحمل عليها في حالة التركيب وكل ما يتصل بهذا الأمر من مسائل.[1]

شاهد أيضًا: بحث عن نشأة علم التفسير وتطوره

بحث عن فضل التفسير

في بحث عن فضل التفسير لا بدّ من الوقوف مع نشأة ذلك العلم وأهميته ومراحله وغير ذلك:

مقدمة عن التفسير

إنّ علم التفسير يهتم ببيان المعاني الخاصة بالقرآن الكريم وتوضيحها توضيحًا صحيحًا بناء على أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو علم دقيق وقد افترقت الأمة بسببه كثيرًا حيث منهم مَن حمّل معاني القرآن ما لا تحتمل ومنهم مَن غالى في عدم التفسير وحمل الكلام على نصه فقط.[1]

نشأة علم التفسير

إنّ المُتتبع لعلم التفسير يجد أنّه نشأ مع نزول القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون من القرآن الكريم آيات مُفصلة أو كلمات مجملة تأتي على تفسيرها كلمات مفسرة، أي إنّ القرآن الكريم يُفسر بعضه بعضًا، أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتولى تفسير الآيات الكريمات.[2]

لكن لمّا كثُر الأشخاص الداخلون إلى الإسلام في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعد ذلك ظهرت الحاجة الملحة لتفسير القرآن الكريم، حيث كان من الداخلين أعاجم لا يفقهون أسرار اللغة ومعانيها ومراميها، فعكف الصحابة رضوان الله عليهم على تفسير القرآن وبيان معانيه.[2]

شاهد أيضًا: بحث عن ضوابط التفسير

فضل تفسير القرآن الكريم

إنّ فضل تفسير القرآن الكريم عظيم جدًا فمن ذلك:

يعين على فهم كلام الله تبارك وتعالى

فمَن أعطاه الله تعالى هبة فهم القرآن الكريم فإنّ ذلك خير عظيم له، ومن ذلك حديث أبي جحيفة السوائي قال: “قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهمًا يعطيه الله رجلًا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافرٍ”.[3]

يعين على التبصر في الأمور

حيث إنّ كلام الله تعالى هو أحسن كلام ومعناه خير معنى، وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عظيم حميد، وقد يفتح الله تعالى لطالب علم التفسير أبوابًا عظيمًا اغلقها على غيره، وقد شهد العلماء لعكرمة في التفسير ذكر الشعبي في ذلك: “ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة، ومن أسباب سعة علم عكرمة بالتفسير ما أوتيه من فهم القرآن حتى إنه كان يذكر لابن عباس بعض الأوجه في التفسير فيستحسنها ابن عباس ويجيزه عليها بجائزة. وسبيل فهم القرآن هو معرفة تفسيره”.[3]

رفعة طالب العلم

لقد رفع الله تبارك وتعالى طالب العلم وشرفه على المخلوقات كلها، فكيف بمن طلب علم فهم القرآن الكريم، وقد ذكر العلماء أن في طلب علم تفسير القرآن: “بيان الهدى في كل ما يحتاج إليه العبد في شؤون حياته وكيف يتخلص من كيد الشيطان وشر النفس وفتنة الدنيا وسائر الفتن التي تعترضه، وكيف يهتدي إلى الصراط المستقيم”.[3]

أهمية علم تفسير القرآن

إنّ لعلم التفسير أهمية جليلة وهو من أعلى العلوم وأرفعها وأشرفها، وبيان ذلك:[4]

  • فهم معاني القرآن الكريم فهمًا واضحًا جليًا.
  • التمسك بالنور الأول للهداية وهو نور القرآن الكريم.
  • الكمال لا يكون إلا من خلال التمسك بالقرآن الكريم وفهمه والوصول إلى لبّه.
  • التفكر بآيات القرآن الكريم عمل يُثاب المسلم عليه.

خاتمة عن فضل التفسير

إنّ فضل التفسير عظيم جدًا لا يتسع المقام لذكره، لكن يكفي للمسلم أن يعرف أنّه يشتغل بكلام الله تبارك وتعالى، وأنّ المُشتغل بعلم كتاب الله لا كالمشتغل بغيره، فهو الذي بفضل الله ثم عمله تهتدي الأمة وتفتت الصراعات، وما أقام ابن عباس الحجة على الخوارج إلا بالقرآن وتفسيره، وما نجى الكافر من النار إلا بالقرآن، وما أعجز الله أهل الكفر حتى هذه الساعة إلا بالقرآن المعجزة الباقية.

شاهد أيضًا: فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها

مراحل علم التفسير

تعددت مراحل التفسير وانفردت كل مرحلة عن الأخرى بمجموعة من الميزات، وتفصيلها:

مرحلة التفسير المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم

لقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن تفسيرًا محكمًا واضحًا، فقد أنزل الله تبارك وتعالى القرآن عليه وهو مَن تولى مهمة إيضاحه وتبيين معانيه، أي إنّ تفسير النبي صلى الله عليه وسلم كان شاملًا عن العبادات والتعاملات والمعتقدات وما يتصل بذلك من أمور.[5]

مرحلة التفسير المأثور عن الصحابة

لقد سمع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم التفسير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرعوا ذلك حقّ رعايته وكانوا حاضرين لمناسبات نزول الآيات ويعلمون سبب كل منها، ولم يكونوا يخوضون في القصص القرآني أكثر مما أُخبروا فيه بالقرآن، ولم يخوضوا بإسرائيليات ولا أتو عليها.[5]

مرحلة التفسير المعتمد على رأي التابعين

لمّا ترامت أطراف الإسلام وصار ينتشر انتشارًا كبيرًا كان لا بدّ من الإحاطة بتفسير القرآن الكريم إحاطة أكبر، وزادت الحاجة إلى وجود طرق أخرى في التفسير حتى يتمكن الأعاجم من فهم القرآن، فجاء التابعون وزادوا في تفسيره مستندين على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وما وفقهم الله تعالى إليه من الاجتهاد.[5]

مرحلة التفسير المعتمد على اللغة

إنّ اللغة العربية هي الوعاء الذي حوى القرآن الكريم، لذلك فإنّه يُمكن تفسير القرآن الكريم بناء على المعاني التي تدل عليها ألفاظ القرآن الكريم، دون الإمعان في النظر إمعانًا يؤدي إلى الخروج عن النص، وقد دخلت بعض الإسرائيليات في نمط التفسير هذا.[5]

مرحلة التفسير العصري

تعتمد هذه المرحلة على وقوف العلماء على أقوال الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم والنظر في رأي التابعين ومَن جاء بعدهم من العلماء، وقد دخلت على هذا النوع من التفسير الإسرائيليات بشكل أكبر وهو ما لم يكن في العهد الأول من التفسير.[5]

أساليب تفسير القرآن الكريم

تتنوع أساليب تفسير القرآن الكريم وهي:[6]

  • التفسير التحليلي: يعد التفسير التحليلي من أشهر أساليب تفسير القرآن الكريم، حيث يعمد المفسر إلى تفسير الآية الكريمة وتحليلها وبيان أسباب نزولها ومعانيها وإعراب المشكل منها وبيان معانيها، ومن الأمثلة على هذا النوع من أنواع التفسير: تفسير ابن عطية.
  • التفسير الإجمالي: يعتمد هذا النوع من أنواع تفسير القرآن الكريم على بيان المعاني المجملة للآية دون أن يأتي بالخوض في تفصيلها، فيُضيء على بعض البلاغة فيها وبعض المعاني والتعرض للقليل من فوائدها.
  • التفسير المقارن: يأتي المفسر في هذا النوع من أنواع التفسير على ذكر قولين لأئمة أهل العلم في الآية ثم يُرجح في آخر الأمر واحدًا على آخر، ومن أمثلته تفسير الطبري.
  • التفسير الموضوعي: يعتمد هذا الأسلوب من أساليب التفسير على بيان جملة واحدة أو موضوع واحد أو لفظة واحدة من القرآن الكريم، فمثلًا يأتي على بيان صفات عباد الرحمن في القرآن كله، وهنا يكون قد أتى على عرض موضوع واحد فقط من القرآن الكريم، أو يأتي على بيان الأخلاق مثلًا في سورة الحجرات فهنا أتى على ذكر موضوع واحد من السورة كلها، أو يأتي على بيان لفظة أمة في القرآن وهنا يكون قد أتى على شرح مفردة واحدة.

ما هي صفات علماء التفسير

إنّ علم التفسير هو من أكثر العلوم التي تحتاج إلى دقة ومصداقية وشروط أخرى لا بدّ من الإتيان عليها وتفصيلها وهي:[7]

  • العقيدة الصحيحة السليمة: إنّ الشخص الذي يحمل عقيدة صحيحة لا يجرؤ على تحريف معاني كتاب الله تبارك وتعالى، وتطويعها إلى الهوى الذي اختاره.
  • التجرد من اتباع النفس: إنّ اتباع هوى النفس البشرية يودي بصاحبه إلى المهالك ويرميه في مستنقع الضلالة وهذا ما يجب على الإنسان المُفسر أن يبتعد عنه.
  • البدء بتفسير القرآن بالقرآن: فالأولى أن يبدأ المفسر تفسير آيات الله تعالى بآيات من القرآن الكريم قد فصّلها الله في موضع آخر.
  • الانتقال بعد التفسير بالقرآن إلى التفسير بالسنة: إذ إنّ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شارحة للقرآن الكريم موضحة للغامض منه.
  • العودة لأقوال الصحابة: حيث إنّ الصحابة قد حضروا نزول القرآن الكريم وأسبابه ومناسبته وعلموا تفسيره من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال بحث عن فضل التفسير وأتينا على ذكر أساليب تفسير القرآن الكريم، وما هي الشروط التي لا بد من تواجدها في المفسر حتى يتمكن من تفسير القرآن الكريم ويُقبل منه تفسيره، وما هي أنواع وطرائق تفسير القرآن الكريم..

المراجع

  1. ^ al-maktaba.org، كتاب التفسير اللغوي للقرآن الكريم، 23/11/2021
  2. ^ al-maktaba.org، كتاب الواضح في علوم القرآن، 23/11/2021
  3. ^ ar.islamway.net، فضل علم التفسير وحاجة الأمة إليه ، 23/11/2021
  4. ^ al-maktaba.org، كتاب محاضرات في علوم القرآن، 23/11/2021
  5. ^ al-eman.com، الواضح في علوم القرآن، 23/11/2021
  6. ^ al-maktaba.org، كتاب فصول في أصول التفسير، 23/11/2021
  7. ^ al-maktaba.org، كتاب مباحث في علوم القرآن لمناع القطان، 23/11/2021

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *