تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين

تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين
تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين

تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين وهو ما سوف نتعرف عليه في هذا المقال، حيثُ تعد من القصائد الشعرية العظيمة التي حازت على شهرة كبيرة على مر السنوات والعصور، وذلك بسبب قصتها التي حدثت مع أحد خلفاء بني أمية الخليفة هشام بن عبد الملك، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على قصيدة لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب، وبيان معلومات عن كاتب القصيدة الفرزدق، ثمّ بيان نص القصيدة وشرحها ومناسبة كتابة القصيدة، كما سوف نمر على معاني المفردات والأفكار العامة في القصيدة.

معلومات عن الفرزدق

يعتبر الفرزدق بأنه من أشهر الشعراء في تاريخ الشعر العربي، واسمه هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، وكنيته أبا فراس، أما الفرزدق فهو لقب بسبب استدارة وجهه وضخامته، وقد ولد همام في مدينة البصرة في العراق عام 641، وقد كان ينسب لقبيلة رفيعة وهي قبيلة تميم المعروفة بين العرب قديمًا، أما صفات الفرزدق الخُلقية فقد أخذها من صفات البدو، فقد عرف بالجود والشّرف والشّجاعة، كما كان فصيح اللسان وسريع الجواب والبديهة، وقد كان من أعلام الشعر في العصر الأموي، واشتهر بشعر الهجاء مع الشاعر جرير، أيّ أنّه كان كلّ منهما يقول أبياتًا من الشّعر فيردّ عليه الآخر بأبيات تناقضه على نفس الوزن والقافية، كما اشتهر بأشعار المدح والفخر والغزل وغير ذلك، حيث كان يمدح الخلفاء والأمراء مرّةً وأخرى يهجوهم، وعرف بأنه من فحول الشعراء، فقد استطاع من خلال شعره أن يُوثّق الكثير من الأحداث التي مرّ بها العرب، أما أشعاره فكانت متميّزة بقوّة الألفاظ وفخامة التّعابير، ويجدر بالإشارة إلى أنّ شجاعته وقوته في كتابة القصائد الشعرية جعلت العرب يطلقون عليه لقب “أفخر شعراء العرب”، وقد توفّي الفرزدق عام 110 هجري بعد معاناته من المرض، وقد  تجاوز المئة عامًا، كما أنه توفِّي قبل جرير بفترة قصيرة.[1]

مناسبة قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين

قيل في مناسبة قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين أنّه في أحد الأعوام وخاصة في أيام الحج ذهب الخليفة هشام بن عبد الملك من بني أميّة إلى بيت الله الحرام قاصدًا الحج، وفي أثناء الطواف حاول  الخليفة هشام أن يصل إلى الحجر الأسود ويلمسه بيده، إلّا أنّه لم يتمكن من ذلك لازدحام الناس، فأقام له رجاله منبرًا يجلس عليه وهم يلتفون حوله، وفي ذلك الوقت أقبل الإمام علي بن الحسين -رضي الله عنهما- بهيئته الجميلة وطاف بالبيت، وعندما اقترب من الحجر الأسود أفسح له الناس الوصول إليه احترامًا وإجلالًا لقدره، مما أثار ذلك غضب الخليفة هشام بن عبد الملك، فذهب الخليفة وسأل رجل عن هذا الشخص المهيوب، ولكنه أخبره بأنه لا يعلم، وقد كان في هذا الوقت يستمع الفرزدق إلى الحديث فقال للخليفة أنا أعرفه، وأنشد قصيدته في مدح حفيد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وقال: “هَذَا الذي‌ تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ”، مما أثار غضب الخليفة هشام بن عبد الملك وأمر بحبسه.[2]

تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين

تعتبر قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- من القصائد الشعرية العظيمة التي حازت على شهرة كبيرة في العصر الإسلامي، ولم تكن القصيدة الوحيدة التي مدح بها أحد من أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بل كان يقول الشّعر كثيرًا فيهم، ويتباهى بحبّه الكبير لهم، وقد نظمت القصيدة على البحر البسيط بقافية الميم، وفيما يأتي سوف يتم تحليل عدد من أبيات القصيدة بالتفصيل كما يأتي:
  • يَا سَـائِلِي‌: أَيْنَ حَـلَّ الجُـودُ وَالكَـرَمُ    عِنْـدِي‌ بَـيَـانٌ إذَا طُـلاَّبُـهُ قَـدِمُـوا
    هَذَا الذي‌ تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ    وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ

التحليل: يبدأ الشاعر بتعريف الخليفة هشام بن عبد الملك ومن هم برفقته بأنّ الشخص الذي سٌئل عنه هو علي بن الحُسين -رضي الله عنه- هو من أشهر سادات مكّة، وأنّه معروفٌ في مكان الحِلّ والإحرام، وقد استخدم الشاعر الضمير “هذا” للدّلالة على أنّه معروف لِدى أغلبيّة النّاس، حتى أرض مكة الواسعة تعرفه من موضع قدمه.

  • هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَهِ كُلِّهِمُ         هَذَا التَّقِي‌ُّ النَّقِي‌ُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
    هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ    بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا

التحليل: ثم يتابع الشاعرمدح الإمام علي بن الحسين -رضي الله عنه- فيقول بأنه الرّجل التّقيّ الذي يمتلك قلبًا طاهرًا، فهو كالعلم أينما ذهب تعرفه الناس، حيث إنه يمتلك مكانة مرموقة، فكل ما يراه يقول إنَّ جميع المكارم تنتهي إليه، كما أنه في هذا البيت يوضح الفرزدق نسب هذا الشخص الكريم، فيقول له هو والده الإمام الحسين بن علي وأمه فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، وهو حفيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين.

  • ولَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه     العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ
    كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا          يُسْتَوْكَفانِ وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ

التحليل: يقول الشاعر للخليفة هشام بن عبد الملك بأنّ استخفافك بهذا الرجل وإنكارك له لا يضره بشيء، ولكنه يعيبك يا هشام، فكل الأمم بعربها وعجمها تعرفه وتتحدث عنه، ثمّ يتابع الشاعر وصف بعض من صفات زين العابدين، فهو أهل للكرم والجود، فيديه كالغيث الذي ينزل على الأرض ويستفاد منه جميع الخلق.

  • سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ       يَزِينُهُ اثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ
    حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا        حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ

التحليل: يتابع الشاعر وصف علي بن الحسين -رضي الله عنه- ويتحدث عن أخلاقه الرفيعة، وتعامله اللين مع الناس، فهو لم يكن يحمل في أفعاله ردودًا حادة، فكان كل من يتعامل معه يمدح أخلاقه وصبره، كما كان يشعر بآلام الناس ويتحمل معهم ويهون عليهم، وابتعاد الناس من أجل لمس الحجر الأسود هو أقل واجبًا يقومون به احترامًا وإجلالًا لقدره.

  • ما قال لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ             لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ
    عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ فانْقَشَعَتْ         عنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ

التحليل: يقول الشاعر في هذا البيت إنّ الإمام علي بن الحسين -رضي الله عنه- لم تكن كلمة “لا” في قاموسه وهو يتعامل مع الناس، بل كان يستخدمها فقد في جمله التشهد والتوحيد، وهذا دلالة على كرمه وعطائه وحبه لمساعدة الناس والوقوف بجانبهم، كما يتابع الشاعر وصف أفعال زين العابدين التي ساعدت على التخلص من الفقر الشديد، وانتشار العلم والمعرفة، فقد كان وجوده نعمة للناس في ذلك الوقت.

  • إذ رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها                   إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
    يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه        فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ

التحليل: ويشير الشاعر إلى مكانته المرموقة بين الناس وأخلاقه الرفيعة، حيث يشير إلى أن قريش عندما تراه تقول هذا هو أهل الكرم والجود والعطاء، فكل العرب وحتى قريش تعترف بأنّ جميع المكارم تنتهي إليه، كما يتابع الشاعر وصف شخصية زين العابدين القوية، فهو الرجل الذي يهابه الناس، وله تأثير كبير على كل من حوله، وكان يمتاز بابتسامته الجميلة التي ترافقه أينما كان.

  • بِكَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ        مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي‌ عِرْنِينِهِ شَمَمُ
    يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانَ راحته      رُكْنُ الحَطِيمِ إذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ
    اللَهُ شَرَّفَهُ قِدمًا وَعَظَّمَهُ          جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ

التحليل: يقول الشاعر في هذا البيت إن زين العابدين يمسك بكفيه خيزران، فعندما يحملها يخرج منها رائحة جميلة، ثم يبدأ الشاعر بيان علاقة زيت العابدين ببيت الله الحرام، فيقول بأنّ كل ما يحيط بالكعبة المشرفة يعرفه، حيث يظهر هذا البيت مكانة زين العابدين بمكة المكرمة، فقد شرفه الله -سبحانه وتعالى- وجعل له مكانة محفوظة في اللوح المحفوظ.

معاني المفردات في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين

قد يجد بعض الأشخاص بعضًا من المفردات غير المفهومة في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين، وذلك مثل كثير من القصائد العربية القديمة، وبعود السبب في ذلك إلى استخدام كلمات غير عربية أو فارسية، بالإضافة إلى أنَّ بعض الكلمات المستخدمة قد تكون غير معروفة بالنسبة لأكثر القراء والطلاب، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح أهم المفردات في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين:

الكلمة  المعنى
البطحاء أرض مُنْبِسطة فسيحة الأرجاء.
وطأته أَثَرُ القدم وموضعها.
العلَم الذي يعرفه الجميع.
الغياهب الظلمة الشديدة.
الإملاق الفقر الشديد.
بوادره الحدّة والغضب.
العَجَمُ خلاف العرب
يغضي حَيَاءً يخفض جفنيه وينظر إلَى الأَرض.
الغيوث طلب النجدة والمساعدة.
شيم هي الخلق والسجية.
انقشعت زالت.
الحَطِيم بناءٌ قُبالةَ الميزاب من خارج الكعبة.

الأفكار العامة في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين 

توجد العديد من الأفكار العامة في قصيد الفرزدق والتي قالها في مدح الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه، حيث حرص الشاعر على إيصالها إلى القراء من خلال أبيات قصيدته، ويجب التعرف عليها من أجل فهم المغزى الأساسي من القصيدة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار العامة في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين:

  • بيان نسب الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه.
  • بيان مكانة الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه.
  • وصف أخلاق الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه.
  • مدح أفعال علي بن الحسين التي ساعدت على نشر العلم والتخلص من الفقر والجهل.

قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين PDF

تعتبر قصيدة الفرزدق من القصائد الشعرية المميزة التي اشتهرت كثيرًا بين العرب والمسلمين، ويعود السبب في ذلك لما تمتلكه هذه القصيدة من كلمات وتشابيه قويّة وعظيمة في وصف أحد الشخصيات الإسلامية، حيث يبحث الكثير من الزّوار عن هذه القصيدة وشرحها بالتفصيل لما تحتوي من معانٍ مميزة، بالإضافة إلى استخدامها أو إرسالها على شكل ملف لأحد الأشخاص، ويمكن الحصول على قصيدة الفرزدق كاملة بصيغة PDF مُباشرةً “من هنا“، بحيث يوفر الملف للطالب إمكانية تحميل القصيدة على مختلف الأجهزة، ويجدر بالذكر أنّ هذا الملف يتضمن معلومات بسيطة عن كاتب القصيدة، وتحليل وافي وشامل لبعض الأبيات من القَصيدة، بالإضافة إلى الأفكار المشتملة عليها، والمفردات الجديدة والصعبة.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها
شرح قصيدة نحن في الخليج وأهم الصور الفنية فيها
تحليل قصيدة البارودي في رثاء زوجته شرح قصيدة امرؤ القيس فهي هي وَهِي وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال تحليل قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين، والذي سلّط الضّوء على كاتب القصيدة الفرزدق، ثمّ بيّنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح في المقال، كما تمّ بيان أهم المعاني والمفردات الجديد في القصيدة، وأدرجنا الأفكار الرئيسية في قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين، وختمنا المقال في بيان الأفكار العامة في القصيدة، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.

المراجع

  1. ^ books.google.jo، ديوان الفرزدق، 28/08/2023
  2. ^ marefa.org، قصيدة الفرزدق في الإمام زين العابدين، 28/08/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *