حكم إعطاء زكاة المال كلها لشخص واحد

حكم إعطاء زكاة المال كلها لشخص واحد
حكم إعطاء زكاة المال كلها لشخص واحد

حكم إعطاء زكاة المال كلها لشخص واحد من الأحكام التي يبحث عنها كثير من المسلمين، إذ يقع البعض في حيرة عند إخراج الزكاة، حيث يعتقد البعض أنَّ الزكاة يجب ألا تكون لشخص واحد، ومن الضروري أن يتعرف الشخص على كل ما يتعلق بالزكاة حتى يؤديها على أكمل وجه وحتى لا يقع فيما لا يرضي الله تعالى، وسوف نتعرف في هذا المقال على الزكاة في الإسلام، وعلى حكم إخراج الزكاة لشخص واحد، وعلى حكم إخراج الزكاة لمن له راتب، وكيف توزع الزكاة على الأصناف الثمانية في الإسلام، وغيرها من المعلومات والتفاصيل والأحكام المتعلقة.

الزكاة في الإسلام

إنَّ كلمة الزكاة في اللغة مشتقة من الطهارة والنماء والزيادة، وفي الشريعة الإسلامية تطلَق على المال الذي يدفعه المسلم صدقةً تطهيرًا وتزكية لأمواله وتجارته وزروعه، والزكاة فريضة في الإسلام على كل من توافرت فيهم شروط وجوب الزكاة، وتعدُّ أيضًا من أعظم الطاعات والعبادات لأنها ركن من أركان الإسلام الخمسة التي ثبتت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”،[1] وقد ورد في كتاب الله تعالى كثير من الآيات تؤكد وجوب الزكاة على المسلمين، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: “خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها”،[2] كما قال أيضًا جلَّ من قائل: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”،[3] وتدلُّ تلك الآيات على وجوب الزكاة على أي مسلم توافرت فيه الشروط الموجبة للزكاة.[4]

حكم إعطاء زكاة المال كلها لشخص واحد

إنَّ إخراج زكاة المال كلها لشخص واحد جائز في الإسلام ولا حرج على المسلم في ذلك، إذا كان من الذين يستحقون الزكاة، حيث أنَّه في الشرع أن يتمَّ إخراج الزكاة على كافة الأصناف المستحقة للزكاة أو أن يتمَّ إخراج الزكاة على أكثر من صنف أيضًا، ليس من الأمور الواجبة ولا من الأمور المستحبة أيضًا، والأولى أن يفعل الشخص الذي يخرج الزكاة ما هو أنسب للحاجة، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من أهل العلم في الإسلام، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ذلك بقوله:[5]

“فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف واجبة، ولا مستحبة، بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة، كما كان أصل الاستحقاق معلقاً بذلك، والواو تقتضي التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم المذكور، والمذكور أنه لا يستحق الصدقة إلا هؤلاء، فيشتركون في أنها حلال لهم، وليس إذا اشتركوا في الحكم المذكور، وهو مطلق الحِل يشتركون في التسوية، فإن اللفظ لا يدل على هذا بحال”.

هل يجوز توزيع زكاة المال على الأقارب

يجوز إخراج زكاة المال للأقارب الذين يستحقون الزكاة والذين لا تجب نفقتهم على الشخص الذي يريد إخراج الزكاة أي يجب ألا يكون أقرباؤه من فروعه من أبنائه ولا من أصوله كآبائه وأجداده لأنَّ هؤلاء نفقتهم واجبة على المسلم، فينفق عليهم من ماله الخاص غير الزكاة، أمَّا الأقارب غير الواجبة نفقتهم على الشخص يجوز له أن يدفع لهم مال الزكاة مثل إخوته وأخواته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وغير ذلك، وهو من الأمور المستحبة في الإسلام أيضًا حسب ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنَّ المسلم في هذه الحالة له أجران: أجر الزكاة وأجر صلة الرحم، فقد ثبت في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الصَّدَقةَ على المِسكينِ صَدَقةٌ، وإنَّها على ذي الرَّحِمِ اثنَتانِ: صَدَقةٌ، وصِلَةٌ”،[6] وقد أشار ابن عثيمين رحمه الله تعالى إلى هذا الحكم بقوله:[7]

“يجوز أن تدفع زكاة الفطر وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء ، بل إنَّ دفعَها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد ؛ لأن دفعَها إلى الأقارب صدقةٌ وصلةٌ ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حمايةُ ماله ، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته أي على الغني ، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته ، لأنه إذا فعل ذلك فقد وفر ماله بما دفعه من الزكاة ، وهذا لا يجوز ولا يحل ، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته ، فإن له أن يدفع إليه زكاته ، بل إنَّ دفعَ الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صدقتك على القريب صدقة وصلة”.

شاهد أيضًا: الاصناف التي تجب فيها الزكاة ، شروط استحقاق الزكاة

حكم إعطاء الزكاة لمن له راتب

يجوز دفع الزكاة لمن كان له راتب إذا كان فقيرًا وكان ذلك الراتب لا يكفيه لأنَّه في هذه الحالة يعدُّ من المساكين الذين يجوز أن تصرَف لهم أموال الزكاة حسب ما ثبت في كتاب الله سبحانه وتعالى، ولا حرج على المسلم في ذلك، أمَّا إذا كان صاحب الراتب يكفيه راتبه وكان من ميسوري الحال، أو إذا كان لديه مال يدخره لوقت الحاجة لا يجوز أن يعطى من مال الزكاة، لأنه عند ذلك يعتبر من الأغنياء الذين لا يجوز أن يأخذوا من مال الزكاة وذلك حسب ما ورد في الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَحِلُّ الصدقةُ لغَنِيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ،[8] وهذا ما ذهب إليه الفقهاء في الإسلام.[9]

هل يجوز إعطاء الزكاة لمن يملك سيارة

إذا كان صاحب السيارة من الفقراء الذين يستحقون الزكاة أو عليه ديون لا يستطيع سدادها فإنَّه في هذذه الحالة يكون من الغارمين، ويجوز دفع الزكاة له، لأنَّ السيارة أصبحت من الحاجات الضرورية بالنسبة للإنسان في هذه الأيام مثل الفرس والحمار قديمًا، ويصعب الاستغناء عنها في كثير من الأحيان، وقد أشار الشيخ ابن جبرين في كتاب شرح عمدة الأحكام إلى ضرورة السيارة بقوله: “فإذا احتاج مثلًا إلى سيارةٍ يتنقل عليها، ويذهب عليها إلى مدرسته، أو جامعته، أعطاه سيارة، وكذلك إذا احتاج إلى زواج، زوّجه، ولو كان إخوته أطفالًا؛ لأن هذا من الحاجات الضرورية”.[10]

شاهد أيضًا: حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

كيفية توزيع الزكاة على الأصناف الثمانية

لقد حدَّد الله تعالى في كتابه الكريم المصارف الثمانية للزكاة، وهي الفئات التي تستحق أن تأخذ نصيبها من الزكاة في الإسلام، فقد قال تعالى في كتابه العزيز جلَّ من قائل: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”،[11] وتوزع الزكاة على هذه الأصناف حسب حاجة كل صنف منها إلى المال، ولا يجب أن تزيد الزكاة المقدمة إلى الشخص عن ذلك، وفيما يأتي سيتم التفصيل في توزيع الزكاة على المصارف الثمانية:[12]

  • الفقير: يعطَى الفقير من الزكاة بمقدار ما يسدُّ حاجته ويكفيه نفقات بيته من طعام وشراب وسكن مدة سنة كاملة.
  • المسكين: يعطَى المسكين من الزكاة مقدار ما يسد حاجته من النفقة مدة عام كامل أيضًا مثل الفقير.
  • العامل على الزكاة: يأخذ العامل من الزكاة حتى لو كان غنيًا، لأنَّه يعطى من الزكاة على قدر عمله، وهو بمثابة أجر بالنسبة إليه.
  • المؤلفة قلوبهم: وهم الذين دخلوا إلى إلإسلام حديثًا، ويعطى مثل هذا الشخص من الزكاة حتى لو كان غنيًا حتى تتم استمالته إلى الإسلام وكف شره وأذاه.
  • الغارم: وهو الشخص الذي عليه ديون لا يستطيع سدادها، وهذا يعطى من الدين بقدر ما يسد دينه به، ويمكن أن يكون الغارم من أجل الإصلاح بين الناس، وكان قد تحمل ديونًا تسد عنه حتى لو كان من الأغنياء.
  • المجاهد في سبيل الله: يعطى المجاهد من مال الزكاة بقدر حاجته للتجهز للقتال، ويمكن أن يخصص له راتب إذا لم يكن له راتب وحتى لو كان غنيًا.
  • ابن السبيل: يعطى من مال الزكاة قدر ما يسد حاجته ويوصله إلى بلده حتى لو كان غنيًا في بلده.

وإلى هنا نكون قد انتهينا من مقال حكم إعطاء زكاة المال كلها لشخص واحد وقد تعرفنا على الزكاة في الإسلام وحكم الزكاة في الإسلام، وتعرفنا على حكم دفع الزكاة لشخص واحد، وحكم دفع الزكاة لم له راتب، وحكم إخراج الزكاة لمن لديه سيارة وعليه ديون، وكيفية توزيع أموال الزكاة لأصحاب المصارف الثمانية وغير ذلك من معلومات متعلقة.

المراجع

  1. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 8، صحيح
  2. ^ سورة التوبة، الآية 103
  3. ^ سورة البقرة، الآية 110
  4. ^ al-maktaba.org، حكم الزكاة، 16/04/2023
  5. ^ islamweb.net، تعطى الزكاة لشخص واحد أم توزع لعدة أشخاص، 16/04/2023
  6. ^ المستدرك على الصحيحين، سلمان بن عامر الضبي، الحاكم، 1495، إسناده صحيح
  7. ^ islamqa.info، لا يجوز دفع الزكاة لمن تجب عليه نفقته، 16/04/2023
  8. ^ سنن الترمذي، عبد الله بن عمرو، الترمذي، 652، حسن
  9. ^ islamweb.net، هل يعطى من له راتب من الزكاة، 16/04/2023
  10. ^ islamweb.net، حكم دفع الزكاة لشخص عليه ديون ويملك سيارة تغطي قيمة الدين، 16/04/2023
  11. ^ سورة التوبة، الآية 60
  12. ^ shamela.ws، شرح عمدة الفقه، 16/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *