حكم لعب الأطفال في المسجد في غير وقت الصلاة وضوابط دخول المسجد

حكم لعب الأطفال في المسجد في غير وقت الصلاة، حيث إن الكثير من المسلمين يقومون بممارسة بعض الألعاب البدنية في المساجد في غير أوقات الصلوات كالجري ولعب الكرة ونشاطات أخرى ترفيهية ونشاطات ترفيه، ولكن قد يختلط الأمر على البعض منهم فلا يعرف هل اللعب في المسجد جائز من غير وقت الصلاة، لذلك فإن هذا المقال يهتم ببيان هل يجوز لعب الصبيان في المساجد خارج أوقات الصلاة.

ضوابط دخول الأطفال إلى المسجد

قام الإسلام بوضع ضوابط وأحكام لكل الأمور في الحياة، فدخول الأطفال واصطحابهم إلى المساجد أمرٌ جائزٌ في الشريعة الإسلامية، وقد دل على ذلك الكثير من النصوص والأدلة الشرعية الصحيحة، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي وهو يحمل أولاد بناته، فدخول الأطفال للمسجد فيه مصلحة تربوية لا تخفى على أهل العقل، فالطفل الذي لا يحصل منه أذية في المسجد الأولى أن يُحضر إليه ولو كان دون السابعة، لأن في ذلك تعويد له وتعليقًا لقلبه في المساجد، ولكن لو أن دخول الطفل كان يترتب عليه أذى للمصلين وذهابًا لخشوعهم بسب أذيته ولعبه وتخريبه في المسجد فلا يجوز اصطحابه، وذلك تحقيقًا لخشوع المصلين وسكينتهم في صلاتهم، فلو تم تعليم الطفل آداب دخول المسجد وتفاديه إحداث أي صخب أو ضوضاء فلا حرج في اصطحابه والله أعلم.^[1]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول ربنا ولك الحمد في الصلاة بعد الرفع من الركوع

حكم لعب الأطفال في المسجد في غير وقت الصلاة

اختلف أهل العلم في إباحة لعب الأطفال في المساجد في غير وقت الصلاة بين المبيح وبين المانع، ولكن الراجح هو المنع، فالساجد بيوت الله تُبنى للعبادة والذكر والطاعة والصلاة، وعلى المسلمين الحرص على تنظيفها وطهارتها الدائمة من كل أمر يشينها أو يخربها، فقد قال تعالى في محكم تنزيله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}.^[2] لكن ذكر أهل العلم أيضًا أنه لا حرج من الاجتماع فيها بعض الأحيان وإحداث بعض التسلية المباحة للأطفال دون اتخاذ ذلك عادة أو حدث بشكل دائم، فجعل المساجد مكان يلعب فيه الأطفال بانتظام خارج وقت الصلاة لا يجوز شرعًا، ففي ذلك تعطيل لما بني المسجد لأجله، وعدم توقير للمساجد وتعريضها للتخريب وربما التلوث، فهذا الأمر لا يجوز لأن الأصل صون المسجد وعدم تعريضه لما يخربه والله ورسوله أعلم.^[3]

هل يجوز ممارسة الرياضة في المسجد

ذكر أهل العلم أنه يجوز للمسلمين أن يمارسوا الرياضة في المساجد إذا كانت تلك الرياضة مباحة وفيها منفعة للمسلمين ولم يحصل منها أذى أو تخريب في المسجد أو تشويش على المصلين، وأن لا تكون في أوقات الصلاة حتى لا يضيعوا الفريضة بالتسلية، وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: “لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمًا علَى بَابِ حُجْرَتي والحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ في المَسْجِدِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتُرُنِي برِدَائِهِ، أنْظُرُ إلى لَعِبِهِمْ”.^[4] وقد شرح أهل العلم هذا الحديث بجواز ممارسة الرياضة في المسجد بما فيه منفعة للمسلمين ولو كان ذلك عقب الصلوات فلا بأس على أن لا يعتقد المسلم أن فعلها في المسجد من العبادة والله ورسوله أعلم.^[5]

شاهد أيضًا: هل يجوز الوضوء في الحمام وما حكم التسمية عند الوضوء في الحمام

هل يجوز اللعب بالجوال في المسجد

إن استخدام الهاتف واللعب به في المسجد يلحق في حكمه حكم ما يفعل المسلم من خلال تصفحه للهاتف، فلو كان يتفصح أمرًا فيه طاعة كقراءة القرآن أو الحديث أو تعلم أمور الدين فهذا من العبادة، ولو كان يتصفح من خلال أمورًا مباحة أو يتحدث مع أحدٍ من معارفه بما هو مباح فاستعماله مباح، أما لو كان يتصفح أمورًا محرمة أو يقرأ أمورًا محرمة أو يتحدث مع أحدٍ بأمورٍ محرمة فذلك من أشد المحرمات، وهو أعظم كتحريم من التحريم خارج المسجد، على أن يكون استعمال الهاتف خارج الصلاة، بل إن كثير من أهل العلم قالوا أن الوقت في المسجد أولى به أن يكون عامرًا بالصلاة والذكر والدعاء والسجود ونحوه، إلا أنه لا يحرم تصفح الهاتف الجوال إن كان في مباح والله ورسوله أعلم.^[6]

هل يجوز لعب كرة القدم في المسجد

إن المساجد في الأصل تُبنى للعبادة والصلاة والذكر وإقامة شرع الله في أرضه، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نشد الضالة في المساجد ويلحق بها البيع والشراء والإجارة والعقود ورفع الصوت فيها ونحو ذلك، فالمساجد بُنيت لما بنيت له، وهي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك، فلعب كرة القدم أو أي ألعاب أخرى في المسجد أمرٌ مكروه عند جمهور أهل العلم، لأن لعب كرة القدم لا مصلحة فيها للمسلمين، وقد أباح أهل العلم لعب ما فيه منفعة لهم كالرياضة التي يتجهزون فيها للجهاد، أو التدرب على آلات الحرب وغير ذلك، أما كرة القدم والتنس والسلة وغيرها التي لا مصلحة ولا نفع منها لا يجوز لعبها في المسجد.^[7]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول الله يقرفك عند الغضب أو الكره

هل كان الصحابة يتصارعون في المسجد

لم يرد عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّهم كانوا يتصارعون في المسجد أبدًا، لكن ورد في الحديث الضعيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صارع ركانة فصرعه مرارًا وتكرارًا حتى دخل الإسلام، لكن المصارعة من الأمور التي يترتب عليها والله أعلم مصلحة شرعية لأنّها تقوي أبدان المسلمين، فلو كانت المصارعة تُحقق النفع للمسلمين فإنه لا حرج في التصارع في المسجد ضمن آداب وضوابط الجلوس في المسجد مع المحافظة على أثاثه وأن يكون ذلك خارج أوقات الصلاة حتى لا يتم التشويش على المصلين، فيجوز التصارع في المسجد إن لم يقع منها أذية، لكن لم يثبت أن الصحابة رضوان الله عليهم تصارعوا في المساجد والله أعلم.^[8]

شاهد أيضًا: حكم قول لو لابن عثيمين وحكم قول لو لابن باز

حكم إخراج الأطفال من المسجد

أخبر أهل العلم أنّ الطفل إن دخل المسجد فلا يجوز إخراجه منه تحديدًا أوقات الصلوات، فمن دخل السابعة ودخل الصلاة فلا يجوز إخراجه من الصف لأخذ مكانه ولا يجوز تأخيره لأنّه كان سابقًا إلى مكانه وهو به أولى، وتركه في مكانه بين الرجال فيه تشجيع له على الخير والعبادة، أما من كان دون السبع، فلو كان يعبث ويؤذي من حوله فالأولى بالمسلمين تعليمه وتدريبه على الخشوع والسكينة في المسجد، ولا يجوز إخراجه من المسجد حتى لا يحصل له مضرة في أماكن أخرى تضره، أو بذلك يتم تنفيره من بيوت الله، لذلك من واجب المسلمين أن لا يطردوا الأطفال من المساجد بل يعلموهم الأدب واحترام بيوت الله والله أعلم.^[9]

في الختام، تم تسليط الضوء على حكم لعب الأطفال في المسجد في غير وقت الصلاة، حيث تم التعريف بضوابط دخول المسجد للأطفال وبيان أحكام اللعب وممارسة الرياضة والتمارين والمصارعة داخل المسجد، كما تم بيان هل يجوز إخراج الأطفال من المساجد.