دعاء الاستخارة للزواج من شخص معين

دعاء الاستخارة للزواج من شخص معين هو دعاء مهمّ في هذه الحال، فالمقدم على الزواج أو أيّ أمر آخر يُستحبّ له قراءة دعاء الاستخارة ليعلم هل في الأمر خير أو لا، وفي هذا المقال سوف يكون لنا وقفة مع تفصيل الحديث حول دعاء الاستخارة للزواج وكيفية الصلاة للاستخارة، وكذلك يتوقف المقال مع بيان دعاء الاستخارة الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إضافة لبعض الأمور الأخرى المهمة في هذا المجال.

دعاء الاستخارة للزواج من شخص معين

يُقدِمُ كثير ممّن يريد الزواج على دعاء الاستخارة، والاستخارة تعني طلب الخيرة من الله تعالى، فيدعو المسلم بدعاء الاستخارة طالبًا من الله -تعالى- اختيار الخير له في الدنيا والآخرة، ودعاء الاستخارة وارد في الحديث النبوي، ولكنّ المسلم يدعو به بحسب مقتضى حاله، فمثلًا يمكن لمن يقدم على الزواج من شخص معيّن أن يقول:

“اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ (في زواجي من فلان أو فلانة) خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ (في زواجي من فلان أو فلانة) شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي”.

فبذلك يكون قد دعا بدعاء الاستخارة وعليه أن يفوّض أمره لله -تعالى- وأن يتوكّل على الله ويرى أين يكون الخير بحسب الدعاء ويمضي إليه ولا شكّ أنّ الخير سيكون فيما اختاره له الله تعالى.

شاهد أيضًا: دعاء لشخص مسافر تحبه

أفضل وقت لدعاء الاستخارة للزواج من شخص معين

لم يأتِ في السنة النبوية ولا في الكتاب شيء يحدد أفضل الأوقات لدعاء الاستخارة، وقد أباحه العلماء في أيّ وقت كان إن كان دعاءً فقط، ولكنّ السنّة في الدعاء أن يصلّي قبله ركعتين ويدعو بعدهما الدعاء، وقد نهى العلماء عن صلاة الاستخارة في أوقات النهي، وهي بعد الفجر وبعد العصر،^[1] وقد أجاز بعض العلماء ذلك إن كان هنالك أمر ربّما يفوت المسلم،^[2] وكذلك أباح الشافعية صلاة الاستخارة في أوقات النهي إن كان المسلم في الحرم المكي.^[1]

شاهد أيضًا: دعاء السفر كتابة واضحة

دعاء الاستخارة للزواج للحائض

يمكن للمرأة الحائض المقبلة على الزواج أن تدعو بدعاء الاستخارة فقط، ولا تصح منها الصلاة كونها حائض وممنوعة من الصلاة، ولكن يمكن أن تدعو بدعاء الاستخارة، ولا يُشترط أن تتوضّأ أو تستقبل القبلة، وكذلك ليس عليها أن ترتدي ثوبًا ساترًا لجميع بدنها، ولكن تدعو فقط وتتوكل على الله تعالى.^[3]

شاهد أيضًا: دعاء الاستخارة للعمل

دعاء الاستخارة الوارد عن رسول الله

لقد ورد دعاء الاستخارة مع كيفيّة الدعاء به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في كتب الحديث الصحيح، ففي صحيح الإمام البخاري يروي جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما- حديث الاستخارة فيقول:

“كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ؛ يقولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُل: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ: عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي قالَ: «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ»”.^[4]

شاهد أيضًا: دعاء استودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه

صلاة الاستخارة للزواج

فيما يأتي تفصيل بعض الأمور المتعلقة بصلاة الاستخارة للزواج وغيره:

عدد ركعات صلاة الاستخارة

لقد اتفق الفقهاء من جمهور المذاهب أنّ صلاة الاستخارة تكون بركعتين، وهذا ما نصّ عليه الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة، ولم يصرّحوا أنّه يمكن الصلاة بأكثر من ذلك، بينما ذهب الشافعيّة إلى أنّ الركعتين هي أقلّ ما يمكن، ولكن يمكن للمسلم أن يصلّي بأكثر من ذلك، والله أعلم.^[5]

شاهد أيضًا: دعاء الرزق بالعمل والمال

عدد مرات صلاة الاستخارة للزواج

ذكر العلماء أنّه لا عدد معيّن لصلاة الاستخارة، فيمكن للمسلم أن يصلّيها قدر ما يشاء؛ فذلك من الإلحاح الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلّم- إذا دعا فإنّه يدعو الله ثلاثًا، ويساله ثلاثًا، وقد ورد ذلك في حديث طويل في صحيح الإمام مسلم يرويه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فيقول: “وَكانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وإذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا”،^[6] وهذا ما عليه كثير من المسلمين،^[7] وورد في حديث ضعيف أنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- قد قيّد الاستخارة بسبع مرّات، وقد أخذ جمهور المذاهب من المالكية والشافعية والحنفيّة بهذا الحديث وقالوا إنّه ينبغي للمسلم أن يدعو الاستخارة سبع مرّات، والله أعلم.^[8]

شاهد أيضًا: دعاء التوكل على الله وطلب العون منه

دعاء الاستخارة للزواج بدون صلاة

لقد ذهب العلماء إلى أنّه يمكن للمسلم أن يقرأ دعاء الاستخارة فقط من دون الصلاة، ويكون الدعاء في أيّ وقت شاء ولا يشترط فيه أن يتجنّب أوقات النهي؛ لأنّ أوقات النهي للصلاة فقط وليس للدعاء، والدعاء جائز في أيّ وقت شاء المسلم،^[1] ولكن ينبغي له استقبال القبلة ورفع يديه ومراعاة جميع آداب الدعاء كما ذهب العلماء، والله أعلم.^[9]

اقرأ أيضا: افضل دعاء تسخير الزوج لزوجته وتقوية المحبة بينهما بإذن الله

أفضل ما يُقرأ في صلاة الاستخارة

ذهب جمهور العلماء من فقهاء المذاهب الثلاثة الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنّه يُستحبّ للمسلم أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الاستخارة بالفاتحة وسورة الكافرون، وفي الركعة الثانية بالفاتحة والإخلاص، وعلَّقَ الإمام النووي على ذلك بقوله: “ناسب الإتيان بهما في صلاة يراد منها إخلاص الرغبة وصدق التفويض وإظهار العجز، وأجازوا أن يزاد عليهما ما وقع فيه ذكر الخيرة من القرآن الكريم”.^[10]

بينما ذهب بعض السلَف إلى أنّ المسلم يقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة وبقوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ اللهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}،^[11] وفي الركعة الثانية يقرأ بالفاتحة وبقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}.^[12]

أمّا الحنابلة وبعض العلماء غيرهم فقد قالوا بأنّه ليس هنالك آيات ولا سوَر معيّنة يُستحبّ قراءتها في ركعتي الاستخارة، وهذا ما نقله عنهم الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه المُغني.^[10]

شاهد أيضا: دعاء القنوت طويل مكتوب من السنة النبوية.. أفضل أدعية الوتر الصحيحة

نتائج صلاة الاستخارة للزواج

إنّ نتائج صلاة الاستخارة هي تيسير الأمر أو صَرف المسلم عنه، فإذا انشرح صدر المسلم لذلك الأمر -وهنا الأمر هو الزواج- ووجد الطريق إليه سهلًا فذلك من علامات القَبول، وقال العلماء عن انشراح الصدر إنّه ميل الإنسان للشيء وحبّه له من غير هوى النفس، ومن غير ميلٍ مصحوب بغرض ما، ورأى علماء آخرون أنّ انشراح الصدر ليس العبرة ولكنّ العبرة في تيسير الأمر والمضيّ فيه؛ لأنّ حديث النبي -صلى الله عليه وسلّم- عن الاستخارة لم يكن فيه حديث عن انشراح الصدر.^[13]

وأمّا علامات عدم القَبول فهو أن ينصرف قلب المسلم عن الأمر ولا يبقى متعلِّقًا به،^[13] وقال بعض أهل العلم في زماننا إنّ من علامات الصرف أن يجد المرء مشكلات كثيرة عويصة وغير بسيطة، إضافة لبعض العقبات والمشكلات التي تدفعه عن الأمر وتصرفه عنه، وبذلك يعلم المسلم نتائج الاستخارة سواء كانت بالقَبول أم بعدمه، والله أعلم.^[14]

شاهد أيضا: دعاء الاستيقاظ من النوم منتصف الليل مكتوب كاملا

الحكمة من دعاء الاستخارة

ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ الحكمة من دعاء الاستخارة هو شعور المسلم بالتسليم لأمر الله عزّ وجلّ، والخروج من حول المسلم وقوّته إلى حول الله -تعالى- وقوّته، والالتجاء إلى الله -تعالى- بعظمته وقوّته وعلمه والاستعانة به على ما نزل به من أمور الدنيا، والله -تعالى- وحده العالم بكلّ شيء، سبحانه وتعالى عمّا يصفون.^[15]

شاهد أيضاً: دعاء يغفر الذنوب ولو كانت مثل زبد البحر

كيفية صلاة الاستخارة

لم يحدّد النبي -صلى الله عليه وسلّم- هيئة صلاة الاستخارة، بل هي ركعتان يصلّيهما المسلم، وبعد الفراغ من هاتين الركعتين يدعو المسلم دعاء الاستخارة كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقد استحبّ بعض العلماء قراءة بعض الآيات في كلّ ركعة، وذهب آخرون إلى أنّه ليس هنالك ما يُقرا بعينه من آيات القرآن الكريم، والله أعلم.

شاهد أيضًا: دعاء الستر من الفضيحة وكلام الناس

وإلى هنا يكون قد تم مقال دعاء الاستخارة للزواج من شخص معين بعد الوقوف على هذا الدعاء وشروطه ووقته، إضافة للوقوف على شروط صلاة الاستخارة وأوقاتها وما يُستحب قراءته فيها وخلاف الفقهاء في ذلك، مع المرور على عدد من الأمور التي يطول ذكرها وقد مرّت مفصّلة في المقال أعلاه.