شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها والصور الفنية فيها

شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها والصور الفنية فيها
شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها والصور الفنية فيها، وهو موضوع هذا المقال، حيث يبحث عن هذه القصيدة الكثير من الزوار وخصوصًا من محبي الشعر العربي، تُعتبر قصيدة أبي العلاء المعري الذي يرثي فيها فقيهًا من القصائد العمودية التي نظمها على البحر الخفيف، وقافية الدال، وتميزت في قوة وجزالة الألفاظ وفصاحة العبارات، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على القصيدة، وبيان معلومات عن كاتب القصيدة الشاعر أبي العلاء المعري، ثمّ بيان نص القصيدة وشرحها بالتفصيل، كما سوف نمر على معاني المفردات والأفكار العامة في القصيدة.

معلومات عن أبو العلاء المعري

إنّ أبا العلاء المعري هو شاعر وفيلسوف عربي، واسمه هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي، المولود في مدينة معرّة في عام 363هـ، وتعود أصوله إلى قبيلة تنوخ، عاش أبو العلاء في المعرة حتى سن الحادية عشرة، ثمّ انتقل إلى حلب من أجل تلقي العلم، حيث إنه درس اللغة العربية والأدب والتفسير والحديث، وقد عرف أنّ أبا العلاء فقد بصره في سن الرابعة، ولذلك أطلق عليه رهين المحبسين، حيث إنه عزل نفسه في بيته، وبدأ يتعلم الشعر ويكتب أجمل القصائد، ومن أشهر الكتب التي قام بتأليفها إقليد الغابات، وتاج الحرّة، وخماسية الراح، وراحة اللزوم، والرياش المصطنعي، وضوء السقط، أما وفاته فقد كانت في عام 449هـ عن عمرٍ يناهز الثلاثة والثمانين عاماً.[1]

شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

تعدُّ قصيدةُ أبي العلاء المعري يرثي فقيًهًا من أشهر القصائد التي كتبها الشاعر،  فقد نظمها لرثاء صديقه الحنفي أبي حمزة، فقد وصف فيها أخلاقه وصفاته الحميدة ومنها الكرم والشجاعة، كما أشار فيها إلى فلسفته حول الحياة والموت، وقد قال في مطلعها: غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ، وقد نظمها الشاعر على البحر الخفيف وقافية الدال، ويجدر بالإشارة إلى أن هذه القصيدة تعتبر من القصائد الطويلة نسبياً، فهي تحتوي على 64 بيتًا شعريًا، لذلك لن يسعنا أن نقوم بشرح جميع أبياتها في هذا المقال ولكننا سنختار لكم باقة من أبيات هذه القصيدة ونشرحها لكم فيما يأتي:

  • غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي      نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ
    وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِي      سَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ
    أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْ       نَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ

    صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْ    بَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ

الشرح: يبدأ الشاعر قصيدته بالحديث عن فلسفته عن الموت والحياة، فيقول إنّ هذه الحياة لا ينفع فيها البكاء ولا الغناء، ولا الحزن أو السرور، وقد بينّ أنه لا جدوى من البكاء عى الميت، فهذا الأمر لا ينفعه، ثمّ يتابع الحديث عن معتقداته فيقول أنّ صوت النعي يتشابه بشكل كبير مع صوت البشير، ولكن الفرق بينهما المشاعر التي يتم بثها، حيث إنّ خبر الوفاء يثير الألم والحزن، بينما خبر الولادة يثير الفرح والسعادة، ثمّ يخاطب الشاعر الحمام ويطلب منهم البكاء لبدء رثاء صديقه، وينتقل الشاعر لمخاطبة صديقه ويقول أنّ ما تراه من قبور تملأ هذه الأرض هي لنا وتخص أبناء هذا الزمن.

  • خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ ال           أرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ
    وقَبيحٌ بنَا وإنْ قَدُمَ العَهْ                دُ هَوَانُ الآبَاءِ والأجْدادِ
    سِرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً      لا اخْتِيالاً عَلى رُفَاتِ العِبادِ

    رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً           ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأضْدادِ

الشرح: وفي هذه الأبيات يقول الشاعر بأنّ هذه الأرض التي نمشي عليها هي من أجسادنا، فمن الأفضل أن نخفف سيرنا ووطأنا عليها، لأننا في الحقيقة ندوس على أجساد خلق مثلنا، وهذا يدل على مصير الإنسان والذي يقتضي له التواضع وليس التكبر، فعلينا أن نحفظ وداد آبائنا وأجدادنا السالفين لأنّ التكبر في الوطء على أجسادهم فهو فعل قبيح ومنكر لا يليق بنا وبهم.

  • وَدَفِينٍ عَلى بَقايا دَفِينٍ                 في طَويلِ الأزْمانِ وَالآباءِ
    فاسْألِ الفَرْقَدَينِ عَمّنْ أحَسّا               مِنْ قَبيلٍ وآنسا من بلادِ
    كَمْ أقامَا على زَوالِ نَهارٍ                 وَأنارا لِمُدْلِجٍ في سَوَادِ
    تَعَبُ كُلّها الحَياةُ فَما أعْ                   جَبُ إلاّ مِنْ راغبٍ في ازْديادِ

الشرح: ويشير الشاعر في هذه الأبيات إلى حقيقة أنّ الأرض هي من أجساد العباد، حيث تضم القبور ملايين من الأجساد، فقد تعاقب في القبر الواحد أكثر من ميت، باختلافهم منهم الذكي والغبي، الغني والفقير، مما يجعل القبر يضحك ويتعجب من هذه المفارقة الكبيرة، ثمّ يقول بأنّ الحياة هي عبارة عن تعب وشقاء متواصل، ولا أحد مرتاح فيها، ولكن الجميع يقبلون عليها رغم ذلك.

  • إنّ حُزْناً في ساعةِ المَوْتِ أضْعَا        فُ سُرُورٍ في ساعَةِ الميلادِ
    خُلِقَ النّاسُ للبَقَاءِ فضَلّتْ                أُمّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ للنّفادِ
    إنّما يُنْقَلُونَ مِنْ دارِ أعْما               لٍ إلى دارِ شِقْوَةٍ أو رَشَادِ

الشرح: وفي هذه الأبيات يتحدث الشاعر عن مشاعر الإنسان عند الولادة والموت، فيقول إنّ الحزن على الميت يكون أضعاف السرور على الشخص الذي يولد، مما ينبغي الزهد في الدنيا لا الرغبة فيها والإقبال عليها، لأنّ الحزن فيها غالب على سرورها، كما يجمع كل الناس على أنّ بعد هذه الدنيا آخرة تبقى فيها النفوس، وينتقلون إمّا لشقاء دائم أو راحة دائمة ونعيم، وفي هذه الحالة يرتاح الإنسان من كافة المشقات التي تعرض لها في الحياة.

معاني المفردات في قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

يجد بعض من القراء صعوبة في فهم تلك الكلمات الواردة في قصيدة أبي العلاء المعري التي يرثي فيها الفقيه الحنفي أبو حمزة، وذلك لأنّ الشاعر أبا علاء يستخدمه الكلمات والتراكيب القوية والجزيلة في شعره، وفيما يأتي سوف يتم إدراج معاني أهم المفردات في هذه القصيدة:

المفردة معنى المفردة
مجد مفيد.
ملة الشريعة.
اعتقادي تدينه بعقيدة.
نوح بكاء.
 ضجعة الموت  آخر الدقائق في حياة الإنسان.
السهاد  الأرق.
مدلج  الساعة من آخر الليل.
لحد  القبر.
رفات أي أن الشيء انكسر وتحطم.
النعي  خبر الموت.
البشير الخبر السار.
ترنم تغنى.
شادٍ مغني.
المياد كثير التمايل.
صاح صاحبي.
اختيال  تبختر.
الرحب المكان المتسع.
الوطء داسه بقدمه.
أديم الأرض ظهر الأرض.
هوان خزي.
 رويدًا مهلًا.
ربّ حرف جر يفيد القلة أو الكثرة.
 راغب أراد الشيء.

الأفكار العامة في قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

أظهر الشاعر أبو العلاء المعري في قصيدته المشهورة  التي أرثها فيها صديقه أبا حمزة مجموعة من الأفكار الرئيسية المهمة، حيث إنها لم تقتصر على فكرة واحدة فقط، فقد حرص على أن تسيطر هذه الأفكار على أجواء القصيدة حتى تصل إلى جميع القراء، وبالتالي فهم كافة الأبيات والمغزى منها بكل سلاسة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار الرئيسية في القصيدة:

  • الفكرة الأولى: يتحدث الشاعر عن أهمية الاجتهاد في الحياة، وبيان النتيجة التي ينالها الإنسان.
  • الفكرة الثانية: يعبر الشاعر عن أنّ الموت هو راحة للإنسان من تعب الحياة.
  • الفكرة الثالثة: يوضح الشاعر أنّ هلاك الأمم السابقة ما هو إلا دلالة على الهلاك.
  • الفكرة الرابعة: يبين الشاعر أنّ الفناء هو مصير البشرية.
  • الفكرة الخامسة: توضيح الشاعر أنّ الفرق بين الناس يكمن بدخول الجنة أو النار.
  • الفكرة السادسة: تحذير الشاعر من عدم الاغترار بالحياة، فهي دار الهلاك.
  • الفكرة السابعة: يبين الشاعر أهمية العمل للآخرة، فالحساب قادم لا محال.

الصور الفنية في قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

احتوت قصيدة أبو العلاء المعري التي رثى فيها صديقه أبا حمزة على الكثير من الصور الفنية والبلاغية، مما ساهمت في وهب القصيدة قيمة فنية عالية، كما أضافت لمسات جمالية على المبنى والمعنى، مما زاد من إقبال النفوس على الشعر العربي، وكثيرًا ما تستخدم هذه الصور الفنية من كنايات وتشبيهات واستعارات وتوكيد وطباق وجناس، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها:

  • استعارة مكنية: وردت الاستعارة المكنية في قول الشاعر: رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأضْدادِ، حيث شبه الشاعر القبر بالشخص الذي يضحك  فقد ذكر اللحد وهو المشبه،  وحذف المشبه به وهو الإنسان، وكنّى عنه بشيء من صفاته على سبيل الاستعارة المكنية.
  • أسلوب الطباق: وهو يشير إلى استخدام كلمات متعاكسة ومتضادة في القصيدة، وقد وردت في قول الشاعر: أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْ نَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ، حيث وردت كلمة بكت وهي عكس كلمة غنّت، وجاءت أبضًا في وقوله: وَما مِن شِدَّةٍ إِلّا سَيَأتي  لَها مِن بَعدِ شِدَّتِها رَخاءُ، لَقَد جَرَّبتُ هَذا الدَهرَ حَتّى أَفادَتني التَجارِبُ وَالعَناءُ، فكلمة الرخاء عكس كلمة العناء، كما جاءت في قول الشاعر :وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِي سَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ، فقد وردت في كلمة النعي، وكلمة البشير.

السمات الفنية في قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها

اشتملت قصيدة أبي العلاء المعري الذي رثى فيها صديقه على عدد من الخصائص الفنية، التي أعطتها قيمة فنية وجمالية تختلف عن القصائد الأخرى، وقد زاد إقبال القراء عليها بسبب دقة الوصف وجمال وعمق المعاني، وبالإضافة إلى ذلك سيتم بيان مجموعة من أهم الخصائص الفنية التي تميزت بها القصيدة:

  • قلة الصور الفنية.
  • استخدام بنية لغوية متميزة.
  • صياغة عميقة للجمل والمفاهيم.
  • استخدام الشاعر الألفاظ  والتراكيب القوية والعميقة.
  • إظهار الأفكار بطريقة متشعبة ومعقدة في بعض الأبيات.
  • توظيف العديد من المحسنات البديعية مثل الجناس والطباق.
  • الاهتمام بإضافة لمسات جمالية وفنية في المبنى والمعنى للقصيدة.

شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها PDF

تعتبر قصيدة أبي العلاء المعري من غير مجد في ملتي من أشهر القصائد التي كتبها في العصر العباسي، فقد كانت هذه القصيدة رثاءً لصديقه أبي حمزة، فقد وصف فيها أخلاقه وصفاته الخلقية، كما ذكر فلسفته عن الحياة والموت، وذكر أيضًا أهمية عمل الإنسان لآخرته، فالحساب سيأتي يومًا ما لا محالة، ومن أهمية هذه القصيدة يبحث العديد من الزوار عن شرحها بشكل مفصل، ومن أجل تقديم الفائدة العامَّة إلى كافة الزوار والقراء يمكن تحميل شرح مفصل لقصيدة أبي العلاء المعري يرثي فقيها بصيغة ملف pdf “من هنـــــــــا“.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة انا البحر في احشائه الدر كامن للشاعر حافظ إبراهيم شرح قصيدة فتح عمورية لأبي تمام والمفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة قصة الأمس لأحمد إبراهيم فتحي وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة عرس المجد لعمر أبو ريشة وشرح المفردات الصعبة فيها شرح قصيدة اراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة أبو نواس في وصف الخمر وأفكارها الرئيسة

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال شرح قصيدة أبو العلاء المعري يرثي فقيها والصور الفنية فيها، والذي سلّط الضّوء على كاتب القصيدة الشاعر أبي العلاء المعري، ثمّ بيّنا شرح وتحليل القصيدة بالتفصيل، كما تمّ بيان أهم المعاني والمفردات الجديد في القصيدة، وأدرجنا الأفكار الرئيسية في قصيدةِ أبي العلاء المعري يرثي فقيًا، وختمنا المقال في بيان الصور البيانية والبلاغية، بالإضافة إلى أهم السمات الفنية في القصيدة نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكون حملنا لكم الفائدة والمتعة فيه.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، أبو العلاء المعري، 10/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *